الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
تفسير الربع الثالث من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط تفسير الربع الثالث من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط • الآية 26: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ﴾: يعني إنّ المحسنين - الذين اتقوا ربهم، وعَبَدوه بما شَرَع، وأحسَنوا معاملة خَلقِه - أولئك لهم ﴿ الْحُسْنَى ﴾ أي الجنة ﴿ وَزِيَادَةٌ ﴾ عليها (وهي النظر إلى وجه اللهِ تعالى في الجنة)، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - كما في صحيح مسلم -: (إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، يقول اللهُ تعالى: تريدون شيئاً أَزِيدُكُم؟، فيقولون: ألم تُبَيِّض وجوهنا؟ ألم تُدخِلنا الجنة وتنجنا من النار؟، قال: فيُرفَعُ الحجاب، فيَنظرون إلى وجه الله، فما أُعْطُوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم)، ثم تَلا صلى الله عليه وسلم: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾. ﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ﴾: أي ولا يُغَطيوجوههم حُزنٌ ولا كآبة ﴿ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾، بل يَملأها الفرح والسرور، ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾. • الآية 27: ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ ﴾ - مِن ذنوب الشِرك والمعاصي - فـ ﴿ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ﴾ أي لهم جزاءٌ يَسُوؤهم في جهنم بحسب السيئات التي عملوها، ﴿ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾: أي ويُغطي وجوههم ذلٌ ومَهانة، ﴿ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ﴾: أي ليس لهم مِن مانعٍ يَمنعهممِن عذاب اللهِ تعالى، ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ﴾: أي كأنَّ وجوههم قد أُلْبِسَتْ قِطَعاً مِنسَواد الليل المُظلِم ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ بسبب شِركهم وكُفرهم. • الآية 28، والآية 29: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾: أي واذكُر - أيها الرسول - يومَ نَحشر الخلق جميعاً للحساب والجزاء، ﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ ﴾ أي الزَموا مكانكم ﴿ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ﴾ الذين كنتم تعبدونهم من دون اللهِلِترَوا ما يُفْعَلُ بكم، ﴿ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾: أي فَفَرَّقْنا بين المشركين ومَعبوديهم، حيثُ يقول المشركون: (ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كُنَّا ندعو من دونك)، ﴿ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ ﴾: ﴿ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴾ ﴿ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ يعني: فاللهُ وحده يَشهد بأننا لم نكن نعلم ما كنتم تقولون وتفعلون، و﴿ إِنْ كُنَّا ﴾ أي ولقد كنَّا ﴿ عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴾ لا نشعر بها (وبهذا تبرَّأ شركاؤهم منهم، فلم يَدفعوا عنهم من عذاب اللهِ شيئًا، بل حصلَ لهم الضررُ منهم، بعدَ ما ظنوا أنهم سيَشفعون لهم عند ربهم). • الآية 30: ﴿ هُنَالِكَ ﴾ أي في موقف الحساب: ﴿ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ ﴾: أي تتذكر كل نفس أعمالها السابقة، وتَختبرها: هل هي ضارةٌ بها أو نافعةٌ لها؟، ثم تُجازَى بحَسبها، ﴿ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ﴾: أي ورَجَعَ الجميع إلى اللهِ سَيِّدُهُم الحق ليَحكم بينهم، ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾: أي وغابَ عن المشركين ماكانوا يَعبدون مِن دون اللهِ افتراءً عليه. • الآية 31، والآية 32: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين: ﴿ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ بالمطر، ﴿ وَالْأَرْضِ ﴾ أي ومَن يَرزقكم من الأرض بما يُنبته فيها من أنواع النبات والشجر الذي تأكلون منه أنتموأنعامكم؟، ﴿ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾ يعني وَمَن يَملك أسماعكم وأبصاركم، إن شاء أبقاها لكم وإن شاء سَلَبَها منكم؟،﴿ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ﴾: يعني ومَن الذي يَملِك الحياة والموت في الكون كلِّه؟