الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||
| ||||||||||
الإسلام دين يُسْر، لا مشقَّةَ في كل تكاليفه الإسلام دين يُسْر، لا مشقَّةَ في كل تكاليفه الشرعية التي أمر أتباعه بأدائها؛ فالله تعالى يقول:﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، ويقول عز من قائل: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، والنبي صلى الله عليه وسلم حَثَّ أفراد الأُمَّة على التبشير لا التنفير، وعلى التيسير لا التعسير؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَسِّروا ولا تُعسِّرُوا، وبَشِّرُوا ولا تُنفِّرُوا))؛ (متفق عليه)، والحَجُّ أكثرُ العبادات مناسكَ وأعمالًا، ورغم ذلك اقترن به الكثيرُ من التيسيرات التي نستعرض بعضًا منها في السطور التالية. إن الناظر بعين التدبُّر إلى العبادات التي فرضها الله تعالى على المسلمين والكيفية التي تُؤدَّى بها، يجد فيها يُسْرًا ما بعده يُسْر، حسَدَنا عليه أتباعُ الملَلِ الأخرى؛ فقد جاء في شرع من قبلنا - على سبيل المثال - أن التوبة من الذنب تكون بقَتْل النَّفْس؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 54]، أما في الإسلام فمن تاب وأقلع عن الذنب، وعزم على عدم العودة إليه، وردَّ المظالم إلى أصحابها، تاب الله عليه، وقَبِلَ منه قال سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]، وطهارة الثوب في شرع من قبلنا تكون بقَطْع ما نالتْه النجاسةُ من الثوب، أما في شرعنا الحنيف، فيكفي أن نغسل مكان النجاسة مرةً واحدةً بماء طهور، والله سبحانه وتعالى رفَعَ الحَرَج عن المكلَّفين في سائر العبادات؛ ففي الطهارة من لم يجد الماء يتيمَّم، ومن لم يستطِعْ استعمالَه لعَجْزٍ أو مرضٍ، يتيمَّم بالصَّعِيد الطاهر؛ روى أبو داوود وابن ماجه والدارقطني عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حَجَرٌ، فشجَّه في رأسه، ثم احْتَلَمَ، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رُخْصةً في التيمُّم؟ فقالوا: ما نجد لكَ رُخْصةً وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بذلك، فقال: ((قتلوه قَتَلَهم الله، ألَا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي (الجهل) السؤال، إنما كان يكفيه أن يَتَيَمَّمَ، ويَعْصِر أو يَعْصِب على جُرْحه خِرْقةً، ثم يمسَح عليه، ويغسِل سائرَ جسده))، وفي عبادة الصلاة مَنْ لم يستطِعْ أن يُصلِّي قائمًا، فليُصَلِّ جالسًا أو على جنبه، أو يُومئ برأسه، أو يُجري أفعالَ الصلاة على قلبه، وفي الصيام رخَّصَ الله تعالى لذوي الأعذار الطارئة الفطر والقضاء مثل المريض الذي يُرجَى شفاؤه، والمسافر والحامل والمرضع، كما رخَّص في الفطر والفدية لكبار السِّنِّ، والمريض الذي لا يُرجَى شفاؤه، وحرَّم الصيام على الحائض والنُّفَساء حتى تطهُر، ثم تقضي ما أفطرته، أما الزكاة، فقد فَرَضَها الله تعالى على الأغنياء الذين يملكون نصاب هذه الزكوات، كُلٌّ حسب نوعها ومقدارها؛ فقد روى أحمد في مسنده، وذكره البخاري مُعلَّقًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صَدَقةَ إلَّا عن ظَهْرٍ غِنًى))، وقال في الحديث الذي رواه الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((تُؤخَذ من أغنيائهم، وتُرَدُّ على فقرائهم))، فليس على الفقير زكاة مفروضة. الحج عبادة العمر: من العبادات المفروضة ما تتكرَّر كل يوم؛ كالصلاة، وما تكون كل عام؛ مثل الصيام والزكاة، ويكون على سبيل الفريضة أداؤها في كل مرة، إلَّا عبادة الحَجِّ فقد فرَضَها الله تعالى في عمر المسلم مرةً واحدةً، وهي الوحيدة بين العبادات التي اشترط الله تعالى الاستطاعة لأدائها؛ قال الله سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، وفي صحيح الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمس... منها وحج البيت مَنِ استطاعَ إليه سبيلًا))؛ (البخاري ومسلم)، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خطبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا أيها الناس، إن الله كتَبَ عليكم الحَجَّ فحجُّوا))، فقال رجل: أكلَّ عامٍ يا رسول الله؟ فسَكَتَ، حتى قالها ثلاثًا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((لو قُلْتُ نعم، لوَجَبَتْ، ولما استطعتُم))، ثم قال: ((ذروني ما تركتُكم؛ فإنما أهلَكَ مَنْ كان قبلكم كثرةُ سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتُكم بشيء، فأتُوا منه ما استطعتُم، وإذا نهيتُكم عن شيء فدعوه)). والحَجُّ فرضٌ على التراخي عند الشافعي ومحمد بن الحسن، وقال بعض الفقهاء بفرضيته على الفور، وسواء كان هذا الرأي أو ذاك، فإن الفرضية مقرونةٌ بالاستطاعة، وهي شرطٌ بالإجماع عند الفقهاء، وتتحقَّق الاستطاعة بالقدرة على الزاد الذى يصحُّ به بدنُه، والقدرة على الراحلة (أي: تكلفة وسيلة المواصلات في وقتنا هذا)؛ فقد أخرج الدارقطني والحاكم وصحَّحه والبيهقي، وقيل: مرسلًا، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، قيل: ما السبيل يا رسول الله؟ قال: ((الزاد والراحلة))، أما الزاد فهو أن يملِكَ ما يكفيه، ويكفي مَنْ يعُولُه حتى يرجِعَ، وأما الراحلة فيُشترَطُ أن تُبلِّغَه مقصودَه ذَهابًا وإيابًا، سواء كانت مملوكةً له أو مؤجَّرةً. كذا من الاستطاعة عدم وجود المانع الحسِّي؛ كالحَبْس أو الخوف من سُلطان يمنع الناس من الخروج إلى الحج، وخلو المرأة من عدة مطلقها، وأمن الطريق، ووجود مَحْرَم للمرأة، أو رفقة آمنة، وصِحَّة البَدَن من الآفات، زيادة على كل هذا، فإن عبادة الحَجِّ جاء فيها من مظاهر اليُسْر ما لم يأتِ في غيرها من الشعائر التعبُّدية. الحج عن الغير: قال الفقهاء، ومنهم أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد: إن صحة البدن مما تتحقق به الاستطاعة، فهي شرط لوجوب الحَجِّ، وقال بعض الفقهاء - وهو الراجح -: إنَّ مَنْ عجز عن أداء الحَجِّ بنفسه؛ كالمقعد والمريض مرضًا مُزْمنًا، والشيخ الكبير الذي لا يقوى على أداء المناسك، ومقطوع الرجلين، والأعمى، وكانوا مستطيعين ماليًّا، عليهم إنابة غيرهم ليحُجَّ عنهم، شريطة أن يكون النائب قد حَجَّ عن نفسِه؛ فقد أخرج الشيخان وأبو داود والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأةً من خثعم، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحُجُّ عنه؟ قال: ((نَعَم))، وذلك في حجة الوداع، وأخرج أبو داود وابن ماجه وابن حِبَّان وصحَّحه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمِعَ رجلًا يقول: لبَّيك عن شُبْرُمةَ، قال: ((مَنْ شُبْرُمةُ؟))، قال: أخٌ لي، أو قريب لي، قال: ((أحَجَجْتَ عن نفسِكَ؟))، قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: ((حُجَّ عن نفسِكَ، ثم حُجَّ عن شُبْرُمةَ))، بل إن الأيسر من ذلك أن الفقهاء أجازوا الإجارة في الحَجِّ؛ أي: يجوز أن يستأجر المستطيعُ ماليًّا، العاجزُ بدنيًّا، رجلًا بأجْرٍ ليَحُجَّ عنه شريطة أن يكون قد حَجَّ عن نفسِه. الحائض والطواف حول الكعبة: يُشترَط للطواف حول الكعبة الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وخلوُّ المرأة من دم الحيض والنفاس، ولا خلاف بين المسلمين أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحجِّ، إذا لم يفعله الحاجُّ بطَل حجُّه؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، ورُخِّص للنساء تعجيل الإفاضة يوم النَّحْر إذا كُنَّ يخَفْنَ مبادرة الحيض لهن؛ فقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تأمُر النساء بتعجيل الإفاضة يوم النَّحْر، مخافة الحيض، وقال عطاء: إذا خافَت المرأة الحَيْضَ، فلْتَزُرِ البيت قبل أن ترمي الجمرة، وقبل أن تذبح، وإذا أصاب المرأة دمُ الحيض فلم تتمكَّن من طواف الإفاضة يوم النَّحْر، جاز أن تُؤخِّره إلى أيام التشريق، وإلى ما بعد أيام التشريق إذا سمحت ظروف سَفَرها بذلك، أما إذا لم تسمَحْ ظروفُها بالبقاء بمكة حتى تطهُر وتطوف كأن كانت مرتبطةً بموعد سَفَر، فجاز لها أن تغتسل وتُحكِمُ مكان الدم، وتشدَّ عليها ثوبها ثم تطوف، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا هو الذي عليه