06-02-2021, 12:55 AM
|
|
SMS ~
[
+
] | | | لوني المفضل Crimson | رقم العضوية : 3158 | تاريخ التسجيل : 19 - 7 - 2012 | فترة الأقامة : 4540 يوم | أخر زيارة : 20-05-2023 (09:06 PM) | الإقامة : في عالم الأحزان | المشاركات :
944,607 [
+
] | التقييم :
2147483647 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
الثبات والتثبت في أمور الدين . . . . . . . . . . . . الثبات والتثبت أمران مهمان في حياة كل مسلم ومسلمة، ويحتاجهما على الأخص طلاب العلم وحملة الشريعة، لكثرة الفتن والشُّبَه والدعوات المغرضة، والمغريات الدنيوية، والثبات هو: الصبر والاستقامة على الحق، والتثبت هو: التوثق والتأني في النقل والحكم والكلام، وعدم الخوض في أمر إلا ببينة واضحة ساطعة، وقدكان أكثر دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال أَنسٍ: "كان رَسولُ الله يُكْثِرُ أنْ يقولَ: "يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي على دِيِنكَ" فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: "نَعْم، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الله يُقَلِّبُهَا كَيْفَ شاَءَ"[1]. القلوب هي محل التقلب وعدم الثبات لكثرة ما يعرض لها، ولذا كانت العناية بها من أهم الأمور وأصعبها وأشقها، نسأل الله الثبات على دينه، والثبات على الحق والمنهج السليم، وعدم التذبذب والتنقل هنا وهناك، هو من صفات أهل السنة من سلف هذه الأمة. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالاً من قول إلى قول، وجزماً بالقول في موضع، وجزماً بنقيضه، وتكفير قائله في موضع آخر، وهذا دليل عدم اليقين، فإن الإيمان كما قال فيه قيصر لما سأل أبا سفيان عمن أسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له، بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب، لا يسخطه أحد" ولهذا قال بعض السلف عمر بن عبد العزيز أو غيره: "من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل". وأما أهل السنّة والحديث فما يُعلم أحد من علمائهم، ولا صالح عامتهم رجعٌ قط عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبراً على ذلك، وإن امتحنوا بأنواع المحن، وفتنوا بأنواع الفتن، وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين، كأهل الأخدود ونحوهم، وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة، حتى كان مالك رحمه الله يقول: "لا تغبطوا أحداً لم يصبه في هذا الأمر بلاء". يقول: إن الله لا بد أن يبتلي المؤمن، فإن صبر رفع درجته، كما قال تعالى: ﴿ آلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت:1- 3] وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة:24].
وقال تعالى: ﴿ وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر:1 - 3]. ومن صبر من أهل الأهواء على قوله، فذاك لما فيه من الحق، إذ لا بد في كل بدعة ـ عليها طائفة كبيرة ـ من الحق الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويوافق عليه أهل السنّة والحديث: ما يوجب قبولها، إذ الباطل المحض لا يقبل بحال. وبالجملة: "فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنّة أضعاف أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة"[2]. وأما التثبت فهو دليل على ثبات المرء ورسوخه وعقله وبصيرته وعلمه وحكمته، والتثبت يكون في القول على الله تبارك وتعالى بما لم يعلمه الشخص: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:33]
والتثبت يكون في القول على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونسبة شيء له أو ضده، كل ذلك من عدم التثبت وهو من الكذب، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ كذِباً عليَّ ليسَ ككذِبٍ على أحد، من كذبَ عليَّ متعمداً فليَتبوَّأْ مَقعدَهُ منَ النارِ"[3] فالذي يقول بأن رسول الله أباح كذا وهو على غير صواب فهذا كذب، صاحبه سيتبوأ مقعداً في النار، نسأل الله السلامة. والتثبت يكون أيضاً في نسبة الأقوال لأهل العلم والفضل،إما بسوء فهم، أو عدم التوثق من النقل وهذا باب عريض يحصل بسببه نسبة أقوال وآراء لأئمة وتقويلهم مالهم يتفوهوا به، أو