#1
| ||||||||||
| ||||||||||
قول آخر في الملائكة قول آخر في الملائكة الملائكة خلق من خلق الله - تعالى - وهم جزء من عالم الغيب الَّذي أمر الإنسان بالإيمان به كما تنصُّ الآيات الكريمات؛ حيث قال الله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]. وتمثل الملائكة في نظر المؤمنين جانب الخير والرشد في مقابل الشياطين الذين يمثلون جانب الغي والضلال، وقد استقرَّ في عقيدة المُسْلمين أنَّ الملائكة خلقٌ من نور اختارهم الله - عزَّ وجلَّ - ليكونوا رسُلَه إلى الناس، وفي كتُب التَّفسير أنَّ الملائكة أجسام لطيفة هوائيَّة، خُلقت من النور وتقدر أن تتشكَّل بأشْكال مختلِفة، ومسكنهم السَّماوات. وفي سنن الترمذي عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنِّي أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحقَّ لها أن تئطَّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلاَّ وملك واضع جبهته لله ساجد)). وقدِ اشتقَّت كلِمة ملَك من أصل غير الَّذي اشتقَّت منه كلمة مَلِك، مع أنَّ بعض الدَّارسين يرى أنَّ الكلمتين من أصل واحد، ويقولون في ذلك: إنَّ الملائكة سمُّوا بذلك لأنَّ الله خلقَهم ووكل كلَّ ملك فيهم بأمر من الأمور واستحفظه واسترْعاه، وجعل تدبيرَه إليه وملَّكه منه، فسمِّي ملكًا، وفتحت اللام منْه فرقًا بينه وبين الملِك البشَري، فقيل: للبشري ملِك، وللروحاني ملَك. والحق أنَّ الطريق التي سلكتْه كلُّ كلِمة في اشتِقاقها تَختلف عن الأخرى، فالملِك بكسر اللام من ملَكه يملِكه ملكًا، وقد فسَّره ابن سيده بأنَّه احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به. أمَّا الملَك بفتح اللام، فهو من ألك بين القوم إذا ترسَّل بأصل أألكته، فأخرت الهمزة بعد اللام، وخفِّفت بنقل حركتها على ما قبلها وحذفها، فإن أمرت بهذا الفعل المنقول بالهمزة قُلْت ألكني، ومنه قول عمرو بن شاس: أَلِكْنِي إِلَى قَوْمِي السَّلامَ رِسَالَةً بِآيَةِ مَا كَانُوا ضِعَافًا وَلا عُزْلا وقول عدي بن زيد: بَلِّغِ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلُكًا أَنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارْ وقال ابن الأنباري: ألكْني إليه: كن رسولي إليه. والملَك مشتقٌّ منه، وأصلُه مَلأك ثمَّ خفِّفت الهمزة بأن أُلْقِيت حركتُها على السَّاكن الصَّحيح قبْلها، فقيل ملك، وقال ابن برِّي: مَلأك مقلوب من مألك، ومألك وزنه مفعل في أصل من الألوك، وقال: حقُّه أن يذكر في فصل "ألك"، لا في فصل "ملك"، وجمع مألك ملائكة. ومنه قول أميَّة بن أبي الصَّلت: وَكَأَنَّ بِرْقِعَ وَالمَلائِكَ حَوْلَهَا سَدِرٌ تَوَاكَلَهُ القَوَائِمُ أَجْرَبُ وقال علقمة بن عبَدة يمدح الحارث بن أبي شمر الغسَّاني: وَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لِمَلْأَكٍ تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ وقد تابع المفسِّرون أقوال أصحاب المعاجم في هذا الاشتقاق، فقال صاحب الكشاف: الملائكة جمع ملْأك على الأصْل، كالشمائل جمع شمأل، وإلحاق التاء لتأنيث الجمع. وممَّا يؤكد اختلاف مصدر الاشتقاق في كلٍّ من الكلمتين ورود كثير من الشواهد الشعرية في العصر الجاهلي في كل منهما، وقد أوردت آنفًا بعض الشَّواهد على اشتقاق الكلمة من الألوك بمعنى الرسالة، وفيما يلي بعض الأمثلة الشِّعرية التي وردت فيها مادة "ملك" وما اشتقَّ منها، قول علباء بن أرقم: وَأَيُّ مَلِيكٍ مِنْ مَعَدٍّ عَلِمْتُمُ يُعَذِّبُ عَبْدًا ذِي جَلالٍ وَذِي كَرَمْ أَمِنْ أَجْلِ كَبْشٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَرْيَةٍ وَلا عِنْدَ أَذْوَادٍ رِتَاعٍ وَلا غَنَمْ وقول لبيد: فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا قَسَمَ الخَلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا وقول عمربن كلثوم: إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفًا أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينَا وقوله أيضًا: فَآبُوا بِالنِّسَاءِ وَبِالسَّبَايَا وَأُبْنَا بِالمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا ويتَّضح من ذلك أن لفظ الملائكة ليس مشتقًّا من الملك، وإنَّما هو من الألوك بمعنى الرسالة. وهذا الاشتقاق يلقِي ضوءًا على الدَّور الذي تقوم به الملائكة، فهُم رسل الله إلى الناس وبخاصَّة الأنبياء منهم، وأعتقد أنَّ الملائكة بهذا اللَّفظ هي في الأصل صفة لمهمَّة هذا الصنف من الخلق، ثمَّ غلبت عليه حتى صارت علمًا له. والله وحده يعلم كيفية خلْقهم، وإن