08-07-2022, 12:12 AM
|
| | لوني المفضل Mediumauqamarine | رقم العضوية : 8862 | تاريخ التسجيل : 11 - 9 - 2019 | فترة الأقامة : 1934 يوم | أخر زيارة : 08-02-2024 (01:04 AM) | المشاركات :
849,166 [
+
] | التقييم :
2147483647 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
•• الجانب الأخلاقي في الحج // مشاركتي في فعالية رحلة المشتاق للمنقول ••
ما أُنزِلت الكتب، ولا أُرسِلت الرُّسل، ولا فُرِضت الفرائض، إلا من أجل تعبيد الناس لربِّ الناس، ومن أجل القيم العالية، والآداب الرفيعة، والأخلاق الحميدة، إن الإسلام لا يأتي بالأخلاق لطلب القوة الغاشمة المغلفة بالغطرسة والطغيان، كلا! بل أن تكون وسيلة إلى طلب الكمال والجمال والاعتدال!
الحج والإخلاص:
الحج المقبول الذي لم يخالطه شيء من حظوظ النفس، ومباهج الحياة، يكون الحج مبرورًا، وعملًا مقبولًا عندما يُخلِص الإنسان حجَّه لوجه ربه؛ لأن الله تعالى حينما فرض الحج على الناس في كتابه أشار إلى أن هذه الفريضة له وحده دون سواه، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].
الحاجُّ إذا ابتغى بحجِّه وجه الله تعالى، لا يُفاخر بعدد مرات الحج، ولا يحج ليُقال إنه حج، ولا يكون في نفسه شيء من حظوظ الدنيا! يقول الله تعالى: ((أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ))؛ رواه مسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم حجَّ حجةً واحدةً، قال فيها: ((اللَّهُمَّ حجَّةً لا رياءَ فيها ولا سُمْعةَ))؛ رواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني.
ولذلك على مَن يريد أن يجعل حجَّه مبرورًا أن يخرج إليه بنية الطاعة لله تعالى، والتقرب منه، لا بنيَّة أمر آخر من أمور الدنيا أو شهوة من شهوات النفس، أو لذة من ملذَّات الحياة، أو مَغْنم من مغانم الشيطان! وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما مِن خارجٍ يخرج من بيته، إلا ببابِه رايتانِ: رايةٌ بيدِ مَلَك، ورايةٌ بيدِ شيطان، فإن خرج لما يحبُّ اللهُ عزَّ وجلَّ، اتَّبَعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك، حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يُسْخِط اللهَ اتَّبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان)).
ولكي يكون الحج مبرورًا ينبغي للحاجِّ أن يتوجَّه إلى ربِّه صادقًا مخلصًا بالدعاء والرجاء، والتوبة والاستغفار، فيردد مثل هذا الدعاء: ((اللهم أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل، اللهمَّ إني أعوذ بك من سوء الرفقة في السفر، والكآبة في المنقلَب، اللهم اطْوِ لنا الأرضَ، وهوِّن علينا السفر))، ولكي يكون الحج مبرورًا مقبولًا يجب على القائم به أن يحج من مالٍ حلالٍ طيبٍ ليس بحرامٍ، ولا خبيث؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ((إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يَقبل إلا طيِّبًا))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا خرج الحاجُّ حاجًّا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز (الركاب) فنادَى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعدَيك (أي: أجاب الله حجَّك إجابةً بعد إجابة)، زادُكَ حلالٌ، وراحِلتُك (مركبك) حلالٌ، وحجُّك مبرور غير مأزُورٍ، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضَع رِجْله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه منادٍ من السماء، لا لبيكَ ولا سعديك، زادُكَ حرامٌ، ونفقتُك حرامٌ، وحجُّك مأزورٌ غير مأجور)).
الحج والتواضع:
الحاجُّ حينما يخلع ملابسه ويلبَس إزارًا ورِداءً، فإنه يعلن بذلك عن تواضعه وخضوعه وذُلِّه لله رب العالمين، وكذلك ينبغي أن يؤكد ذلك بتواضعه لعباد الله وعدم الترفُّع عليهم والتكبُّر على فقرائهم وضعفائهم، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ أوْحَى إليَّ أن تواضَعُوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي أحَدٌ على أحَدٍ))؛ رواه مسلم.
