#1
| |||||||||||
| |||||||||||
القصص النبوية بادرني عبدي بنفسه بسم الله الرحمن الرحيم حدثنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح ، فجزع ، فأخذ سكينا فحزّ بها يده ، فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه ؛ حرّمت عليه الجنة ) رواه البخاري . معاني المفردات فجزع : أي فلم يصبر عن ألم الجرح. حزّ بها يده : قطع بها يده. رقأ الدم : انقطع الدم. بادرني بنفسه : كناية عن استعجال الموت. تفاصيل القصّة إذا استؤمن رجلٌ على أمانة ، وأُمر بأن يحافظ عليها ، ويتعاهدها بالرّعاية والعناية ، ثم رأيناه يبادر إلى إتلافها وإفسادها ، لكان جديراً بأن يُقال فيه : إنه مضيّعٌ لتلك الأمانة ، ومستوجبٌ للعقوبة ، ومستحقٌّ للوم والتوبيخ ، والذمّ والتقريع . إذا كان هذا هو الحال في الواقع ، فينبغي أن نعلم أن حياة الإنسان وروحه وديعة إلهيّة ، ومنحة ربّانيّة ، لا يحقّ لصاحبها أن يضيّعها أو يفرّط فيها ، ولا يجوز له مهما كانت الأسباب والدوافع أن يزهقها ويتخلّص منها . ولحرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على معالجة هذه الظاهرة السلوكيّة المنحرفة ، لم يدخر جهداً في التحذير منها ، ولم يترك فرصة في التوعية بخطر الإقدام على مثل هذه التصرّفات الطائشة وغير المسؤولة ، وما الحديث الذي بين يدينا إلا بيان لخطر هذه الجريمة وحرمتها. ويدور الحديث حول رجلٍ ممن كان قبلنا ، استعجل الموت والخلاص ، عندما وهنت قواه عن تحمّل ألمٍ أصابه . ولعلّ الرّجل أُصيب في معركة ما ، أو جُرح في أحد أسفاره ، ونحن لا نعلم ذلك على وجه التحديد ، والمهمّ أنّه لم يُطق صبراً على نزف آلامه ، حتى ضعفت نفسه فسوّلت له أن يقطع يده بسكّين ، لينهي حياته . تصرّفٌ يسير ظنّ فيه راحته من عناءٍ مؤقّت ، ولم يدرِ أنه بداية لسلسلة طويلة من العذاب الحقيقي ، بدءاً بحياة البرزخ ، وما فيها من أهوال وشدائد ، ومروراً بعرصات يوم القيامة ، مكلّلا بذلّ المعصية ، وانتهاء بدار العذاب والقرار ، بعد أن صدر في حقّه الحكم الإلهيّ : ( بادرني عبدي بنفسه ، حرمت عليه الجنة ) . وقفات مع القصّة يعدّ الانتحار كبيرة في نظر الشرع ، وجريمة في حقّ النفس ، لكونه تضييعاً للفرصة في اغتنام الحياة ، والاستزادة من الصالحات ، والفوز بالعتق من النار ، لذلك اشتدّ الوعيد الإلهي على من يُقدم على مثل هذا الفعل في آيات كثيرة وأحاديث مشتهرة ، يأتي في مقدّمها قول الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا } ( النساء : 29-30 ) ، وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ( البقرة : 195 ) ، كما أنّ حرمة قتل النفس تدخل دخولاً أوّليّاً في النهي المذكور في قوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } ( الأنعام : 151 ) . وجاءت السنّة لتبيّن عظم هذه الجريمة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه – أي يطعن بها بطنه - في نار جهنم خالدا مخلّداً فيها أبدا ، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحسّاه – أي يشربه - في نار جهنم خالدا مخلّداً فيها أبداً ، ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردّى في نار جهنم خالدا مخلّداً فيها أبداً ) رواه مسلم . ومما يتّصل بفقه هذه الجريمة ، أن لولي الأمر الامتناع عن الصلاة على من قتل نفسه ؛ تحذيراً للناس أن يحذوا حذوه ويقتدوا بفعله ، كما دلّ على ذلك حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبر أن رجلاً قتل نفسه ، فقال : ( إذاً لا أصلي عليه ) رواه الإمام أحمد و أبو داود . وإذا كان بعض ضعاف النفوس قد يقدمون على هذا الفعل الشنيع هروباً من الواقع ، وما يواجهونه من ضغوطٍ نفسيّة ، وصعوباتٍ اجتماعيّة ، أو غير ذلك من أسباب ، فإنّ المؤمن الحقّ يلجأ إلى ربّه في الشدائد ، ويدعوه في الملمّات ، ويواجه المصاعب بثبات ، ويتوكّل عليه في أمره كلّه ، لأنّه يعلم أنه يلجأ إلى الركن الركين ، والحصن الحصين ، وهو يعلم علم اليقين أنه سبحانه هو الذي : { يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء } ( النمل : 62 ) ، فحاله بين الشكر والصبر ، كما قال – صلى الله عليه وسلم - : ( عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) رواه مسلم . ومما يجدر التنبيه عليه أن الوعيد الوارد في حقّ قاتل نفسه ، من التخليد في النار ، لا يعني الحكم بكفره ، بل هو مسلم عاصٍ ، وأمره إلى الله تعالى ، إن شاء تجاوز عن سيّء فعله ، وإن شاء عاقبه وعذّبه ، وبيان ذلك في قوله عزّ وجل : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ( النساء : 48 ) ، وقد جاء في السنّة صراحةً ما يدلّ على ذلك ، فقد أخبر الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه أن أحد الصحابة قطع يده فمات ، فرآه الطفيل رضي الله عنه في منامه وهيئته حسنة ، ورآه مغطيا يديه ، فقال له : " ما صنع بك ربك ؟ " فقال : " غفر لي بهجرتي إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم – " ، ودعا له النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : ( اللهم وليديه فاغفر ) رواه مسلم . ومن فقه هذه المسألة أيضاً ، أن نعلم معنى ( الخلود ) المذكور في حقّ المنتحر ، بأن المقصود منه - كما ذكر العلماء - ، طول المكث في جهنّم ، جمعاً بين الحديث وبين النصوص الأخرى التي تشير إلى خروج أصحاب التوحيد ، ممن كان يحمل في قلبه ذرّة من إيمان ، إلا من فعل ذلك على وجه الاستحلال ، فيكون كافراً باستحلاله ، لا بفعله . وكذا ما ورد في قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( حرّمت عليه الجنّة ) ، فإنه خرج مخرج التغليظ والتخويف ، وأن التحريم محصور في الوقت الذي يدخل فيه السابقون في الجنّة ، والذي يُعذّب فيه عصاة الموّحدين في النار ، كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح". منقول المصدر: منتدى همسات الغلا hgrww hgkf,dm fh]vkd uf]d fktsi hgrww fh]vkd fktsi |
31-08-2023, 05:45 AM | #2 |
تحتح | |
|
01-09-2023, 01:06 AM | #3 |
| هلا و غلا اخوي تحياتي الله يجزاك الجنه يعطيك العافية كل الشكر و التقدير |
|
01-09-2023, 02:03 AM | #4 |
| جَلبٌ رَائع وعِلمٌ نَافِع ومَعلومَاتٍ احضَرتَها مِن عُمقِ المَنابِع فـ شُكرًا لـ هَذِهِـ الجُهُود والعَطَاءِ اللَّامَحدُود |
|
02-09-2023, 12:35 AM | #6 |
| الأخوات العفو بارك الله فيكم و جزاكم الله خير يعطيكم العافية كل الشكر و التقدير |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
النبوية , القصص , بادرني , بنفسه , عبدي |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
القصص النبوية فمن لها يوم السَّبُع | االمهاجر | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 8 | 27-08-2023 11:42 PM |
دستور المدينة (مفخرة الحضارة الاسلامية) | ملاذ الفرح | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 4 | 16-05-2023 12:18 AM |
أجمل القصص القرآني | البرنس مديح ال قطب | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 16 | 06-06-2021 12:02 AM |
السيرة النبوية في سطور | ذابت نجوم الليل | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 14 | 18-12-2017 11:30 PM |
اعجاز اللفظ القرآني في تشابه سورة يوسف و سورة القصص | Kassab | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 8 | 28-10-2016 09:23 PM |