الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
دروس وعبر وفوائد من السيرة النبوية (2) المولد النبوي لما وُلِدَ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتيمًا، وعبدالمطلب جد النبي هو الذي سمَّاه بهذا الاسم، ولم يكن شائعًا عندهم، ولما سُئل عن اختيار هذا الاسم قال: "حتى يحمَده أهل السماء والأرض". قال ابن كثير: "ألهمهم الله تعالى أن يُسمُّوه محمدًا؛ لِما فيه من الصفات الحميدة؛ كما قال حسان بن ثابت: وَضم الإلَه اسم النَّبِي إِلَى اسْمه إِذا قَالَ فِي الْخمس الْمُؤَذِّنُ: أشْهَدُ وشقَّ له من اسمه لِيُجِلَّه فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ وقيل: كان عبدالمطلب وثلاثة من العرب في رحلة إلى الشام، وكانوا أهلَ كتابٍ يعرفون أنه سيخرج نبيٌّ في جزيرة العرب واسمه محمد، فعزم كل واحد منهم على تسمية ابنه بمحمد، والله أعلم. ومُحَمَّدٌ اسم مفعول على وزن (مُفَعَّل) مشتق من (حُمِّد) يفيد المبالغة في الحمد، وارتباطه بالحمد، فهو أحمَدُ الناس لربِّه، وهو أكثر الناس حمدًا لربه، ويفتح الله عليه بمحامدَ لم يفتحها على أحد قبله، وبيده لواء الحمد، وافتتح الكتاب الذي جاء به بالحمد، وسورة الحمد أعظم سورة، وهو صاحب المقام المحمود، وأمَّتُه الحمَّادون يحمَدون الله على السراء والضراء، ويحمدون الله على كل حال. وجاء في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، ولم يقل (محمد). وهنا لفتة بلاغية إعجازية في القرآن؛ لأن (أحمدَ) غير (محمدٍ) في المعنى، فـ(أحمدُ) يعني هو أحمد الناس لله، يعني هو الذي سيقوم بالحمد، و(محمدٌ) اسم مفعول يعني أنه يُحمد على خصاله الجميلة وأخلاقه العظيمة، فاسم المفعول يقتضي فاعلًا وفعلًا ومفعولًا، وهو لم يأتِ بعدُ، ولم يُخلَق، ولم يُرسَل، فناسب، فوصفه بأحمدَ دون محمدٍ، فهو قبل بعثته أحمدُ وبعدها محمدُ. وفي هذه الأيام يتهيأ بعض المسلمين للاحتفال بما يسمى بالمولد النبوي، وقبل كل شيء ينبغي أن نفهم أن يوم المولد لم يكن معروفًا ومحددًا في تاريخ المسلمين، وإنما يقولون في عام الفيل ما بين سنة 570 - 571 م، واختلفوا بعد ذلك اختلافًا كثيرًا. وقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه وُلِدَ يوم الاثنين؛ فكان يصوم هذا اليوم شكرًا لله تعالى، فالمقطوع به أنه يوم الاثنين، والمختلَف فيه أنه في أي شهر، وأي يوم في هذا الشهر. تعظيم يوم الميلاد والاحتفال به، وجعله عيدًا موسميًّا يحتفل به ويدخل في ثقافة الإنسان، هذا ليس من سنن المسلمين، بل لم نَرَ في تراث الإسلام ولا تاريخ المسلمين تعظيمَ الأيام التاريخية؛ مثل: يوم نزول القرآن، ويوم الهجرة، ويوم بدر، وفتح مكة، وغير ذلك. وتُنسَب بداية الاحتفال بالمولد النبوي للخليفة المعز لدين الله الفاطمي على سبيل القرب للمصريين الرافضين لحكم الدولة الفاطمية الشيعية، وذلك في القرن الرابع الهجري، وقد منعه الأيوبيون (دولة صلاح الدين الأيوبي)، وسمح به المماليك، حتى تحوَّل إلى عيد رسميٍّ صوفيٍّ في عهد محمد علي باشا. ولا شكَّ أننا لو سألنا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عن سبب الاحتفال بيوم المولد، لكان جوابهم بالإجماع أنه بسبب حبهم لرسول الله، فالدافع هو الحب، حينئذٍ ينبغي أن نقول: الحبُّ الحقيقيُّ للنبي صلى الله عليه وسلم في التأسِّي به، ومتابعته، بل حبه صلى الله عليه وسلم فرع عن محبة الله المقرونة باتباعه؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾ [آل عمران: 31]. ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المظهر العمليُّ لشريعة الله تعالى؛ فهو المكلَّف الأول: ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 163]، ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143]، وهو القدوة الصالحة: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، وهو الذي يتلقى الوحي من السماء: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وهو الذي أدَّبه ربُّه، فأحسن تأديبه، وهو الذي قذف الله النور في قلبه، وأجرى الحق على لسانه، وجعل طاعته من طاعته، ومعصيته معصية له سبحانه: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80]. رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة وليس القدوة؛ لأنه أسوتنا في كل شيء، ولذلك زكَّاه الله في عقله وسمعه، وبصره وكلامه وخُلُقه، وشرح صدره، وجعل غِناه في قلبه؛ فهو أسوة في كل قول وفعل، وأما القدوة فتكون في بعض الأمور فقط؛ يعني في أمر مخصوص. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في سفر وناموا، فما أيقظهم إلا حرُّ الشمس؛ قال أبو قتادة الأنصاري: فجعل بعضنا يهمِسُ إلى بعضٍ: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال: ((أمَا لكم فيَّ أسوة؟ ثم قال: أمَا إنه ليس في النوم تفريطٌ، إنما التفريط على من لم يصلِّ الصلاةَ، حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى))، وكان الصحابي إذا رأى رجلًا يفعل شيئًا مخالفًا للسُّنَّة يقول للفاعل: أمَا لك في رسول الله أسوة؟ وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر أنه كان يقول: "أفْعَلُ كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد قال الله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]". قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الأنعام: 83، 84] إلى أن قال: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]. وفي هذه الآيات فائدتان: الأولى: أنه رَبَطَ بين الاقتداء والهدى الذي هو من عند الله، فالقدوة بدون هداية من الله لا تكون على منهاج النبوة، كمن يتخذ له قدوة في اللعب والكرة، والفن والرقص، وغير ذلك، فهذه قدوة بغير هُدًى من الله، وقد جَعَلَ الله مِنَ الناس مَن هو قدوة في الخير، ومن هو قدوة للناس في الشر، ومنه حديث: ((من سنَّ سُنَّة حسنة...)). الثانية: أنه تعالى أمر نبيَّه أن يقتدي بهم فيما هداهم الله به؛ وهو الوحي والعلم، ولم يأمره بالاقتداء بهم اقتداء مطلقًا؛ لأنه أفضل وأعلى قدرًا منهم، وهو خيرهم وإمامهم وسابقهم إلى الجنة. ولأن طبيعة الناس في الحياة الدنيا تفتقر إلى القدوة؛ لأنها من الرياسة أو القيادة أو الزعامة. لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم ولا سَراة إذا جُهَّالُهم سادوا والفوضى هي اختلاط الأمور بعضها ببعض، والسَّراة: السادة، ولا سادةَ إذا ساد الجهَّال، والنزوع إلى اتباع قائد معين ليس مما فطر الله عليه بني الإنسان فحسب، بل يشاركهم في ذلك بعض الحيوانات وحتى الحشرات. وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه، وسلم. الشيخ نشأت كمال المصدر: منتدى همسات الغلا ]v,s ,ufv ,t,hz] lk hgsdvm hgkf,dm (2) hgl,g] hgkf,d H, hgH,gn hga[vm hgkf,d hgkf,dm ]v,s kufv |
12-01-2025, 01:39 PM | #6 | |||||
|
| |||||
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
(2) , أو , الأولى , الشجرة , النبوي , النبوية , دروس , نعبر , وفوائد |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أهمية دراسة السيرة النبوية وعلاقتها بفهم القرآن الكريم وعلومه | سمو المشاعر | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 3 | 12-01-2025 01:16 PM |
دستور المدينة (مفخرة الحضارة الاسلامية) | ملاذ الفرح | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 4 | 16-05-2023 12:18 AM |
السيرة النبوية في سطور | ذابت نجوم الليل | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 14 | 18-12-2017 11:30 PM |
٧٧٠ تغريدة في السيرة النبوية كاملة من مولده صلى الله عليه وسلم إلى وفاته | ع ــبدالعــزيز | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 50 | 28-08-2014 09:42 PM |
تعريف السيرة النبوية | سراج العز | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 13 | 08-05-2014 08:47 PM |