فيكون متواضعًا، يحب للناس ما يحب لنفسه، ويتمنَّى للخلق ما يتمنَّاه لحياته، لا يتكبَّر عليهم، ولا يسخر منهم، ولا يفاخر بسواهم!
قوة الأخلاق الحسنة لا تُصان بالجبروت والخيلاء، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18]، وليست مغلفة بالتكبُّر والاستعلاء على الناس ﴿ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل: 29]، فيكون عذاب الله مأوى المتكبرين والنار مثواهم ﴿ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60].
إن الدين الإسلامى بجملته وعقائده وآدابه يستحب القوة للمسلم، ولكنها ليست القوة الغاشمة؛ وإنما تلك التى تعطف على الضعيف، وتحسن إلى المسكين، وتحنو على اليتيم، تمسح رأسه، وتُطَمْئن قلبَه، وتشرح صدره.
الحجُّ والمساواة:
الحجُّ ركنٌ من أركان الإسلام، وهو يساوي بين الناس، فلا تكبُّر ولا تجبُّر، الكُلُّ بنفس الملبس، سواسية كأسنان المُشْط، تتجلى في الحج سجية المساواة بأسمى صورها، وأبهى معانيها، مخبرًا ومظهرًا، مخرجًا ومدخلًا؛ حيث تذوب فيه كلُّ مظاهر الفُرْقَة والتمييز، فلا فرق هناك بين ذكر وأنثى، ولا بين أعْجَمي وعربي، ولا بين طويل أو قصير، ولا صحيح أو مريض، ولا بين رئيس أو مرؤوس، ولا بين غني أو فقير، ولا بين أبيض أو أسود؛ فكلُّهم جميعًا من أصل واحد، أبوهم آدم عليه السلام.
يؤدون هذه الفريضة على درجة واحدة، ومجتمعين لغاية واحدة، يُحْرِمُون فى مواقيت زمانية ومكانية واحدة، ويَرْتَدُون لباسًا غير مخيط ولا محيط، مواصفاته واحدة، ويُلبُّون بشعارٍ واحد، ويُؤدُّون شعائرَ واحدة: ربُّهم واحد، ونبيُّهم واحد، وكتابُهم واحد، وقِبْلتُهم واحدة، فهم أمةٌ واحدة كما يريد الله تعالى منهم، لا أُمَمٌ شَتَّى كما يريد لهم أعداؤهم.
وقد ورد في هذا الموقف قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيُّها الناسُ، ألا إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإنَّ أباكم واحدٌ، ألا لا فضل لعربيٍّ على عَجَمي، ولا لعَجَمي على عربيٍّ، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلَّغت؟))، قالوا: بلغ رسول الله؛ مسند الإمام أحمد.
شهد جبلة بن الأيهم ملك غسَّان الحجَّ مع عمر بن الخطاب بعد دخوله في الإسلام، وفي أثناء طوافه بالبيت الحرام وطئ إزارَه رجلٌ من بني فزارة فحلَّه، وغضب الأمير الغساني لذلك وهو حديث عهد بالإسلام، فلطمه لطمةً قاسيةً هشمت أنفَه، فأسرع الفزاري إلى أمير المؤمنين يشكو إليه ما حلَّ به، فأرسل الفاروق إلى جبلة يدعوه إليه، ثم سأله، فأقرَّ بما حدث، فقال له عمر: ماذا دعاك يا جبلة لأن تظلِمَ أخاك هذا فتهشم أنفَه؟ فأجاب بأنه قد ترفق كثيرًا بهذا البدوي، وأنه لولا حرمة البيت الحرام لقتله، فقال له عمر: لقد أقررْتَ، فإما أن تُرضِيَ الرجلَ، وإمَّا أن أقتصَّ له منك، وزادت دهشةُ جبلة بن الأيهم لكل هذا الذي يجري، وقال: وكيف ذلك وهو سوقة وأنا مَلِك؟! فقال عمر: إن الإسلام قد سوَّى بينكما، فقال الأمير الغساني: لقد ظننْتُ يا أميرَ المؤمنين أن أكون في الإسلام أعزَّ مني في الجاهلية، فقال الفاروق: دَعْ عنك هذا، فإنك إن لم تُرضِ الرجلَ اقتصَصْتُ له منك، فقال جبلة: إذًا أتَنَصَّر، فقال عمر: إذا تنصَّرْتَ ضربْتُ عُنُقَك؛ لأنك أسلمْتَ، فإنْ ارتدَدَتْ قتلتُكَ، وهنا أدرك جبلة أن الجِدال لا فائدة منه، وأن المراوغة مع الفاروق لن تُجْدي، فطلب من الفاروق أن يُمْهلَه ليُفكِّر في الأمر، فأذن له عمر بالانصراف، وفكَّر