#1
| ||||||||||
| ||||||||||
حكم تعلُّم النساء العلوم الشرعية أولًا: تعريف العلوم الشرعية: قال الغزالي في إحيائه في تعريف العلوم الشرعية: "ما استُفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب، ولا التجربة مثل الطب، ولا السماع مثل اللغة"[1]. وذكر أبو عبدالله عليش عند شرح قول خليل: "كالقيام بعلوم الشرع": "... وهو ما يحتاجه الشخص في نفسه ومعاملته من فقه وأصوله، وحديث وتفسير وعقائدَ، وما تتوقف عليه كنحو ولغة وصرف وبيان ومعانٍ"[2]. وجاء في كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم: "العلوم الشرعية: وتُسمَّى العلوم الدينية، وهي العلوم المدونة التي تُذكر فيها الأحكام الشرعية العملية أو الاعتقادية، وما يتعلق بها تعلقًا معتدًّا به، ويجيء تحقيقه في الشرع"[3]. وجاء في كتاب العلم: "العلم الشرعي، والمراد به: علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى"[4]. ثانيًا: أقسام العلوم الشرعية: والمراد بأقسامها هنا من حيث التعلم، فهي على ثلاثة أنواع؛ ما هو فرض عين على المكلف، وما هو فرض كفائي، وما هو مندوب مستحب؛ وقد بيَّن النووي رحمه الله تعالى هذه الأقسام في كتابه المجموع، وضرب أمثلة لكل قسم منها، وسأنقل كلامه مع التصرف والاختصار. قال رحمه الله: أقسام العلوم الشرعية: هي ثلاثة: القسم الأول: فرض العين؛ وهو تعلم المكلف ما لا يتأدَّى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به؛ ككيفية الوضوء والصلاة ونحوهما، ولا يلزم الإنسان تعلم كيفية هذه الأشياء إلا بعد وجوب ذلك الشيء. أما البيع والنكاح وشبههما مما لا يجب أصله، فيحرم الإقدام عليه إلا بعد معرفة شرطه، ويلزمه معرفة ما يحل وما يحرم من المأكول والمشروب والملبوس، ونحوها مما لا غنى له عنه غالبًا، وكذلك أحكام عشرة النساء إن كان له زوجة، وحقوق المماليك إن كان له مملوك، ونحو ذلك. ما علِم القلب؛ وهو معرفة أمراض القلب؛ كالحسد والعُجب وشبههما؛ فقال الغزالي: معرفة حدودها، وأسبابها، وطبها، وعلاجها فرض عين، وقال غيره: إن رُزِق المكلَّف قلبًا سليمًا من هذه الأمراض المحرمة، كفاه ذلك، ولا يلزمه تعلم دوائها، وإن لم يسلم، نُظِر؛ إن تمكن من تطهير قلبه من ذلك بلا تعلُّم، لزمه التطهير كما يلزمه ترك الزنا ونحوه من غير تعلم أدلة الترك، وإن لم يتمكن من الترك إلا بتعلم العلم المذكور، تعين حينئذٍ. القسم الثاني: فرض الكفاية؛ وهو تحصيل ما لا بد للناس منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية؛ كحفظ القرآن والأحاديث وعلومهما، والأصول، والفقه، والنحو، واللغة، والتصريف، ومعرفة رواة الحديث والإجماع والخلاف. القسم الثالث: النفل؛ وهو كالتبحر في أصول الأدلة، والإمعان فيما وراء القدر الذي يحصل به فرض الكفاية، وكتعلم العامي نوافل العبادات لغرض العمل، لا ما يقوم به العلماء من تمييز الفرض من النفل؛ فإن ذلك فرض كفاية في حقهم[5]. ثالثًا: حكم تعلم النساء العلوم الشرعية: لم تفرق الشريعة بين الرجل والمرأة في أصل التكليف؛ وهو عبادة الله وحده؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فالإنس - ذكورًا وإناثًا - خُلقوا لعبادة الله وحده، ولم تفرق كذلك بينهم في الجزاء الأخروي؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، وإنما وقع التفريق بين الرجل والمرأة في بعض الجزئيات المتعلقة بالتكليف؛ نظرًا لاختلاف طبيعة