الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||
| ||||||||||
فقه الحياة العالية - الجزء الثانى سبب تخلف النفس عن طلب هذه الحياة الباقية، وتعلقها بالحياة الفانية أمور: الأول: ضعف الإيمان بالله، وضعف اليقين على وعد الله ووعيده، فالإيمان هو روح الأعمال، وهو الباعث عليها، والآمر بأحسنها، والناهي عن أقبحها. وعلى قدر قوة الإيمان يكون أمره ونهيه لصاحبه، وتكون طاعة صاحبه ومعصيته كما قال سبحانه: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)} [البقرة: 93]. الثاني: جثوم الغفلة على القلب: فإن الغفلة نوم القلب، ولهذا نجد بعض الناس أيقاظاً في الحس، نياماً في الواقع، فتحسبهم أيقاظاً وهم رقود، ضد حال من يكون يقظان القلب وهو نائم. فالقلب إذا قويت فيه الحياة لا ينام إذا نام البدن. وكمال هذه الحياة كان لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، الذي تنام عيناه وقلبه يقظان، ولمن أحيا الله قلبه بمحبته واتباع رسالته. فالغفلة واليقظة يكونان في الحس والعقل والقلب، فمستيقظ القلب وغافله كمستيقظ البدن ونائمه. والمقصود أن الغفلة هي نوم القلب عن طلب هذه الحياة التي لا خطر لها، وهي حجاب عليه، فإن كشف هذا الحجاب بالذكر، والا تكاثف حتى يصير حجاب معاص وذنوب صغار تبعده عن الله. فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب كبائر توجب مقت الرب تعالى له وغضبه ولعنته. فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى يصير حجاب بدع عملية يعذب فيها نفسه، ثم بدع قولية اعتقادية تتضمن الكذب على الله ورسوله. فإن بادر إلى كشفه وإلا تكاثف حتى صار حجاب شك وتكذيب يقدح في أصول الإيمان، ثم يتمكن منه الشيطان وبعده ويمنيه، وتستولي عليه النفس الأمارة بالسوء، ويظفر سلطان الطبع والشهوات بسلطان الإيمان والأعمال. فلما تم أسره وسجنه، وتولى الشيطان تدبير المملكة، استخدم جند الشهوات وارسلها فيها يسخط الله، واتخذ حجاباً من الهوى. فحينئذ أغلق باب اليقظة، وفتح باب الغفلة. فإذا اجتمعت هذه العساكر على القلب من ضعف الإيمان، وقلة الأعوان، والإعراض عن ذكر الرحمن، مع طول الأمل المفسد للإنسان كيف تكون حاله؟ فلا بدَّ للعبد من المجاهدة والتضحية بما يملك لتحصيل الإيمان وتقويته، وتحسين الأعمال وتنويعها، فإذا اجتمع للعبد قوة الإيمان، وحسن الأعمال، فتلك الحياة العالية التي دعا إليها الرسل، وهي الموصلة برحمة الله إلى الحياة العليا في الجنة. والحياة العالية لها علامات .. والحياة السافلة لها علامات. والحياة العالية ثلاثة أنواع: الحياة الأولى: حياة العلم من موت الجهل: ولهذه الحياة ثلاثة أنفاس: نَفَس الخوف .. ونَفَس الرجاء .. ونَفَس المحبة. فنفس الخوف مصدره مطالعة الوعيد، ومطالعة ما أعد الله لمن آثر الدنيا على الآخرة، وآثر المخلوق على الخالق، وآثر الهوى على الهدى، وآثر الغي على الرشاد. ونَفَس الرجاء مصدره مطالعة وعد الله، وحسن الظن بالرب تعالى، ومطالعة ما أعد الله لمن آثر الله ورسوله والدار الآخرة، وحكَّم الهدى على الهوى، والوحي على الآراء، والسنة على