جبلة بن الأيهم ووصل إلى قرار، وكان غير مُوفَّق في قراره، فقد آثر أن يُغادر مكة هو وقومه في جُنْح الظلام، وفرَّ إلى القسطنطينية، فوصل إليها مُتنصِّرًا، وندِمَ بعد ذلك أشدَّ النَّدَم! وفي ذلك هَدْمٌ مباشر لكل معايير التمييز والتفاضُل، وبذلك تتجلى معاني المساواة وصورها الواقعية فى مناسك الحج وأعماله، والتي تؤكِّد أهمية شعيرة الحجِّ فى تعميق الأُخُوَّة والمساواة بين الإنسانية مع التنفير من تقسيم الناس إلى طبقات يعلو بعضُها فوق بعض، والسمو على تغليب المنفعة الخاصة على العامة؛ بل إنها تحرض الناس على تحقيق مبدأ المساواة بطريقة متوازنة وحكيمة.
الحج والاعتدال:
إن الحجَّ يُنمِّي الاعتدال في النفقة، والاعتدال في الملبس، والاعتدال في الزاد، وخيرُ الزادِ التَّقْوى ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].
ومذهب الاعتدال هو الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، هو قوام فهم الأخلاق الحميدة في الإسلام؛ بل مقياس لهذه الأخلاق وتلك القيم والآداب.
المجتمع يُقاس بالدين وليس العكس، والدين أخلاق وفضائل، ولا بد من الفضائل الإلهية في تعليم الإنسان مكارم الأخلاق، والواقع أن الإنسان لم يكتسب أفضل أخلاقه إلَّا من الإيمان بمصدر من السماء يعلو على الطبيعة الأرضية وجواذب الدنيا، وهذا هو المقياس الأرقى لمكارم الأخلاق في الإسلام.
وعندما تصل إلى مكارم الأخلاق فإنك تقترب من الله، ومن جنَّتِه ورضاه! وكل صفة من صفات الله الحسنى محفوظة في القرآن الكريم، يتقلدها المسلم ليبلغ فيها غاية المستطاع في الطريق المستقيم، والاعتدال بصفة عامة في الإسلام من أجلِّ الأخلاق الحميدة، كيف؟! ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، وفي الإنفاق ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]، وفي عدم الإسراف ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].
الحج واللين وعدم الجدال:
يقول الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].
إذن في الحج لا وقت للجدال؛ إنما للتهليل والتسبيح والتكبير والتلبية، والجدالُ منهيٌّ عنه في كل الأحوال، والمِراءُ مبغوضٌ في كل الأوقات، والكذبُ ممنوعٌ في كل الظروف، وفي الحج أولى وادْعَى أن يبتعد عنه الحاجُّ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((أَنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنَّةِ لمن ترَكَ المِراءَ وإنْ كانَ مُحِقًّا، وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترَكَ الكَذِبَ وإنْ كانَ مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسَّنَ خُلُقَهُ))؛ رواه النووي في رياض الصالحين.
وقد ورد في القرآن العديد من الآيات مُحذِّرة منه، قال تعالى: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ﴾ [غافر: 4]، وقد يختلط الجِدال بالرَّفَث أو الفسوق؛ يقول نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلم: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)).
الحج والتأدُّب مع الكون:
وفي الحج أخلاقٌ حسنةٌ، وقيمٌ عاليةٌ، وآدابٌ رفيعةٌ؛ حيث يتأدَّبُ الإنسان مع الكون من حوله، كيف؟ أدب مع الحَجَر فيُقبَّل، أدب مع الشجر فلا يُقطَع، وأدب مع الطير فلا يُروَّع، وأدب مع الصيد فلا يُقتَل، وأدب مع المكان فلا يُلحَد فيه أو يظلم، وأدب مع الإنسان فلا يُسَبُّ أو يُشتَم ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].
