السفر إلى مونتينيغرو _ فريق النمور

السفر إلى مونتينيغرو



الغسق في خليج بوكا، على ما يبدو من منتجع وان آند أونلي بورتونوفي.

قد يكون خليج كوتور مضيقًا بحريًا. فالمياه تنحصر في أخدود يتمدد بين جبال شديدة الانحدار، فيما تتناثر الجزر فوق صفحتها وتزين ضفافها قرى ساحرة من العصور الوسطى. يطلق السكان المحليون على هذا الخليج اسم بوكا.

يقول إدوارد غرانفيل، الذي يدير شركة ريد سافانا Red Savannah للسفر الفاخر، والذي يواظب على زيارة هذه البقعة منذ 20 سنة: "إنها غريبة وآسرة. فالجبال العملاقة تنتهي مباشرة إلى البحر الذي يزهو بلون أزرق عميق. إنها أشبه بجنة فردوسية في منطقة الألب".

لكن هذه الواحة الساحرة لا تقع في إسكندينافيا أو حتى في سويسرا، بل على ساحل البحر الأدرياتيكي، عنصر الجذب الرئيس في مونتينيغرو، هذه البلاد الصغيرة جدًا التي تجلّت في السنوات الأخيرة الوجهة الجديدة المنشودة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. حاولوا أن تنسوا أمر سان تروبيه وموناكو. فمونتينيغرو هي الوجهة التي ستقضي فيها اليخوت الفارهة الأعلى تميزًا شهر سبتمبر أيلول الحالي.

كان قطاع اليخوت هو القوة المحركة لمشروع إعادة ابتكار مونتينيغرو المكلف ماليًا، على ما تقول باولا سكالابرينو، وسيطة استئجار اليخوت المقيمة في مونتي كارلو. ثمة موانئ طبيعية رائعة وفيرة تتوزّع على امتداد 180 ميلاً أو أكثر عبر الخط الساحلي، والطريقة المثلى لرؤية هذه الموانئ تتمثل بالوجود في عرض البحر. فمعظم الطرقات مخصصة للسير في اتجاه واحد، والشواطئ من الحصى، ما يعني في العادة أن الرسو في البحر مريح أكثر من التهادي فوق اليابسة.

فضلاً عن ذلك، تسود في مونتينيغرو ظروف مناخية تجعل الإبحار هو الخيار المفضل: تشتد الرياح في آخر الفترة الصباحية، ما يجعل الرحلات القصيرة التي تنطلق ما بعد الظهيرة في فصل الخريف سهلة ولكن أكثر هدوءًا أيضًا مقارنة بما يكون عليه الحال عندما تهب رياح الصيف العاتية التي قد تعيق محاولة اليخوت التوجه إلى الجزر اليونانية.

لم يكن أحد ليلاحظ هذا الاختلاف لو لم تنشأ مشكلة النقص في مراسي اليخوت الفارهة في منطقة البحر الأبيض المتوسط مع انخفاض عدد الأماكن المتاحة إلى الحدود الدنيا ما بين عام 2004 وعام 2005. حثت هذه المشكلة الملياردير الراحل بيتر مانك على البحث عن بدائل، فاكتشف أحدها في مونتينيغرو في قاعدة عسكرية مجرية قديمة انطلق في مهمة تحويلها إلى ميناء فاخر.

ضغط مانك على بيرنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لمجموعة إل في إم إتش LVMH، والصناعي الروسي أوليغ ديريباسكا وآخرين لمساعدته على ابتكار ما يُعرف اليوم بميناء بورتو مونتينيغرو. شكل هذا المشروع نموذجًا إرشاديًا لإعادة إحياء مونتينيغرو تبنته لاحقًا مناطق أخرى مثل لوستيكا باي وبورتونوفي: ميناء متعدد الاستعمالات يعطي الأولوية للفخامة ويركّز بصورة ملحوظة على اليخوت. كان توقيت المشروع مثاليًا أيضًا لأنه شكل بديلاً ملائمًا على البحر الأدرياتيكي عندما عمدت إيطاليا مؤخرًا إلى فرض زيادة كبيرة على رسوم الرسو في موانئها.