يتكلموا به فيحصل شر عظيم من جراء ذلك، وهذا موطن فساد كبير. وظلم عريض لعلماء الأمة. وكم قيل عن إمام من أئمة الإسلام بأنه يقول كذا أو يسمع كذا...!! وكل ذلك من باب الظن والكذب الصرف، المبني على الطيش والعجلة، وادعاء الفهم والعلم والتحقيق؟! والتثبت أيضاً يكون على آحاد الناس ونقل كلام عنهم لم يقولوا به، والتساهل في نشر أي كلام يسمعه دون تثبت وتحقق، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"[4]. إذا تقرر هذا فليعلم بأنه حدثت البلوى في هذا الزمان، وكثرت المصائب والمحن، من عدم ثبات البعض على المنهج السديد، وعدم التثبت في طرح الآراء والأقوال، ففي يوم يقول أحدهم رأياً وبعد مدة يقول بضده! أو يُولع بنشر آراء غريبة، وأقوال ضعيفة، فهو متذبذب الرأي، مشوش الفهم متناقض الأقوال، بل هؤلاء يفتقدون الحكمة في نشر ما يرونه، فلا حكمة، ولا حلم، ولا فقه متين ولا ورع، وحصلت بسبب ذلك العديد من الانتكاسات والإشكالات عند عموم المسلمين، وسُرَّ بذلك أعداء الدين المتربصين، وهذا أصبحنا نراه بارزاً في أمور الفتوى وقضايا البحث الشرعي لبعض المسائل، التي خالفت فتوى العلماء في القديم والحديث بدعوى هذا اجتهاد مني! ورأي بعد بحث ودراسة! حتى تبلبلت أذهان الناس، ووقع بعضهم في حيرة من أمرهم؟ ووجب معرفة من هم أهل الفتوى فهذا العلم دين كما قال محمد بن سيرين: "إِنَّ هٰذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ"[5]. وفي هذا يقول شيخنا الإمام سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "أهل الفتوى هم الذين قد تفقهوا في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وحصلت لهم معرفة جيدة بما أحل الله وبما حرم الله، وما أوجب الله وشهد لهم أهل العلم والفقه والخير بالمعرفة وأنهم أهل لأن يفتوا، ولا ينبغي أن يستفتى كل أحد، ولو انتسب إلى الدين أو إلى العبادة أو إلى العلم حتى يسأل عنه أهل العلم ، ويتبصر السائل بواسطة العارفين به والذين يطمئن إليهم أنهم أهل علم حتى يذكروا له أنه أهل للفتوى، وأهل لأن يفتي في الحلال والحرام ونحو ذلك. المقصود أن هذا يحتاج إلى تثبت في الأمر وعدم تساهل، فليس كل من انتسب إلى الدين أو إلى العبادة أو إلى العلم يصلح لذلك، بل لا بد من فقه في الدين، وتبصر ولا بد من ورع وتقوى لله، ولا بد من حذر من تسارع في الفتوى والجرأة عليها بغير علم وبغير حق، ولا حول ولا قوة إلا بالله". وقال - رحمه الله - ناصحاً المستفتين والمفتين بكلام دقيق نفيس لمن تبصره: "نصيحتي للقراء أن لا ينجرفوا مع كل مفتي، وأن يعرضوا فتاوى الناس على كلام الله وكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأن يعظموا ما عظمه الله ورسوله، وأن ينتهوا عما نهى الله عنه ورسوله، وأن يسألوا أهل العلم المعروفين بالاستقامة والغيرة الإسلامية والعلم الشرعي وأن لا ينجرفوا مع كل فتوى، فعليهم أن يتثبتوا وأن يحذروا حتى لا يقعوا في الباطل. أما وصيتي ونصيحتي للمفتين فعلينا جميعاً تقوى الله، وأن لا نفتي إلا بما يوافق الحق، وأن نحذر التساهل أو الميل إلى أهواء الناس وما يرضيهم، فإن الناس أكثرهم لا يرضيه إلا الباطل، فالواجب على المفتي أن يتقي الله، وأن يخاف الله، وأن يراقب الله، وأن لا يفتي إلا بما يظهر له من كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- بعد التثبت وبعد النظر والعناية، وبعد مراجعة أهل العلم، والاستعانة بما ذكروه في كتبهم حتى تكون الفتوى على بينه، وعلى بصيرة نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق"[6]. أسأل الله تعالى الثبات على دينه، وأن يجعلنا متثبتين في جميع أمورنا، وأن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وأسأله تعالى أن يصلح أحوالنا جميعاً، والحمد لله رب العالمين. [1] أخرجه الترمذي (2163) وابن ماجه (3917) وأحمد (11852) بسند حسن.
[2] مجموع الفتاوى (4/43).
[3] أخرجه البخاري (1268) ومسلم (5).
[4] أخرجه مسلم (7).
[5] أخرجه مسلم (26).
[6] الموقع الرسمي لسماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله. سعد بن عبدالله السعدان |
. . .. |
. . . |
. . . . |
hgefhj ,hgjefj td Hl,v hg]dk hgefhj hg]dk td |