قطرةٌ :
حَدِيثٌ .. أقَضّ مَضجعِي .. وآلَمَ فُؤَادِي ..
فَـ سكبتُ أَحرُفاً ..( لِي ).. أنا ذلكَ العبد ..
الذّي يَحملُ بينَ جَنبَيه قلبَاً يُوشِكُ على الهَلاك ..
ولِكُلِّ منْ كانَ حَالُ قلبِهِ .. كَــ حَالُ قلبِي ..
( أصلَحَ اللهُ أحوالَ قُلوبِنا )
,
وأيّ قَلبٍ هَذا الذّي تَحمِلُهُ بينَ جَنبَيك ؟
وأيُّ رُكَامٍ قدْ أثقَلتَ بِهِ ظهرَكَ منْ ذُنوبٍ لاتُحتَمل ؟
ولازِلتَ تعتقدُ أنّكَ تَملِكُ أنقَى قَلبٍ فِي هذا العَالَم !!
والمُصِيبَةُ الأعظَم .. هِيَ أنّكَ تكذِبُ - حتَى - على نفسِكَ !!
,
فــ كَم مَرّةٍ ادّعَيتَ أنّكَ لاتُحِبُّ الحَسَدَ ولاتَحسِدُ أحداً ..
وتعتقِدُ أنّ الحَسَدَ هُوَ تَمنِي زوالُ النّعمَةِ ( فقَط )
وتأتِيك المَواقِفٌ .. تَرى نِعمَةً على أحَدٍ .. أو ثناءً عليهِ .. فتُحِسُّ بالضِّيق ..
ولاتعلمْ أنّ هذا الضِّيق هُوَ .. حَسَد !!
وأحيانَاً قدْ يَمُرُّ بكَ أشخاصٌ يتّصِفُونَ بالحَسَدِ فتَجِدُ نفسَكَ تَحسِد ..
وتَعتَقِدُ أنّكَ أصبَحتَ مِثلَهُم بِسَبَبِ مُعاشَرَتِهِم ..
ولاتعلَمُ أنّ الحَسَدَ مَرَضٌ مُستَوطِنٌ فِي داخِلِكَ مُنذُ أمَدٍ بعِيد ..
ولكنّ اللهَ أرادَ إظْهارَهُ لكْ .. فعَرّضَكَ لِما يُخرِجُهُ .. عسَى أنْ تُعالِجَه !!
فهلْ تعتَرِفُ بِهذَا أمْ لازِلتَ تَكذِبُ على نفسِك ؟!
,
كَمْ قَرأتَ عَن ( الصّبرِ ) .. ووطَّنْتَ نفسَكَ عليه ..
وتَدَّعِي أنّكَ بحَمدِ اللهِ .. صَبُور !! ولكِن ! .. كُلُّ إدّعَاءٍ فَلابُدّ أنْ يُمتَحَنْ ..
فتأتِي لحظاتُ الحُزنِ .. والألَم .. والابتِلاءِ .. وتَسَلّطِ الشَيطَان ..
فتَتلفّظ بألفَاظِ السّخَطِ .. وعلى مَن ؟ .. على رَبّكَ مُقَدِّرِ الأقدَار .. سُبحَانَه ؟!
و لازِلتَ تَدّعِي أنّكَ تملِكُ قلبَاً صَابِراً ؟!
.
كَمْ مَرّةٍ نَصَحتَ غَيرِكَ بالعَفوِّ والصّفحِ .. وتتفَاخَر بأنّ لكَ قلباً لايُحِبُّ الإنتقَام ..
ويأتيكَ الإبتِلاء .. عنِيفَاً أكثَر مِمّاتتَوقّع ..
فَقدْ تُّتهَم .. قدْ يُسَاءَ فِهمِكَ .. قدْ يَهضَمُ حَقّكَ .. قدْ تُظلَم ..
فتَثُور وتَنفِضُ عنكَ غلالَةً مُصطَنَعَةً نَسَجْتَهَا مِن أثوَابِ الهَوَى ..
