#1
| ||||||||||
| ||||||||||
حكم الغناء وخطورة حضور حفلاته قد تعالت أصوات منكرة من بعض المسلمين؛ غير ملتفتين إلى النصوص والآثار التي في تحريمها والتحذير منها وبيان آثارها السيئة على القلوب، هذه الأصوات شؤمها عظيم، وقبحها ظاهر، إنها أصوات الطرب والغناء، ولهذا وجب التذكيرُ بشيء مما ورد في هذا الباب؛ والذكرى تنفع المؤمنين. يقول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [لقمان: 6] قال الإمام المفسر الواحدي: « أكثر المفسرين على أن المراد بــــ( لَهْوَ الْحَدِيثِ: الغناء) وهذا ما قاله ابن عباس؛ وأقسم عليه ابن مسعود رضي الله عنهما. ويقول الله تعالى مخبرًا عَمَّا قاله للشيطان: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ.. ﴾ [الإسراء: 64] (ذكر الإمامان الطبري وابن كثير في تفسيريهما) يقول مجاهد - رحمه الله - التابعي المفسر: الصوت في الآية الذي يستخف به الشيطانُ الناسَ: الغناء والمزامير وكلُّ داعٍ إلى المعصية. ويقول الله عز وجل في معرضِ ذكر صفات عباد الرحمن والثناء عليهم؛ وأنهم يعرضون عن مجالس المنكر: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]. عن أبي عامر الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف »، ولينـزلن أقوام إلى جنب عَلَم (أي جبل) يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة (أي فقير طالب حاجة) فيقولون: ارجع إلينا غدا فيبُيِّتُهم الله ويضعُ العَلَم (يدكُّ الجبلَ ويوقعُه على رؤوسهم) ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) أورده البخاري في "صحيحه" معلقًا وصححه كثير من الأئمة منهم ابنُ حِبان وابنُ الصلاح وابن كثير وابن تيميه وابن حجر. قال الإمامان الذهبي وابن تيمية: (المعازف اسمٌ لكل آلات الملاهي). وأخرج البزار في مسنده وصححه الألباني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نِعمة، وصوتُ ويلٍ عند مصيبة ». وأخرج أبو داود وغيره وصححه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة، وكلُّ مسكر حرام »، (والكوبة مما قيل في معناها: الطبل). وأخرج أبو داود وغيره وصححه الألباني عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمع ابن عمر مزمارًا؛ فوضع إصبعيه في أذنيه؛ ونأى عن الطريق (أي: أبعد) وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا، فرفع إصبعيه من أذنيه؛ وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا). علق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلًا: (قال علماؤنا: إذا كان هذا فِعلهم في حقِ صوتٍ لا يخرجُ عن الاعتدال، فكيف بغناء أهلِ هذا الزمان وزمرهم؟!)، يقول القرطبي هذا على غناء زمانه، كيف لو سمع ورأى غناء زماننا. كتب أمير المؤمنين عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله إلى مؤدبِ ولده يأمرُه أن يربيَهم على بُغض المعازف؛ وقال له: (ليكن أولَ ما يعتقدون من أدبك: بغضُ الملاهي التي بدؤها من الشيطان؛ وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن حضورَ المعازفِ واستماعَ الأغاني واللهجَ بها ينبتُ النفاق في القلب كما ينبت الماءُ العُشب...) أخرجه ابن أبي الدنيا وغيره. وسُئِل الإمام مالكٌ رحمه الله عن الغناء والضرب على المعازف، فقال: (هل من عاقل يقول بأن الغناء حق؟ إنما يفعله عندنا الفساق). وقال الإمام الأوزاعي: لا تدخلْ وليمةً فيها طبل ومعازف. وقال الإمام القرطبي: (أما المزامير والأوتار والكوبة فلا يُختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحدٍ ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يَحرُم وهو شعار أهلِ الخمور والفسوق ومهيِّجُ الشهوات والفساد والمجون؟ وما كان كذلك لم يُشَكْ في تحريمه ولا تفسيقِ فاعله وتأثيمه). ويقول ابن القيم رحمه الله وهو يصف حالَ أهلِ الغناء: (فلِغَير الله بل للشيطان قلوبٌ هنالك تُمَزَّق، وأموالٌ في غير طاعة الله تُنفَق، قضوا حياتهم لذةً وطربًا؛ واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، مزامير الشيطانِ أحبُّ إليهم من استماع سور القرآن؛ لو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرّك ساكنا، حتى إذا تُلي عليه قرآنُ الشيطان وولج مزموره.... فَسَمِعَه تفجرت ينابيع الوجْد من قلبه على عينيه فجَرَت، وعلى أقدامه فرقصت وعلى يديه فصفقت وعلى سائر أعضائه فاهتزت وطربت، وعلى أنفاسه فتصاعدت). انتهى. عباد الله فيما ذُكر مُقنِع لطالب الحق، أما من اتبع هواه فلا حيلة فيه. على أن ما ذُكر من أقوال سلفنا الصالح في الغناء إنما كان على غناء زمانهم؛ فماذا يقال في غناء هذا الزمان الذي اشتد قبحه وعظم خبثه وتَفنن أهلُ الفسق في عرضه على الناس، وصار من دواعي الفجور، والله المستعان. وليُعلم أن أهل العلم استثنوا بناء على الأحاديث الثابتة النشيدَ بالشعر الحسن بدون ضرب آلات معه، واستثنوا ضربَ النساء للدف في العيدين والأعراس. أكرمنا الله بسماع الحق؛ والإعراض عن الباطل. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله.... الخطبة الثانية وقفنا في الخطبة الأولى مع الآيات والأحاديث والآثار التي تدل على تحريم وشناعة الغناء والطرب بهذه المعازف آثارها السيئة، وبقي أن نشيرَ إلى أمرين خطيرين جدًا؛ يرتبطان بالغناء والطرب وبغيرهما من المنكرات، وبهذين الأمرين يتضاعف الوزر والإثم، وبهما تَحُل العقوبةُ العاجلة والآجلة: أما الأمر الأول فهو المجاهرة بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين »، ومن هذه المجاهرة ما يحدث من البعض هداهم الله من إسماع الناس لأصوات هذا الغناء والطرب المحرم من خلال الأجهزة في البيوت وقصور الأفراح والمقاهي والسيارات والجوالات والمهرجانات والاحتفالات، وظهور هذه المنكرات في هذه الأماكن وغيرها واجتماع الناس عليها من أعظم أسباب العقوبة العامة العاجلة في الدنيا قبل العقوبة الآجلة في الآخرة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنهلِك وفينا الصالحون، قال: « نعم إذا كثر الخبث ». وأما الأمر الثاني فهو جمع الناس على هذا المنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: « من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه؛ لا يُنقِصُ ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثمِ مثلُ آثام من تبعه؛ لا يُنقِصُ ذلك من آثامهم شيئًا »؛ رواه مسلم. فانظروا إخوة الإيمان إلى عِظم أجر قادة وأئمة ومفاتيح الهدى، وانظروا إلى عِظم إثم قادة وأئمة ومفاتيح الضلالة والمنكر. وذلك لأن الذي جمع الناس ثم أسمعهم هذا المنكر كان سببا في استماعهم لهذا المنكر؛ فيكون عليه من الإثم مثل آثام جميع المستمعين لهذا المنكر، من غير أن يُنقِصَ ذلك من آثام المستمعين الذين لم يكونوا من المنكرين والمغادرين لموقع المنكر. ثم أيضًا- أيها الإخوة - فإن جمع الناس وإسماعهم المنكر هو من التعاون على الإثم والعدوان الذي حذر منه الحق تبارك وتعالى في قوله: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، فالمؤمن الحصيف لا يكون قائدا في منكر أو مُعينا عليه، حتى لو كان ربما يزل فيه أو في غيره من الذنوب، لأنه يعلمُ خطورةَ ذلك. فالواجب علينا يا عباد الله أن نتقيَ سخطَ الله، ونبتعد عن معصيته، وإذا عصينا فنستغفر ونتوب، وإذا عصينا فلا نعينُ غيرنا على المعصية، وإذا عصينا فإنا لا نجاهر بل نستتر بستر الله، ولو كنا من العاصين فإنا لا نحضر أماكن السخطِ التي يجتمعُ الناس فيها ويجاهرون بمعصية الله، ولو كنا من العاصين فلنكن من الخائفين على مجتمعاتنا فنكون من الناصحين. اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. المصدر: منتدى همسات الغلا p;l hgykhx ,o',vm pq,v ptghji hgu,hl ptghji pq,v p;l ,o',vm |
10-01-2022, 03:55 PM | #5 |
| أسال الله أن لايرد لك دعوة ولا يحرمك من فضلة وأن يحفظ أسرتك وأحبتك وان يفرج همك ويـيسر لكــ أمرك وان يغفر لنا ولكم ولوالدين وللمسلمين والمسلمات وأن يبلغنا أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنه . اللهم أمين |
|