#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
مصر قبل الفتح الإسلامي وبعدة كانت مصر محتلةً من الرومان منذ هزيمة كليوباترا على يد أوكتافيوس سنة 31 قبل الميلاد، وعندما سقطت الدولة الرومانية الغربية سنة 476 ميلادية (أي قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي مائة عام) آلَت أملاك الدولة الرومانية الغربية -ومنها مصر- إلى الدولة الرومانية الشرقية. وهكذا تحولَّت مصر في عهود الرومان إلى مخزن يمدُّ الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء، وفقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، وإن كان الرومان قد حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز المصرية كصورة فقط؛ وذلك لتجنُّب ثورة الشعب. وتمَّ فرض الضرائب الباهظة جدًّا بمختلف أنواعها على الشعب المعدم، حتى تجاوزت الضرائب الأحياء -في سابقة تاريخية- إلى الأموات، فلم يكن يُسمح بدفن الميت إلا بعد دفع ضريبة معينة! وتتبع الرومان قادة الأقباط المصريين بالقتل والتعذيب، حتى اضطروهم إلى الهرب إلى الصحراء، وإقامة أماكن عبادتهم في مناطق نائية أو مهجورة؛ وذلك حفاظًا على حياة مَنْ تبقى منهم [1]. ولكن أعظم ابتلاءٍ وأشدَّ تنكيلٍ نزل بمسيحيي مصر كان على يد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولَّى عرش الإمبراطورية الرومانية عام 284م، فقد طالبَ المصريين أن يضعوه موضع الألوهية المصدر: منتدى همسات الغلا lwv rfg hgtjp hgYsghld ,fu]m Hsv hgtjp hgYsghld ,jydf rfg |
22-05-2020, 12:05 PM | #2 |
| جاء الفتح الإسلامي لمصر عام 640 - 642م، وهذا الفتح لم يكن على أي نسقٍ سابق أو لاحق، وبالرغم من أن الفتح الإسلامي قد محا كل أثر لأي غزو سابق، وبالرغم من أن أرض الكنانة مصر تعرضت لغزوات واحتلال بعد ذلك، فإن أيًا منها لم يستطع أن يغير شيئًا من نتائج الفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وعلى إثر هذا الفتح ظلت مصر عربية إسلامية إلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة بإذن الله، وكان دخول المسلمين مصر في أعقاب دول وحضارات سبقت، بدأت بالفرعونية ثم الرومانية فالقبطية والبيزنطية. المقوقس: لم تكن كلمه "المقوقس" اسما لرجل، إنما كانت لقبا أو اسما لوظيفة، فهي كلمة يونانية معناها المفخم أو المبجل، كما نقول اليوم: صاحب الجلالة أو السمو، أو عظمة السلطان أو فخامة الرئيس. وقد ظهر هذا اللفظ أول ما ظهر في تاريخنا في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط، ثم عاد إلى الظهور مرة أخرى في أحداث فتح مصر. ونذهب إلى أنه لم يكن مقوقسا واحدا، إنما كان هناك مقوقسان: أولهما الذي تلقى رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه جورج، وكان هو الحاكم الرومي من قِبَلِ القسطنطينية، وكانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه إلى الإسلام، وبالرغم من أنه لم يسلم لكنه أجاب جوابا جميلا، وبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الهدايا. أما المقوقس الثاني فقد ذكرته المصادر العربية باسم "فيرس"،وكان هو الحاكم الرومي من قبل هرقل على ولاية مصر، كما كان البطرك الملكاني لكنيسة الإسكندرية، فاجتمعت في يده السلطتان. ولكن بنيامين تزعم القبط في رفض هذا المذهب الملكاني، وراح المقوقس يحارب القبط ومذهبهم ويضطهدهم لإجبارهم على مذهبه، حتى صار اسمه مفزعا للقبط كريها لديهم، ويذكر مؤرخو القبط أنهم ولمدة عشر سنين كانوا يخيرون بين قبول مذهب خلقيدونية أو الجلْد أو الموت، حتى قال بتلر: " علينا أن نبين هنا بيانا لا شك فيه أنه لم يكن في ذلك الوقت شيء اسمه القبط في ميدان النضال، ولم تكن منهم طائفة لها يد فيه، بل كان القبط إذ ذاك بمنحاة