#1
| ||||||||||
| ||||||||||
توبة أبي لبابة لم يبق لبني قريظة بعد رد هذه الاقتراحات من زعيمهم، إلا أن يستسلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أرادوا أن يتكلموا مع أحد من المسلمين، لعلهم يعرفون ماذا سيحل بهم إذا استسلموا. فبعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أرسِل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفًا لهم، وكانت أمواله وولده في منطقتهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا: يا أبا لبابة ، أترى أن ننزل على حكم محمد؟، قال : نعم، وأشار بيده إلى حلقه، يقول: إنه الذبح (أي ستذبحون)، ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله، قال أبو لبابة: فو الله، ما زالت قدماي ترجفان، حين عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عَمُود من عُمُدِهِ. وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي، مما صنعت وعاهد الله أن لا يطأ بني قريظة أبدًا، ولا يراني في بلد خنت الله ورسوله فيه، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وكان قد استبطأه، قال: (أَمَا لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ، مَا أَنَا بِالَّذِي يُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ). وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة لبني قريظة فقد قرروا النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان باستطاعتهم أن يتحملوا الحصار الطويل، لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون، ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب، إلا أن الله قد قذف في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، حتى بادروا إلى النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحَّكَّم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو من كبار الخزرج الذي كانوا حلفاء لبني قريظة، فأصدر حكمه بأن يقتل الرجال، وتسبى النساء، وتقسم الأموال، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ). قال ابن هشام في سيرته: أقام أبو لبابة مرتبطًا بالجذع ست ليال. تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع"، وقد قال أبو لبابة: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عليَّ مما صنعت[3]. قال يزيد بن عبد الله بن قسيط: أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ؟ أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ. فَقَالَ: ( تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ). فَقُلْتُ: أَلَا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ بِذَاكَ؟ فَقَالَ: (بَلَى إِنْ شِئْتِ). فَقُمْتُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَقُلْتُ - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ -: (يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَبْشِرْ، فَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَيْكَ. فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ. فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ خَارِجًا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ ). كان أبو لبابة يستطيع أن يخفي ما فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يطلع عليه أحد من المسلمين، وأن يستكتم اليهود أمره، ولكنه تذكر رقابة الله عليه، وعلمه بما يسر ويعلن، وتذكر حق رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، وهو الذي ائتمنه على ذلك السر، ففزع لهذه الزلة فزعًا عظيمًا، وأقر بذنبه واعترف به، وبادر إلى الصدق والتوبة فكانت نجاته، إنها صورة تطبيقية لقوله تعالى:{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}(النساء:17). وقد أنزل الله تعالى في أبي لبابة رضي الله عنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال:27)، قال ابن كثير: قال عبد الله بن أبي قتادة والزهري: أنزلت في أبي لُبابة بن عبد المنذر، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قُرَيْظة لينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي قصة أبي لبابة ظهر حب الصحابة رضوان الله عليهم لبعضهم، وعِظم مقام التوبة والفرح بها، إذ التوبة تعني عودة العبد إلى الدخول تحت رضوان الله تعالى، وهو أعلى هدف ينشده المسلم في حياته.. ومن ثم فقد فرح النبي - صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة بتوبة الله على أبي لبابة، وبادرت أم المؤمنين أم سلمة بتهنئته، فبشرته بقبول الله توبته. المصدر: منتدى همسات الغلا j,fm Hfd gfhfm ljn |
03-01-2023, 02:28 PM | #2 |
| مَوضُوعٌ شَيِّق وطَرحٌ رَاقِي ومُمَيَّز يعطِيكـ العَافِيَة وجَزَاكـ اللهُ خَيرًا عَلى جُهُودِكـ المُثمِرَة فِي أرْوِقَة المُنتَدَى |
|
03-01-2023, 02:43 PM | #3 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
04-01-2023, 12:28 PM | #6 |
| الله يعطيك العافيه إنتقِاءَ رآِئعْ تِسَلّمْ الأيَادِيْ ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك لك كل التقدير والاحترام |
|
04-01-2023, 03:49 PM | #7 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
لبابة , متى , توبة |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
•• قصص الأنبياء كاملة من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم •• | فاتنة | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 109 | 26-03-2024 04:00 PM |
... هذا الحبيب ... السيره النبويه الشريفه ... الحلقه مئه وسبعين ... | نجم ضاوي | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 30-08-2021 02:32 PM |
اليتيم طريقك إلى الجنة | مبارك آل ضرمان | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 02-11-2018 11:51 PM |
موسوعه صحابه رسول الله صلي الله عليه وسلم | تيماء | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 145 | 21-02-2018 10:09 AM |
سلسلة الكبائر | سراج منير | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 16 | 18-07-2017 09:58 AM |