هل لك في
عالم آخر؟!
بعيداً عن زحمة الحياة ومشاغلها!!
بعيداً عن المشاحنات ومنغصات العيش من خلال الاحتكاك بالآخرين!!
بعيداَ عن التحاسد والتباغض على متاع الدنيا الرخيص!!
هنالك
عالم آخر!!
يبعث سكونه على الطمأنينة والراحة النفسية التامة التي لا يشوبها كدر أو نكد!!
عالم بعيد!!
لا يوجد به أحد إلا أنت!!
أنت فقط . . تعيش فيه مع نفسك!!
تتخاطبان سوياً!!
يخاطب كل منكما الآخر كالكتاب المفتوح . . فلا غموض . . ولا مداراة!!
تخاطبك نفسك بكل ما تحمل بين جنباتها من رغبات الخير والشر!!
تخاطبك بما فيها من جوانب الضعف!!
تشتكي معاناتها من عواقب الكثير مما وقعت فيه من سوء التصرفات!!
تحاول من جهتك رفع تلك المعاناة عنها بمحاولة تصحيح تلك العواقب!!
تتنهدان سوياً حسرة على ما لا يمكن إصلاحه!!
تحاولان البحث معاً عن يدٍ معينة، تدفع عنكما ما لحق بكما من ضرر عاجل أو آجل!!
تتلمسان كل الجهات، فتجدونها جميعاً سوف تؤدي بكم للاحتكاك مجدداً بالخلق!!
تسألك نفسك : (أي اتجاه سنسلك) ؟!
فعن اليمين وعن الشمال ومن الأمام ومن الخلف خلق كثير يتربصون بنا!!
فتأخذ منها زمام المبادرة!!
وترفع يديك إلى السماء!!
يااااااااااااااااااااااااالله
هذه الكلمة وحدها . .
تشق طريقها إلى السماء . .
في جوف الثلث الأخير من الليل . .
في هذا السكون الرائع . .
فتجد صداها على الفور . .
طمأنينة في قلبك . .
وتهدئة لروعك . .
وسكوناً بين جنبات نفسك . .
فتفيض منك الدموع حارة على مدمعك . .
فينطلق منك اللسان . .
يارب إني ضعيف . .
يارب إني ظلمت نفسي . .
يارب . . أحاطت بي الفتن من كل جانب . . ولا حول ولا قوة لي إلا بك . .
يارب . . هذه الدنيا قد أثقلتني بحملها وهمومها . . وأنا عبدك الضعيف!!
يارب . . هؤلاء هم رفقاء الدنيا . . ليس لهم أمان ولا عهد !!
يارب . . أصبحت بينهم كفريسة ضعيفة ولا راحم لي إلا أنت!!
يارب . . هذه الأيام تجري بي سريعاً نحو لقائك دون زاد من العمل!!
يارب . . نفسي أتوب وأرجع عن المعاصي !!
يارب . . قد خلوت بنفسي فوجدت فيها من الضعف ما لا يبدل حاله إلا أنت !!
وخلوت بقلبي فوجدت فيه من العلل ما لا يبرأها إلا أنت!!
وخلوت بك يا الله فوجدت أنه لا حول ولا قوة لي إلا بك
عندك الأمان فأذهب عن نفسي فزعها
عندك الغنى فأذهب عني الفقر
بيدك الأمر كله
وإليك يرجع الأمر كله
بك أنجو من هموم الدنيا
بك أقوى على مواجهة المعاصي
بك أوفق للطاعة وأحمل زادي إلى الآخرة
برحمتك اغفرلي
بواسع كرمك تقبلني
أنا عبدك الضعيف فلا تتركني
فإن تركتني فمن يرحمني غيرك
ياااااااااااااااااااااااالله
هذه الكلمة في جوف الثلث الأخير من الليل
وحدها تحيي قلبك . .
وحدها تمنحك القوة في مواجهة فتن الحياة . .
فبها تكون مع الله . . ويكون الله معك
إن ركعتين مغمورتين منك بالبكاء
في جوف الثلث الأخير من الليل
لهو عالمك الآخر!!
الذي به يحيا قلبك . .
ويغفر ذنبك . .
وتزيل الهمَّ عن نفسك . .
إنها دقائق معدودة!!
ولكنها لحظات تأخذ بيديك على الصراط
فلا تفزع حتى تطرق بإذن الله أبواب الجنة!!
فهلا رحمت نفسك بهذه الثواني في جوف الثلث الأخير من الليل؟!
حين ينزل رب العزة تبارك وتعالى قائلاً:
هل من مستغفر فأغفر له؟!
هل من سائل فأعطيه؟!
فتلهج ألسنة الصالحين بالاستغفار وطلب العون
حتى تنطلق تباشير الصباح إيذاناً بصلاة الفجر
فتتهلل السماء الدنيا فرحاً بمن فازوا بالمفغرة في تلك اللحظات
وتنزل السكينة والطمأنينة على قلوب من أكرمهم الله بهذه العطيات
فمرحباً بك في هذا العالم الآخر
فاليوم تنتظرك نسمات الثلث الأخير من الليل
فهلمَّ إلى الله أيها التائب الجديد!!
هلمَّ لتلقي بكل ما كان من آثام وراء ظهرك
كي تجدها برحمة الله أمامك حسنات!!
(إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً
فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً)
هنيئاً لك التوبة
وهنيئاً لك الجنة
فهل لك في ذلك العالم الآخر؟
إنه حيث الثلث الأخير من الليل؟!