15-06-2022, 07:10 PM
|
|
SMS ~
[
+
] | | | | |
صفة الحج ودخول مكة . صفة الحج ودخول مكة
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج، فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، فقال: اغتسلي واستثفري بثوب، وأحرمي. وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به على البيداء أهلَّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. حتى إذا أتينا البيت استلم الركن، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا ثم أتى مقام إبراهيم فصلى، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158] أبدأ بما بدأ الله به. فرقى الصفا حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثم دعاء بين ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعد مشى إلى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا. فذكر الحديث وفيه: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة، فوجد قبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم قام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، ودفع، وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة، السكينة. كلما أتى حبلًا أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى، التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات -يكبر مع كل حصاة منها- مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر. رواه مسلم مطولًا. المفردات:
صفة الحج ودخول مكة: أي بيان مناسك الحج مرتبة وبيان كيفية وقوعها، وأوقاتها، وماذا يفعل عندما يصل إلى البيت.
حج: أي حجة الوداع.
ولدت أسماء بنت عميس: أي محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم.
واغتسلي: أي غسل نظافة لا غسل طهارة كما تقدم.
واستثفري بثوب: الاستثفار هو أن تشد المرأة على وسطها شيئًا ثم تأخذ خرقة عريضة تجعل في محل الدم وتشد طرفيها من ورائها ومن قدامها إلى ذلك الذي شدته في وسطها. والمقصود منه التحفظ من انتشار الدم.
في المسجد: أي مسجد الشجرة بذي الحليفة.
القصواء: بفتح القاف وسكون الصاد هي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، لقبت بذلك.
البيداء: هي المفازة التي تقع بعد ذي الحليفة من الجنوب كما تقدم.
أهلَّ: أي لبى.
استلم الركن: أي مسح الحجر الأسود بيده المباركة صلى الله عليه وسلم.
رمل ثلاثًا: أي أسرع في المشي مع تقارب الخطى. وهز منكبيه صلى الله عليه وسلم في الأشواط الثلاثة الأول.
ومشى أربعًا: أي بدون إسراع، في الأشواط الأربعة الباقية.
مقام إبراهيم: أي الحجر الذي كان يقوم عليه إبراهيم الخليل عليه السلام وهو يبني البيت وقد أثرت قدماه فيه فلا تزال باقية آية من آيات الله تعالى على حد قوله تعالى ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [آل عمران: 97] وفيه يقول أبو طالب في لاميته: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة ♦♦♦ على قدميه حافيًا غير ناعل فصلى: أي ركعتين وهي سنة الطواف.
ثم رجع إلى الركن: أي بعد صلاة ركعتي الطواف عاد إلى الحجر الأسود فمسحه بيده صلى الله عليه وسلم.
من الباب: أي باب بني مخزوم الذي صار يسمى باب الصفا.
دنا من الصفا: أي اقترب منها. والمراد بالصفا الجبل المعروف بجوار البيت، والصفا جمع صفاة وهي الحجر الأملس.
بما بدأ الله به: حيث قال ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158] فبدأ الله بذكر الصفا قبل ذكر المروة والمروة هو الجبل المعروف بجوار البيت.
فرقى الصفا: أي صعد على الصفا حتى رأى البيت.
فوحد الله: أي قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وكبره: أي عظمه.
أنجز وعده: أي حقق وعده لرسوله صلى الله عليه وسلم بنصره وتأييده ودخوله البيت آمنًا.
ونصر عبده: أي رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وهزم الأحزاب: أي خذل الجماعات التي تحزبت ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودمرهم.
دعا بين ذلك ثلاث مرات: أي كرر هذا الذكر ثلاث مرات.
ثم نزل إلى المروة: أي انحدر من جبل الصفا متجهًا إلى جهة المروة.
انصبت قدماه في بطن الوادي: أي انحدرتا في بطن الوادي وهو المنخفض بين الصفا والمروة.
سعى: أي رمل وهرول، وقد وضع على أول مكان الهرولة ومنتهاه أعمدة خضر تحدد مكان بطن الوادي، لتحديد محل الهرولة.
حتى إذا صعد: أي حتى إذا خرج من بطن الوادي وبدأ يرتفع إلى المروة.
مشى: أي بدون هرولة.
ففعل على المروة كما فعل على الصفا: أي من استقباله القبلة وذكره الله عز وجل بما ذكره به على الصفا وتكرير ذلك ثلاث مرات.
فذكر الحديث: أي فأتم الحديث.
وفيه: أي وفي بقية الحديث الذي ذكره.
يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة. وسمي بذلك لما كانوا يتروون فيه، إذ لم يكن بعرفة ماء.
فأجاز حتى أتى عرفة: أي فسار من منى متجاوزًا المزدلفة فلم يقف بها حتى وصل إلى عرفة أي بالقرب منها.
قبة: أي خيمة.
ضربت له: أي نصبت له صلى الله عليه وسلم.
بنمرة: هو موضع بجنب عرفات وليس من عرفات.
زاغت الشمس: أي زالت الشمس عن كبد السماء ودخل وقت صلاة الظهر.
