#1
| |||||||
| |||||||
صيام عاشوراء الحمدلله.. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وأنيبوا إليه واستغفروه؛ ففي الإنابة والتقوى الخير والفلاح في الدنيا والأخرى. ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]. ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 54]. أيها المؤمنون: ها نحن قد ودَّعنا عامًا هجريًّا كاملاً، قد مضى بما أوْدعناه فيه، ولا رَجعة له إلى يوم الدين، قد طُوِيت أيَّامه، وأُحْصِيت أعماله من حَسنٍ وسيِّئ، وعملٍ صالحٍ أو خبيثٍ، وما نزال نطوي الأيام؛ حتى يقفَ عُمر كلِّ واحد منَّا حيث كُتِب له من السنين والأيام؛ ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34]. والعاقل من اتَّعظ بمرور أيَّامه وطيِّ سِجِلاَّته، واستعدَّ لِما أمامه، فاليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل؛ ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 55 - 58]. عباد الله، نحن الآن في شهر الله المحرَّم أوَّل شهور السنة الهجريَّة، وقد امتاز ببعض الفضائل التي يَجدر التنبيه إليها، فهو من الأشهر الحُرم التي قال الله تعالى فيها: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]. وفي "صحيح البخاري": ((السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرم؛ ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجَّة، والمحرَّم، ورجب مُضَرَ الذي بين جُمادى وشعبان))؛ ولهذا فإن هذه الشهور الحُرم لها حُرمتها، والذنب فيها أعظم من غيرها، كما أنَّ العمل الصالح فيها أعظم أجرًا؛ كما ذكره ابن عباس - رضي الله عنهما. وقد ورَد عنه - صلى الله عليه وسلم - الترغيب في صيام شهر المحرَّم؛ حيث قال: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم))؛ مسلم. أما اليوم العاشر منه فقد اخْتُصَّ بفضيلة لَم يَفُقْهُ فيها إلاَّ يوم عَرَفة المبارَك، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يراعي هذا الفضل ويُعنى به؛ فعن ابن عباس قال: "ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره، إلاَّ هذا اليوم؛ يوم عاشوراء، وهذا الشهر"؛ يعني: شهر رمضان؛ البخاري. ومعنى يتحرَّى؛ أي: يقصد صومه؛ لتحصيل ثوابه والرغبة فيه، وقد بيَّن لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فضْلَ صيام يوم عاشوراء، فقال: ((صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله))؛ رواه مسلم. فيا له مِن فضْلٍ عظيم لا يفوِّته إلاَّ المحروم، فصيام يوم واحد لا يتجاوز خمس عشرة ساعة، يكفِّر الله به خطايا عامٍ كامل، وهذا من رحمة الله تعالى بنا ولُطفه، فالذنوب كثيرة، والتقصير حاصل، والتوبة والاستغفار يَغفل عنهما الكثير منَّا. غير أنَّ أهل العلم قد ذكروا أنَّ الذي يُكفَّر بصيام عاشوراء الذنوب الصغائر فقط، أمَّا كبائر الذنوب، فلا بدَّ لها من التوبة النصوح. وقد أمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصوم يوم التاسع معه؛ استحبابًا لمخالفة لليهود والنصارى؛ فعن ابن عباس قال: "حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمَر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تُعظِّمه اليهود والنصارى، فقال: ((فإذا كان العام المُقبل - إن شاء الله - صُمنا اليوم التاسع))، قال: فلم يأتِ العام المُقبل، حتى توفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم"؛ مسلم. ولو صام العاشر والحادي عشر لكفى؛ لوروده في بعض الأحاديث، ولو صام اليوم العاشر وحْده، لَم يُكره له ذلك؛ كما ذكرَه شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "ومَن لَم يتأكَّد من دخول شهر المحرَّم، والْتَبَس الأمر عليه، وأرادَ الاحتياط للعاشر، فإنه يُكمل شهر ذي الحجة ثلاثين، ثم يصوم التاسع والعاشر، ولو صام ثلاثة أيام: التاسع، والعاشر، والحادي عشر من باب الاحتياط، فلا بأسَ به؛ حيث إنَّ صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر مستحبٌّ، ولا سيَّما في شهر المحرَّم، ولَمَّا كان صوم عاشوراء مستحبًّا، فإن مَن عليه صيام واجبٌ - كقضاء رمضان، أو كفَّارة، أو نذرٍ - وجَب عليه المبادرة بالواجب، ولو صام التاسع والعاشر بنيَّة القضاء، أجْزَأه عن الواجب، والله - سبحانه - واسع الفضل والإحسان، ولكن يُشترط له أن ينويَ ذلك قبل الفجر؛ لأنَّ ابتداء الصوم الواجب بنيَّةٍ شرطٌ للصحة، أمَّا الصيام المستحبُّ، فلا يُشترط له تبييتُ النيَّة من الليل. عباد الله، اعْلَموا أنَّ يوم عاشوراء لا يُميَّز عن غيره من الأيام بفرحٍ أو حزن؛ إذ إن هذا من صنيع الضالين والمُبتدعين، فقد كان هذا اليوم عند اليهود عيدًا؛ كما أشار إلى ذلك أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - في الحديث الصحيح، وهو عند الرافضة يوم مأْتَمٍ وحزن بحجَّة أنه اليوم الذي قُتِل فيه الحسين بن علي - رضي الله عنه. يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - عن ذلك: "فصارَت طائفة جاهلة ظالِمة؛ إمَّا مُلحدة منافقة، وإمَّا ضالة غاوية، تتَّخذ يوم عاشوراء يومَ مأتمٍ وحزنٍ ونِياحة، وتُظهر فيه شعار الجاهلية؛ من لَطْم الخدود، وشَقِّ الجيوب، والتعزِّي بعزاء الجاهلية، وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذبٌ كثيرٌ، والصِّدق فيها ليس فيه إلاَّ تجديد الحزن والتعصُّب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسُّل بذلك إلى سبِّ السابقين الأوَّلين، وشرُّ هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يُحصيه الرجل الفصيح في الكلام"؛ انتهى كلامه - رحمه الله تعالى. فكونوا على علمٍ بذلك أيها المؤمنون، وإنَّ لنا فيما شرَع الله لنا الكفاية والخير، بحمْد الله. فاحرصوا - رحمكم الله - على صيام يوم عاشوراء، مُحتسبين الأجرَ من الله تعالى، سائلين منه القبول والإعانة، اللهم أعنَّا على ذِكرك وشُكرك، وحُسن عبادتك، وارزقنا الإخلاص لوجهك يا كريم. المصدر: منتدى همسات الغلا wdhl uha,vhx |
06-12-2021, 11:31 PM | #2 |
| جزاك الله خيرا وأسال الله أن لايرد لك دعوة ولا يحرمك من فضلة وأن يحفظ أسرتك وأحبتك وان يفرج همك ويـيسر لكــ أمرك وان يغفر لنا ولكم ولوالدين وللمسلمين والمسلمات وأن يبلغنا أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنه . اللهم أمين |
|