عنه، قد أذلهم قيرس وأرغم أنوفهم". ثم جاء المسلمون وفتحوا الفرما ثم بلبيس ثم هزموا الروم في عين شمس وحاصروا حصن بابليون وكان به المقوقس، ثم عبر إلى جزيرة (الروضة) في 6 يونيه 641م، وبعث إلى عمرو ليفاوضه، ومال المقوقس إلى الصلح ولكن من معه عارضوه، فرحل إلى الإسكندرية في النهر، واستاء منه هرقل فاستدعاه إلى القسطنطينية، ورفض الصلح وأسلمه إلى حاكم المدينة ليهينه ويشهر به ثم نفاه. ومات هرقل وكانت زوجته مارتينا ذات نفوذ؛ وكان سيروس من حزبها فأعيد إلى الإسكندرية ومعه أمداد من جند الروم، وعاد إلى عسفه بالقبط، ثم قدم على عمرو في بابليون وأذعن له بأداء الجزية، واتفق معه على تسليم الإسكندرية بعد 11 شهرا!! العلاقة بين مصر والدولة الإسلامية قبل الفتح لم تبدأ علاقة المسلمين بمصر بفتحها على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وإنما سبق ذلك مقدمات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم في خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.. ففي شهر ذي الحجة من العام السادس حدث صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، وقضت شروط الصلح بهدنة بين الطرفين مقدارها عشر سنوات، وما إن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى بعث كتبه مع مبعوثه إلى الملوك من حوله يدعوهم إلى الإسلام. فقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله، وأثنى عليه وتشهد ثم قال: «أما بعد، فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك العجم، فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب الأسدي إلى كسرى، وبعث دحية بن خليفة إلى قيصر (هرقل)، وبعث عمرو بن العاص إلى ابني الجلندي أميري عمان. مضى حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس، وأترك سيدنا حاطب رضي الله عنه يتحدث عن نفسه إذ يقول: "ثم توجهت أريد مصر ولم أزل إلى أن أتيتها، فلما وصلت إلى باب الملك، قالوا: من أين جئت؟ قلت: أنا رسول إلى ملككم، فقالوا: من عند من؟ قلت: من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمعوا بذلك أحاطوا بي وأوصلوني إلى قصر الشمع بعد أن استأذنوا لي، وأوقفوني على باب الملك فأمرهم بإحضاري بين يديه، فعقلت راحلتي وسرت معهم عند المقوقس، فأومأت بتحية الإسلام، فقال حاجبه: يا أخا العرب، أين رسالتك؟ قال: فأخرجت الكتاب، فأخذه الملك من يدي بيده. قال: فباسه ووضعه على عينيه، وقال: مرحبا بكتاب النبي العربي، ثم قرأه وزيره فقال له: اقرأه جهراً؛ فإنه من عند رجل كريم، فقرأه الوزير إلى أن أتى إلى آخره، وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام، فَأَسْلِمْ تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] فقال الملك لخادمه الكبير: هات السفط الذي عندك؛ فأتى به ففتحه واستخرج نمطا ففتح ذلك النمط، وإذا فيه صفة آدم وجميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وفي آخره صفة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال لي: صِفْ صاحبك حتى كأني أراه. قال حاطب: ومن يقدر أن يصف عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لابد من ذلك، قال: فوقفت بعدما كنت جالسا، وقلت: إن صاحبي وسيم قسيم، معتدل القامة، بعيد الهامة، بين كتفيه شامة، وله علامة كالقمر إذا برز، صاحب خشوع وديانة، وعفة وصيانة، صادق اللهجة، واضح البهجة، أشم العرنين، واضح الجبين، سهل الخدين، رقيق الشفتين، براق الثنايا، بعينيه دعج، وبحاجبيه زجج، وصدره يترجرج، وبطنه كطي الثوب المدبج، له لسان فصيح، ونسب صحيح، وخُلُقٌ مليح. قال: والملك ينظر في النمط، فلما فرغت قال: صدقت يا عربي هكذا صفته، فبينما هو يخاطبني إذ نُصِبت الموائد، وأحضروا الطعام؛ فأمرني أن أتقدم فامتنعت، فتَبَسَّمَ وقال: وقد علمتُ ما أُحِلَّ لكم وحُرِّمَ عليكم، ولم أقدم لك إلا لحم الطير، فقلت: إني لا آكل في هذه الصحاف الذهب والفضة؛ فإن الله قد وعدنا بها في الجنة، قال: فبدلوا طعامي في صحاف فخار فأكلت، فقال: أي طعام أحب إلى صاحبك؟ فقلت: الدباء (يعني: القرع)، فإذا كان عندنا منه شيء آثرناه على غيره. فقال: ففي أي شيء يشرب الماء؟ فقلت: في قعب من خشب. قال: أيحب الهدية؟ قلت: نعم؛ فإنه قال صلى الله عليه وسلم: «لو دُعِيتُ إلى كراع لأجبت، ولو أُهديَ إليَّ ذراع لقبلت». قال: أيأكل الصدقة؟ قلت: لا، بل يقبل الهدية ويأبى الصدقة، وقد رأيته إذا أُتِيَ بهدية لا يأكل منها حتى يأكل صاحبها. فقال الملك: أيكتحل؟ قلت: نعم، في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين، وقال: "من شاء اكتحل أكثر من ذلك أو أقل" وكحله الإثمد، وينظر في المرآة، ويرجل شعره، ويستاك. فقال المقوقس: إذا ركب ما الذي يحمل على رأسه؟ فقلت: راية سوداء ولواء أبيض، وعلى اللواء مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله. فقال: أله كرسي يجلس عليه أو قبة. قلت: نعم، له قبة حمراء تسع نحو الأربعين. قال: فما الذي يحب من الخيل؟ قلت: الأشقر الأرتم الأغر المحجل في الساق، وقد تركت عنده فرسا يقال لها: المرعد. قال: فلما سمع كلامي انتخب من خيله فرسا أفخر خيول مصر الموصوفة، وأمر به فأسرج وألجم، فأعده هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فرسه المأمون، وأرسل معه حمارا يقال له: عفير، وبغلة يقال لها: دلدل، وجارية اسمها: بريرة وكانت سوداء، وجارية بيضاء من أجمل بنات القبط اسمها: مارية، وغلام اسمه: محبوب، وطيب وعود وند ومسك وعمائم وقباطي، وأمر وزيره أن يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا يقول فيه: "باسمك اللهم، من المقوقس إلى محمد، أما بعد؛ فقد وصل كتابك وفهمته، أنت تقول: إن الله أرسلك رسولا وفضلك تفضيلا وأنزل عليك قرآنا مبينا، فكشفنا - يا محمد - خبرك، فوجدناك أقرب داع إلى الله وأصدق من تكلم بالصدق، ولولا أنني ملكت مُلكا عظيما لكنت أول من آمن لعلمي أنك خاتم النبيين وإمام المرسلين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته مني إلى يوم الدين. قال: وسلم الكتاب والهدية إلي و قبلني بين عيني، وقال: بالله عليك قَبِّلْ بين عيني محمد عني هكذا، ثم بعث معي من يوصلني إلى بلاد العرب وإلى مأمني. قال: فوجدنا قافلة من بلاد الشام وهي تريد المدينة فصحبتها إلى أن وردت المدينة، فأتيت المسجد وأنخت ناقتي ودخلت، وسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم |
|
22-05-2020, 12:14 PM | #3 |
| دوافع فتح مصر لم يكن فتح مصر عشوائيًّا، وإنما كان ذلك بخطة محكمة ودراسة مسبقة، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل؛ منها ما هو ديني أو عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو غير ذلك. 1- الدافع الديني: يتمثل هذا الدافع في رغبة المسلمين في الاضطلاع بأعباء الدعوة الإسلامية العالمية، وضرورة أداء أمانة تبليغها إلى العالمين لإبراء الذمة أمام الله، وقد سبق للمسلمين في عهد الرسول دعوة المقوقس إلى الإسلام سلميًّا، فقد أرسل له النبي الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة، وكذلك أبو بكر الصديق أرسل إليه حاطبًا مرة أخرى، وفي عهد عمر بن الخطاب أرسل إليه كعب بن عدي بن حنظلة التنوخي، فما كان من المقوقس إلا أن اكتفى بالرد الحسن. ولما كانت مصر خاضعة للإمبراطورية البيزنطية كان من الضروري مواجهة جند هذه الإمبراطورية على أرض مصر؛ ذلك أنهم يحولون بين المصريين وبين الدخول في الإسلام. لقد تطلع المسلمون إلى فتح مصر بعد ورودها في كثير من المواضع في القرآن الكريم عند التعرض لقصص الأنبياء الأولين، وتبشير النبي بفتحها وتنويهه بجندها، وتوصيته بأهلها خيرًا، ومن أجل ذلك كله حرص المسلمون على فتحها. 