، فيُخرِجُ الجسمَ الحي من الجسم ميت، كإخراج الأشجار والنباتات من الحبوب والنَوَى، ﴿ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾كإخراج البيضة من الطائر،﴿ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾: يعني ومَن يُدبِّر أمْرالسماء والأرض وما فيهما من المخلوقات؟ ﴿ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾: يعني فسوف يُجيبونك بأنّ الذييَفعل ذلك كله هو اللهُ وحده، لأنهم يَعترفون بأنّ اللهَ تعالى ليس له شريكٌ في تلك الأفعال، ﴿ فَقُلْ ﴾ لهم إلزامًا بالحُجَّة: ﴿ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾: يعني أفلا تخافون عقاب اللهِ إن عبدتم معه غيره؟! • ثم قل لهم: ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ﴾ أي المستَحِق وحده للعبادة ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾: يعني فأيّ شيء غير الحق إلا الضلال؟، ﴿ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾: يعني فكيف تَنصَرِفون عن عبادته إلى عبادة غيره من المخلوقين؟! • الآية 33: ﴿ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾: يعني وَكَما صَرَفَ اللهُ قلوب هؤلاء المشركين عن الحق - بعد معرفته - إلى الضلال، فكذلك وَجَبَ حُكم اللهِ وقضاؤه ﴿ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا ﴾ وهم الذين خرجوا عن طاعة ربهم إلى مَعصيته والكفر به واستمروا على ذلك ﴿ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ بوحدانيةاللهِ تعالى، ولا بنُبُوَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بسبب إصرارهم وِعِنادهم من بعد ما تَبَيَّن لهم الحق. • الآية 34: ﴿ قُلْ ﴾ لهم - أيها الرسول -: ﴿ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾: يعني هل مِن مَعبوداتكم مَن يَبدأ خَلْقَ أيّ شيءٍ منالعدم، ثم يُميته، ثم يُعيده كهيئته قبل أن يُميته؟، ﴿ قُلِ ﴾ لهم: ﴿ اللَّهُ ﴾ وحده الذي ﴿ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾، ﴿ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾: يعني فكيف تنحرفون عن عبادة المُتَفرِّد بالخَلق إلى عبادة مَن لا يَخلق شيئًا وهم يُخلَقون؟! • الآية 35: ﴿ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي ﴾ الناسَ ﴿ إِلَى الْحَقِّ ﴾ بالبيان والحُجَّة؟، ﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾ وحده الذي ﴿ يَهْدِي ﴾ الضالَّ ﴿ لِلْحَقِّ ﴾ بالأدلة والبراهين، والإلهام والتوفيق، ﴿ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ﴾ وهو اللهُ سبحانه وتعالى ﴿ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ ﴾ أي يُعبَد ويُطاع ﴿ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي ﴾:يعني: أم تُتَّبَع هذه الأصنام التي لا تهتدي إلى شيءٍ لِعَجْزِها، كما قال إبراهيم عليه السلام لأبيه:﴿ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ﴾، وبالطبع لا تستطيع أن تهدي عابديها إلى ما فيه تحصيل مقاصدهم، كالنصر على الأعداء وغير ذلك. • وأما الاستثناء في قوله:﴿ إِلَّا أَنْ يُهْدَى ﴾ فهو استهزاءٌ بهذه الآلهة التي لا تهتدي إلى الوصول إلى مكان، إلاإذا نقلها الناس ووضعوها في المكان الذي يُريدونه لها، ﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ بهذا الحكم الباطل فتُسَوُّونَ بين اللهِ وخلقه؟ • ويُذَكِّرُني قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ﴾ بقصة فتاة - كانت على النصرانية - وكان عندهم نشيد في الإنجيل يحتوي على كثير من الألفاظ الخارجة عن الأدب والحياء، فكانت هذه الفتاة تستنكر أن يكون هذا كلام الله، وكانت تتألم كثيراً عندما تجد فتاة مُسلِمة تتلو القرآن في المواصلات بصوتٍ مرتفع، ولا تستحي من ذلك، بل تجد ثناءً من الناس عليها، أمَّا هي فكانت تستحي أن تقرأ هذا النشيد أمام الناس حتى لا يُظَنّ بها سُوء. • وفي أحد المرات دخلتْ حُجرتها ليلاً، وأخذتْ تُحَدِّث الصور (التي يَرسمونها ويَظنون أنها للمسيح عليه السلام وأمه)، فقالت لهم: (هل هذا النشيد هو كلام الله؟) - وبالطبع لم ترُدّ عليها الصور - ثم صعدتْ إلى سطح العَقار الذي تسكن فيه، ثم نظرتْ إلى السماء وقالت: (يا ربّ يا حقيقي، هل هذا النشيد هو كلامك؟)، فلما قالت ذلك، سمعتْ أذان الفجر يقول: (اللهُ أكبر اللهُ أكبر)، فكرَّرتْ السؤال: (يا ربّ يا حقيقي، هل هذا النشيد هو كلامك؟)