الحجُّ والطهارة:
الحجُّ طاهرٌ مُطهِّرٌ، كيف؟! ها هو عمرو بن العاص يحكي لنا قصةَ إسلامِه، فيقول: لمَّا جَعَلَ اللهُ الإسلام في قلبي، أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ابسط يدك، فلأبايعك، قال: فبسط، فقبضتُ يدي، فقال: ((ما لك يا عمرو؟))، قلتُ: أشترط، قال: ((تشترط ماذا؟))، قلت: أن يغفر الله لي، قال: ((أمَا علِمْتَ أنَّ الإسلامَ يهْدِم ما قبلَه، وأنَّ الهجرةَ تهْدِمُ ما قبلَها، وأنَّ الحجَّ يهْدِمُ ما قبْلَه؟ والحَجُّ ليس له جزاءٌ إلَّا الجنة؟! العُمْرة إلى العُمْرة كفَّارةٌ لما بينهما، والحَجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة))؛ البخاري ومسلم.
والحج من منزلة الجهاد في سبيل الله، الغازي في سبيل الله والحاجُّ والمعتمر وَفْدُ الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم، والحَجُّ ضمان لصاحبه عند الله، ((ثلاثٌ في ضمانِ الله: رجلٌ خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجلٌ خرج غازيًا في سبيل الله، ورجلٌ خرج حاجًّا)).
الحج والتقوى:
الحج يثمر التقوى، والتقوى القاسم المشترك مع كل العبادات، وهي أعظم الأخلاق، وجِماع مكارم الخير.
تستقي التقوى من الحج في مناسكِه وأعمالِه وأركانِه، ومن ثَمَّ تكون حمايةً للإنسان الحاجِّ من الزَّلَل، وصيانةً له من السقوط، ووقايةً له من النار.
التقوى أن يجدك اللهُ حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، يعود الحاجُّ من حجِّه مترسِّمًا طريق الله المستقيم، ينْعَم بالتقوى، ويفرح بالنعمة.
وإذا رُزِق الحاجُّ بالتقوى فإنها تكون له خيرَ زادٍ: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].
وهي خيرُ لباسٍ: ﴿ يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 26].
وهي خيرُ ميراثٍ: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].
وهي خيرُ تركة لمن بعدك: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9].
الحج والمتابعة:
كيف؟ الحج ينفي الفقر كما يمحو الذنب، وكذلك العمرة؛ ولذلك وصَّى الحبيب صلى الله عليه وسلم بالمتابعة فقال: ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ))؛ رواه الترمذي والنسائي، وصحَّحه الألباني عن ابن مسعود، والمتابعة؛ أي: اجعلوا أحدهما تابعًا للآخر، واقِعًا على عقبه.
الحجُّ والكرم:
يقول ابن العثيمين: "والكرمُ ليس كما يظُنُّه بعضُ الناس أنه بذل المال فقط، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، وفي بذل العلم، قال النبي لإحدى النساء: ((إنَّ لكِ من الأجْرِ على قَدْرِ نَصَبِكِ ونفقتكِ))، وقال أيضًا: ((بِرُّ الحجِّ: إطعامُ الطعامِ، وطيبُ الكلام))؛ حسَّنه الألباني.
وأما طلاقة الوجه فهي: ملاقاة الناس بالبشر والحفاوة، قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ))؛ رواه مسلم.
ومن حسن الخلق في الحج: العفو عن المسيء، وقبول المعاذير، وترك الغضب، والرفق واللين، والحِلْم، وإدخال السرور على الحجَّاج، وقضاء حوائجهم، وغير ذلك من أوجه وصنائع المعروف.
الحج والصبر:
ومن أخلاق الحاج: خُلُق الصبر، الحج من أكثر العبادات التي تحتاج إلى صبر؛ لما فيه من الزحام، واختلاف طبائع البشر وعاداتهم، وكذلك يحتاج الحاجُّ إلى الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أوامر الله، والصبر على مفارقة الأوطان والأهل والأحباب، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].