2- الدافع العسكري: كان هذا الفتح طبيعيًّا لأن مصر هي الامتداد الطبيعي الجنوبي لفلسطين، كما أن فتح ما فُتِحَ من مدن فلسطينية قد أجهد البيزنطيين، ولا بد من ضربة قاصمة لوجودهم في هذه الأماكن الجنوبية فكان ذلك. ومن ناحية أخرى فإن "أرطبون" قائد بيت المقدس قد انسحب منها بنظام إلى مصر لإعادة المقاومة، ودفع المسلمين عن الشام ثانية، ولذلك استدعى الأمر مباغتة هؤلاء والإيقاع بهم قبل تزايد خطرهم واستعمال قوتهم. كما أن الاستيلاء على ما في مصر من ثغور وسفن سوف يمكِّن المسلمين من إخضاع مدن الشام الشمالية الواقعة على البحر المتوسط، والتي كانت لا تزال تقاوم المسلمين، ففتح مصر ضرورة حربية ملحة تكميلاً لفتح بلاد الشام؛ لأن الإمبراطورية البيزنطية كانت تسيطر على الشام ومصر وبلاد المغرب، وتلك البلاد -عسكريًّا- تعد منطقة واحدة؛ إذ إن فتح جزء منها يستلزم فتح الأجزاء الأخرى نتيجة التعرض للصدام مع عدو واحد يحتلها. وكذلك كان من الممكن عند إغفال فتح مصر مهاجمة البيزنطيين دار الخلافة عن طريق البحر الأحمر، فتهبط قواتهم إلى ميناء جدة أو الجار، وتتم مهاجمة الحجاز. وكان من دواعي فتح مصر أيضًا أن البيزنطيين حاولوا استرداد الشام من المسلمين، وأرادوا عرقلة جهودهم للتوجه جنوبًا، وهاجموهم من شمال الشام، فشعر المسلمون أنهم محاصرون بين قوات بيزنطة في آسيا الصغرى وقواتهم في مصر. أضف إلى ذلك أيضًا سهولة فتح مصر الذي لن يكلف العرب المسلمين سوى القليل من الأرواح والأموال؛ لقلة التحصينات بها. كما أن معرفة عمرو بن العاص t لمصر ودرايته بها، وهو القائد المختار لفتح البلاد، وَفَّرَ على المسلمين كثيرًا من المعاناة والتكاليف. إضافة إلى أن أغلب الجند الذين اشتركوا في الفتح كانوا من العناصر اليمنية، وأغلبهم من قبيلتي غافق وعك على وجه الخصوص، وهؤلاء اليمانية مهروا في قتال الحصون الساحلية، واشتركوا مع عمرو في فتح الحصون ببلاد الشام، فهم أقدر الناس على فتح مصر ومعالجة شئونها العسكرية، كما كانوا على دراية ببناء المدن واختطاطها، والإلمام بالزراعة، فهم من هذه الناحية العسكرية أقدر الناس على تفهم أمور مصر ومعالجة شئونها. 3- الدافع السياسي الاقتصادي: وهو يتعلق بما تَجَمَّع لدى المسلمين من معلومات عن أوضاع مصر السيئة في ظل حكم البيزنطيين، وما تَرَدَّتْ إليه أوضاعها الاقتصادية نتيجة المظالم المادية، والنهب المنظم لثروات البلاد لصالح الغرباء عنها. ويُضَافُ إلى ذلك الصراع الديني المذهبي الذي أَجَّجَ العداوة والأحقاد بين عامة الشعب من القبط، وبين البيزنطيين. أدرك المسلمون ذلك كله، وأدركوا معه غنى مصر وثراءها، وعلموا أن ضمها إلى بلدان الإسلام يضمن انتعاشًا في اقتصاد المسلمين، ويوفر لهم الأموال التي تساعد على مزيد من الفتوح، إضافة إلى أن مصر كانت مركزًا رئيسيًّا لتمويل بيزنطة بالقمح، ومع انهيار الجيش البيزنطي، وما حَلَّ بمصر من ضعف وانقسام كانت الفرصة مواتية للإقدام على فتح مصر. |
|
22-05-2020, 12:22 PM | #4 |