كانت الأخبار المتواتِرة تقول أنَّهم خلق من نور، وحتَّى لو كان الأمر كذلك، فنحن لا ندْري شيئًا عن حقيقة هذا الخلق، وإنَّما الَّذي نعمله فقط أنَّ الملائكة صنف من الخلْق وكله الله - عزَّ وجلَّ - بِمهمَّات كبيرة وخطيرة، تتناسب مع مقدرتِهم وفطرتهم التي فطرهم الله عليها، ومن تلك المهام ما ذكر في القرآن الكريم وفي سنن التِّرمذي أيضًا، مثل نقْل الوحي ونصْرة جند الله المؤمنين المجاهدين في سبيله، ونفخ الصور عند السَّاعة وعند البعث، وقبض الأرْواح عند الموت، وتَحريك السَّحاب. وتقوم بحفظ البشَر بإذن الله - تعالى - قال تعالى: ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطلاق: 4]، وكان - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((ما من مسلم يأخذ مضْجعه ويقرأ سورة من كتاب الله إلاَّ وكَّل الله به ملَكًا، فلا يقربه شيءٌ يؤِذيه حتَّى يهبَّ متى هبَّ)). أمَّا مَن وردت أسماؤُهم من الملائكة مثل جبريل وإسرافيل وميكائيل، فإنَّها من غير شكٍّ أسماء غير عربيَّة في الأصل؛ ولكنَّها من الأسماء الأعجميَّة التي عرِّبت وخضعت لخصائص الاشتِقاق العربي، حسب الرَّأي الشائع الذي يجعل العربيَّ كلَّ ما دار على ألسنة العرب وحلَّ في تراثهم. وقد درس الدُّكتور عبدالصبور شاهين هذه الأعلام وغيرَها، وقال مثلاً: "وأوَّل الأمثلة التي نتناولها تلك الأعلام المنتهين بكلمة (إيل)؛ مثل جبرائيل وإسرائيل وميكائيل، ولا شكَّ أنَّها أعلام أجنبيَّة أخذتْها العربية عن اللغات السَّامية الأخرى وبخاصة العبريَّة، فنهاية هذه الأعلام (إيل) هي ما تستعمله العبريَّة والعربيَّة الجنوبيَّة القديمة، (إل) بمعنى لفظ الجلالة، وقد ركب معها في العبرية كلمات صدور ليصبح المركَّب علمًا على مسمَّيات مختلفة، فالعلم (جبريل) مركَّب من (جبر) رجل + كلمة (إل) = رجل الله، والعلم (ميكا إل) مركَّب من (مي) + كا = مثل أو شبيه + إل = من "هو" مثل الله، وهو سيد الملائكة لدى بني إسرائيل. وهذا التركيب واضح أيضًا في أعلام أخرى مستعملة في العربيَّة منها (عزرائيل وإسرافيل) وكذلك العلم إسماعيل الذي يتكوَّن في العبرية من الفعل (يشمع) + (ال) = أي: (يسمع الله). وقد ورد هذا العلَم في العربيَّة الجنوبيَّة بالنُّطق نفسه: يسمع إيل، وصورته العربية كما نعرف إسماعيل، وإنَّما نقول: إنَّ هذه الأعلام بعناصرها ومركَّباتها أجنبيَّة؛ لأنَّ ما تدل عليه من المعاني أساسًا غريب عن الذَّوق الإسلامي؛ فالعرب في الجاهلية والإسلام لا يعرفون تسمية رجل الله أو شبيه الله أو يسمع الله، وإنَّما نقلوا هذه الأعلام بصيغتها دون لمْح معانيها، والأسماء لا تعلَّل، والعرب من ناحية أُخْرى يسمُّون عبدالله ولا يسمُّون رجل الله، كما ينفِرون من تسمية شبيه الله. وإلى جانب ذلك نؤكِّد أنَّ هذه الأسماء أصبحت مصطلحات إسلاميَّة بعد أن أوْردها القرآن الكريم والسنَّة الشَّريفة، ولا يخفى على كل مسلم اليوم معنى جبرائيل وإسرافيل وميكائيل؛ لأنَّها صارت ضِمْن مكوّنات العقيدة الصَّحيحة لدى كل مسلم. المصدر: منتدى همسات الغلا r,g Nov td hglghz;m hglghz;m td |
14-05-2022, 08:54 PM | #2 |
| موضوع شيق وطرح رائع يعطيكـ العافية وجزاك الله خيرا |
|
15-05-2022, 07:20 PM | #3 |
| جزاكم الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتكم |
|
16-05-2022, 03:06 PM | #4 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
20-05-2022, 12:01 AM | #5 |
| أسال الله أن لايرد لك دعوة ولا يحرمك من فضلة وأن يحفظ أسرتك وأحبتك وان يفرج همك ويـيسر لكــ أمرك وان يغفر لنا ولكم ولوالدين وللمسلمين والمسلمات وأن يبلغنا أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنه . اللهم أمين |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
آخر , الملائكة , في , قول |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خلق الملائكة وصفاتهم | البرنس مديح ال قطب | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 17 | 08-08-2019 07:19 PM |
خلق الملائكة وصفاتهم | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 16-06-2018 12:25 AM |
غزوة بدر العظمى * يوم الفرقان يوم التقى الجمعان | سراج منير | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 8 | 18-07-2017 09:26 AM |
الملائكة والركن الثانى | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 30-01-2017 01:17 PM |
أصناف ملعونة عند الملائكة | صمت القمرر | ( همســـــات الإسلامي ) | 18 | 05-03-2015 02:50 PM |