فتَنطَلِق .. تَرُدُّ كَيلاً بِكَيل .. وصَاعَاً بِصَاع ..وتبدَأ فِي الزِّيَادَة .. ولاتُبَالِي ..
فتَتَحَوّلُ مِن مَظْلُومٍ إلى ظَالِم ..بِغِيبَةٍ ..باتّهَامٍ ..بشَتْمٍ ..بِدُعَاءٍ (وهذَا على اعتِبَارِ أنّكَ مَظلُوم !)
ولاتَقبَل أبداً بالعَفوّ .. مُدّعِيّاً أنّ الإنسَانَ يعْفُو .. نَعَم .. ولكِن لَيسَ على حِسَابِ كَرَامَتِهِ !
وتَذهَبُ ادّعَاءَاتِكِ السّابِقَةِ أدرَاجَ الرّيَاح !
وماسَألْتَ نفسَكَ : أينَ كَلامِي عنْ احتِسَابِ الأجْرِ فِي العَفْوّ ..
وأنّهُ [فمَنْ عفَا وأصْلَحَ فأجْرَهُ عَلَى اللهِ ] ؟!
,
كَمْ ادّعَيتَ أنّكَ ( مُتَواضِعٌ ) لاتُحِبُّ التّفَاخُر .. ولايَهُمُكَ النّاسُ ولاثنَاؤُهُم ..
وقدْ يُثنَى على غَيرِكَ أمَامَكَ ..ويمدَحُهُ الجَمِيع ..وتُحِسُّ إحْسَاسَاً فِي الدّاخِل ..لمَاذَا لايُثنِي عَليك ؟
فتَبدَأ بتَعرِيفِ نفسَكَ .. وأحيَاناً بتَنقِيصِ منْ يَمدَحُونَه ..
وتَهتِكُ أحيَانَاً سِترَاً تَعرِفُهُ عنْهُ .. لِتَرفَعَ منْ قَدرِ نفسَك ..
وتنْسَى [ منْ سَتَرَ مُسلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَة ]
فَـ تَجِدْ فِي نفسِكَ حَاجَةً مُلِحّةً أنْ تتكَلم .. لِيعْرِفَكَ منْ لايَعرِفَك !
فتُشتَهَرويَجتَمِعُ النّاسَ عليك .. عِندَهَا تسْتَقِرُّ نفسَك !
أتَرَى هَذا شَيئَاً عَادِيّاً ؟
.
كَمْ مَرّةٍ حَكَمتَ عَلى منْ أمَامَكَ بِسُوءِ ظَنّك ..
بِسَبَبِ سُوءِ فَهمٍ لِقَولٍ أو فِعلٍ .. أو عَدَمِ التِمَاسِ العُذر ..
واتّهَامَاتٍ أنّ نِيّتَهُ كَذا .. وقصَدَهُ كَذا .. وغفِلتَ عن [ أفَلا شَقَقتَ عن قَلبِهِ ؟ ]
فلا تلتَمِسْ لهُ عُذرَاً .. ولا تَقبَلُ مِنهُ اعتِذَارَاً ولاتَوضِيحَاً ..
وعندَمَا تكُونُ أنتَ المُتّهَم .. تُطالِبُ بِقُبُولِ عُذرِك .. ورُبّمَا يكُونُ عُذرَكَ كَاذِبَاً !!
ألا تُحِسُّ أنّ هَذا الكَلامَ قَرِيبٌ مِنكَ جِدّاً ؟!
,
كَمْ مرّةٍ أقبلَ اللهُ عليكَ بِقُلُوبِ خَلقِهِ ..
وتَرَفّعتَ أنتَ عَنهَا .. وأولَيتَهَا ظَهرَكَ .. وكُنتَ كَالمُستَغنِي عَنهَا ..
فأبَحتَ لِنفْسِكَ جَرحَ المَشَاعِرِ .. وتعَاملتَ بِجَفَاءٍ .. ولمْ تهتَمّ لِقلبٍ سَاقَهُ اللهُ إليك ..
