الإهداءات | |
( همســـات التاريخ والتراث والأنساب) خاص بسيرة ومواقف حكام العرب والتراث وأنساب العرب |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
أخلاق العلماء.. أبو حنيفة نموذجا بالرغم من علو كعبه في الفقه، من بعد ما اختزن من الموروث ما اختزن في ذاكرته حفظًا ومدارسة، كأساس يتكئ عليه، حتى أصبح يُشار إليه بالبنان، وغدا مقصد طلبة العلم المستجدين والمتقدمين، وحلقته العلمية محط الأنظار لمن جعل من العلم هدفه الأسمى. مع كل ما سبق إلا أن كل مسألة كانت تُعرض عليه ما كان يُبدي فيها رأيًا حتى يفسح المجال أمام تلاميذه ليقتلوها بحثًا على مسمع منه، وذلك بتداولها من أوجهها المختلفة، حتى يقر قرارهم على رأي فيها، لم يلتفت إلى مكانته كونه صاحب الكلمة الطولى والأولى في الحلقة، ولم يُعر انتباهًا إلى أناه وسموها في العلم، إنما اتخذ من الحوار والبحث الجمعي منهجا في التدريس، وهدفا ساميًا في تشجيع تلامذته على إبداء الرأي بلا خوف أو وجل من الوقوع في الخطأ، وهكذا زرع الثقة في نفس طالب العلم، فكانت الأجيال التي تتلمذت على يديه تعتد بنفسها بمعنى الاعتداد الإيجابي المحمود. كان هذا أسلوبه مع تلاميذه، نتاجًا لمنهجه مع نفسه فقد اعتكف عليها حتى ضبط إيقاعها على إشاراته العقلية والأخلاقية المستقاة من الكتاب الكريم، ومنهج سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ما انعكس ذلك إيجابًا على تربية تلاميذه وأصحابه المُقربين، فكانت لا تعبث به الكلمات العابرة، ويضرب صفحًا عن النابي من الكلمات التي كان تطرق سمعه، فكان قدوة لتلاميذه ونِعم القدوة. شيخه ومعلمه استشعر منه النباهة فقدّمه وقرّبه، فكان شيخه واسع الصدر حليمًا مستوعبًا ومتفهمًا لأسئلة تلميذه، حيث كان أثناء دراسته لا يترك شاردة ولا واردة تعنّ بخاطره إلا طرحها على شيخه، قبل أن يُسلم بها وتستريح نفسه لها، وقام بدوره بالتقاط هذه الصفة النبيلة من شيخه واعتمدها مع تلاميذه، ومهدّ لهم العتبة الأولى الضرورية لتلقي العلم وهي عتبة الحرية، وما أثمنها وأجلّها من عتبة، أفضت بتلاميذه إلى أن يصبحوا منارات علم في أصقاع عديدة من الأرض. هذه البضاعة التي فقدناها –الحرية– أو بتعبير أكثر خصوصية الحرية العلمية، وبفقدانها عمت البلوى، وشاع التعليم السطحي، واختلط الحابل بالنابل، وعليه فإن حقوقًا ضاعت، وعقولا غُيبت، وأفكارا دُفنت ولم ترَ النور، ومواهب حوصرت، وما لهم من ذنب إلا أنهم آمنوا بالحرية المطلقة في تلقي العلوم وحقهم في مخالفة المشايخ أو السائد الذي تربى عليه المجتمع. هوجم وحُطّ من قدره لصفات كانت فيه لم تتأت لغيره من معاصريه، تتمتع باستقلاليته وذاد عنها بكل قوة، في حين رهن غيره الرأي إما للسلطان أو أصحاب النفوذ، أما هو فكانت حياته العلمية تدور تقريبًا حول قاعدة لخصها بنفسه قائلاً: ما جاء عن الله تعالى فعلى العين والرأس، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعًا وطاعة، وما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم تخيرنا من أقوالهم ولم نخرج عنهم، وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال. استقلالية رأي ميزته عن كثير من أترابه، هذه الاستقلالية استوجبت زهدًا وعزوفًا عن المناصب حتى دفع ثمن هذا المبدأ، وضربه المنصور على رفضه هذا، وهذه الاستقلالية مع رفض المناصب تبقى عرجاء شوهاء، فأزال ما بها من عوار بترفعه عن عطايا الدولة، حتى يبقى ممتلكًا لرأيه، نائيًا به عن أهم معضلتين: المناصب والعطايا، بل زاد على ذلك بأن ترفع عن طعام السلطة. لا بد للمرء من عدو يقدح، أو ودود يمدح، أما الأولى فقد أُترع منها حتى أدمت قلبه، ولكن يبقى في كل زمان زمرة ولو قليلة تتسم بالإنصاف وتجاهد من أجل حقوق الآخر، بعض المنصفين أوفوه حقه بقولهم: كان عميق الفكرة، بعيد الغور في المسائل، لا يستعذب ظاهر النص، سيّار وراء المرامي البعيدة والدلالات المستترة. ولعمري ما هذا بالغريب على من تكوّن تكوينًا فلسفيًا في مطلع حياته، واشتغاله بعلم الكلام، فاكتسب بذلك راجحة التفكير وبُعد النظر، ولم يقتصر على الحفظ. وأخيرًا فإن أخلاق الكبار من العلماء تتمركز في تواضعهم، وعدم التمحور حول ذواتهم، ولعل تواضعه الجم يكشف عنه هذا القول الذي قاله أبو حنيفة: «قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا»، رحم الله الإمام أبا حنيفة. المصدر: منتدى همسات الغلا Hoghr hguglhx>> Hf, pkdtm kl,`[h Hoghr hguglhx>> pkdtm |
24-04-2022, 08:54 PM | #3 |
| يعطيك العافية على طرحك الرائع جزاك الله خير الجزاء وشكرا لكـ |
|
06-05-2022, 10:12 PM | #4 |
| مَوْضُوٌعْ فِيٍ قَمّةْ الْرَوُعَهْ لَطَالمَا كَانَتْ مَواضِيعَكْ مُتمَيّزهَ لاَ عَدِمَنَا هَذَا الْتّمِيزْ وَ رَوْعَةْ الأخَتِيارْ دُمتْ لَنَا وَدَامَ تَأَلُقَكْ الْدّائِمْ |
|
24-05-2022, 11:13 PM | #5 |
| |
"سلاماً على من ألقت الدنيا في طريقهم شوكاً فعبروا من فوقه كاتمين الشعور، متيقنين أن نهاية هذا الطريق بُستاناً" |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أبو , أخلاق , العلماء.. , حنيفة , نموذجا |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شخصيات متجدد بإذن الله | ريحانة بغداد | ( همســـــات العام ) | 279 | 12-09-2023 04:24 AM |
مدونة بقرآني تشمل أسباب النزول والقراءات والاحكام القرآنية - متجدد ومفيد | مبارك آل ضرمان | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 152 | 26-03-2020 12:51 PM |
أسئلة وإجاباتها تتعلق بالحج لفضيلة الشيخ -محمد الشنقيطي { فعاليات الحج عرفة } | مبارك آل ضرمان | (همسات الحج والعمره) | 7 | 26-08-2018 06:25 AM |
رجال الاصلاح | نصر الدين ياسر | ( همســـات التاريخ والتراث والأنساب) | 8 | 30-03-2018 06:30 PM |
آفات العلم وبيان علامات علماء الآخرة والعلماء السوء | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 19 | 20-12-2015 03:35 AM |