#1
| ||||||||||
| ||||||||||
احبسوهم إنهم محاسبون احبسوهم إنهم محاسبون الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فنقف اليوم مع آية من كتاب الله عز وجل، هذه الآية آية مرعبة، آية تقشعر منها الأبدان، آية قد تكون قصيرة في كلماتها، فهي تتكون من ثلاث كلمات، ولكنها عظيمة في معانيها، فهي تلخِّص حالنا في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا بما عملنا؟ وفي الآخرة عن ماذا سنحاسب؟ هذه الآية هي التي جعلت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الخليفة العادل، صاحب الورع والتقوى والخوف من الله تعالى، عمر الذي ترك الدنيا حين أقبلت عليه، عمر كان يصلي إمامًا بالناس، فعندما وصل إلى هذه الآية ظل يردِّدها ويبكي، فلم يستطع أن يتجاوزها لعظَم معانيها، هذه الآية يقول الله تعالى فيها: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]؛ يقول ابن عباس رضي الله عنه وهو يفسر هذه الآية: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ﴾؛ يَعْنِي احْبِسُوهُمْ إِنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ[1]. أنا أقف من خلال هذه الآية لأذكر نفسي أولًا وأذكِّركم بأن الله تعالى يحذِّرنا من يوم عظيم هو يوم الحساب، هذا اليوم الذي سنعود فيه كلنا إلى الله لنقف أمامه للحساب، فهل نحن مستعدون للوقوف أمام الله تعالى للحساب ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ﴾، ليسأل كل واحد منا نفسه هل هو مستعد لهذا الوقوف؟ هل بيوتنا ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! هل تعاملنا مع الناس على منهج الإسلام؟! هل سلوكنا وتصرفاتنا مع جيراننا وإخواننا على أخلاق الإسلام؟! هل مجالس أفراحنا ومجالس عزائنا على سنة رسـول الله صلى الله عليه وسلم؟! هل ربيَّنا أولادنا على منهج الإسلام وسألناهم مع من يمشون ومع مَن يسهرون وعلى أي شيء يسهرون؟! هل ملابسنا رجالًا ونساءً ترضي الله ورسوله؟! هل حلاقة الواحد منا لشعره على منهج الإسلام؟! ليسأل كل واحد منا نفسه هذه الأسئلة؛ لأن الوقوف سيكون أمام الله تعالى، فيا تُرى هل سيكون وقوفنا أمام الله وقوف فرحٍ وسرور وسعادة؟! أم سيكون وقوف خيبة وحسرة وندامة؟! قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون ﴾ [الحشر: 18، 19]. بل اسمع إلى نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يحدثنا عن خطورة الوقوف أمام الله للحساب، فيقول: ((مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ، وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْه))[2]. هل تدرون ماذا يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للأمة من خلال هذا التحذير؟! يريد أن يقول: إذا عندك مظلمة لأخيك، فسارع إلى التحلل منها، إذا أكلت حق البنات من الميراث، إذا تحايلت على أخيك وأكلت ماله، إذا تجاوزت على أرض جارك، إذا اغتصبت حقوق الناس، فسارع إلى التحلل منها؛ لأن يوم القيامة لا ينفع فيه دينارٌ ولا درهم، وإنما سيكون التسديد بالحسنات، الحسنة غالية على صاحبها يوم القيامة، الولد لا يعطي أباه وأمه حسنة واحدة، الزوجة لا تعطي زوجها حسنة واحدة، لقد وصف الله هذا المشهد بقوله: ﴿ إِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 33 - 37]. ذلك اليوم هو الذي دفع بسيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه إلى أن يقف وقفة عجيبة، اسمعوا إلى كلمة أبي الدرداء رضي الله عنه وهو يخاطب بعيره الذي يريد أن يموت فيقول: (يا أيها البعير، لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أكن أحمِّلك فوق طاقتك). الله أكبر، أبو الدرداء لا يخاطب الموظف الذي في دائرته، ولا يخاطب العامل الذي يعمل في بيته ومحله، ولا يخاطب زوجته وأولاده الذين هم تحت رعايته، وإنما يخاطب بعيره الذي هيَّأه الله تعالى لخدمته، فيقول له: (يا أيها البعير، لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أكن أحمِّلك فوق طاقتك). إذًا ماذا سيقول لمن يظلم من هو تحته؟ ماذا سيقول الزوج الذي ظلم زوجته وأولاده يوم الحساب؟ ماذا سيقول من ظلم الناس وأكل حقوقهم يوم الحساب؟ ماذا سيقول من كان سببًا في قتل الأبرياء من الناس؟ إذًا والله لا بد أن نتذكر وقفتنا أمام الله يوم الحساب، هذه الوقفة التي حسب لها سلفنا الصالح ألف حساب، فهل نحن وضعناها في بالنا وفي حساباتنا؟! ذلك الوقوف هو الذي دفع بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقول: (وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، لَوْ أَنَّ جَمَلًا هَلَكَ ضَيَاعًا بِشَطِّ الْفُرَاتِ، خَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهُ عَنْهُ آلَ الْخَطَّابِ - آلَ الخطاب يعني نفسه)[3]، ولَمَّا نزلت بالمسلمين شدة في عَام الرَّمَادَةِ، كان طعامه رضي الله عنه الزيت وكان مداومًا على أكل الزيت حتى اصفرَّ وجهه الذي كان كقطعة القمر، حتى صارت بطنه تحدث أصواتًا وكأنها تشتكي من شدة الجوع والمعاناة وشوقها للطعام، فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أنه خاطبها بلغته وكلماته المزلزلة للأعداء ولبطنه قائلًا: (قرقري أو لا تُقرقري لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين) [4]. (احْبِسُوهُمْ إِنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ)، سنسأل عن أموالنا وأفعالنا وأقوالنا والنيات، وعن كل صغير وعن كل كبير، عن أسماعنا وأبصارنا وجوارحنا جميعًا، هل رأينا حجم المسؤولية التي علينا، فلا نقل هذا الفعل عظيم وهذا حقير، فنحن مسؤولون عن كل صغيرة وكبيرة. وفي هذا الزمن عظُمت المسؤولية، ففي ظل هذا التطور الكبير في وسائل الاتصال والتواصل، فتحنا على أنفسنا أبوابًا جديدة سواء للخير أو للشر، فالواحد منا مسؤول عن حسابه في (الفيس بوك وتويتر والأنستغرام والسناب شات وغيرها)، فوالله الذي بعث محمدًا بالحق سنسأل عن كل تغريدة وصورة ومقطع، فلنحذر جميعًا! فيا أخي الكريم، راجع كل ما نشرته، وانظر إلى كل ما لا يرضي الله، وسارع إلى حذفه، ولا تستصغر شيئًا، وأنت أعلم بالحلال والحرام، فلا يخدعنَّك الشيطان بتجاوز بعض الأشياء، اجعل كل ما في حساباتك مما يرضي الله، وإذا أصررت على نشر مقاطع الأغاني والمقاطع التي تأثَم عليها، فجهِّز لها جوابًا حين تُسأل يوم القيامة، ولا تظن أن هناك شيئًا سيفوت، وتذكر قول الشاعر: وَلَو أَنَّا إِذا مُتنا تُرِكنا لَكانَ المَوتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ وَلَكِنَّا إِذا مُتنا بُعثِنا وَنُسأَلُ بَعدَ ذا عَن كُلِّ شَيءِّ فلينتبه المسلم وليكن مستعدًّا لذلك اليوم العظيم، وليضع هذه الآية نُصب عينيه وينقشها في قلبه، فأمامه وقفة محاسبة عادلة، وقفة أمام الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذي لا تخفى عليه خافية، فالسعيد من ترك الدنيا قبل أن تتركه، وعمَّر قبره قبل أن يدخله، وأرضى ربه قبل أن يلقاه. أسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يوقظ قلوبنا من رقاد الغفلة، وأن يخلِّصها من غياهب الشهوات والشبهات، وأن يُجنبنا الانغماس في الدنيا، وأن يُجنبنا الغفلة عن مصيرنا، وأن يجعلنا من المستعدين ليوم الرحيل المتزودين له بالصالحات، آمين يا رب العالمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:فمسألتنا الفقهية تتعلق بمن كان حدثه دائمًا مستمرًّا، كصاحب سلس البول والريح، كيف تكون طهارته وصلاته؟ قال العلماء: المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويغسل ما يصيب بدنه، ويجعل للصلاة ثوبًا طاهرًا إن لم يشقَّ عليه ذلك، وإلا عُفي عنه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]، وقوله: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [5]، ويحتاط لنفسه احتياطًا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته. وينبغي أن ننبِّه إلى أن المصاب بسلس البول إذا كان مستمرًّا عنده بحيث لا يتوقف، فكلما تجمَّع شيءٌ بالمثانة نزل، فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيءٍ على فرْجه، ويصلي ولا يضره ما خرج، أما إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة، فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلي، ولو فاتته صلاة الجماعة. المصدر: منتدى همسات الغلا hpfs,il Ykil lphsf,k hpfs,il |
25-09-2022, 04:01 PM | #3 |
| ذَائِقَة مُتَمَيِّزَة واختِيَار مُوفَّق يعطِيكـ العَافِيَة عَلى هَذَا { الطَّرْح } الجَمِيل وجَزَاكـ اللهُ خَيرًا عَلى جُهُودِكـ المُثمِرَة فِي أرْوِقَة المُنتَدَى |
|
25-09-2022, 05:43 PM | #4 |
| جزاك الله كل خير ولكم الشكر وحسن العطاء موضوع فى قمة الروعه نحمد الله ونشكره على فضله ورضاه دمت فى حفظ الرحمن | ••--------------------------- ---------------------------••| |
|
26-09-2022, 12:23 AM | #5 |
| جعـلهُ.. آللهْ.. فيّ.. ميزآنْ.. حسناتك أنآرَ.. آللهْ.. بصيرتك.. وَ بصرك.. بـ/ نور.. آلإيمآنْ وَ جعـلهُ ..شآهِدا.. لك.. يوم.. آلعـرض ..وَ آلميزآنْ وَ ثبتكـ.. على.. آلسُنهْ.. وَ آلقُرآنْ وأنار.. دربك.. وبارك.. فيك تحياتي و تقديري |
|
26-09-2022, 07:51 PM | #6 |
| طرح في غاية الروعة بارك الله فيك جزاك الله خيـــر على الطرح القيم وجعله الله في ميزان حسناتك وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه الله لايحرمنا من جديــدك |
|
27-09-2022, 04:01 PM | #7 |
| هلا وغلا اختى الغالية الجوري جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم كل الشكر لكِ على الطرح المميز ننتظر منكِ كل جديد ومميز لكِ منا بتلات أنجوانا يسلمواااااااااااااااااااااااااا القيصر العاشق البــــــــ مديح ال قطب ــــــــرنس |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
محاسبون , احبسوهم , إنهآ |
| |