الإهداءات | |
#1
| ||||||||||
| ||||||||||
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا بسم الله الرحمن الرحيم قال ﷻ [ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ] [البقرة: 216] . في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد ، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب ، والمحبوب قد يأتي بالمكروه ، لم يأمن أن توافيه المضره من جانب المسرة ، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد أوجب له ذلك أموراً : منها : أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الإبتداء ، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع . وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه ، فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب ، وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير ، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل . فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ إلى غاياتها ، والعاقل الكيّس دائماً ينظر إلى الغايات من وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة ، فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سمُّ قاتل ، فكلما دعته لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم ، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفضٍ إلى العافية والشفاء ، وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعهُ بالتناول . ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها ، وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية ، فإذا فقد اليقين والصبر تعذّر عليھ ذلك ، وإذا قوي يقينه وصبره هان عليه كلَّ مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة . ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور ، والرضا بما يختاره له ويقضيه له ، لما يرجو فيه من حسن العاقبه . ومنها : أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم ، فلعل مضرَّته وهلاكه فيه وهو لا يعلم ، فلا يختار على ربه شيئاً بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك . ومنها : أنه إذا فوّض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له أمدَّه فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر ، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه ، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه . ومنها : أنه يريحه من الأفكار المتبعة في أنواع الإختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في آخرى ، ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليھ ، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه ، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه ، لأنه مع اختياره لنفسه ، ومتى صح تفويضه ورضاه ، اكتنفه في المقدور والعطف عليه واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه ، فعطفه يقيه ما يحذره ، ولطفه يهون عليه ما قدّرهُ . إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده ، فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحاً كالميته ، فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف . والله أجل وأعلم . بسااااااااااااااااااااااااااااام المصدر: منتدى همسات الغلا ,QuQsQn HQkX jQ;XvQiE,h aQdXzWh ,QiE,Q oQdXvR gQ;ElX jEpAf~E,h lEkX gQ;ElX jEpAf~E,h jQ;XvQiE,h oQdXvR |
17-02-2021, 05:49 PM | #3 |
| جزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك وسلمت اناملك |
|
17-02-2021, 10:30 PM | #5 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات |
|
17-02-2021, 11:10 PM | #6 |
| الف شكر على موضوعكـ الراقي وجزاك الله خيرًا |
|
18-02-2021, 06:15 AM | #7 |
| بارك الله فيكم جميعا على مروركم الكريم وتشريفكم لمتصفحي المتواضع بسااااااااااااااااااااااااااااام |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
مُنْ , لَكُمْ , تُحِبُّوا , تَكْرَهُوا , خَيْرٌ , شَيْئًا , وَعَسَى , وَهُوَ |
|
|
كاتب الموضوع | بسام البلبيسي | مشاركات | 14 | المشاهدات | 72 | | | | انشر الموضوع |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قال تعالى(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) | تيماء | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 49 | 21-02-2018 10:16 AM |
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ | عازف الليل مونامور | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 11 | 13-12-2017 06:18 AM |
تفسير سورة الكهف كاملة والكمال لله سبحانة | ابو ملاك | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 15 | 15-05-2014 08:46 PM |
تفسير سورة البقرة كاملة والكمال لله سبحانة | ابو ملاك | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 16 | 15-05-2014 08:15 PM |