#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
نبع البشارة برسول الإسلام بسم الله الرحمن الرحيم {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]. يمثل دعاء إبراهيم الخليل وابنِه إسماعيل - عليهما السلام - وهُما يرفعان القواعد من البيت في مكة نبع البشارة بِرسول الإسلام، وخط تقسيم واضح في مسيرة الدعوة إلى الله في رسالة إبراهيم الخليل، وكانت تلك المسيرة قد بدأت في العراق بدعوة إبراهيم الخليل لأهلها وحاكمهم المشهور في المصادر باسم "النمرود"، وذلك حوالي سنة 2000 قبل الميلاد - إلى نبذ عبادة الأصنام، وذلك على نحو ما جاء في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء: 52 - 54]. وواجه إبراهيم الخليل في دعوته أيضًا حاكم العراق "النمرود"، وذلك في حجج دامغة، ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258]. ولم تَجِدْ دعوة إبراهيم الخليل في العراق آذانًا مُصغية، وإنَّما لقِي إصرارًا على الفَتْكِ به حرْقًا، وذلك على نَحو ما جاء في قوله تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 97 - 101]. بدأ إبراهيم الخليل هجرته من العراق، بعد نَجاته من النار التي أمرها الله - سبحانه وتعالى - أن تكون بردًا وسلامًا على إبراهيم، الذي أراد بتلك الهجرة أن يبدأ مرحلة جديدة من حياة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وذلك على نحو ما ذكره القرآن الكريم على لسان إبراهيم: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: 26]. وجاءت هجرة إبراهيم من العراق إلى الحجاز بوحي من الله - سبحانه وتعالى - وهُداه، حيث الأرض الصالحة لغرس الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وهو الأمر الذي أكسب هجرة إبراهيم مفهومًا جديدًا في تاريخ الدعوة إلى عبادة الله الحق، ذلك أنَّ الأنبياء والرسل السابقين على إبراهيم، والذين بَعَثَهُم الله - سبحانه وتعالَى - إلى أقوامهم كانت دعوتُهم تَقِفُ عند المصير الذي تعرَّض له كل قوم أنكروا دعوة نبيِّهم، ولكنَّ دعوة إبراهيم لم تنتَهِ بنُكرانِ أهل العراق وصَلَفِهم ورفضهم لدعوة إبراهيم، وإنَّما جاءت هجرة إبراهيم إلى الحجاز مرحلةً جديدةً في الدَّعوة، وحدًّا فاصلاً بالتَّالي بين دورتَيْنِ في حياة تلك الدعوة، والانطلاق على طريق جديد ورائع لإعلاء كلمة الله ودينه الذي ارتضاه للإنسانيَّة جَمعاء - وهو الإسلام. وبدأتْ معالِمُ غرس الإسلام في الحجاز حين استجاب الله - سبحانه وتعالى - لدُعاء إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 100، 101]. إذِ التقى إبراهيم الخليل بزَوْجَتِه "هاجر المصرية"، وهي من مدينة تعرف باسم "قرية العرب" بأرض سيناء، بالقرب من "الفرما" التي يَحلُّ محلها الآن (بورسعيد)، وذلك وهو في طريق هجرته إلى مكة بالحجاز، حيثُ وهبه الله - سبحانه وتعالى - ابنه "إسماعيل" من هاجر المصرية، واتَّجه إبراهيم مع زوجَتِه هاجر وابنِه إسماعيل إلى مكة بالحجاز؛ لتنشأ هناك ذُرِّيَّته التي قدر الله - سبحانه وتعالى - أن تكون الغرس الطيب والنواة الصالحة لدوحة الإسلام، وذلك على نحو ما جاء في دعاء إبراهيم الخليل، وذكره القرآن الكريم في قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]. وأوضح دعاء إبراهيم الخليل أهمية هذا المكان الذي اختاره الله له ليكون مقصد هجرته، ومستقرًّا لفرع ابنه إسماعيل وهو مكة بالحجاز حيث الأمن، بعيدًا عن الطغيان الذي تعرَّضَتْ له حضارة العراق، فضلاً عن وُجُود بيت الله الحرام، وحيث يتِمُّ بِناء الذُّرِّيَّة الصالحة من أبناء إسماعيل على اعتناق الدين الحَقِّ، وعبادة الله سبحانه وتعالى، وبعيدًا عن دَنَسِ الأصنام، وذكر القُرآن الكريم أهداف إبراهيم الخليل مِنْ إقامةِ ذُرِّيَّته من ابنِه إسماعيل بِمكة، وذلك في قوله تعالى على لسان إبراهيم الخليل: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 