| من الفرما.. إلى حصن بابليون بعد موافقة الخليفة عمر والمجلس العسكري على فتح مصر وخطة الفتح، تحرك الجيش الإسلامي بقيادة عمرة بن العاص وتحت قيادته دون أربعة الآلاف مقاتل معظمهم من الفرسان. سار عمرو بجيشه من قَيْسارِية، حتى إذا مَرَّ بجبل الحلال قبل أن يبلغ العريش، وكانت تنزل به قبائل من راشدة ومن لخم انضمت إليه، فأصبحت قواته أربعة آلاف سار بهم إلى مصر. وكان عمرو قد جاء من بلاد الشام في ثلاثة آلاف وخمسمائة ثم صاروا أربعة آلاف بمن انضم إليهم من راشدة ولخم توجه عمرو إلى العريش فأدركه عيد النحر (10 من ذي الحجة سنة 19هـ) كما ذكر ذلك البلاذري، فَضَحَّى عن أصحابه بكبش، وذلك اليوم كان يوافق 29 من نوفمبر 640م. وهنا وقع حادث بسيط ولكنه يكشف عن نفسية عمرو ونوعيته كقائد مسلم.فقد هلك جمل لرجل ممن خرج معه من الشام، فجاء إلى عمرو ليجد له ما يركبه، وكانوا في البادية فقال له عمرو: تحمل مع أصحابك حتى تبلغ أول العامر. فلما بلغوا العريش عاد إليه الرجل فأمر له عمرو بجملين وقال له: "لن تزالوا بخير ما رحمتكم أئمتكم، فإذا لم يرحموكم هلكتم وهلكوا"!! فكان عمرو يدرك مسئوليته عن أصحابه وعن ركائبهم، وأنه يَهْلك ويُهلك أصحابه إن لم يرحمهم ويدبر لهم ما يحملهم عليه. ولما بلغ المقوقس مجيء جيش المسلمين إلى مصر أرسل جيشًا لملاقاة عمرو، فتلاقيا على الفرما فكان أول قتال. والفرما: مدينة من أقدم الرباطات المصرية بقرب الحدود الشرقية لمصر، وكانت في زمن الفراعنة حصن مصر من جهة الشرق؛ لأنها في طريق المغيرين على مصر اسماها القديم "بر آمون" أي: بيت الإله آمون، ومنه اسمها العبري "بَرَمُون"، والقبطي "برما"، ومن هذا أتى الاسم العربي وهو الفرما، وكانت الفرما تستقي الماء قديمًا من الفرع البيلوزي للنيل، وقد اندثرت هذه المدينة وتعرف اليوم آثارها بتل الفرما، على بعد ثلاثة كيلو مترات من ساحل البحر الأبيض المتوسط، وعلى بعد 23 كيلو مترًا شرقي محطة الطينة الواقعة على السكك الحديدية التي بين بورسعيد والإسماعيلية. |
|
22-05-2020, 12:28 PM | #5 |
| ثم سار من الفرما لا يُدافَع إلا بالأمر الخفيف حتى نزل القواصر، ولا بد إن كان عمرو قد حدد من قبل وجهته على أرض مصر أن يكون هدفه الأساسي هو مدينة الإسكندرية التي زارها من قبل في الجاهلية؛ فهي عاصمة البلاد، وتتصل بالقسطنطينية بحرًا وبكافة موانئ الدولة على بحر الروم، وهي أكبر حاضرة في مصر منذ بناها الإسكندر الأكبر، ولكي يزول حكم الروم تمامًا عن مصر فإنه يتعين إخراجهم من كل شبر من أرضها، فكيف يكون طريقه إليها؟ لا بد أنه قد حدد مساره؛ هل يخترق أرض الدلتا بزروعها وأنهارها وفيض مائها، أو يدور حولها من جنوبها إلى غربها ويساير الصحراء حتى يصل إلى الإسكندرية؟ اختار عمرو الخيار الثاني، وهو الطبيعي والمنطقي، فالسير في الصحراء أفضل للعربي ودوابه من التورط بين الحقول وأوحالها، خاصة وقد كان الفصل شتاء، ولو أنه لا فيضان للنيل في هذا الفصل فإن احتمال سقوط الأمطار وارد، هذا فضلاً عن تعدد فروع النيل وبحيرات شمال الدلتا. كما أن هذا الاختيار هو الضروي حربيًّا فإن هناك من حصون الروم ما لا بُدَّ من تصفيته قبل الوصول إلى الإسكندرية؛ حتى لا يتركها مشحونة بالجنود وراء ظهره. وقرر عمرو أن يكون هدفه الأول هو حصن بابليون؛ فهو أكبر هذه الحصون وأحصنها، ومكانه على الساحل الشرقي لنهر النيل، وموقعه الحالي بحي مصر القديمة من مدينة القاهرة، فهو بين دلتا النيل وصعيد مصر، وكانت الإسكندرية ذاتها قلعة يحيط بها سور حصين، كما كانت هناك حصون في أم دنين، ومكانها اليوم من مدينة القاهرة أيضًا، (وأتريب) نواحي بنها، ومنوف ونقيوس وسخا وكريون، وفي الصعيد كانت حصون أخرى؛ فموقع حصن بابليون لم يكن عبثًا، وإنما كان عن اختيار حربي سديد. سار عمرو من القواصر لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس (حوالي 45 كيلو مترًا) مسيرة يوم، فقاتل حاميتها نحوًا من شهر، حتى فتح الله عليه حوالي 9 من شهر جمادى الأولى 20هـ/ 24 أبريل 641هـ. ثم سار لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أم دنين (مسافة 70 كيلو مترًا) مسيرة يومين، فقاتل الروم بها قتالاً شديدًا، وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر بن الخطاب يستمده، فأمده بأربعة آلاف لاستكمال