البدعة والعادة. ونَفَس المحبة مصدره مطالعة الأسماء والصفات، ومشاهدة نعم الله وآلائه، وفضله وإحسانه. فإذا ذكر العبد ذنوبه تنفس بالخوف .. وإذا ذكر رحمة ربه وسعة مغفرته وعفوه تنفس بالرجاء .. وإذا ذكر جماله وجلاله وكماله وإحسانه وإنعامه تنفس بالحب. والإنسان بسبب الجهل يظن أن سعادته وقيمته بما في يده من الأموال والأشياء، والله عزَّ وجلَّ َبعث الأنبياء ليبينوا للناس أن السعادة بالإيمان والأعمال الصالحة. فأسباب السعادة في الداخل .. وكذلك أسباب الخسران في الداخل. وبصلاح القلوب تصلح الدنيا والآخرة، وبفساد القلوب تفسد الدنيا والآخرة، وإذا فسدت القلوب فسدت الأعمال، ثم كان الخسران. وإذا صلحت القلوب صلحت الأعمال، ثم كان الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة. وجميع الأنبياء بعثهم الله بالإيمان والأعمال الصالحة التي تحقق السعادة في الدنيا والآخرة لكل إنسان، ولكل مجتمع، ولكل أمة كما قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 1 - 3]. وعلاقة القلوب بالله نور وهداية وسعادة، وعلاقة القلوب بغير الله ظلمة وضلال وفساد. وسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة باستعمال القلب والبدن، وكل عضو من أعضاء الإنسان للدين، ويتعلم طريقة استعمالها من النبي - صلى الله عليه وسلم - الفكر واللسان، والسمع والبصر، واليد والرجل .. وهكذا. الحياة الثانية: حياة جمع القلب على الله، والتوجه إليه سبحانه: فالقلب لا سعادة له، ولا فلاح ولا نعيم، ولا فوز ولا لذة، ولا قرة عين إلا أن يكون الله وحده هو غاية طلبه، ونهاية قصده، ووجهه الأعلى هو كل بغيته. ولهذه الحياة القلبية ثلاثة أنفاس: نفَس الاضطرار .. وَنفَس الافتقار .. ونَفَس الافتخار. فنفس الاضطرار يكون بانقطاع أمله مما سوى الله، فيضطر حينئذ بقلبه وروحه، ونفسه وبدنه إلى ربه ضرورة تامة. فهذا النفَس نَفَس مضطر إلى ما لا غنى عنه طرفة عين. وضرورته إليه من جهة كونه ربه وخالقه، وفاطره وهاديه، وناصره وحافظه، ورازقه ومعينه ومعافيه، والقائم بجميع مصالحه. ومن جهة كونه معبوده وإلهه وحبيبه الذي لا تكمل حياته ولا تنفع إلا بأن يكون هو وحده أحب شيء إليه. وأما نَفَس الافتقار: فهو من نوع َفَس الاضطرار، وكأن نَفَس الاضطرار يقطع الخلق من قلبه، ونَفَس الافتقار يعلق القلب بربه. وأما نَفَس الافتخار: فهو نتيجة هذين النَّفَسَين؛ لأنهما إذا صحا للعبد حصل له القرب من ربه والأنس به، والفرح به، وبالخِلَع التي خلعها ربه على قلبه وروحه، مما لا يقوم لبعضه ممالك الدنيا بحذافيرها. فحينئذ يتنفس نفساً آخر يجد به من اللذة والراحة والانشراح ما يشبه نَفَسَ من جُعل في عنقه حبل ليُخنق به حتى يموت، ثم كُشف عنه، فتنفسَ نَفَسَ من أُعيدت عليه حياته، وتخلص من أسباب الموت. والعبودية تنافي الافتخار، لكن العبد هنا لا يفتخر بذلك، ويختال على بني جنسه، بل هو فرح وسرور لا يمكن دفعه عن نَفْسه بما فتح عليه ربه ومنحه إياه، وخصه به، وأولى ما فرح العبد به فضل ربه عليه، فإنه تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويحب