30-06-2022, 09:52 PM
|
|
•• رميُ الجمرات أصلُ مشروعيته، وفضائلُه // مشاركتي في فعالية رحلة المشتاق للمنقول ••
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده.
الجمرات: جمع جمرة، وهي: اسم لمُجْتَمَع الحَصى التي يُرمى بها، وسُمِّيت بذلك: لاجتماع الناس بها[1].
وقيل: الجمرات هي الأحجار الصِّغار، سميت بذلك: للحَصى التي يُرمَى بها، يقال: جمر الرجل يجمر تجميراً إذا رمى جمار مكة[2].
وتقع الجَمَراتُ الثلاثُ في الجهة الغربية من مِنى، فالصغرى: هي التي تلي مسجد الخَيْف، والكبرى: هي التي على حدود منًى من جهة مكة، والمسافة بين الكبرى والوسطى: (240 م)، وبين الوسطى والصغرى: (148 م)[3].
أصل مشروعيتها:
أصل مشروعية رمي الجَمَرات يعود إلى أبينا إبراهيم الخليل - عليه السلام: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - رَفَعَهُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَمَّا أَتَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ[4]، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ عَرْضَ لَهُ فِي الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَرْضِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما: الشَّيْطَانَ تَرْجُمُونَ، وَمِلةَ أَبِيكُمْ تَتَّبِعُونَ)[5].
وأصبحت من شعائر الحج الظاهرة، والله تعالى أمر بتعظيم شعائره، فالحاج يرمي جمرة العقبة يوم العيد ضحى، ثم يرمي الجمرات الثَّلاث كلَّ يومٍ من أيام التشريق بعد الزوال، بدءاً من الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى.
الحكمة من رمي الجِمَار:
الحكمة من رمي الجَمَرات هي الخضوع والانقياد لله تعالى، والتَّعبد له وحده لا شريك له؛ حيث اقتضت الحكمة الإلهية أنْ يتعبَّدَ اللهُ تعالى عبادَه بأنواعٍ شتَّى من العبادات؛ ليميزَ الخبيث من الطَّيِّب، وليكونَ مُطْلَقُ الأمر والنهي من الله تعالى هو الدَّافع الحقيقي وراء امتثال المؤمن الصادق لأوامر الله تعالى، وفيه اقتداءٌ بأبي الأنبياء إبراهيمَ - عليه السلام؛ كما تقدَّم من قول ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما: (الشَّيْطَانَ تَرْجُمُونَ، وَمِّلةَ أَبِيكُمْ تَتَّبِعُونَ)، وفيه رمزٌ إلى إخلاص العبودية لله وحده، ورمزٌ آخر وهو احتقار كلِّ معبودٍ من دونه سبحانه وتعالى؛ من شيطانٍ رجيم، أو وثنٍ، أو حجرٍ، أو غيرهم، بأن يحتقره الموحِّدون ويرموه بالحِجارة، ففي هذه الأماكن التي اتَّخذ فيها الكفار الأصنامَ آلهةً لهم من دونه سبحانه وتعالى، في تلك الأماكن نفسِها تُهان الأحجار التي هي مادة تلك الأوثان، ويُهان كلُّ طاغوتٍ، أو جبارٍ، أو معبودٍ من دون الله تعالى، ويُهان الشيطانُ الذي أضَلَّ الناسَ عن عبادة الله سبحانه، وأغْواهم إلى عبادة غيره عز وجل؛ لذا كان الشيطانُ أشدَّ أيامه حسرةً وندامةً وخَنْساً عندما يُرمى بهذه الجمرات.
فضائل رمي الجِمَار:
من فضائل رمي الجِمار ما يلي:
أ- ما جاء عن ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ؛ لا يَدْرِي أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[6].
وفي الحديث لطيفةٌ بالغة؛ وهي: لمَّا كان المؤمن الصَّادق مع الله تعالى قد امتثل الأمرَ الإلهي برمي الجمار وهو لا يدري الحكمةَ من ورائها، وكذا لا يدري ما الذي يرجمه، حيث كل هذه الحِكَم وإنْ كانت معقولة، فإنه لا يقطع بكونها هي فقط المقصودة، فربما هناك حِكَمٌ أُخرى غير معلومة لَدَينا؛ لذا أخفى الله تعالى جزاءَ ذلك العمل، ولا شك أنه جزاء عظيم حثًّا للمؤمنين ودفْعاً لهم إلى الطاعة والامتثال.
وفي لفظٍ: (وَأَمَّا رَمْيُكَ الجِمَار؛ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاٍة رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ المُوبِقَاتِ) [7]. والتَّصريح في هذه الرِّواية بالجزاء، لا يعني: انتهاء الجزاء عند هذا الحد، فقد يعني: الإشارةَ إلى أحد أنواع الجزاء المُترتِّب على رمي الجمرات، وأنَّ ما أُخفي أعظم من ذلك.
ب- ما جاء عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (وَأَمَّا رَمْيُكَ الجِمَارَ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17][8].
ج- عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا رَمَيْتَ الجِمَارَ كَانَ لَكَ نُوراً يَوْمَ القِيَامَةِ)[9].
وقد يقول قائل:
ما هذا الجزاءُ العظيم على عملٍ قد يَنظر البعضُ إليه على أنه يسير؟
ويُردُّ عليه: بأنه لا ينظر إلى عِظَمِ الجزاء فقط، وإنما ينظر أيضاً إلى عَظَمَةِ مَنْ رتَّب الجزاءَ على العمل، كما أنَّ هذا العملَ وإنْ كان يسيراً في ظاهره، فهو عظيمٌ في معانيه ودلائله، ففيه الامتثال والطَّاعة والانقياد لله تعالى، وفيه تعظيمُ الأمرِ الصادرِ من الله تعالى، وتعظيمُ الشَّعائر الإلهية، وفيه التَّوحيدُ الخالص لله تعالى، وهذه المعاني وغيرُها مِمَّا يضيق المقام عن ذِكرها ليست بالهَيِّنة أو اليَسِيرة، فهي التي من أجلها خَلَقَ الله الكون، وخَلَقَ الخلق، وأرسل الرُّسل، وأنزل الكتب، وجعل الجنَّة والنَّار، فهي إذاً غاية الخَلْقِ ومُنتهاه، إنها العبادة التي قال تعالى فيها: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. إنها سِرُّ الوجودِ وجوهرُه.
|
|
|
|
•• vldE hg[lvhj HwgE lav,udjiK ,tqhzgEi LL lahv;jd td tuhgdm vpgm hglajhr gglkr,g gglkr,g gSlS lahv;jd lav,udjiK hglajhr hg[lvhj vldE vpgm td tuhgdm |