تُعد بورتونوفي أفضل قاعدة لأصحاب اليخوت الذين يترجلون في مونتينيغرو. ففي هذه القرية افتتحت علامة وان آند أونلي أول فندق لها في أوروبا، مستحدثة فيه منتجعًا صحيًا من الطراز العالمي يُعد أول فرع خارج سويسرا لعيادة شينو المتخصصة في الرفاه الصحي. تبدأ أسعار الغرف من 990 دولارًا، لكن أفضل أماكن الإقامة فيلا أورين Villa Orjen الممتدة على مساحة 161,460 قدمًا مربعة والتي يكملها شاطئ خاص ومرسى مستقل.

أما إذا كنتم تؤثرون اختبار قدر ضئيل من أجواء سان تروبيه، فاختاروا ميناء بورتو مونتينيغرو حيث افتُتح على مقربة منه فندق نيكي بيتش Nikki Beach الصغير (تبدأ أسعار الغرف من 770 دولارًا تقريبًا). في المقابل، لا تتوقعوا حجز غرفة قريبًا في فندق Sveti Stefan الذي تديره مجموعة أمان. فالفندق مغلق حاليًا بسبب تورط المالك في خلاف مع السكان المحليين حول أحقية استخدام الشاطئ الخاص بالفندق، ولمّا يُعلن بعد عن موعد إعادة افتتاحه. لكن فنادق أخرى ستشرع أبوابها للزائرين هنا. أعلنت مجموعة الريتز – كارلتون عن مشروع ضخم في لوستيكا باي، فيما يُشاع أن علامة روزوود اختارت لفندقها موقعًا في بلدية بودفا التاريخية المنبسطة عند الساحل.

لكن ما يميّز البلاد لا يقتصر على خطها الساحلي الساحر على ما يؤكد غرانفيل من ريد سافانا، مقترحًا الانطلاق في مغامرة عبر اليابسة لمدة ثلاث ساعات لاستكشاف المناطق الداخلية الغنية بالأخاديد والمثالية لركوب الطوف في محيط نهر تارا أو تسلق الصخور عند أخدود نيفيديو المجاور والقفز بين البرك الصخرية هناك. أما مطبخ البلاد بأطباقه الطازجة والخفيفة، فأقرب إلى المطبخ الإيطالي منه إلى المطبخ القوقازي التقليدي، الأمر الذي يُعد منطقيًا إذا ما أخذنا في الحسبان أن خليج بوكا ومحيطه ظلا يتبعان إمبراطورية البندقية لقرون عدة.

ثمة فرصة أيضًا للمكوث مدة أطول في مونتينيغرو بدلاً من زيارتها في رحلة قصيرة. فالموانئ متعددة الاستعمالات توفّر أيضًا ملكيات عقارية متاحة للبيع، وشراء الفيلات المشرفة على الواجهة البحرية هنا ينطوي على هدية غير متوقعة تتمثل بالحصول على جواز سفر من البلاد. يدير كيران كيليهر شركة Dream Estates Montenegro ويساعد المشترين على استكشاف العقارات المحلية. يوضح المغترب الإيرلندي أن الحكومة حددت بعض المشاريع، بما في ذلك مجمع بورتو مونتينيغرو، من حيث كونها جزءًا من خطة ترمي إلى تشجيع الموسرين من الأجانب على الاستثمار في البلاد.

إذا ما أنفقتم نحو 533 ألف دولار أو أكثر لقاء إحدى الملكيات المحددة في الخطة، فإنكم ستحصلون على الجنسية وعلى جواز سفر يتيح لحامليه التنقل بغير قيود بين الدول المنضوية تحت منطقة شنغن في أوروبا. لكن عليكم التحرك بالسرعة لأن الحكومة تخطط لوقف هذا البرنامج بنهاية العام الحالي.