الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||
| ||||||||||
لا حياة - والله - أفضل من حياة القناعة والرضا بالكفاف الحمد لله نحمده حمد مَن لا ربَّ له سواه، وأشكره على جزيل فضله وعطاياه، وأشهد أن الحلال ما أحله، وأن الحرام ما حرمه، وأن الدين ما شرعه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعدُ: العز في القناعة والرِّضا بالكفاف: اعلم - يرحمك الله - أنَّ العز في القناعة بالقليل، والرضا باليسير، والغنى عن الناس، وأن الذل والتنغيص والكدر في اللهث وراء الدنيا، والانغماس فيها، والتنافس والجري وراء إشباع الشهوات واللذَّات، والبُعد عن رَبِّ العرش والسموات. روى الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: ((جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، عش ما شئت، فإنك ميت، واعمل ما شئت، فإنك مجزي به، وأحبب من شئت، فإنك مفارقه، واعلم أنَّ شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس))[1]. فَمَا الْعِزُّ إلاَّ فِي الْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِأَدْنَى كَفَافٍ حَاصِلٍ وَالتَّزَهُّدِ [2] وقال الحسن: "المؤمن في الدنيا كالغريب، لا يجزع من ذُلِّها، ولا ينافس في عزها، الناس منه في راحة، ونفسه منه في شغل". واعلم أنَّ الرجل العاقل المراقب لَم يقصد بالأكل والشرب التلذُّذ، بل دفع الجوع مما يوافق بدنه ويقويه على الطاعة، فإن قصد الالتذاذ بشيء من المتناولات أحيانًا لم يعب عليه ذلك، وإنَّما يعاب عليه الانهماك في ذلك. وعن مسروق قال: سئل بشر بن الحارث عن القناعة، فقال: لو لم يكن فيها إلاَّ التمتع بعز الغنى، لكان ذلك يجزي، ثم أنشأ يقول: أَفَادَتْنَا الْقَنَاعَةُ أَيَّ عِزٍّ وَلاَ عِزَّ أَعَزُّ مِنْ الْقَنَاعَهْ فَخُذْ مِنْهَا لِنَفْسِك رَأْسَ مَالٍ وَصَيِّرْ بَعْدَهَا التَّقْوَى بِضَاعَهْ تَحُزْ حَالَيْنِ تَغْنَى عَنْ بَخِيلٍ وَتَسْعَدْ فِي الْجِنَانِ بِصَبْرِ سَاعَهْ ثم قال: مروءة القناعة أشرف من مروءة البذل والعطاء[3]. ومن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - طيب الله ثراه ورضي عنه -: وَجَدْتُ الْقَنَاعَةَ ثَوْبَ الْغِنَى فَصِرْتُ بِأَذْيَالِهَا أَمْتَسِكْ فَأَلْبَسَنِي جَاهُهَا حُلَّةً يَمُرُّ الزَّمَانُ وَلَمْ تُنْتَهَكْ فَصِرْتُ غَنِيًّا بِلاَ دِرْهَمٍ أَمُرُّ عَزِيزًا كَأَنِّي مَلِكْ ومن كلامه أيضًا - رحمه الله -: أَنَا الْفَقِيرُ إِلَى رَبِّ الْبَرِيَّاتِ أَنَا الْمُسَيْكِينُ فِي مَجْمُوعِ حَالاَتِي أَنَا الظَّلُومُ لِنَفْسِي وَهْيَ ظَالِمَتِي وَالْخَيْرُ إِنْ يَأْتِنَا مِنْ عِنْدِهِ يَاتِي لاَ أَسْتَطِيعُ لِنَفْسِي جَلْبَ مَنْفَعَةٍ وَلاَ عَنِ النَّفْسِ لِي دَفْعَ المَضَرَّاتِ وَالْفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لاَزِمٌ أَبَدًا كَمَا الْغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي وَهَذِهِ الْحَالُ حَالُ الْخَلْقِ كُلِّهِمُ وَكُلُّهُمْ عِنْدَهُ عَبْدٌ لَهُ آتِي فَمَنْ بَغَى مَطْلَبًا مِنْ غَيْرِ خَالِقِهِ فَهْوَ الظَّلُومُ الْجَهُولُ الْمُشْرِكُ الْعَاتِي وذكر الإمام الحافظ ابن الجوزي في كتابه "عيون الحكايات" قال العمري السقطي: رأيت البهلولَ وقد دلى رجله في قبر وهو يلعب بالتراب، قلت: أنت ها هنا؟ قال: نعم، عند قوم لا يؤذوني، وإن غبت لا يغتابونني، قلت له: إن السعر قد غلا، قال: لو بلغت كل حبة بمثقال لا أبالي، نعبده كما أمرنا، ويرزقنا كما وعدنا، ثم أنشد يقول - رحمه الله تعالى -: أَفْنَيْتَ عُمْرَكَ فِيمَا لَسْتَ تُدْرِكُهُ وَلاَ تَنَامُ عَنِ اللَّذَّاتِ عَيْنَاهُ يَا مَنْ تَمَتَّعَ بِالدُّنْيَا وَلَذَّتِهَا يَقُولُ لِلَّهِ مَاذَا حِينَ يَلْقَاهُ؟! وفي "الصحيحين": "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اللهم اجعلْ رزقَ آل محمد قوتًا))، وفي رواية ((كفافًا))، ومتى كثر تشتت الهمم، فالعاقل من علم أنَّ الدنيا لم تخلق للتنعيم، فقنع بدفع الوقت في كل حال"؛ انتهى. وقال بعضهم: هِيَ الْقَنَاعَةُ فَالْزَمْهَا تَعِشْ مَلِكًا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْكَ إِلاَّ رَاحَةُ الْبَدَنِ وَانْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا هَلْ رَاحَ مِنْهَا سِوَى بِالْقُطْنِ وَالْكَفَنِ وما أحسن قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: خَبَرْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ مِنْهُمُ سِوَى خَادِعٍ وَالْخُبْثُ حَشْوُ إِهَابِهِ فَجَرَّدْتُ عَنْ غِمْدِ الْقَنَاعَةِ صَارِمًا قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْهُمُ بِذُبَابِهِ فَلاَ ذَا يَرَانِي وَاقِفًا بِطَرِيقِهِ وَلاَ ذَا يَرَانِي قَاعِدًا عِنْدَ بَابِهِ غَنِيٌّ بِلاَ مَالٍ عَنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَلَيْسَ الْغِنَى إلاَّ عَنِ الشَّيْءِ لاَ بِهِ وقال غيره وأحسن: إِذَا أَعْطَشَتْكَ أَكُفُّ اللِّئَامِ كَفَتْكَ الْقَنَاعَةُ شِبعًا وَرِيَّا فَكُنْ رَجُلاً رِجْلُهُ فِي الثَّرَى وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا وقال آخر وأحسن: وَمَنْ يَطْلُبِ الْأَعْلَى مِنَ الْعَيْشِ لَمْ يَزَلْ حَزِينًا عَلَى الدُّنْيَا رَهِينَ غُبُونِهَا إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا فَلاَ تَكُنْ عَلَى حَالَةٍ إلاَّ رَضِيتَ بِدُونِهَا مِن لازم القناعة الزهدُ: لا بد من الكلام عن الزهد بعد القناعة، فهو من لازمها، وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في الحثِّ على الزهد، منها: [أورد البيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي خلاد، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتم الرجل المؤمن قد أُعْطِيَ زهدًا في الدنيا، وقلة منطق، فاقتربوا منه، فإنه يُلْقي الحكمة)). وعن أبي ذر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما زهد عبد في الدُّنيا إلا أثبت الله الحكمةَ في قلبه، وأنطق لها لسانه، وبصره عيب الدنيا وداءها ودواءها، وأخرجه منها سالِمًا إلى دار السلام))؛ مرسل"[4]. قال علي بن أبي طالب: "من زهد في الدنيا، هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت، سارع في الخيرات"، زاد فيه غيره: "من اشتاق إلى الجنة، سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار، رجع عن الحرمات". وقال إبراهيم بن أدهم: "الزهد ثلاثة أصناف: زهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة، فالزهد الفرض الزهد في الحرام، والزهد الفضل الزهد في الحلال، والزهد السلامة الزهد في الشبهات"]. وعن حماد بن زيد قال: كان أيوب يقول: ليتقِ الله - عزَّ وجلَّ - رجلٌ وإن زهد، فلا يجعلن زهده عذابًا على الناس، فلأن يُخفي الرجل زهده خير من أن يعلنه، وكان أيوب ممن يُخفي زهده، دخلنا عليه مرة فإذا على فراشه محبس أحمر، فرفعته أو رفعه بعض أصحابنا، فإذا خصفة محشوة بليف[5]. وقال إبراهيم بن أدهم -رحمه الله-: "لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه - يعني من السعادة - لجالدونا عليها بالسيوف". فلا حياة - والله - أفضل من حياة القناعة والرضا بالكفاف، ففيها السعادة كل السعادة، وهي جادة[6]النبي – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم أجمعين -، جعلنا الله من عباده الزاهدين القانعين، آمين. المصدر: منتدى همسات الغلا gh pdhm - ,hggi Htqg lk hgrkhum ,hgvqh fhg;tht Htqg H, hgrkhum fhg;tht |