أحكام المريض
آداب
زيارة المريض ورسائل إلى كل
مريض والشافي هو
الله يبحانه وتعالى الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: فهذ بعض أحكام المريض، تعم الحاجة إلى معرفة المسلم ماذا يفعل فيها على بصيرة، قصدتُ بجمعِها تقريبَ العلم؛ ليعبدَ الإنسانُ ربَّه على بصيرة، أسأل الله أن يبارك فيما نقول ونفعل، وهو من وراء القصد. مراتب البلاء. تكفير الذنوب. • عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول
الله صل الله عليه وسلم - يقول: ((إن
الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفِّر ذلك عنه كل ذنب))؛ رواه الحاكم (1286)، وقال الألباني: حسن صحيح؛ في صحيح الترغيب والترهيب (3435).
• عن عائشة - رضي
الله عنها - زوج النبي
صل الله عليه وسلم - قالت: قال رسول الله
صل الله عليه وسلم -: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر
الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكُها))؛ رواه البخاري (5640).
• عن جابر بن عبدالله أن رسول
الله صل الله عليه وسلم - دخل على أمِّ السائب - أو أم المسيب - فقال: ((ما لكِ يا أم السائب - أو يا أم المسيب - تُزَفزِفين؟))، قالت: الحُمَّى، لا بارك
الله فيها، فقال: ((لا تسبِّي الحمَّى؛ فإنها تُذهِب خطايا بني آدم، كما يُذهِب الكِير خَبَث الحديد))؛ رواه مسلم (2575).
• عن عائشة - رضي
الله عنها - عن النبي
صل الله عليه وسلم- قال: ((إذا اشتكى المؤمنُ أخلصه
الله كما يخلص الكير خبث الحديد))؛ رواه البخاري في الأدب المفرد (497)، وقال الألباني: صحيح؛ في السلسلة الصحيحة (1257).
• عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة - رضي
الله عنهما - عن النبي
صل الله عليه وسلم - قال: ((ما يُصِيب المسلمَ من نصبٍ، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حَزَن، ولا أذى، ولا غَم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر
الله بها من خطاياه))؛ رواه البخاري في الأدب المفرد (492)، وصححه الألباني في المشكاة (1537).
• عن الحارث بن سويد، عن عبدالله - رضي
الله عنه - قال: "دخلتُ على رسول
الله صل الله عليه وسلم - وهو يُوعَك، فقلتُ: يا رسول الله، إنك لتُوعَكُ وعكًا شديدًا؟ قال: ((أَجَل، إني أُوعَك كما يُوعَك رجلانِ منكم))، قلتُ: ذلك أن لك أجرينِ؟ قال: ((أَجَل، ذلك كذلك، ما من مسلمٍ يُصِيبه أذى، شوكة فما فوقها، إلا كفَّر
الله بها سيئاته، كما تحطُّ الشجرة ورقها))؛ رواه البخاري (5648).
**اداب
زيارة المريض**
1-استحضار الاجر المترتب على الزياره.قال صل
الله عليه وسلم (مامن مسلم يعود مسلما غدوة الا صلى عليه سبعون الف ملك حتى يمسي وان عاده عشية الا صلى عليه سبعون الف ملك حتى يصبح. وكان له خريف في الجنه) رواه الترمذي
2-استحضار ان
زيارة المريض حق لاخيك عليك قال صلى
الله عليه وسلم (حق المسلم على المسلم خمس وذكر منها عيادة المريض) متفق عليه
3-ان الدعاء مستجاب عند المريض.فادع لنفسك وللمريض.قال صلى
الله عليه وسلم(اذا حضرتم
المريض فقولوا خيرا.فان الملائكه يؤمنون على ماتقولون) رواه مسلم.
وقال (من عاد
مريض لم يحضره اجله فقال عنده سبع مرات:اسال
الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك الا عافاه
الله من ذلك المرض) رواه ابو داود والحاكم
4-مراعاة الوقت المناسب للزياره في المنزل.
5-الا يطيل الزائر في المكث عند
المريض بما يشق عليه او على اهله.الا اذا اقتضت المصلحه او ان
المريض يرغب ذلك.
6-اذا دخلت على
المريض فهون عليه مرضه.كان الرسول الكريم اذا دخل على
المريض قال(لاباس طهور ان شاء الله)
7-ذكر
المريض بالله واوصه بان يحسن الظن بالله.
8-علق رجاءه بالله وحده وذكره بان
الله هو الشافي .
9-ذكره بفضائل المرض.وما يترتب عليه من المصالح العظيمه والحكم الباهره.
10- ذكره بان ماصابه لم يكن لايخطئه.وما اخطاه لم يكن ليصيبه.
11- ذكره بفضائل الصبر والرضا بقضاء
الله وقدره.
12- احرص على مراعاة شعور المريض.فلا ترفع الصوت عنده ولا تنقل اليه مايسوؤه ولا تذكره بما يحزنه ولا تحرجه بالاسئله التي لا داعي لها.