الحج والتوكل:
التوكُّل ثم الأخذ بالأسباب الذي يتعلمه الحاجُّ من هاجر عليها السلام في السعي ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، هاجر عليها السلام أخذت بالأسباب عندما سعَتْ بين الصَّفا والمروة، وأيقنت في ربِّ الأسباب عندما قالت لزوجها إبراهيم عليه السلام: ((إذن لن يُضيِّعنا))، فرُزِقت زمزم، وحفظ الله لها إسماعيل، ورُزِقَت الأمَّةُ من نسلهما أعظم خلق الله محمد عليه الصلاة والسلام، وسجَّل القرآن موقف هاجر، يتعبد به الناس إلى يوم القيامة ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158].
الحج وغفران الذنوب وتحمل التَّبِعات:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: ((يا بلالُ، أنْصِتْ لي الناسَ))، فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس، فقال: ((معاشر الناس، أتاني جبريل آنِفًا، فأقرأني من ربِّي السلام، وقال: إنَّ اللهَ غَفَرَ لأهْلِ عرفاتٍ وأهل المَشْعَر، وضمِن عنهم التَّبِعات)) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: ((هذا لكم، ولمَنْ أتَى بعدَكم إلى يوم القيامة))، فقال عمر رضي الله عنه: كثُرَ خيرُ الله وطاب، كثُر خيرُ اللهِ وطاب، كثُرَ خيرُ اللهِ وطاب.
الحج والخوف والرجاء:
الحجُّ بجَمْعه الكبير في الدنيا يُذكِّرنا بيوم الجمع الأكبر في الآخرة! والله أنزل سورةً سُمِّيت بسورة الحج جاء في مطلعها ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2]، يذكر الناس أن يومًا ما ستنتهي الحياة، وأن مجامعهم ستؤول إلى الله، فالمال يفنى والملك لا يبقى، وسلطان الحياة يزول، وعز الدنيا لا يدوم ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27]؛ لذلك ينبغي على الحاج أن يكون خائفًا راجيًا، خائفًا من عقاب لله، راجيًا ثوابَه، يخاف عذابَه ويرجو رحمتَه، وهكذا كان سلف هذه الأمة، منهم من كان يغلب عليه الخوف، ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء؛ قال مطرف: "اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي"، وقال بكر يوم عرفة: "ما أشرفه من مقام وأرجاه لأهله، لو أني فيهم"، وقال ابن المبارك لسفيان الثوري عشية عرفة: "مَن أسوأ هذا الجَمْع حالًا؟ قال: الذي يظُنُّ أن الله لا يغفر له".
الحج والتزكية:
يتذكر المسلم هناك إبراهيمَ وإسماعيلَ وهما يرفعانِ القواعد من البيت ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 127 - 129].
ما أجملها من تربية! وما أعظمها من تزكية! خاصة في البيت العتيق الذي جعله الله مثابةً للناس وأمنًا، يتذكر الحاج قمم الخير، الذين يُذكرون في الكتاب الخالد "القرآن الكريم"، لا بأشكالهم؛ وإنما بمناقبهم، لا بحسَبهم؛ وإنما بشمائلهم، لا بألوانهم؛ وإنما بأعمالهم، بما قدموا للبشرية من عطاءٍ، وبما أهدَوا للناس من خير، وبما حفظوا للحق من عهود، وبما صدَقوا مع الله من وعود: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54، 55]، ونحن نتعبَّد لله بذكرهم، ونخطو في طريقنا إلى الله خطْوَهم، واذكر في الكتاب إسماعيل، مَن إسماعيلُ؟!
إنه الغلام الذي جاء في صحراء جرداء، لا زرع فيها ولا ماء، بعد طول انتظار، ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، جاء غلام ليس كأي غلام؛ وإنما: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101]، وأُمَّة ليست كأي أُمَّة؛ وإنما: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، ونبي كريم ليس كأي نبي ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].