الفتح. يقول ساويرس بن المقفع عن المسلمين: وكانت أُمَّة مُحبَّة للبرية؛ فأخذوا الجبل حتى وصلوا إلى قصر (حصن) مبني بالحجارة بين الصعيد والريف يسمى بابليون، فضربوا خيامهم هناك حتى ترتبوا لمقاتلة الروم ومحاربتهم. بطبيعة الحال بلغ المقوقس -وهو حاكم مصر من قبل الدولة البيزنطية وكان مقره بالإسكندرية- قدوم عمرو بن العاص بجيشه، وكان يتابعه وهو يتحرك على أرض مصر، فتوجه من الإسكندرية إلى حصن بابليون لملاقاة المسلمين، جاء خبر قدوم عمرو بجيش من المسلمين إلى البطرك بنيامين المختفي في صعيد مصر، فكتب إلى القبط على أرض مصر يعلمهم أنه لا يكون للروم دولة، وأن ملكهم قد انقطع، ويأمرهم باستقبال عمرو!! ولا بد أن البطرك بنيامين قد علم بانتصار المسلمين من الإنجيل، كما علم بانتصارات المسلمين على الفرس بالعراق وعلى الروم ببلاد الشام، وتراجع هرقل إلى عاصمته، كما كان بنيامين مطلوبًا من الروم لإعدامه كما أعدموا أخاه مينا، وصبوا عذابهم على قبط مصر، ولعله أيضًا أن يكون قد علم بمعاملة المسلمين لأهل العراق والشام، فليس غريبًا - بل منطقيًّا - أن ينحاز بالقبط إلى جانب المسلمين. |
|
22-05-2020, 12:49 PM | #6 |
| وصل عمرو بن العاص بجيشه حتى حصن بابليون، وكان الروم قد خندقوا حول حصنهم استمرار الحصارخندقًا وجعلوا له أبوابًا، ونثروا بأفنية الأبواب سكك الحديد موانعَ للخيل والرجال، وكان الجيش الذي مع عمرو قليل العدد وأمامه حصن حصين، فكان يقسم أصحابه ليوهم الروم أنهم أكثر عددًا، توقف عمرو أمام الحصن يقاتل الروم قتالاً شديدًا، وأبطأ الفتح فلم يحرز نصرًا حاسمًا؛ فقد كان الروم يلوذون بحصنهم، وقد كان التفوق في تلك الاشتباكات للمسلمين لإزاحة الروم المسلمين عن حصنهم، وكتب عَمرو إلى عُمر رضي الله عنهما يخبره بالوضع ويستمده، فأمده عمر بأربعة آلاف، على كل ألف منهم رجل بمقام ألف، وهم الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، واختُلِفَ في الرابع فقيل: هو مَسْلَمَةُ بنُ مُخَلَّد، وقيل: خارِجَة بن حُذَافة العدويّ، وذكر بعضهم أنه عُمَير بن وهب الجمحيّ. وفي ذلك قال عمر لعمرو رضي الله عنهما: اعلم أن معك اثني عشر ألفًا، ولا يُغلَب اثنا عشر ألفًا من قلة". أقام المسلمون أمام باب الحصن ستة أشهر، وظل عمرو بن العاص أيامًا يغدو في السَّحَر المفاوضات بين المسلمين والرومانيصفّ أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح، وبينما هو على ذلك قدم الزبير بن العوام في المدد، وتلقاه عمرو ثم أقبلا يسيران معًا، ولم يلبث الزبير y أن ركب وطاف بالخندق، ثم قسم الرجال حول الخندق. وجاء رجل إلى عمرو بن العاص y فقال: "اندب معي خيلاً حتى آتي من ورائهم عند القتال". فأخرج معه خمسمائة فارس، فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل -أو خليج بني وائل- قبيل الصبح، وكان الروم قد خندقوا خندقًا، وجعلوا له أبوابًا، وبثوا في أفنيتها سكك الحديد، فالتقى القوم حين أصبحوا، وخرج اللخمي بمن معه من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن، وفي رواية أن هذه القوة كان عليها خارجة بن حذافة. وقد ذكر البلاذري: أن الزبير كان يقاتل من جهة وعمرو بن العاص من جهة - ولم يذكر أي جهة كان يتبع كل منهما- ثم إن الزبير أتى بسلم فصعد عليه حتى أوفى على الحصن. وزاد ابن عبد الحكم: أن ذلك كان من ناحية سوق الحمام. ومر بنا سابقًا أن رجلاً طلب من عمرو بن العاص y أن يندب معه خيلاً حتى يأتي من وراء الروم عند القتال، ثم ساروا من وراء الجبل مما يعني أن جهة سوق الحمام كان في القطاع الذي تولاه الزبير بن العوام، وأن الدوران خلف الجبل كان في قطاع عمرو بن العاص، ويؤيد هذا أن شرحبيل بن حُجيَّة المرادي نصب سلمًا آخر من جهة زقاق الزمامرة، ثم