13- ادخل السرور الى قلبه بالهديه.او بنقل الاخبار الساره او نحو ذلك.
14- لا تقنطه من الشفاء.ولا تذكره باناس ابتلوا بمثل مرضه فتاخر شفاؤهم او لم يشفو فان ذلك يحزنه ويؤيسه من العافيه.
15- يجمل ان تذكره باناس اصيبوا بما اصايب فشفاهم
الله وعافاهم فان ذلك يقوي عزيمته.ويبعث رجاءه.
16- لاتذمن الطبيب الذي اشرف على علاجه.او اجرى له عمليه.فان ذلك يدخل الغم على قلبه.
17-لا تؤاخذ
المريض ان بدر منه جفوة او سوء خلق فالمرض يكدر النفس ويؤثر في الطباع.
18- تجنب ذكر الاقتراحات غير الوجيهه امام المريض.كان تصف له وصفه معينه وانت لاتعلمها او تشير اليه بقطع علاج مناسب كان يتعطاه.وان كان عندك اقتراح فقله لقريب له.
19- ذكره بفضل التوبه والرجوع الى
الله وبين له مايحتاجه من احكام تخص
المريض اذا كان محتاجا لذلك.
20-ذكره بمصائب الاخرين.لتهون عليه مصيبته.
محبة الله لعبده: • عن أنس بن مالك - رضي
الله عنه - عن رسول
الله صل الله عليه وسلم - أنه قال: ((عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن
الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رَضِي فله الرضا، ومَن سَخِط فله السخط))؛ (رواه ابن ماجه (4031)، وحسَّنه الألباني في مشكاة المصابيح (44).
إرادة الخير للعبد: • عن محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي صَعْصَعة، أنه قال: سمعتُ سعيد بن يسار أبا الحباب، يقول: سمعتُ أبا هريرة - رضي
الله عنه - يقول: قال رسول
الله صل الله عليه وسلم -: ((مَن يُرِد
الله به خيرًا يُصِب منه))؛ رواه البخاري (5645).
لرفع منزلة العبد: • عن إبراهيم بن مهدي السلمي، عن أبيه، عن جده - وكانت له صحبة لرسول
الله صل الله عليه وسلم - قال: سمعتُ رسول
الله - صلى
الله عليه وسلم - يقول: ((إن العبدَ إذا سبقت له من
الله منزلةٌ، لم يبلغْها بعمله ابتلاه
الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده))؛ قال أبو داود: زاد ابن نفيل: ((ثم صبَّره على ذلك - ثم اتفقا - حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من
الله تعالى))؛ رواه أبو داود (3090)، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (2599).
دفع مكروه: • على المريض المسارعة إلى التوبة: قال النووي - رحمه الله - في المجموع (5/118):
"ينبغي للمريض أن يَحرِصَ على تحسين خُلُقه، وأن يجتنب المخاصمة والمنازعة في أمور الدنيا، وأن يستحضر في ذهنه أن هذا آخر أوقاتِه في دار الأعمال، فيختمها بخير، وأن يستحلَّ زوجته وأولاده وسائر أهله وغلمانه، وجيرانه وأصدقائه، وكل مَن كانت بينه وبينه معاملة أو مصاحبة أو تعلق، ويرضيهم، وأن يتعاهد نفسه بقراءة القرآن والذِّكر، وحكايات الصالحين وأحوالهم عند الموت، وأن يحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسة، وغيرهما من وظائف الدين، ولا يقبل قول مَن يخذله عن ذلك، فإن هذا مما يبتلَى به، وهذا المخذِّل هو الصديق الجاهل، العدوُّ الخَفِي، وأن يُوصِي أهلَه بالصبر عليه، وبترك النَّوْح عليه، وكذا إكثار البكاء، ويُوصِيهم بترك ما جَرَت العادة به من البدع في الجنائز، ويتعاهده بالدعاء له، وبالله التوفيق"؛ انتهى.
• وللمرءِ أن يذكِّر
المريض بالتوبة، وبأحسن أعماله، وبرحمة الله؛ حتى لا يقنطَ، وهذا يكون مما يحسن الوعظ حتى لا يجرِّئ
المريض على معصية الله، ولا يقنِّطه من رحمته؛ قال
الله - تعالى -: ﴿
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وقوله - تعالى -: ﴿
إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -: ذكر الفقهاء - رحمهم
الله - أنه يُسنُّ تذكير
المريض بالتوبة والوصية، فقال بعض الناس: إن هذا خاص بالأمراض الخطيرة دون اليسيرة،
فما رأي فضيلتكم؟ فأجاب - رحمه الله - بقوله: "الذي أراه أن
المريض يُذكَّر بالتوبة والوصية مطلقًا؛ لأن التوبة مشروعة كل وقت، والوصية مشروعة، ولكن يكون ذلك على وجه لا يزعج المريض"؛ مجموع فتاوى
ورسائل العثيمين (17/70).
تذكير المريض بفضل الصبر على البلاء والاحتساب: قال
الله - تعالى -: ﴿
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].
