1) يوم التروية.
2) يوم عرفة. 3) يوم النحر. 4) أيام التشريق: يوم القر - يوم النفر الأول - يوم النفر الثاني. أولًا: يوم التروية:
وهو اليوم الثَّامن من شهر ذي الحجَّةِ، يتوجه فيه الحجاج إلى منى ضحًى، فيصلون الظهر والعصر، والمغرب والعشاء قصرًا في الصلاة الرباعية وبلا جمعٍ؛ اتِّباعًا لهديه صلى الله عليه وسلم في ذلك.
ويمكث الحجاج بمنى حتى تطلع شمس اليوم التاسع (وهو يوم عرفة).
والمبيت بمنى سُنَّةٌ فهو من مستحبات الحج، فمن تركه وذهب في اليوم التاسع مباشرة لعرفةَ فلا شيء عليه، وحجُّه صحيح.
وقد يفعل ذلك بعض الحجاج خاصة الرحلات التي تحوي كبار السن مراعاة لشدة الزحام وخوفًا من تفويت الوقوف بعرفة لأهميته، ولكونه ركنًا من أركان الحج، والله أعلم.
ثانيًا: يوم عرفة:
وهو اليوم التاسع من ذي الحجة وهو ركن الحج الأعظم، وهو من أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، فهو أحد أيام العشر من ذي الحجة، يقف فيه الحُجَّاج على جبل عرفة، والوقوف بعرفة أهم أركان الحج. ويتحقق الوقوف بعرفة بوجود الحاج في أي جزءٍ من أجزاء عرفة، سواء كان واقفًا أو راكبًا أو مضطجعًا.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مبيِّنًا أهمية هذا الوقوف في هذه الفريضة: «الحجُّ عَرَفةُ، فمَن جاءَ قبل صلاةِ الفجرِ مِنْ ليلةِ جَمْعٍ فقد تمَّ حَجُّه».
كما وردت بعض الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل هذا اليوم منها:
ما رواه أبو هريرة عن النبي محمَّدٍ أنَّه قال: «إنَّ الله يباهِي بأهلِ عرفات أهلَ السَّماءِ، فيقولُ لهم: انظروا إلى عبادِي جاؤوني شُعثًا غُبرًا».
وما روتْه عائشةُ عن النبي محمَّدٍ أنَّه قال: «ما من يومٍ أكثرُ مِنْ أن يعتق الله فيه عبيدًا من النَّار من يومِ عرفةَ، وإنَّه ليدنو - يَتجَلَّى - ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟ اشهدُوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم».
ثالثًا: يوم النحر يوم الحج الأكبر يوم عيد الأضحى: فائدةٌ عن فضيلة هذا اليوم (يوم النحر) كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، مشيرًا إلى حُرمته، ومشدِّدًا على حرمة الدماءِ والأعراض والأموال، وجعل حرمتَها كحرمة اليوم (يوم النحر) في حرمة شهر ذي الحجة في حرمة بلد الله الحرام.
سُئِل شيخ الإسلام: أيما أفضل: يومُ عرفة، أو الجمعة، أو الفطر، أو النَّحر؟
فأجاب: بأن أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة باتفاق العلماء، وأفضل أيام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم: يوم عرفة، قال: والأول هو الصحيح؛ لأن في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضلُ الأيام عند اللّه يوم النحر ثم يوم القَرِّ»؛ لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد، كما ثبت في "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « يومُ النَّحرِ هو يومُ الحجِّ الأكبرِ». وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره، كالوقوف بمزدلفة، ورمى جمرة العقبة وحدها، والنحر، والحلق، وطواف الإفاضة، فإنَّ فعلَ هذه فيه أفضلُ بالسُّنَّةِ، واتفاقِ العلماءِ، والله أعلم.
رابعًا: أيام التشريق فضلها ومكانتها في الإسلام: سبق الكلام في مناسبات الأيام العظمى التي نعيشها، فتكلمت في منشورات عدة عن يوم التروية، ثم عن يوم عرفة، ثم عن يوم النحر، ثم عن يوم القر، وهو أول أيام التشريق الثلاثة، وأوضحت سبب التسمية بذلك. وإذا كان الكلام في جو أيام التشريق، فيلزمنا أن نجمل الحديث عنها موج هذا الاسم، كما يلزمنا أن نفصل الحديث عنها لخصوص كل يوم منها اسم خاص، وإنما سُميت هذه الأيام الثلاثة برُمَّتها بأيام التشريق التي تبدأ باليوم التالي ليوم النحر مباشرة (يوم القر)، ثم يومان بعده؛ لأنهم كانوا يشرقون فيه لحوم الأضحيات والتشريق تقديد اللحم، وقيل: لأنهم كانوا لا يذبحون الأضحيات حتى تشرق الشمس، وقيل غير ذلك. وهذه الأيام لها فضل ومكانة في الاسلام، ربما يغفل الناس عن فضلها، خاصة أنهم عاشوا أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، وهي الأيام العشر الأول من ذي الحجة. فماذا عن هذه الايام الثلاثة (أيام التشريق)؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله»؛ أخرجه مسلم. وفي رواية الإمام أحمد (من كان صائمًا فليفطر، فإنها أيام أكل وشرب)؛ صحيح مسلم. وهذه الأيام هي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، وجاء في حديث عبدالله بن قرط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر)؛ أخرجه الإمام أحمد.