الفرح بذلك؛ لأنه من الشكر: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)} [يونس: 58]. ومن لا يفرح بنعمة المنعم لا يعد شكوراً، فهو افتخار بما هو محض منَّة الله ونعمته على عبده، لا افتخار بما من العبد، فهذا هو الذي ينافي العبودية لا ذاك. الحياة الثالثة: حياة الوجود: وهي حياة بالحق، وهي حياة الواجد. وحياة الواجد أكمل مما قبلها لشرفها وكمالها بموجدها وهو الحق سبحانه، فمن حبي بوجوده فقد فاز بأعلى أنواع الحياة. وحقيقة الحياة: الحياة بالرب تعالى لا الحياة بالنفس وأسباب العيش كما قال سبحانه في الحديث الإلهي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» أخرجه البخاري (1). وبهذا يشهد العبد تفرد الرب تعالى بالربوبية والإلهية، والتدبير والقيومية، فلا يثبت لسواه قسطاً في الربوبية، ولا يجعل لسواه حظاً في الإلهية ولا في القيومية. بل يفرده سبحانه بكل ذلك، وهذا النَّفَس يورثه الاتصال بربه في كل وقت، بحيث لا يبقى له مراد غيره، ولا إرادة غير مراده الديني الذي يحبه ويرضاه. والمال والبنون حرث الدنيا، والإيمان والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يعطى الإنسان أحدهما، وقد يُّحرم منهما، وقد يجمعهما الله لأقوام. وأَشْكر العباد أحبهم إلى الله، وأقربهم إليه. فأقرب العباد إلى الله الملائكة، وهم درجات، وما منهم أحد إلا له مقام معلوم، وعمل مرسوم، وأعظمهم وأشرفهم إسرافيل وجبريل وميكائيل. وإنما علو درجتهم لأنهم في أنفسهم كرام بررة: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}[التحريم: 6]. وقد أصلح الله بهم الأنبياء والرسل والبلاد والعباد، وهم أشرف المخلوقات. المصدر: منتدى همسات الغلا tri hgpdhm hguhgdm - hg[.x hgehkn hgehkd hgpdhm hg[.x hgyhgdm tri |
27-09-2023, 01:17 AM | #3 |
| جزاك الله الف خير على هذا الطرح القيم وجعله الله فى ميزان اعملك .... دمت بحفظ الرحمن .... ودى وشذى الورود |
|
27-09-2023, 03:15 PM | #4 |
| اختِيَارٌ مُذهِل وطَرحٌ فَاضَ الخَيرُ مِن جَوانِبهـ فـ طَفِقنَا نلتَقِط خَيرَات حُروفهـ ونَنهل مِن نبعِ وصُوفهـ بَارَكـ الله فِيكـ وحَمَاكـ وبـ عِلمِكـ وسِعَةِ اطِّلاعِكـ أغنَاكـ وعن حَاجَةِ الغيرِ كَفَاكـ |
|
28-09-2023, 12:06 PM | #7 | |
|
| |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الثاني , الحياة , الجزء , الغالية , فقه |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فقه الحياة العالية - الجزء الاول | شبية الريح | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 01-10-2023 01:46 PM |
شروط الطواف_ المنقول | ميارا | (همسات الحج والعمره) | 11 | 03-12-2022 12:56 AM |
اسرار الحياة// الفريق الاحمر | ذابت نجوم الليل | ( همســـــات العام ) | 7 | 21-11-2022 08:47 PM |
ماذا علمتك الدنيا | الفارس المصرى | ( همســـــات العام ) | 12 | 09-12-2019 08:04 AM |
اللغه العربيه للصف العاشرالفصل الثاني مبسطه ومختصره | سوار الياسمين | (همسات الجامعة والطلبه والطالبات) | 15 | 06-03-2014 02:35 AM |