قال
الله - تعالى -: ﴿
قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].
عن أنس بن مالك - رضي
الله عنه - قال: "مرَّ النبي
صل الله عليه وسلم - بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: ((اتقي
الله واصبري))، قالت: إليك عنِّي؛ فإنك لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفْه، فقيل لها: إنه النبي
صل الله عليه وسلم - فأتتْ باب النبي
صل الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوَّابين، فقالت: لم أعرفْك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى))؛ رواه البخاري (1283).
• عن صهيب - رضي
الله عنه - قال: قال رسول
الله صل الله عليه وسلم -: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم (2999).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: "المرتبة الأولى: مرتبة السخط: بأن يسخط هذا الذي قضاه الله، وعلامة السخط أن يقول قولاً منكرًا، أو يفعل فعلاً منكرًا.
مثال القول: أن يقول: يا ويلاه، واثبوراه، وما أشبه ذلك من الكلمات التي تنبئ عن التسخُّط.
وأما الفعل المنكر، فمثل لطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور، والقفز حتى يسقط على الأرض، وما أشبه ذلك، فهذا تسخط فعلي؛ ولهذا قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((ليس منا مَن لطم الخدود، وشقَّ الجيوب، ودعا بدَعْوَى الجاهلية))، فالأولان فعلانِ، والثالث قول.
المرتبة الثانية: مرتبة الصبر: بأن يتألم الإنسان نفسيًّا ولكنه يصبر، فلا يشق ثوبًا، ولا يلطم خدًّا، ولا يقول منكرًا، وهذه المرتبة واجبة؛ أي إنه يجب على الإنسان أن يصبر إذا أصيب بالمصائب.
المرتبة الثالثة: الرضا؛ أي: يَرضَى بقضاء
الله - عز وجل - والرضا معناه أن يكون مطمئنًّا، منشرح الصدر بما قضى
الله - عز وجل - لا يتألم نفسيًّا، رغم أنه يكرهُ هذا الشيء الذي أصابه ولا شك؛ لأنه لا يلائم النفوس، لكنه لا يتألم نفسيًّا؛ بل يقول: هذا قضاء الله، وأنا من جملة مُلْك
الله - عز وجل - له أن يفعل فيَّ ما شاء، ويطمئن بذلك، وهذه المرتبة اختلف فيها العلماء - رحمهم
الله - على قولين: منهم مَن قال: إنها واجبة، ومنهم مَن قال: إنها مستحبة، والصحيح أنها مستحبة وليست بواجبة؛ لأنها صعبة على كثير من النفوس، وعلامة الرضا أنك لو سألتَه: هل تأثَّرت بما قضى
الله عليك؟ لقال: لا؛ لأني أعلم أن
الله لا يقدر لي شيئًا إلا كان خيرًا لي، فأنا مؤمن، والله لا يقضي لعبده المؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له.
المرتبة الرابعة: مرتبة الشكر: وهذه المرتبة أعلى من التي قبلها؛ لأنها رضا وزيادة.
فإذا قال قائل: كيف يَشْكُر
الله على المصيبة؟ قلنا: يشكر
الله على المصيبة؛ لأنه يعلم أن ثوابها وأجرها - إذا صبر واحتسب الأجر - أكثر من مصيبتِها، فيشكر
الله على هذا؛ لأن ما يترتَّب عليه من الخير أكثر مما يترتب عليه من الأذى، فمن هذه الناحية يشكر الله، وقد قال بعض أهل العلم - رحمهم
الله -: إن هذه المرتبة أعلى من التي قبلها، أي من الرضا، فهذا حكم الرضا بالمقضي؛ شرح العقيدة السفَّارينية (1/370).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: الصبر الجميل: صبر بلا شكوى، قال يعقوب - عليه الصلاة والسلام -: ﴿
إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]، مع قوله: ﴿
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، فالشكوى إلى
الله لا تنافي الصبر الجميل"؛ مجموع الفتاوى (10/666 - 677).
على المريض الدعاء والتضرع لله ليشفيه: على
المريض أن يطرق باب
الله - عز وجل - في طلب الشفاء، وخاصة في ثلث الليل الأخير، كأن يراه بإظهار الافتقار له، والتذلل والانكسار والانطراح بين يديه، والتبرؤ من الحَوْل والقوَّة، واستشعار الخوف والوَجَل من الله، مع الإلحاح، ومع حضور القلب أثناء الدعاء، وذلك باستقبال القِبْلة، فيبدأ بحمد الله، والثناء عليه، والصلاة على النبي
صل الله عليه وسلم - ولا يستعجل الإجابة، فإن
الله سميع مجيب.
• عن أنس بن مالك - رضي
الله عنه - عن رسول
الله صل الله عليه وسلم - أنه قال: ((عِظَم الجزاء مع عظم البلاء، وإن
الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم؛ فمَن رَضِي فله الرضا، ومَن سخط فله السخط))؛ رواه ابن ماجه (4031)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (44).
** اسال
الله ان يشفي مرضانا ومرضا المسلمين انه سميع مجيب**