احدى روائع التراث القديم والامثال العربية المليئة بالحكم الصالحة لكل وقت وزمان ومثل اليوم من الامثال التي يصعب على البعض ادراك معناها الصحيح او كيف جاءت ، اذ يتبادر الى الذهن فورا انه التوافق والتطابق في الامور السيئة والشريرة والتي تبتعد عن الامور الحسنة والخبرة ولكن الحقيقة غير ذلك تماما فالمثل قد يعني التطابق في العلم والمعرفة والاخلاق والمهنة والعادات والتقاليد وهو عكس على المثل العربي الدارج ( ان الطيور على اشكالها تقع )
والامثال العربية كثيرة ومتنوعة في شتى مجالات الحياة تركها لنا السلف الصالح بعد خبرة طويلة في الحياة ومعاشرة لصروف الزمن وفي الحقيقة الثابتة ان ( شن ) هو رجل من سادة قبيلة ( طي) عرف الذكاء الحاد والفطنة الملحوظة والنظرة الثاقبة للامور كما تميز بالعلم الغزير في شتى مناحي الحياة .
رغب شن ان يكمل نصف دينه بالزواج واخذ يبحث عن شريكة لحياته تمتع بالعقل الراجح فتاة لماحة ثرية بالمعرفة والقدرة ان تكون شريكة لحياته فقيل له انه سيجد حاجته في اهل المدينة فقرر السفر اليها ، وفي بداية الطريق لقي شن رجلا مسنا وساله هل انت في طريقك الى المدينة وساله بعد ان رد عليه المسن انه من اهل المدينة ومتجها اليها .
- هل تركب ، ام اركب انا ؟
- فاستغرب الرجل المسن سؤاله وقال كلنا راكب ، ماذا تسال ؟
وفي اليوم الثاني شاهدا اناسا يحصدون الزرع فسال شن : يا ترى هل اكل الناس زرعهم ؟
فاجابه كيف اكلوا الزرع وهم ما زالو يحصدونه ؟
وفي عصر ذلك اليوم مرا بجنازة قال شن لرفيق دربه : رحمة الله عليه هل تعتقد انه حي ؟
- رد المسن باستغراب في كفنه محمولا وكيف يكون حيا ؟
- وقبل الوصول الى المدينة بانت مشارفها فسأله شن قائلا : كيف حال البعيد هي اصبح قريبا ؟
واستغرب المسن مره اخرى ولم يكلف نفسه عناء الرد .
ايام مضت وهاهما في المدينة النورة وعندما وصلا الدار قال له دعني احمل عنك متاعك وكيف حال الاثنتين ؟ بالرغم من ان المسن كان يظم ان شن ابله الا ان كرم الضيافة حتم عليه ان يدعيه الة داره لتناول العشاء ؟ ثم كان سؤاله : كيف حال الجماعة هل تفرقوا؟
ومرة اخرى يستغرب المسن ولم يكلف نفسه بالرد .
ثم دخلا الدار فقص المسن على ابنته حديث صيفه الغريب الاطوار ، كما حدثها عن بلاهة وغرابة طبعه واخبرها عن حسن اخلاقه وشكله واردف ولكنني اظنه ابله ولما استفسرت ابنته عن سبب ظنه هذا ، اعاد لها اسئلته الغريبة التي طرحها عليه في الطريق فقالت له ابنته بل انه رجل ذكي يا والدي فعندما سالك هل تركب ام اركب ، قصد به هل تبدأ الحديث ام ابدأ وحينما سألك عن الزرع كان يقصد هل باعه اضحابه قبل حصاده وصرفوا قيمته ، اما سؤاله حول الجنازة والميت هل هو حي قصد هل له ابن يخلفه ويحيي ذكره ، ولدى سؤاله عن حال الاثنين هل اصبحوا ثلاثة اراد الاستفسار عن قدميك هل انت بحاجة الى رجل ثالثة وهي العصا لتستعين بها في المشي ، اما ما قصد به بسؤاله تفرقوا او تجمعوا فكان غرضه الاطمئنان عن اسنانك هل تفرقت ام مازالت قوية ، وعندما سالك عن البعيد فكاتن يقصد الاستفسار عن بصرك وهل قلت او ضعفت رؤيتك للبعيد ، وعندما سمع الشيخ المسن شرح ابنته وتفسريها للاسئلة التي كان يطرحها عليه شن اثناء الطريق عرف قيمته وقال بلهجة تشوبها السماحة والاعتذار لقد ظلمتك يا سيدي قبل ان اعرف تفسير اسئلتك واخبره ان ابنته هي التي كشفت له غموض هذه الاسئلة .
وعندما قدمت ابنة الشيخ المسن الطعام ، وجدها ممشوقة القوام جميلة الملامح ناصعة البياض تشيع من عينيها ملامح الفطنة والذكاء فقال شن لمضيفه انا يا سيدي من اسياد قبيلة طي اذا كانت ابنتك تقبل بزواجي فانا اطلب يدها . فتمت الموافقة واصبح المثل ينطبق عليهما تماما (
وافق شن طبقة )
___________