#1
| ||||||||||
| ||||||||||
لئلا تعظم المصيبة! لئلا تعظم المصيبة! د. محمد إبراهيم العشماوي كنتُ قبل ذلك ألوم مَن يتكلَّم في قضايا أخرى غير القضايا الكبرى التي تُعنى بها الأمم والشعوب، أو حتى الجماعات والأفراد، وأقول كما يقول اللائمون: إنه غير مُدرِك لخطورة اللحظة، وغائب عن الوعي، ويغرِّد خارج السرب، ونحو هذه العبارات التي تلوكها الألسن. واليومَ أصبحت مقتنعًا بأن اللائم هو الأحقُّ باللوم من الملوم؛ لأن الحياة لا تتوقف عند شيء، ولا عند أحد، ولقد اختار الصحابة خليفتَهم ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم طريٌّ بين أيديهم لم يُدفَن، وكان السلف ربما تموت زوجة أحدهم، فيتزوَّج غيرها في يوم وفاتها؛ لئلا يَبيت ليلةً عزبًا! وبينما كانت بلاد المسلمين ترزَح تحت نِيْرِ الاحتلال التتري والصليبي، لم يقف مؤرِّخو المسلمين عند هذه الأحداث الفاجعة الدامية وهي حقيقة بذلك، بل كتَبوا عنها، كما كتبوا عن غيرها في جملة أحداث التاريخ التي دوَّنوها في تواريخهم، وكانت مادة ثريَّة خصبة ألهمت العلماء والشعراء والأدباء والمحترفين، فصنَّفوا أحسن الكتب، وقرضوا أجمل الشعر، وشادوا أعظم الأعمال، بل من العدل أن نقول: لقد كانت هذه الأحداث دافعًا قويًّا لهم إلى تخطِّي الهزيمة النفسية، بالانخراط في الحياة العامة، والتفاني في عمارة الأرض. ولقد قال لي مرةً بلديُّنا المؤرخ الدكتور عبدالحليم عويس رحمه الله في ليلة عيدٍ - وكنَّا نتَشاور: ماذا نقول للناس في خطبة العيد؟ وكانت مشاهد الأحداث الدامية في فلسطين تملأ شاشات التلفاز -: "تكلَّم عن وظيفة اليوم، وإياك أن تُحزِّن الناس"، فعجبتُ من قوله هذا؛ إذ كان معروفًا باهتمامه البالغ بقضية فلسطين، ويتكلَّم عنها في كل مناسبة! إنَّ الاعتناء بأمر لا يعني إهمال غيره، وتوجُّه الهمَّة إلى شيء لا يعني أن غيره لا يستحق الاهتمام، وإلا عظمت المصيبة، وصار البلاء ضعفين! المصدر: منتدى همسات الغلا gzgh ju/l hglwdfm! g,gh hglwdfm! ju/l |