فرحلت له: أي جعل عليها رحلها ليخطب عليها صلى الله عليه وسلم.
فأتى بطن الوادي: أي منخفض نمرة، وهو محل مسجد نمرة وبعض هذا المسجد بنمرة وبعضه بعرفة.
ثم أذن: أي أمر المؤذن فأذن لصلاتي الظهر والعصر.
ثم أقام: أي أمر المؤذن فأقام لصلاة الظهر.
ثم أقام: أي أمر المؤذن فأقام لصلاة العصر جمعًا لها في وقت الظهر.
ولم يصل بينهما شيئًا: أي ولم يتنفل بين صلاتي الظهر والعصر.
حتى أتى الموقف: أي عرفات أو المراد الموقف الذي عرف بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات.
إلى الصخرات: هي صخرات سود مفترشات في أسفل الجبل المعروف بجبل الرحمة من عرفات.
حبل المشاة بين يديه: أي مجتمع المشاة أو طريق الرجالة ويطلق الحبل كذلك على الجبل الصغير.
حتى غاب القرص: أي اختفى قرص الشمس. وهذا تأكيد لقوله: حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا.
ودفع: أي أفاض من عرفات ورحل منها.
وقد شنق للقصواء الزمام: أي لم يرخ لناقته العنان، بل كان يشد زمامها ويضيق عليها حتى لا تنطلق بسرعة.
مورك رحله: المورك والموركة هي المرفقة التي تكون عند قادمة الرحل ليضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله في الركاب. وإنما كان رأسها يصيب مورك رحله بسبب أنه صلى الله عليه وسلم كان يبالغ في جذب رأسها إليه ليكفها عن سرعة السير وقد كانت ناقته نشيطة.
ويقول بيده: أي ويشير بيده.
السكينة السكينة: أي الزموا الرفق والطمأنينة والوقار في سيركم وعدم المزاحمة.
كلما أتى حبلًا أرخى لها: أي كلما واجهه في طريقه جبل صغير أو مرتفع من الرمال أطلق لناقته العنان ليسهل عليها صعوده وتجاوزه.
المزدلفة: ويقال لها جمع، أما تسميتها بالمزدلفة فلأن الناس يزدلفون إلى الله أي يتقربون إليه بالوقوف فيها وسميت جمعًا لأن الناس يجتمعون بها. وفيها المشعر الحرام وقيل سميت المزدلفة لازدلاف آدم إلى حواء بها. كما قيل إنها سميت بجمع لأن آدم اجتمع مع حواء بها.
وإقامتين: أي إقامة للمغرب وإقامة للعشاء.
ولم يسبح بينهما شيئًا: أي ولم يصل بينهما شيئًا من النوافل.
حين تبين له الصبح: في نسخ بلوغ المرام: حتى تبين له الصبح، والذي في صحيح مسلم: حين تبين له الصبح. أي حين اتضح له الفجر وبزغ، والمراد أنه بادر بصلاة الصبح في أول وقتها.
حتى أتى المشعر الحرام: أصل المشعر المعلم، وسمي هذا المكان الذي وقف عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم المشعر لأن الله تعالى جعله معلمًا من معالم العبادة، ووصفه بالحرام لأنه من الحرم أو لحرمته. وهو جبيل بالمزدلفة كان يقال له في الجاهلية قزح وكان يسمى الميقدة لأن الناس كانوا يوقدون عنده.
حتى أسفر جدًا: أي إسفارًا بليغًا وظهر نور النهار ظهورًا قويًا واقترب طلوع الشمس.
حتى أتى بطن محسر: هو واد بين المزدلفة ومنى، سمي بذلك لأن الفيل حسر فيه أي كل وأعيا. ومحسر من منى.
فحرك قليلا: أي أسرع السير قليلًا أي بمقدار رمية حجر.
الجمرة الكبرى: هي جمرة العقبة. سميت الجمرة لاجتمار الناس أي اجتماعهم عندها يقال: أجمر بنو فلان إذا اجتمعوا.
الجمرة التي عند الشجرة: هي جمرة العقبة، وهي حد منى من جهة مكة.
حصى الخذف: أي حصى صغار بحيث يمكن أن يرمى بإصبعين، والخذف في الأصل مصدر سمي به يقال: خذفت الحصاة ونحوها خذفا من باب ضرب أي رميتها بطرفي الإبهام والسبابة، وقدر حصى الجمار مثل حبة الباقلاء تقريبًا.
من بطن الوادي: هذا هو المسنون في رمي جمرة العقبة وإذا كان الرامي في بطن الوادي كانت مكة عن يساره ومنى عن يمينه.