35، 36]. وأخذتْ ثِمار هجرة إبراهيم من العراق تَظهَرُ بعد أن شبَّ ابنُه إسماعيل وكبر، ودخل كل منهما في الاختبار الكبير لغرس دوحة الإسلام، وذكر القرآن الكريم تفاصيل هذا الامتحان في قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 102 - 107]، وجاء اجتياز إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل لهذا الامتحان الرهيب بنجاحٍ، بفضل الله ورضوانه. نمو غرس دوحة الإسلام، وامتداد جذورها إلى أبعد الأعماق، ذلك أنَّ ذريَّة إبراهيم الخليل من ولده الأكبر إسماعيل أخذتْ تَنمو في ظِلِّ الأمن الدِّينيِّ البعيد عن عبادة الأصنام، وكذلك طغيان حكام الحضارات الوثنية، التي وقفتْ بالمرصاد لكلِّ دعوةٍ إلى الله الحقِّ، وذلك على نَحو ما واجه إبراهيم الخليلَ في أرض العراق، فكان الشعب في العراق خاضعًا كل الخضوع لسلطان الكهنة الذين وجدوا في الوثنية مرتعًا لَهم، ولفرض سلطانِهم على عامَّة الناس، ووضع السدود الفكرية حولَهم أيضًا. وكان الوضع يختلف كل الاختلاف في مكة بالحجاز، حيثُ السُّكَّان هناك في حريَّة اجتماعية، بعيدًا عن قيود الحكام وطغيانِهم، ويُمارسون معيشَتَهم في طمأنينة، فكان جدب أرض الحجاز يحول بين أي طامع في أهلها، فضلاً عن الصحراء تَمنع أيَّ غزاة أن يصلوا إلى أرض ومضارب أولئك الأهالي. وحافظ أهل الحجاز - وبخاصَّة حول مكة - على فطرتِهم الأبيَّة السليمة، وصاروا أكثر استعدادًا من غيرهم على إدراك الفهم السليم، وهي أمور غدت سمة من سمات "ذرية إسماعيل" في بلاد الحجاز، وأهَّلتهم للدور المرتقب في إعلاء دوحة الإسلام. وأخيرًا تستكمل هجرة إبراهيم الخليل من العراق إلى الحجاز معالِمَها ودورها في قيام دوحة الإسلام، حين أمر الله - سبحانه وتعالى - إبراهيم وابنه إسماعيل رفع قواعد البيت الحرام وهو الكعبة، حيث غرس إبراهيم وإسماعيل في هذا المكان الجديد النواة لذريَّة جديدة، تكون نبتًا للأمة الإسلامية المرتقبة، وشرح القرآن الكريم هذا الغرس الجديد لدوحة الإسلام في قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]. وجاء هذا الدعاء المستجاب تعبيرًا عن أهداف هِجرة إبراهيم الخليل من العراق إلى الحجاز، وهو غرس دوحة الإسلام على يَدِ ذرية إبراهيم من ابنه الأكبر إسماعيل، وذلك إلى جوار بيت الله الحرام، حيث آتت تلك الشجرة أُكُلَها وثِمارها، بأن بعث الله - سبحانه وتعالى - من نسل إسماعيل نبي الإسلام "محمد بن عبدالله" الذي أرسله الله رحمة للعالمين. المصدر: منتدى همسات الغلا kfu hgfahvm fvs,g hgYsghl hgYsghl fvs,g |
10-09-2022, 01:58 AM | #2 |
| يعطيك العافية على روعة المنقول شكرا لكـ وأثابك الله على جهدك الرائع |
|
10-09-2022, 02:03 PM | #4 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
10-09-2022, 03:14 PM | #5 |
| |
|
10-09-2022, 03:14 PM | #6 |
| |
|
10-09-2022, 03:14 PM | #7 | |||||||||
| اقتباس:
تعـطـر المكان بهذهـ الإطـلالة الراقيه وأكتمل جمال طرحي بحضوركـم المتميز .. شكرا على وجودكِم العذب .. | |||||||||
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
البشارة , الإسلام , برسول , نبع |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التعبير عن جمال الإسلام الذي لا يبلى وحسنه | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 31-12-2020 02:54 PM |
البشارة برسول الإسلام | ذابت نجوم الليل | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 13-01-2019 08:59 AM |
تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 14-07-2018 04:36 PM |
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام | الفاتنة | ( همسات الثقافه العامه ) | 42 | 23-03-2015 09:54 AM |
المرأة على مر العصور حتى نصرها الاسلام | محمدعبدالحميد | ( همســـــات الإسلامي ) | 12 | 14-06-2014 03:56 PM |