06-07-2022, 08:59 PM
|
| | لوني المفضل Mediumauqamarine | رقم العضوية : 8862 | تاريخ التسجيل : 11 - 9 - 2019 | فترة الأقامة : 1935 يوم | أخر زيارة : 08-02-2024 (01:04 AM) | المشاركات :
849,166 [
+
] | التقييم :
2147483647 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
•• الجانب الاقتصادي في الحج // مشاركتي في فعالية رحلة المشتاق للمنقول ••
الاقتصاد عصبُ الحياة، وقوام المجتمع، وعماد الأمة، به تنهض الأممُ، وتقوى المجتمعات، وترتقي الدول، والحق يحتاج إلى قوة تَحميه، والقوة تحتاج إلى اقتصاد يحفظها ويغذِّيها وينمِّيها، والحج مصدر من مصادر الاقتصاد، ومنبعٌ من منابع القوة الاقتصادية الإيمانية والروحية والاجتماعية والأخلاقية، فهو ملتقى الطاعات، ومنبع الرحمات، ومصدرُ الحسنات، ومجمع الخيرات، إنه المؤتمر العالمي يفد إليه الحجيج من كل البلدان، وبكل اللغات، إنه مؤتمر إسلامي تلتقي فيه الخبرات، صناعًا وتجارًا ومهنيين، وجميع التخصصات، يلتقون لتنمية العلاقات الاقتصادية بينهم ومناقشة مشكلات الغذاء والدواء وغيرها، وصولًا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لدول العالم الإسلامي.
الحج مؤتمر إسلامي عالمي لحل مشكلات المسلمين الاقتصادية، يفد إلى الأماكن المقدسة ملايين المسلمين من شتى البقاع، منهم العلماء المتخصصون في مجال الاقتصاد، فيكون ذلك فرصة طيبة لعقد المؤتمرات والندوات، والحلقات الدراسية، لمناقشة مشكلات المسلمين الاقتصادية في سبيل الوصول إلى التكامل والتكافل والتنسيق الاقتصادي المنشود بين دول العالم الإسلامي.
وفي الحج دعوةٌ إلى تطبيق الاقتصاد الإسلامي، إذ في الحج دعوة لتطهير المعاملات بين الناس من الخبائث والموبقات، والقضاء على غسيل الأموال، وتطهيرها من الربا والاحتكار، وتنقيتها من الغش والتدليس، وأكل لأموال الناس بالباطل، كما أن الحاج عليه أن يتجنَّب الإسراف والتبذير، والإنفاق الترفي، فالحج دعوة صادقة لتطبيق الاقتصاد الإسلامي على مستوى دول العالم الإسلامي.
لقد أكرَم الله عز وجل مكة المكرمة بأن جعلها محضنًا لبيته العتيق، ومهدًا لرسالته الخالدة؛ حيث انطلق من أمِّ القرى نور الهداية إلى كافة البشرية في أرجاء المعمورة، وبقدرته سبحانه وتعالى تحوَّلت مكة من وادٍ غير ذي زرعٍ، ومن جبال صماء، إلى أقدس بقعة على وجه الأرض، تأوي إليها أفئدة الناس من كل فج عميق، وتجبي إليها ثمرات كل شيء، وفي ذلك استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا وسيدنا محمد أفضل الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 35 - 37]، وقد جعلها الله عز وجل البقعة المباركة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، يؤديه من استطاع إليه سبيلًا!
الحج إلى مكة، ومكة بلد يُجْبَى إليه من ثمرات كل شيء: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57]، أحل اللهُ فيه البيع والشراء: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198].
إذًا في الحج مجمع اقتصادي للمسلمين، إذ يتسم موسم الحج بالرواج الاقتصادي، لما يتطلبه من سلع وخدمات لازمة لأداء مناسك الحج، فكم ينفق من النقود على وسائل الانتقال، وشراء المأكولات والمشروبات، وشراء الملابس وشراء الذبائح، وتكاليف الإقامة، وجلب الهدايا، يأخذها العائدين إلى أوطانهم وديارهم وأهليهم.