الرجل عن طبيعة المرأة؛ فقد قدَّر الله تعالى أن يكون بينهما تباين في الصفات الجسمية والنفسية. وإذا كانت المرأة مكلَّفة بعبادة الله تعالى كالرجل سواء بسواء؛ فما كان من العلم الشرعي فرضًا عينيًّا على الرجل، فهو فرض عيني على المرأة؛ بل قد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو نص في تلك المسألة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))[6]، والمراد بالعلم هنا - كما يقول العلماء - ما لا مندوحة للعبد من تعلمه؛ كمعرفة التوحيد، ونبوة رسوله، وكيفية الطهارة والصلاة، ونحو ذلك مما لا يسع المكلف جهله، وهو يشمل الذكر والأنثى على حد السواء[7][8]. قال ابن حزم: "فرض على كل امرأة التفقُّه في كل ما يخصها، كما ذلك فرض على الرجال؛ ففرض على ذات المال منهن معرفة أحكام الزكاة، وفرض عليهن كلهن معرفة أحكام الطهارة والصلاة والصوم، وما يحل وما يحرم من المآكل والمشارب والملابس، وغير ذلك، كالرجال ولا فرق"[9]. وقال ابن الجوزي: "المرأة شخص مكلف كالرجل، فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها؛ لتكون من أدائها على يقين، فإن كان لها أب أو أخ أو زوج أو مَحْرَم يعلمها الفرائض، ويعرفها كيف تؤدي الواجبات، كفاها ذلك، وإن لم تكن، سألت وتعلمت، فإن قدرت على امرأة تعلمت ذلك وتعرفت منها، وإلا تعلمت من الأشياخ وذوي الأسنان من غير خلوة بها، وتقتصد على قدر اللازم، ومتى حدثت لها حادثة في دينها، سألت ولم تستحي؛ فإن الله لا يستحيي من الحق"[10]. وهذا فيما كان تعلمه من العلم الشرعي فرض عين على المكلف، أما ما كان زائدًا على ذلك من العلوم الشرعية، مما ندب الشارع إليه؛ كالتبحر في معرفة الأحكام الفقهية وغيرها من علوم الشريعة، فقد ذهب الفقهاء إلى أن المرأة فيه كالرجل أيضًا، وأن كل النصوص التي جاء فيها ترغيب في طلب العلم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))، أو جاء فيها ثناء على أهل العلم؛ كقوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، أن كل ذلك يشمل المرأة والرجل، ودليلهم على ذلك ما تقدمت الإشارة من أن أحكام الشريعة شاملة للرجال والنساء على السواء، إلا ما دل الدليل على أنه خاص بالرجال دون النساء أو العكس؛ لأن الأصل اشتراك النساء والرجال في التكليف بالشريعة، ما لم يَرِدْ دليل يفيد الاختصاص[11]. قال ابن حزم: "قد تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوث إليهن، كما هو إلى الرجال، وإن الشريعة التي هي الإسلام لازمة لهن كلزومها للرجال، وأيقنا أن الخطاب بالعبادات والأحكام متوجه إليهن، كتوجهه إلى الرجال، إلا ما خصهن أو خص الرجال منهن دليل، وكل هذا يُوجِب ألَّا يُفرَد الرجال دونهن بشيء قد صح اشتراك الجميع"[12]. وينبه ابن القيم إلى دخول النساء في خطاب جمع الذكور ما لم يرد دليل على المنع؛ فيقول: "قد استقر في عرف الشارع أن الأحكام المذكورة بصيغة المذكرين إذا أُطلقت، ولم تقترن بالمؤنث، فإنها تتناول الرجال والنساء؛ لأنه يغلب المذكر عند الاجتماع؛ كقوله: ﴿ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء: 11]، وقوله: ﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ﴾ [البقرة: 282]، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183]، وأمثال ذلك، وعلى هذا فقوله: ﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [الطلاق: 2] يتناول