الفتوى الآن نظرًا لتعسُّر الكثيرات في البقاء بمكة لحين الطهارة، أو العودة مرة أخرى لمكة لأداء طواف الإفاضة، استنادًا إلى ما رواه مالك أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما جاءته امرأةٌ تستفتيه، فقالت: إني أقبلتُ أريد أن أطوف بالبيت، حتى إذا كنت على باب المسجد، هرقت الدماء (سالت بغزارة)، فرجعت، حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت، حتى إذا كنت على باب المسجد هرقت الدماء، فرجعت، حتى ذهب ذلك عني، ثم أقبلت، حتى إذا كنت على باب المسجد، هرقت الدماء، فقال عبدالله بن عمر: إنما ذلك ركضة من الشيطان، فاغتسلي، ثم استنفري بثوب، ثم طوفي، ورغم أن هذا الفعل يخصُّ المستحاضة، إلَّا أن الفقهاء أجازوا للحائض التي لا يسمح وقتُها بالبقاء في مكة حتى تطهُر الأخْذَ بهذه الرُّخْصة من باب التيسير في أداء تلك العبادة. سلوك خاطئ لا علاقة له بالنسك: يقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، ويقول سبحانه: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، وفي البخاري من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الدين يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلَّا غلَبه، فسدِّدُوا، وقارِبُوا، وأبْشِرُوا، واستعينُوا بالغَدْوة والرَّوْحة، وشيءٍ من الدُّلْجة))، إلَّا أننا رغم كل هذا نجد بعض الحجيج يسلكون سلوكًا فيه مشقَّة وتعسير؛ ظنًّا منهم أنهم يحصلون على ثواب أكبر، رغم مقدرتهم، وتمكُّنهم من أداء مناسكهم بسهولة ويُسْرٍ، فعلى سبيل المثال نجد آلاف الحجيج يتدافعون ويتزاحمون على صعود جبل الرحمة بعرفات في يوم عرفة، وتخطِّي الصخور الضخمة الموجودة على هذا الجبل؛ ظنًّا منهم أن رحمة الله على عباده في هذا اليوم تتنزَّلُ في هذا المكان تحديدًا، أو تزداد الرحمةُ إذا صعدوا فوق الجبل، وهو فهم خاطئ وسلوك مرفوض يزيد على الحاجِّ المشقَّة، ولا يَفضُله بشيء على من يقف في أي مكان بصعيد عرفات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((وعرفةُ كُلُّها موقفٌ))؛ (رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه). ومن السلوك الخاطئ أيضًا تعمُّد البعض الوقوف أو الجلوس في الشمس المحرقة، وهم يؤدُّون المناسك رغم استطاعتهم الجلوس في الظِّلِّ، واتِّقاء الشمس بمظلة ونحوها؛ ظنًّا منهم أنه يكثُر ثوابُهم بفعلهم هذا، وهم لا يدرون أنهم بفعلهم هذا يخالفون صريح الآية الكريمة: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، ومن المقاصد العليا للشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس، فأين أنتم أيها المصمِّمُون على هذا السلوك من هذا المقصد العام؟! كذا من السلوك الذي يفعله عددٌ غير قليل من الحجيج والمعتمرين التدافُع والتزاحُم على الحَجَر الأسود، وهو سلوكٌ يؤذي ضعيف البَدَن مثل الشيخ الكبير، كما يُؤذي المرأة، والذي يفقه دينَه يعلم أنه إذا لم يستطِع استلام الحَجَر الأسود أو تقبيله عند بداية كل شوط في الطواف، يكفيه أن يُشيرَ إليه بيده؛ روى أحمد والبيهقي عن أبي يعفور العبدي، قال: سمِعْتُ أميرًاكان بمكة سنة ثلاث وسبعين، يقول: كان عمر رجلًا قويًّا، وكان يُزاحِم الناس على الركن؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا حفص، إنَّك رجلٌ قويٌّ، وإنك تُزاحِمُ على الركن، فتُؤذي الضعيف، فإذا رأيْتَ خلوةً فاستلمه، وإلَّا فكبِّر وامْضِ)). ومَنْ يتدافع عند رمي الجمار يُشكِّل خطورةً على أنفس الحجيج الذين منهم الضعيف والمرأة وصاحب الحاجة، وحُرْمةُ الحفاظ على هؤلاء جميعًا أشدُّ تعظيمًا من حُرْمة الكعبة، روى ابن ماجه والطبراني والبيهقي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة وهو يقول: ((ما أطيبَكِ، وأطيبَ ريحَكِ! وأعظمَ حُرْمتَكِ! والذي نفس محمد بيده، لحُرْمةُ المؤمن أعظمُ عند الله حُرْمةً منكِ، مالِه، ودمِه، وأن نَظُنَّ به إلَّا خيرًا))، كذلك يستبدل البعض حَصَيات الرمي الصغيرة بصخور كبيرة، أو يرمي بالحذاء، أو غير ذلك مما قد يضُرُّ بالحجيج. النيابة في الرمي: وهو