تنازع مع الزبير على باب أو مدخل، مما يدعم أنه لم يكن يتبعه، وأنه كان في قطاع عمرو بن العاص. وبعبارة أخرى: إن الزبير كان شمال شرق الحصن، وعمرو في جنوب شرق الحصن. وعندما جاء المدد إلى عمرو بن العاص y شدد قتاله، وألح على القصر، ووضع عليه المنجنيق، ولم يلبث الزبير أن ركب ثم طاف بالخندق، وقسم الرجال حوله، وكانت قبيلة بَلِيّ تقف عن يمين راية عمرو بن العاص؛ لأن أم العاص بن وائل بلوية. أرسل المقوقس إلى عمرو يقول : "إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا، وألححتم على قتالنا، المسلمون كما وصفهم الرومانوطال مقامكم في أرضنا، وإنما أنت عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم، وجهزوا إليكم، ومعهم العدة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسرى في أيدينا، فابعثوا إلينا رجالاً منكم نسمع من كلامهم، فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب، وينقطع عنا وعنكم هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم، فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه، ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفًا لطلبكم ورجائكم، فابعث إلينا رجالاً من أصحابك نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء". وعندما أتت رسل المقوقس إلى عمرو بن العاص حبسهم عنده يومين وليلتين، حتى خاف عليهم المقوقس فقال لأصحابه: "أترون أنهم يقتلون الرسل ويحبسونهم ويستحلون ذلك في دينهم؟". وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين، ثم رد عليهم مع رسله: أنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال: إما إن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون، وإما جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين". فلما رجعت رسل المقوقس إليه، قال لهم: كيف رأيتموهم؟ الحوار بين عبادة بن الصامت والمقوقسقالوا : "رأينا قومًا الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نَهْمة، إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، ما يعرف رفيعُهم من وضيعهم، ولا السيد فيهم من العبد، إذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم". فقال المقوقس: "والذي يحلف به، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، وما يَقْوى على قتال هؤلاء أحد، ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محاصرون بهذا النيل، لن يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض، وقووا على الخروج من موضعهم. ثم بعث المقوقس رسله مرة أخرى إلى عمرو بن العاص y يقولون له: "ابعثوا إلينا رسلاً منكم نعاملهم، ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه أن يكون فيه صلاح لنا ولكم". فبعث عمرو بن العاص عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت، وكان عبادة أسود اللون وطوله عشرة أشبار (أي يتجاوز المترين طولاً)، وأمره أن يكون متكلم الوفد، وألا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هذه الخصال الثلاث. فركبوا السفن وعبروا من جهة بابليون إلى الجزيرة، فلما دخلوا على المقوقس تقدم عبادة فهابه المقوقس، وقال: "نحُّوا عني هذا الأسود، وقدموا غيره يكلمني". فقالوا جميعًا: "إن هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا، وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا، وإنما نرجع جميعًا إلى قوله ورأيه، وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به، أمرنا بأن لا نخالف رأيه وقوله". فقال المقوقس: "وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم، وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم؟" فقالوا: لا، إنه وإن كان