الصنفين"[13]. ويعلل ابن حزم ذلك بأنه لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "مبعوثًا إلى الرجال والنساء بعثًا مستويًا، وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه صلى الله عليه وسلم للرجال والنساء خطابًا واحدًا - لم يجُزْ أن يخص بشيء من ذلك الرجال دون النساء إلا بنص جليٍّ أو إجماع"[14]. وقد جاء من الأدلة الخاصة على مشروعية تعليم النساء ما يؤيد ذلك الأصل القاضي بانْدِراج النساء مع الرجال في الخطاب المتعلق بفضل طلب العلم، والحث على التعلم وفضل العلماء؛ فقد بوَّب البخاري في صحيحه: "باب عظة الإمام النساءَ وتعليمهن"[15]؛ قال ابن حجر: "نبَّه بهذه الترجمة على أن ما سبق من الندب إلى تعليم الأهل ليس مختصًّا بأهلهن، بل ذلك مندوب للإمام الأعظم ومن ينوب عنه، واستُفيد التعليم من قوله: (وأمرهن بالصدقة)، كأنه أعلمهن أن في الصدقة تكفيرًا لخطاياهن"[16]. وأخرج البخاري تحت الترجمة المذكورة حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خرج ومعه بلال، فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تُلقي القُرْطَ والخاتم، وبلال يأخذ في طرف ثوبه))[17]. قال ابن بطال: "فيه أنه يجب على الإمام افتقاد أمور رعيته وتعليمهم ووعظهم، الرجال والنساء في ذلك سواء؛ لقوله عليه السلام: ((الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته))[18]، فدخل في ذلك الرجال والنساء"[19]. وبوب البخاري في صحيحه أيضًا: "باب: هل يجعل للنساء يوم على حِدَةٍ في العلم؟". ثم ساق بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: ((قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن))؛ الحديث[20]. قال ابن بطال: "وفيه سؤال النساء عن أمور دينهن، وجواز كلامهن مع الرجال في ذلك فيما لهن الحاجة إليه، وقد أُخذ العلم عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيرهن من نساء السلف"[21]. ولهذا كله اتفق الفقهاء على مشروعية تعلم المرأة للعلم الشرعي النافع ولم يختلفوا فيه. المصدر: منتدى همسات الغلا p;l jug~El hgkshx hgug,l hgavudm hgug,l hgkshx jug~El |
04-01-2023, 09:16 PM | #2 |
| |
|
04-01-2023, 09:19 PM | #3 |
| البرنس الله يعافيك يارب واشكرك لتواجدك الراقي تحياتي لك |
|
04-01-2023, 09:52 PM | #4 |
| يعطيك العافية على روعة الطرح شكرا لكـ وأثابك الله على جهدك الرائع |
|
04-01-2023, 11:22 PM | #6 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
05-01-2023, 12:01 AM | #7 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الشرعية , العلوم , النساء , تعلُّم , حكم |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حكم الاختلاط في التعليم | ذابت نجوم الليل | ( قسم الفتاوي الاسلامية ) | 12 | 27-12-2022 08:48 PM |
تفسير آية المحرمات من النساء | ابن الحته | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 10 | 01-03-2021 07:28 AM |
فيما يعده العامة من العلوم المحمودة وليس منها | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 19 | 20-12-2015 03:54 AM |
سيرَة أمّهات المُؤمنين /السيدة خديجة | ابراهيم دياب | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 12 | 26-03-2015 09:16 PM |
أمور تتساهل فيها النساء | عهود | ( همســـــات الإسلامي ) | 12 | 06-05-2014 03:03 PM |