من مظاهر التيسير في أداء هذا النُّسُك حيث أباح الشرع للمريض، والضعيف، والمرأة، والذي لا يقوى على الرمي - أن يُنيبَ غيرَه في الرمي عنه؛ روى أحمد وابن ماجه والبيهقي والترمذي عن جابر رضي الله عنه، قال: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا النساء والصبيان، فلبَّينا عن الصبيان ورمينا عنهم"، ويُشترط في النائب أن يرمي عن نفسه أولًا، ثم يرمي عن الغير، كما أذِن الشَّرْع الحنيف للمتعجِّل أن يكتفي برمي يومين من أيام التشريق بعد يوم النَّحْر بدلًا من ثلاثة أيام؛ قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [البقرة: 203]. الكل في رحاب الله آمن: البيت الحرام وما حوله من حَرَمٍ آمِنٌ لكُلِّ مَنْ دَخَلَ فيه؛ لأنه في جوار الله وحفظه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125]، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 97]، والأمن لا يقتصر على البَشَر فقط؛ بل يمتدُّ ذلك إلى الشجر والطير والصيد، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الناس خطيبًا في اليوم الثاني من فتح مكة فقال: ((أيها الناس، إن الله حرَّم مكة يوم خَلَقَ السماات والأرض، فهي حرامٌ بحُرْمةِ الله يوم القيامة، فلا يحلُّ لامرئ يُؤمِن بالله واليوم الآخر أن يسفِكَ فيها دمًا، أو يَعْضِد (يقلع) فيها شجرة))، وفي رواية: ((فلا يَعْضِد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحلُّ لُقطتُها إلَّا لمعرف))، فما أجمل الأمن بجانب اليُسْر في أداء النُّسُك! افعل ولا حرج: الوقوف بعرفة هو الركن الركين في عبادة الحَجِّ، فمن فاته فقد بطل حجُّه، ولا يَجبُرُه دمٌ، ولا تُجزئه كفَّارةٌ، أما من فاته شيء من النُّسُك لعَجْز أو تقصير، جاز أن يجبرَه بهدي، أو فداء أو صيام، وما سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من النُّسُك إلَّا قال: ((افعَلْ ولا حَرَجَ))؛ (رواه البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما)، "وما خُيِّرَ بين أمرَينِ إلَّا اختارَ أيْسَرَهما ما لم يكن إثمًا"؛ (رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها)، وهذا يدُلُّ على عظيم اليُسْر في شرعِنا الحنيف. إن عبادة الحج وما فيها من تيسيرات على المؤدِّين لها؛ إنما تكون نموذجًا واضحًا ودليلًا عمليًّا لما في هذا الدين من يُسْر على المكلفين، وهو عنوان بارز في ديننا يُبعِد عنه كلَّ تَنَطُّعٍ وتكلُّفٍ، ليس في الحَجِّ وحدَه؛ وإنما في كل سلوكنا، فإن العبادات دليل الأخلاق في ديننا، فالالتزام بالعبادة وما فيها من مناسِك ظاهرة، لا بُدَّ أن يتبعه سلوكٌ سويٌّ يتعامل به مؤدي هذه العبادة مع الناس جميعًا؛ قال الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197]، فما أجمل شعائر ديننا يُسرًا! وما أجمل مردودها علينا خُلُقًا! المصدر: منتدى همسات الغلا hgYsghl ]dk dEsXvK gh lar~QmQ td ;g j;hgdti lar~QmQ hgYsghl j;hgdti [], dEsXvK td |
01-07-2021, 02:55 PM | #2 |
| طرح في غاية الروعة بارك الله فيك جزاك الله خيـــر على الطرح القيم وجعله الله في ميزان حسناتك وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه الله لايحرمنا من جديــدك |
|
01-07-2021, 08:09 PM | #3 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
لا , مشقَّةَ , الإسلام , تكاليفه , جدو , يُسْر، , في , كل |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التعبير عن جمال الإسلام الذي لا يبلى وحسنه | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 31-12-2020 02:54 PM |
تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 18 | 19-04-2019 12:06 PM |
تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 14-07-2018 04:36 PM |
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام | الفاتنة | ( همسات الثقافه العامه ) | 42 | 23-03-2015 09:54 AM |
المرأة على مر العصور حتى نصرها الاسلام | محمدعبدالحميد | ( همســـــات الإسلامي ) | 12 | 14-06-2014 03:56 PM |