فتَهجُرَ هَذا .. وتَحقِرَ هَذا .. وتَجرَحَ هَذا ..وهِيَ مَاأحَبّتكَ إلا فِيهِ ( حُبّاً صَادِقاً فِي اللهِ )
وأنتَ لاتعلَمَ فَـلَــ رُبّمَا أحَدَ هَؤُلاءِ هُوَ الذّي سَيشْفَعُ لكَ عِندَ اللهِ لِيُخرِجَكَ مِنْ نَارِه ..
أو رُبّمَا هُوَ الذّي سَتَسْتَظِلُّ مَعَهُ تَحتَ ظِلِّ العَرشِ على مَنَابِرٍ مِنْ نُور ..
فَكَم سَتكُونُ خَسَارَتك ؟ وكَمْ سَتَبكِي دَمَاً عَلى مَا ضَيّعت ؟
ولَم تَعلَم أنّ مِن عَلامَاتِ الإيمَانِ مَحَبّةُ إخوانِكَ المُسْلِمِين !
فبِأيِّ شَيءٍ تُبَرِّرُ لِقَلبِكَ مافَعَل ؟
,
وكَمْ تَدَّعِي أنّكَ صَاحِبَ أخلاقٍ رَفِيعَةٍ .. وألفَاظٍ رَاقِيَة ..
وتَأتِي مَواقِف .. فينْجَلِي السِّتَارُ عنْ أخْلاقِك ..
عندَمَا يَضَعُ اللهُ أشْخاصَاً فِي طَريقِكَ .. ابتِلاءً واختِبَاراً ..
[ وجَعَلنَا بَعضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أتَصْبِرُون ]
فلا أدَبَ ولا احتِرَام .. ولا تَقْوَى !
فكَمْ اغْتَبْتَ مُسلِمَاً.. واتّهَمْتَهُ بِلا دَلِيلٍ .. وقَذَفْتَهُ .. ونَسَبتَهُ لِلكُفْر ..
ويَمُرُّ الأمْرُ عَادِيّاً .. لايُحَرِّكَ فِيكَ جَفنَا .. ويُطْوَى فِي ذَاكِرَةِ النّسْيَان !
,
وحِينَ يسْتَنصِحُكَ أحَدٌ فِي أمْرٍ .. وتَنْصَحَهُ ..
وفِي قَرَارَةِ نفسِكَ .. تعلَمُ أنّ هَذِهِ نصِيحَةً كَاذِبَة .. فيهَا مَصلَحَةً لك !
وهِي نَصِيحَةُ هوى !!
وتَغفَلْ ( وإذَا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ لَهُ ) .. والإسْتِشَارَةُ أمَانَةٌ تُسْألُ عَنهَا ..
وأحيَانَاً قدْ يكُونُ فِي قَلبِكَ شَيءٌ عليهِ .. فَتَرَاهُ على خَطأ ..
فتأتِيهِ بالنّصِيحَةِ .. مُوشَاةٌ بالأدِّلَة .. وتُقْسِمُ لَهُ أنّكَ مَاأرَدتَ إلّا الخَير ..
وفِي دَاخِلكَ > شَمَاتَة !! , ألا تَرَى هَذا مَألُوفَاً ؟!
,
وكَمْ هُم الذّينَ اسْتَأمَنُوكَ عَلى أسْرَارِهِم ..
فأجَزْتَ لِنَفْسِكَ البَوحَ بِهَا .. وتَلذّذْتَ بِكشْفِ الخَبَايَا ..
ولو كُنتَ مَكَانَهُ لمَا أذِنتَ لَهُ بِذلِك .. حتّى أصْبَحَت الأسْرَارُ حدِيثَ المَجَالِس ..
( وهِيَ أمَانَاتٌ تُسألُ عنْهَا يومَ القِيَامَة )
فكَمْ تَتبّعْتَ الأخبَار .. وكَمْ نَقّبْتَ ورَاءَ الأسْرَار ..
ونسِيتَ (مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرءِ تَركُهُ مَالايَعنِيه )
ولاَزلت تِحمل مِثل القِلب