04-07-2022, 02:18 PM
|
|
•• أيها الحجيج (7) // مشاركتي في فعالية رحلة المشتاق للمنقول ••
يا أيها الحجيج الذين أكرمَهم الله تعالى بالحج هذا العام، وطفِقوا إلى بلادهم يعودون، تقبل الله تعالى منكم، واستجاب لكم، وجعل حجكم مبرورًا، وسعيكم مشكورًا، وذنبكم مغفورًا، وأعادكم سالمين غانمين.
يا أيها الحجيج، يا إخوة الإسلام الأحبة حيث أنتم في الوطن الإسلامي الكبير، سدَّد الله خطاكم، وبارَك مسعاكم، وجعلكم جنودَ صدقٍ لدعوة الحق والهداية والإنقاذ، حذارِ أن تسمعوا دعاة السوء الذين يريدون أن يُفرِّقوكم إلى أقسامٍ شتَّى، ومِزَق متعادية، من خلال اعتمادهم على أوثان عَفنة سبَق للإسلام أن دمَّرها، وقضى عليها من عصبيات جاهلية متخلِّفة؛ كالجنس والقوم، والأرض والوطن، والعشيرة والقبيلة، واللغة واللون، وما إلى ذلك، فالأمة المسلمة أمةٌ واحدةٌ، جنسيتُها عقيدتُها فقط، وهُوِيَّتُها إيمانُها فقط.
وأعداؤها اليوم يحاولون تقسيمها إلى أقسام وفصائل، وشعوب وأعراق، وأجناس وألوان، وطبقات متعادية متناحرة يضطرم فيها الصراع المدمِّر، والحقد المجنون، فيعدو بعضُها على بعض، وتقتتل بشراسة ووحشية، فتتآكل من الداخل بسبب ذلك، وينخُر فيها السُّوس، ويفتك بها الخراب الذاتي، فإذا بها آخر المطاف صدئة مهترئة كورقة صفراء في مهبِّ الريح، ذلكم بعض ما يهدف إليه أعداء الإسلام من محاولة تقسيم الأمة المسلمة، فاحذروا- يا إخوةَ الإسلام- سماعَ أقوالهم، فإنها السمُّ الزُّعاف، وإن الانقياد لها إضاعةٌ للدين والدنيا على السواء، وعودة إلى الجاهلية من جديد.
يا أيها الحجيج، يا إخوة الإسلام، إن دينكم عدوٌّ للعصبيات والقوميات، وأمتكم لا تتحدد بالأرض والجنس، واللون واللغة، والصُّقْع والإقليم، والسَّحْنة والشكل، والزي والعادات، إنما يحددها فقط أنها مؤمنة مسلمة، رضيَتْ بالله تعالى ربًّا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا، وبالإسلام دينًا، فالشهادة وهي الركن الأول من هذا الدين، وهي مدخله وخلاصته تُقرِّر هذه الحقيقة، والصلاة تقررها كذلك، وقُلْ مثلَ ذلك عن الزكاة والصيام، أما الركن الخامس وهو الحج فلعله أكثرُها وضوحًا في تقرير هذه الحقيقة الكبرى، ونظرة واحدة فقط إلى الحجَّاج يطوفون حول البيت العتيق، ويسعون بين الصفا والمروة، ويقفون على صعيد عرفات، ويرجمون الشيطان في مِنى، كافية لظهور هذه الحقيقة بشكلٍ جليٍّ سافر ليس فيه أي غبش أو قَتام.
إنها صورة الأمة الواحدة التي ليس لها حدود؛ لأنها أكبرُ من كل حدود، والتي لا تنتمي لقوم؛ لأنها فوق الأقوام، والتي لا يحتويها زمان؛ لأنها باقية خالدة، إنها الأمة الواحدة التي التزمت رسالة آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وانخلعت عن كل ما يناقض هذا الالتزام، إنها الأمة القيِّمة الراشدة، المباركة الطهور، أمة القرآن الخالد المحفوظ.
يا أيها الحجيج، يا إخوة الإسلام، يا من أعلنتم بإباءٍ واعتزازٍ وشموخٍ إيمانكم، واستمسكتم بدينكم، واستضأتم بقرآنكم، وقررتم أن تنهضوا بعبء الدعوة إلى الله عز وجل، في هذا العصر الذي فَشَتْ فيه الجاهلياتُ بأشكال جديدة، وصور شتى، ومضيتم في دَرْبِكم المبارك الهادي بثقةٍ وثباتٍ، وفضلتم الصعب على السهل، واخترتم التعب والنَّصَب، والسهر والبذل والعطاء، مؤثرين بذلك كله الباقية على الفانية طالبين رضوان الله تعالى ومثوبته وجنَّته! إن عصرًا من عصور التاريخ لم يكن بحاجة إلى دُعاة الحق كحاجة عصرنا اليوم، فهيَّا- يا إخوةَ الإسلام- إلى إسعاده بالإسلام، وهدايته بالقرآن، وإنقاذه بالإيمان.
ها هو العصر الحديث يُقدِّم صناعات رائعة، ومبتكرات عجيبة، ومنجزات تبعث على الدهشة والإعجاب حقًّا.
ها هو يرتاد النجوم والقمر، ويجوب الأرض، ويصعد الجبال، ويغوص في البحار والمحيطات، ويحوِّل الصحراء إلى أرض خضراء.
ها هو يبني ناطحات السحاب، ويستخرج كنوز الأرض، ويصنع الآلات العجيبة الدقيقة، لكنه- وقد خلا وجدانه من الهدى، وتَصَوَّح بستانُه من الإيمان، وأجدبت نفسُه من الفضائل، وأقفرت روحُه من النور الذي يسعدها- طفق يستعمل ما أنجز في الأذى والفساد والدمار، ومضى يوظِّف ما ابتكر للشرِّ لا للخير، والتقاتُل لا للتعاون، والكذب لا للصدق، فإذا بالذي أبدعه عقلُه وكَدْحُه وكدُّه ينقلب عبئًا عليه، ويصبح وبالًا على منكبيه يزيد من متاعبه وهمومه.
إنكم بوسعكم وحدكم - يا إخوةَ الإسلام - أن تُصحِّحُوا مسيرته، وتقوِّموا طريقته، وتُجنِّبوه العثار، وتقدموا المعادلة التي يستطيع أن يحيا بها في سعادة، ويوظِّف بها المنجزات للخير والفضيلة، جامعًا بين العلم والإيمان في مسيرة هادية مباركة، والنفع الديني والدنيوي، فهل أنتم فاعلون؟!
|
|
|
|
•• Hdih hgp[d[ (7) LL lahv;jd td tuhgdm vpgm hglajhr gglkr,g LL gglkr,g Hdih lahv;jd hglajhr hg[]d] vpgm td |