أسودَ كما ترى، فإنه من أفضلنا موضعًا، وأفضلنا سابقة، وعقلاً ورأيًا، وليس يُنكَرُ السواد فينا. ثم قال المقوقس لعُبَادة: "تقدم يا أسود، وكلمني برفق؛ فإني أهاب سوادك، وإن اشتد كلامك عليَّ ازددت لذلك هيبة". فتقدم إليه عبادة وقال: "قد سمعت مقالتك، وإن فيمن خلّفت من أصحابي ألف رجل أسود، كلهم أشد سوادًا مني، وأفظع منظرًا، ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لي، وأنا قد وليت وأدبر شبابي، وإني مع ذلك -بحمد الله- ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعًا، وكذلك أصحابي؛ وذلك أنَّا إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله، واتباع رضوانه، وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا، ولا طلبًا للاستكثار منها، إلا أن الله قد أحل ذلك لنا، وجعل ما غنمنا من ذلك حلالاً، وما يبالي أحدنا أكان له قنطار من ذهب أم كان لا يملك إلا درهمًا، لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يسد بها جوعته لليله ونهاره، وشَمْلة يتلحفها، فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه، وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله، واقتصر على هذا الذي بيده، ويبلغه ما كان في الدنيا؛ لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاءَها ليس برخاء، وإنما النعيم والرخاء في الآخرة، وبذلك أمرنا ربُّنا، وأمرنا به نبينا، وعهد إلينا أن لا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته، ويستر عورته، وتكون همته وشغله في رضاء ربه وجهاد عدوه". فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله: "هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط؟ لقد هبت منظره، وإن قوله لأهيب عندي من منظره، وإن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض، وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها". ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت، فقال: "أيها الرجل الصالح، قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك، ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت، وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها، وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده، قوم معروفون بالنجدة والشدة، ما يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتل، وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم، ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم، وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرًا، وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم، ونحن نرق عليكم لضعفكم وقلتكم وقلة ما بأيديكم، ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين، ولأميركم مائة دينار، ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونه ا وتنصرفون إلى بلادكم، قبل أن يغشاكم ما لا قوام لكم به". |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أسر , الفتح , الإسلامي , وتغيب , قبل |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
( في ظيافة الجن ) | ( حلم عابر ) | (همســــات قصص وروايات) | 25 | 26-02-2020 01:12 PM |
الوطن العربي | الفارس المصرى | ( همســـات التاريخ والتراث والأنساب) | 8 | 09-02-2019 07:14 PM |
صفحاتنا الرياضية ليوم الأربعاء 3 ذو القعدة 1438 هــ | الراقي | ( همســـات الرياضه) | 15 | 12-10-2017 01:04 PM |
صفحاتنا الرياضية ليوم الخميس 4 ذو القعدة 1438 هــ | الراقي | ( همســـات الرياضه) | 13 | 12-10-2017 01:01 PM |
هل تتألم الذبيحة عند ذبحها ؟ | كراميل نور | (همسات الحج والعمره) | 11 | 18-02-2015 12:19 AM |