الحج وحقوق الإنسان:
في ظل القوانين الوضعية، والقرارات الأرضية، والعادات الاجتماعية، والسلوكيات الفردية والجماعية، أعراضٌ تُنتهَك، وحقوق تُغتصَب، وحريات تُمتهَن، بل دِماءٌ تُسكَب، وأرواحٌ تُزهَق باسم قوانينَ وقراراتٍ وعاداتٍ وسلوكياتٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطان، لكن هذه الحقوق حافظ عليها الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، قال جابر رضي الله عنه: خطبَنا صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْر، فقال: ((أيُّ يومٍ أعظمُ حُرْمةً؟))، فقالوا: يومُنا هذا، قال: ((فأيُّ شَهْرٍ أعظمُ حُرْمةً؟))، قالوا: شهرُنا، قال: ((أيُّ بلدٍ أعظمُ حُرْمةً؟))، قالوا: بلدُنا هذا، قال: ((فإنَّ دِماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ، كحُرْمة يومِكم هذا، في بلدِكم هذا، في شهرِكم هذا، هل بلَّغت؟))، قالوا: نَعَم، قال: ((اللهُمَّ اشْهَد))؛ صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ بدَّل دينَه، فاقتُلوه))؛ صحيح البخاري.
الحج والتأنِّي والتؤدة:
إنَّ بعض الحُجَّاج تراه يُزاحِم ويُسابق الحجَّ، ويُدافع كأنه في سباق، ويتعجَّل في الأمر، والعجلة من طبيعة الإنسان ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11]، وهذا ليس من البر، تجد بعضهم يتعجل ولا يتأكد من معرفة حدود المشاعر، فتراه يجلس يوم عرفة خارج حدود عرفة وهو لا يشعر، وهذا خطأ عظيم؛ لأن من فاته الوقوف بعرفة، بطَل حجُّه، وكذلك لا يتأكد من حدود مِنى ومُزْدلفة، ولا يتأنَّى عند التقاط الجمرات، تراه يلتقط الحصى الكبيرة التي لا تُجزئ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما دفع يوم عرفة فسمع وراءه زجرًا شديدًا وضربًا للإبل، فأشار بسوطه وقال: ((أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ))؛ رواه البخاري، والإيضاع: هو الإسراع والعجلة، وبلوغ التقوى إنما يأتي من التأنِّي وعدم التعجُّل، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].
الحج والتضحية:
في الحج يتجلَّى البِرُّ في أسمى معانيه، والتضحية في أبهى صورها، ولو كان في أحْلَك الظروف، وأصعب المواقف، عندما يؤمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده الذي جاء بعد أن كبِرَ سِنُّه، ورقَّ عظمُه، وابيضَّ شعرُه، ها هو يقدِّم ولده قربانًا لله: ﴿ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102]، فيجيب الولد: ﴿ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾ [الصافات: 102]، نحن نرى صباحَ مساءَ مَن يذبح ولده، ومن يذبح والده، ومن يذبح زوجته، من أجل الشيطان؛ لا من أجل الرحمن، أما الخليل فقد تمكَّن من الإخلاص لله، وتمكن من سلامة القلب، وتمكن من التوحيد الخالص، فجاء الفداء من الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 102 - 111].
لكننا ما زلنا - للأسف - أمَّةَ طعامٍ وشراب، الإسلام أحوجُ ما يكون اليومَ إلى التضحية والفداء، أين تضحية الأمَّة وأين الفداء؟! الأمة حية لكنها تُضرَب في كل مكان، والجميع يتفرج إلا من رحم ربي وعصم، إن الله جاء بالفداء لإبراهيم؛ لأنه أخلص، فهل نحن مخلصون؟ ولأنه ضحَّى، فهل نحن مضحُّون؟ هل التضحية في أن نذبح ونأكل فحسب؟ كلَّا، إنها الرمزية، لكن المطلوب أن يضحِّيَ المسلم بوقته وبعلمه، بماله وولده، بحياته ومماته في سبيل إعلاء كلمة الله، ونصرة دين الله، ذلك من التقوى التي أرادها الله: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37].
اللهم ارزُقْنا حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا.
|
|
|
|
•• hg[hkf hgHoghrd td hgp[ LL lahv;jd tuhgdm vpgm hglajhr gglkr,g gglkr,g lahv;jd hgHoghrd hglajhr hg[hkf hgd] vpgm |