ولكل يوم من هذه الأيام الثلاثة عمل من أعمال الحج سُمي به تسمية خاصة، وإليك بيانها: اليوم الأول: يوم القر: فائدة عن فضيلة اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، ويسمى بيوم القر، وهو اليوم التالي ليوم النحر (عيد الأضحى) مباشرة، وسبب تسميته بيوم القر: أن الحجاج يقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر.
وهو أول أيام التشريق الثلاثة، وقد ذكرت أيام التشريق في القرآن في قول الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203]. وهو يوم تحلل وليس يوم إحرام، فقد تحلَّل الحجاج بدء من يوم النحر، ومن أعماله للحجاج رمي الجمرات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى بسبع حصيات في كل مرة بمجموع ٢١ حصاة يكبر مع كل حصاة، ويقف للدعاء بعدها، عدا جمرة العقبة الكبرى فينصرف بعدها، نسأل المولى عز وجل أن يكتب لنا ولكم عودة لتلك الأماكن المشرفة، فقد اشتاقت القلوب لتكرار الزيارة حجًّا وعمرة وإقامة، اللهم آمين.
اليوم الثاني: يوم النفر الأول:
يُسمَّى اليوم الثاني من أيَّام التشريق بيوم النَّفر الأوَّل، وسبب التسمية بذلك: أن النفر ضد القر، ولَمَّا كان اليوم الأول يوم استقرار يجب المقام فيه بمنى، سُمي اليوم الذي أذن فيه بالرحيل والانصراف بيوم النفر الأول، وذلك أنَّه يجوز فيه للحاجِّ الذي أنهى رَمْي الجِمار، وأحب تعجيل الانصراف من مِنى أن ينفر؛ أي: يرحل إلى مكَّة، وذلك باتِّفاق العلماء؛ إذ إن رَمْي اليوم الثالث من أيَّام التشريق يسقط بالنَّفر الأوَّل؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [البقرة: 203].
وهناك خلاف فقهي في وقت انتهاء النفر الأوَّل:
فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ النفر يجب أن يكون قبل غروب الشمس، وقال الحنفية باستمرار النفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث من أيَّام التشريق.
وينبني على الخلاف أن من غرَبت عليه شمس يوم النفر الأول، لزمه المبيت لليوم الثاني ورمي الجمرات فيه هذا على المذهب الأول، ولا يلزمه ذلك على المذهب الثاني لاستمرار النفر إلى قبيل طلوع الفجر.
وقد وردت تسمية اليوم بذلك في كتب السنة المطهرة على ألسنة الصحابة والرواة من التابعين، وكذا عند المصنفين والفقهاء، ففي حديث عاصم بن عدي قال: رَخَّصَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِرِعاءِ الإبل في البَيتوتَةِ، أنْ يَرْمُوا يومَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجمعُوا رَمْيَ يَومَيْنِ بعدَ يَومِ النَّحْرِ، فيَرْمُونَهُ في أحَدِهِما، قال مالِكٌ: ظَنَنْتُ أنَّهُ قال: في الأَوَّلِ مِنْهُما، ثُمَّ يَرمُونَ يومَ النَّفْرِ[1]. ومن وروده في الشعر قول الشريف الرضي:
فلم أرَ يوم النفر أكثر ضاحكًا *** ولم أرَ يوم النَّفر أكثر باكيَا
اليوم الثالث: يوم النفر الثاني:
يُسمَّى اليوم الثالث من أيَّام التشريق بيوم النَّفر الثاني، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهو يوم يرمي فيه من تأخروا إليه الجمرات الثلاث كما رموها قبل الصغرى والوسطى والكبرى على الترتيب كل مرة بسبع حصيات،فإذا أنهى الحاجَّ رَمي الجِمار في هذا اليوم، فعليه أن ينفرَ إلى مكَّة، ليمكث بها ما شاء الله، ليختم أعماله بطواف الوداع مودعًا البيت العتيق راجيًا من الله تعالى ألا يَحرمه شرفَ العودة والزيارة مرة بعد المرة.