فأفاض إلى البيت: أي سار من منى إلى مكة فطاف طواف الإفاضة بالبيت العتيق. وهذا الطواف ركن من أركان الحج. البحث:
قال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعًا عن حاتم قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إليّ، فقلت: أنا محمد بن علي ابن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال: مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت فسألته - وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفًا بها، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا – فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده فعقد تسعًا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وأهلّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125] فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في الركعتين: قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158] أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله، وكبره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلناها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله: ألعامنا هذا؟ أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج، مرتين، لا بل لأبد أبد. وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل، ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: صدقت، صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، قال: فإن معي الهدي فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن، والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا نضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة، كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلًا حسن الشعر، أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف. رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم. فناولوه دلوًا فشرب منه. ولا شك أن هذا الحديث أصل عظيم من الأصول التي وصفت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان قد ترك أشياء كصفة حلق رأسه صلى الله عليه وسلم بعد النحر، وعودته إلى منى، وبقية أعمال أيام التشريق. قال النووي: هو حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد. وقال القاضي عياض: قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا أخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعًا. قال: ولو تقصى لزيد على هذا العدد. اهـ، هذا وقد جاء في هذا الحديث: فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر. وقد روى مسلم من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. فحمل بعض أهل العلم حديث ابن عمر على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعاد صلاة الظهر بمنى بعد أن صلاها بالمسجد الحرام. وفي هذا التأويل عدم رد أحد الحديثين وهما في صحيح مسلم. وعلى كل حال فحديث جابر أشبه لفضل الصلاة في المسجد الحرام. ما يفيده الحديث:
1- استحباب الاغتسال للإحرام حتى للحائض والنفساء.
2- استحباب الإحرام بعد صلاة.
3- وجوب الإحرام من الميقات.
4- استحباب التلبية كلما ركب المحرم أو نزل أو علا جبلًا أو هبط واديًا.
5- استحباب استلام الحجر الأسود عند بدء الطواف.
6- استحباب الهرولة في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم أو العمرة .
7- استحباب المشي بدون هرولة في الأشواط الأربعة الأخرى من هذا الطواف.
8- استحباب صلاة ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم .
9- استحباب الرجوع إلى الحجر الأسود واستلامه بعد صلاة ركعتي الطواف.
10- استحباب الخروج إلى الصفا من باب بني مخزوم الذي صار يسمى باب الصفا.
11- استحباب الصعود على الصفا واستقبال القبلة ورؤية البيت وتكرير الدعاء بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات.
12- وجوب البدء بالصفا في السعي بين الصفا والمروة.
13- استحباب الهرولة بين الميلين الأخضرين (في بطن الوادي).
14- استحباب الصعود على المروة إذا انتهى إليها، واستقبال القبلة ورؤية البيت وتكرير الدعاء بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات.
15- استحباب التوجه إلى منى في يوم التروية للمفردين والقارنين والمتمتعين.
16- مشروعية الركوب في التنقل للمشاعر.
17- استحباب صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر بمنى.
18- استحباب التوجه من منى إلى عرفات بعد طلوع الشمس يوم عرفة.
19- مشروعية ضرب الخيام في المشاعر.
20- استحباب النزول بنمرة إلى وقت الزوال.
21- خطبة الإمام بعد زوال الشمس وصلاة الظهر والعصر قصرًا وجمعًا في وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين.
22- عدم مشروعية التنفل بين صلاتي الظهر والعصر في يوم عرفة.
23- استحباب الوقوف عند الصخرات التي بأسفل جبل الرحمة.
24- استحباب استقبال القبلة عند الوقوف بعرفة.
25- وجوب الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس ومغيب القرص.
26- استحباب الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس.
27- استحباب عدم السرعة في السير من عرفة إلى المزدلفة وأن يكون السير بسكينة ووقار.
28- استحباب الرفق بركوبة الإنسان ولاسيما في الإفاضة من عرفات.
29- كراهية صلاة المغرب والعشاء قبل الوصول إلى المزدلفة.
30- الجمع بين صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة وقت الوصول إليها بأذان واحد وإقامتين .
31- عدم مشروعية التنفل بين صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة.
32- استحباب الاضطجاع بعد صلاة العشاء بمزدلفة.
33- استحباب المبادرة بصلاة الفجر بمزدلفة في أول وقتها بأذان وإقامة.
34- استحباب الوقوف عند المشعر الحرام بعد صلاة الصبح إلى قرب طلوع الشمس.
35- استحباب استقبال القبلة والدعاء والتكبير والتهليل عند الوقوف بالمشعر الحرام.
36- استحباب الإفاضة من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس.
37- استحباب الإسراع في وادي محسر.
38- استحباب سلوك أيسر الطرق الموصلة إلى جمرة العقبة عند الوصول إلى منى.
39- وجوب رمي جمرة العقبة بسبع حصيات مثل حبة الباقلاء.
40- استحباب الرمي من بطن الوادي فتكون مكة عن يسار الرامي ومنى عن يمينه.
41- استحباب التكبير عند رمي الجمرة.
42- استحباب النحر لمن عليه النحر بعد رمي الجمرة يوم النحر.
43- لا يجوز نحر الهدي للمتمتعين والقارنين قبل يوم النحر.
44- استحباب الإفاضة إلى البيت العتيق يوم النحر.
45- وجوب طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج. |
| | | |
| |
wtm hgp[ ,]o,g l;m hgd] atj |