والحج مؤتمر عبادة، يجمع بين العبادة البدنية (صلاة، وطواف، وسعي)، والعبادة الروحية (تلبية، وذكر، وتهليل، وتسبيح)، والجانب الاقتصادي بعد ذلك لتطوير المجتمع الإسلامي وتنميته والنهوض به، ولا حرج أبدًا ولا جناح في البيع والشراء، في الأخذ والعطاء ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198].
الحج يجمع بين الجانب الاقتصادي والجانب الروحي، كيف؟! الذي يريد الدنيا فحسب، لا خلاقَ أي (لا نصيب) له في الآخرة: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200]، والذي يريدهما معًا يجعل دنياه مزرعةً لآخرته، يعمل ليومه كما يعمل لغده، ويعمل لمعادِه كما يعمل لمعاشه، ويعمل لآخرته كما يعمل لدنياه، لذلك يَحوزهما معًا: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [البقرة: 201، 202].
جاء ذلك في معرِض الحديث عن الحجِّ في كتاب الله - عز وجل.
وفي ظل التطور الحديث في مجال النقل والمواصلات في عصرنا الحاضر، أصبح أداء فريضة الحج أمرًا ميسرًا؛ حيث يستطيع الفرد أن يأتي من أي مكان في العالم خلال ساعات من الزمن، والعودة إلى أهله وذويه في وقت وجيزٍ، وبذلك يحصل أموال طائلة لمكاتب السياحة في العالم والسفر عبر المركبات المختلفة، وهذا ينمي الاقتصاد في كل بلاد المسلمين دون غلاءٍ أو استعلاءٍ أو احتكارٍ أو انتهازٍ.
والحج كونه شعيرة تعبُّدية يمتثل فيها المسلم لأمر ربه ابتغاءَ مرضاته عز وجل، إلا أن هذا التجمع الإسلامي المهيب ينطوي على منافع دنيوية إضافةً إلى منافعه الأخروية، قال تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، قال بعض المفسرين: إن المنافع في الآية تشمل أمور الدنيا والآخرة؛ أي: الجمع بين النسك والتجارة والمغفرة، ومنافع دنيوية أخرى؛ تفسير القرطبي.
يمثِّل موسم الحج حالة وظاهرة فريدة من نوعها؛ حيث يتضمن عدة أبعاد في آنٍ واحد، فهناك بُعد إيماني وتعبدي يتمثل في أداء مناسك الحج بوصفها ركنًا من أركان الإسلام، وهناك بُعد زماني يتمثل في كون أداء هذه المناسك مرتبط بفترة زمنية مخصوصة، وهي أيام الحج، وهناك بُعد جغرافي أو مكاني يتمثل في ارتباط أداء هذه المناسك في مكان مخصوص، وهي مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، واجتماع هذه الأبعاد في ظاهرة واحدة، وفي آن واحد جعل من الحج ظاهرة فريدة واجتماع بشري هائل له انعكاسات اقتصادية رائعة.
يقول الحق - سبحانه: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [الحج: 28]، وقد اختُلف في تفسير المراد، فبعضهم حملها على منافع الدنيا من الاتجار في أيام الحج، وبعضهم حملها على منافع الآخرة من العفو والمغفرة، يقول ابن الجوزي رحمه الله: والأصح من حملها على منافع الدارين جميعًا؛ لأنه لا يكون القصد للتجارة خاصة، وإنما الأصل قصد الحج والتجارة تبعٌ.
ففي الحج منافع اقتصادية واجتماعية وسياسية وروحية، وفيه التعاون والتكافل، وشعور المسلم بأخيه المسلم، وفيه تصفو النفوسُ، وتزكو وتتصل بخالقها أيَّما اتصال، وفيه تكثُر أعمال البر والخير، والإنفاق والصدقة.
اللهم ارزُقنا حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وسعيًا مشكورًا.
|
|
|
|
•• hg[hkf hghrjwh]d td hgp[ LL lahv;jd tuhgdm vpgm hglajhr gglkr,g gglkr,g lahv;jd hglajhr hghrjwh]d hg[hkf hgd] vpgm |