، فارتفع النداء من مسجد آخر: (اللهُ أكبر اللهُ أكبر)، فبَكَتْ وقالت: (نعم يارب، أنت أكبر وأعظم مِن أن تقول هذا الكلام). • ثم نزلتْ بعد ذلك إلى حُجرتها حتى تنام، فسمعتْ إقامة الصلاة، وكانَ المسجد الذي بجوارهم يصلي فيه رجل كبير في السن، وكانَ دائماً يقرأ في صلاة الفجر بسورتَي الأعلى والإخلاص، أمَّا في هذا اليوم، فوجدتْ شابّاً يُصلي بقوْل اللهِ تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾ إلى آخر سورة المائدة. • فعندئذٍ علمتْ أنّ اللهَ تعالى هو الذي أرسل لها هذا الشاب لِيُجيبها على سؤالها، وليُبطِلَ لها ألوهية عيسى عليه السلام ، فبهذا هَداها اللهُ تعالى إلى الإسلام عندما لجأتْ إليه سبحانه بصِدق. • الآية 36: ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ﴾: أي وما يَتَّبع أكثر هؤلاء المشركين - في تَسمِيَتِهم للأصنام بالآلهة واعتقادهم بأنها تقرِّبهمإلى اللهِ تعالى - إلا تخميناً وتقليداً لآبائهم بغير دليل، حتى اعتادوا على ذلك وظنوه حقًاً وهو لا شيء، فـ﴿ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ أي لا يُغني عن العِلم شيئاً، والمطلوب في العقيدة: العِلم لا الظن، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ من الكفر والتكذيب، وسيُعاقبهم على ذلك أشد العقوبة. • الآية 37: ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ يعني: وما كان لأحدٍ أن يأتي بهذا القرآن غير اللهِ تعالى، لأنه لا يَقدِرُعلى ذلك أحدٌ من الخَلق، ﴿ وَلَكِنْ ﴾ أنزله اللهُ رحمةً للعالمين، وحُجَّةً على العباد أجمعين، فكانَ هذا القرآنُ ﴿ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي موافقاً للكتب السماوية السابقة (مُصدقًا لما فيها مِن صِحَّة، ومبيِّنًا لِما فيها من تحريف)، ﴿ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ ﴾ لأحكام الحلال والحرام وجميع الإخبارات الصادقة ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ أي لا شك في أنه تنزيلٌ ﴿ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾. • الآية 38: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾: يعني بل يقولون: (إنّ هذا القرآن قد افتراه محمد مِن عند نفسه)، مع أنهم يعلمون أنه بشرمثلهم!! إذاً ﴿ قُلْ ﴾ لهم - أيها الرسول -: إذا كانَ هذا من كلام البشر ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ﴾ أي مِثل هذا القرآن فيأسلوبه وهدايته، ﴿ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾: أي واستعينوا على ذلك بكل مَن قَدَرْتم عليه مِن إنسٍوجن ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في دعواكم (ولو كان ذلك مُمكِنًا: لادَّعَوا قدرتهم على فِعله، ولأتَوْا بمِثله، ولكنْ لَمَّا ظَهَرَ عَجْزُهُم: تبيَّنَ أنَّ ما زعموه باطل). • الآية 39: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾: يعني بل سارَعوا إلى التكذيب بالقرآن وما فيه من الوعد والوعيد قبل أن يَتدبروا آياته، وقبل أن يفهموه حق فهمه، ﴿ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾: أي وسوف يأتيهم ما وُعِدوا به في القرآن (من العذاب الذي يَؤول إليهأمْرهم يوم القيامة)، وسيَعلمون حينها مَن على الحق ومن على الباطل، ﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ بعذاب اللهِ حتى ذاقوا بأسَه، ﴿ فَانْظُرْ ﴾ أيها الرسول ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾. • وفي هذا إرشادٌ إلى التثبت في الأمور، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يُسارع بقبول شيءٍ أو رَدِّه، قبل أن يُحِيطَ به عِلمًا. • الآية 40، والآية 41: ﴿ وَمِنْهُمْ ﴾ يعني: ومِن قومك - أيها الرسول - ﴿ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ أي يُصَدِّق بالقرآن, ولكنه يُخفِي إيمانه خوفاً مِن أذى المشركين، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ كِبراً وعِناداً. • ويُحتمَل أن يكون المعنى: أنّ اللهَ تعالى أرادَ أن يُصَبِّر رسوله على عدم إيمان قومه - رغم ظهور الأدلة وقوة البراهين -، فقال له: (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) أي من المشركين مَن سيُؤمن بالقرآن مُستقبَلاً، (وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ) فيَموت على كُفره، (وبالفِعل، فقد آمَنَ عددٌ كبير من المشركين ولم يُؤمن عددٌ آخر). ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ الذين لا يؤمنونَ بسبب اتِّباعهم لأهوائهم، فهؤلاء هم الذين يُفسدون عقول الناس ويَصدونهم عن الإيمان والتوحيد, فسيُجازيهم ربهم على ذلك بأشد العذاب، ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ ﴾ أي استمَرُّوا على تكذيبك ﴿ فَقُلْ ﴾ لهم: ﴿ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ﴾ يعني: لي ثواب عملي (على تبليغي وطاعتي للهِ تعالى)، ولكم جزاء عملكم (على شِرككم وتكذيبكم)، ﴿ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾: يعني فأنتم لا تُسألون عن عملي، وأنا لا أُسأل عن عملكم. • الآية 42، والآية 43، والآية 44: ﴿ وَمِنْهُمْ ﴾ يعني: ومِنَ هؤلاء المشركين ﴿ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ أي يَسمعون تلاوتك للقرآن ولكنهم لا يَهتدون، ﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ﴾: يعني أفأنت - أيها الرسول - تَقْدر على إسماع الصُمّ؟ والجوابُ: لا، فكذلك أنت لا تقدر على هداية هؤلاء المشركين، لأنهم كالصمٌّ، حيثُ لا يَسمعونك سماع تدبُّر وانتفاع، ﴿ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ ﴾ يعني: وخصوصًا إذا كان عقلهم مَعدومًا، لأنهم قد سمعوا ما بِهِ تقومُ الحُجَّة عليهم. ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ﴾ أي يَنظر إلى هَدْيِكَ وأخلاقك وإلى أدلة نُبُوَّتك الصادقة، ومع هذا فهم لا يَهتدون، بسبب تكَبُّرهم عن الانقياد للحق، ﴿ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ ﴾: يعني أفأنت تقدر على أن تَخلق للعُمْي أبصارًايَهتدون بها؟! فكذلك أنت لا تقدر على هدايتهم، ﴿ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ ﴾ يعني: وخصوصًا إذا كانوا فاقدي البَصيرة، وإنما هدايتهم بإذن اللهِ وحده، فلا تحزن عليهم. • وفي هذا إشارة إلى أنّ عدم هدايتهم كان بسبب استحبابهم العَمَى على الهُدَى وإيثارهم للدنيا على الآخرة، ولذلك قال تعالى بعدها: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ﴾ ﴿ وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ أي يظلمون أنفسهم بالشِرك والمعاصي، لأنهم بذلك يُعَرِّضونها لغضب اللهِ وعقابه، (إذ يأتيهم الحق فلا يَقبلونه، فيُعاقبهم اللهُ بالطبع على قلوبهم، والخَتم على أسماعهم وأبصارهم). •الآية 45: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ أي واذكر أيها الرسول يومَ يَجمعهم اللهُ تعالى للبعث والحساب، فيَكونونَ ﴿ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا ﴾ أي كأنهم لم يَمكثوافي الدنيا (وهم أحياء) ولا في قبورهم (وهم أموات) ﴿ إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ﴾، فكأنهم قد نسوا في تلك اللحظة كل ما مَرَّ بهم في الدنيا وكل ما مَرَّ بهم في القبر، وذلك لِمَا شاهَدوه من أهوال القيامة، ولِطُولِ وقوفهم في حر الشمس، ولِتَغطية العرق لجميع جسدهم، وبسبب رؤيتهم لجهنم التي سيُعذبون فيها (والإنسان إذا عَظُمَ خوفه: نَسِيَ كل ما مَرَّ به مِن نعيمٍ أو عذاب، خاصةً إذا قارَنَ ذلك بعذاب الآخرة الأبدي). • وهم في هذا الموقف ﴿ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ﴾: أي يَعرف بعضهم بعضًا كحالهم فيالدنيا (واعلم أن هذا التعارف إنما هو تعارف توبيخ، حيث يقول بعضهم لبعض: (أنت أضللتَني وأعَنتَني على الكفر والشرك)، ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ﴾ حيث استبدلوا النعيم المقيم بالعذاب الأليم، ﴿ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ أي وما كانوا مُوَفَّقين لإصابة الرشد فيمافعلوا في الدنيا. • الآية 46: ﴿ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ﴾ يعني: وإمَّا أن نُرِيَكَ - أيها الرسول - في حياتك ﴿ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ﴾ من العقاب (كما حدثَ في بدر) ﴿ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾ قبل أن نُرِيَكَ ذلك فيهم: ﴿ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ﴾ فيالحالتين بعد موتهم ﴿ ثُمَّ ﴾ نُصيبهم بالعذاب الذي نَعِدهم، والذي استحقوه بأفعالهم، فقد كانَ ﴿ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ﴾ في الدنيا، لم يَخْفَعليه شيءٌ من أفعالهم. • الآية 47: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ﴾: أي وقد كانَ لكل أمّةٍ - مَضَتْ - رسولٌ أرسله اللهُ إليهم لِيُوَحِّدوهُ تعالى ويُطيعوه، ﴿ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ ﴾ في الآخرة لِيَشهد عليهم: ﴿ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ﴾ أي بالعدل ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾. • الآية 48، والآية 49: ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾: أي ويقول لك المشركون - أيها الرسول -: ﴿ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ﴾ أي متى تقوم هذه القيامة التي تَعِدوننا بها أنت ومَن اتَّبَعك ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾؟ ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴾: أي لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضَرًا، ولا أجلب لها نفعًا﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ أن يَدفع عني مِن ضرٍّ أو يَجلب لي مِن نفع، إذاً فكيف لي أن أُعَجِّلَ لكم العذاب، إذا كانَ اللهُ يريدُ تأجيله؟! وكيف لي أن أحدِّدَ لكم موعده؟! ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾: أي لكل قومٍ وقتٌلانتهاء أجلهم، فـ ﴿ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾ عنه ﴿ سَاعَةً ﴾ ليَعتذروا ويتوبوا، ﴿ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ أي ولا يَتقدم أجلهم عن الوقت المعلوم. • الآية 50، والآية 51: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء الذين يَستعجلونك بعذاب الله: ﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ أي أخبِروني ﴿ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا ﴾ أي وقت نومكم بالليل ﴿ أَوْ نَهَارًا ﴾ في وقت غفلتكم: أتطيقونه وتقدرون تحَمُّلَه؟! إذاً فـ ﴿ مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون ﴾: يعني فما الذي يَدفعكم أيها المشركون حتى تستعجلوا بنزول العذاب؟!، فإنه لا يَعودُ عليكم إلا بالهلاك. • وقد كان المتوقَّع أن يقول لهم سبحانه: (ماذا تستعجلون منه؟)، أي بصيغة المُخاطَب، لأنّ الخطاب كانَ موجهاً إليهم في قوله: ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا ﴾، ولكنه قال لهم: ﴿ مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون ﴾، أي بضمير الغائب، وذلك تهميشاً لهم واحتقاراً لشأنهم، واللهُ أعلم. • ثم قال تعالى: ﴿ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آَمَنْتُمْ بِهِ ﴾: يعني أبَعدَما وقع العذاب بكم: آمنتم به في وقتٍ لا يَنفعكم فيهالإيمان؟، وقيل لكم حينئذ: ﴿ آَلْآَنَ ﴾ تؤمنون به ﴿ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ إنكاراً له واستخفافاً به؟! • الآية 52: ﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ أنفسهم بالكفر والمعاصي: ﴿ ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ ﴾ أي العذاب الدائم، فـ ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ في حياتكم من الشرك والمعاصي؟ (والسؤال للتقرير والتوبيخ، وجوابه: نعم).[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. المصدر: منتدى همسات الغلا jtsdv hgvfu hgehge lk s,vm d,ks ;hlgh fHsg,f fsd' H, hgehge hgvfu fHsg,f fsd' jtsdv d,ks s,vm ;hlgh |
26-06-2021, 10:19 PM | #4 |
| طرح في غاية الروعة بارك الله فيك جزاك الله خيـــر على الطرح القيم وجعله الله في ميزان حسناتك وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه الله لايحرمنا من جديــدك |
|
27-06-2021, 09:49 PM | #7 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أو , الثالث , الربع , بأسلوب , بسيط , تفسير , يونس , سورة , كاملا |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير الربع الأول من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط | البرنس مديح ال قطب | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 14 | 17-07-2021 03:06 AM |
تفسير الربع الثاني من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط | البرنس مديح ال قطب | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 12 | 17-07-2021 03:05 AM |
لطفاً عدم التعليق لحين إكتمال الموسوعة | تيماء | (همسات الصوتيات والفلاشات الاسلاميه ) | 16 | 27-03-2020 10:35 AM |
تفسير الربع الأول من سورة النور|فعالية اكسبريس المنتدى | البرنسيسه فاتنة | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 17 | 31-12-2018 12:22 PM |
التفسير الصوتي للمصحف كاملا للشيخ بن سعدي | سابين | (همسات الصوتيات والفلاشات الاسلاميه ) | 30 | 17-06-2014 06:20 AM |