#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
هما ممن أوتوا الكتاب هما ممن أوتوا الكتاب: قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾[1] [الأنعام:114]. روي عن عطاء أنه قال: " ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾: هم رؤساء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي". وعلى هذا: " فيكون الكتاب هو القرآن، وضمير ﴿أَنَّهُ﴾ عائد إلى الكتاب الذي في قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ﴾ وهو القرآن"[2]. وهذا أحد وجيه تفسير الآية[3]. والله أعلم. هما من أهل الإيمان الذي يقتدى به: وقال الله عز وجل: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة:13]. والخطاب فيها للمنافقين: ﴿آمِنُوا ﴾، مثل: إيمان الصحابة[4]، - في أصح وجهي التفسير - ولا شك أن على رأسهم أبو بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:" أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي"[5]. هما ممن أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمشاورتهم: وقال الله عز وجل: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159]. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾:" أبو بكر، وعمر"[6]. قال أبو جعفر الطبري: " وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بمشاورة أصحابه"[7]. ولا شك أن على رأسهم أبو بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه؛ وذلك لأنهم أرباب الرأي. وروي في الحديث عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه – وعمر رضي الله عنه: ((لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما)) [8] هما من أولي الأمر الذين أمرنا بطاعتهم: وقال الله عز وجل: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء:59]. وقد ذهب جملة من العلماء إلى أن المراد بقوله عز وجل: ﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ ﴾: الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس أمر دينهم، وهذا هو قول: ابن عباس، وجابر رضي الله عنهم. وهو قول: الحسن والضحاك ومجاهد، وغيرهم[9]، ويدل عليه قول الله عز وجل: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾، وهذا أحد أوجه التفسير في الآية[10]. والوجه الأخر: أنهم الولاة والأمراء، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه[11]، ورجحه الطبري[12]، والقرطبي ونسبه للجمهور[13]. وأيًا كان الراجح هذا أو ذاك، أو حتى كليهما معًا كما هو قول البعض[14]؛ فإن أبو بكر وعمر رضي الله عنهما – يدخلان فيها جميعًا دخولًا أوليًا، ويزيده قوة ما سنذكره بعد - إن شاء الله - من الأحاديث المرفوعة. والله أعلم. ولعله لهذا روي عن عكرمة قوله: ﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ ﴾ قال: " أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما"[15]. هما من السابقين الأولين: وقال الله – عز وجل -: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة:100]. فقوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الاْوَّلُونَ﴾ صيغة جمع فلا بد والأمر كذلك من حمله على جماعة. ولذلك قال بكر بن عبد الله المزني: " هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم"[16]. فأوجب الله - عز وجل - على نفسه بحكمته وفضله ورحمته - لجميع أصحاب رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - الرضوان، فـ ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ لأعمالهم وكثرة طاعاتهم، ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾؛ لما أفاض عليهم من نعمه الجليلة في الدين والدنيا. ألا وإن أسبق الناس - في كل أمر، ولكل أمر - هو أبو بكر - رضي الله عنه -، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (( أمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليومَ أسْبِقُ أبا بكر! إن سَبَقْتُهُ يوماً! فجئتُ بِنِصْفِ مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما أبقيت لأهلك؟ . قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا!))[17]. وفي حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: (( أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أتاه بين أبي بكر، وعمر، وعبد الله يصلي فافتتح النساء فسحلها، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل؛ فليقرأه على قراءة بن أم عبد، ثم تقدم يسأل فجعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: سل تعطه سل تعطه، فقال - فيما سأل -: اللهم اني أسألك إيمانًا لا يرتد، ونعيمًا لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في أعلى جنة الخلد. قال فأتى عمر - رضي الله عنه - عبد الله؛ ليبشره. فوجد أبا بكر - رضوان الله عليه - قد سبقه، فقال: إني فعلت لقد كنت سباقًا بالخير))[18]. وفي رواية لأحمد[19]: ((فوجدت أبا بكر - رضي الله عنه - قد سبقني إليه فبشره، ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا وسبقني إليه)). إذًا: فنصيب أبي بكر - رضي الله عنه - والأمر كذلك من هذه الفضيلة أوفر، على أن جماعة من أهل العلم، حكوا الإجماع على هذا، ونفوا أي خلاف فيه[20]، فإذا ثبت هذا صار أبو بكر - رضي الله عنه - محكومًا عليه بأنه رضي الله - عز وجل - عنه، ورضي هو عن الله - عز وجل - وذلك في أعلى الدرجات من الفضل[21]. وهكذا عمر – رضي الله عنه – كما هو ظاهر. وقد اختلف السلف والعلماء تبعًا لهم في المدح الحاصل في هذه الآية، هل يتناول جميع الصحابة؟ أم يتناول بعضهم؟ وعلى هذا - القول الأخير - اختلفوا في تعيين الطائفة من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - الذين يدخلون في الآية، إلى بضع أقول[22]، ونحن لسنا في صدد سردها، ومناقشتها والترجيح بينها، لكن شاهدنا هنا: أنني رأيت مع تتبع أقوالهم، أن الخليفتين الراشدين أبو بكر - رضي الله عنه - وعمر - رضي الله عنه - يدخلان في - أغلبها - إن لم أقل في كل قول منها دخولًا أوليًا، وذلك فضل الله - عز وجل - يؤتيه من يشاء. أقول هذا: مع أنني قد وقفت على تنصيص من بعض الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - وغيرهم - في تفسير هذه الآية: التنصيص على أبي بكر - رضي الله عنه - وعمر - رضي الله عنه - وغيرهما. ومنه: ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ قال: " أبو بكر، وعمر، وعلي، وسلمان، وعمار بن ياسر"[23]. ولعله لذلك كان يقول عمر - رضي الله عنه –:" ما كنا نرى إلا أنا قد رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد"[24]. هما ممن ينزع الغل من صدورهما: وقال الله - عز وجل -: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر:47]. ذكر الله - عز وجل - في هذه الآية الكريمة أنه نزع من أهل الجنة ما في صدورهم من غل الدنيا - على أحد وجهي التفسير - وقد قاله الحسن وغيره، ورواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً[25]. وهذا النزع في حال كونهم: ﴿ إِخْوَاناً ﴾[26]، وما قرره - عز وجل - هنا كان قد ذكره في سورة الأعراف إلا أنه زاد هناك منة أخرى، فليرجع إليها. على أن المفسرين قد ذكروا ما هناك هاهنا، سواء ما يتعلق بالتفسير، أو سبب النزول، أو غيره. كما نص على ذلك بعض أهل العلم – رحمهم الله[27]. وما من شك أن أول من يدخل في هذا هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. وعلى رأسهم الخليفتين - رضي الله عنهما. وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: في قوله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾ قال: " نزلت في عشرة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود – رضي الله عنهم أجمعين"[28]. كما روي عن علي - رضي الله عنه - في قوله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾. قال: نزلت في ثلاثة أحياء من العرب: في بني هاشم، وبني تيم، وبني عدي، وفي أبي بكر - رضي الله عنه - وفي عمر - رضي الله عنه"[29]. وقال على بن الحسين:" نزلت في أبى بكر - رضي الله عنه - وعمر - رضي الله عنه - وعلى - رضي الله عنه - والصحابة - رضي الله عنه - يعنى: ما كان بينهم في الجاهلية من الغل"[30]. وعن أبي صالح في قوله: ﴿إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ قال:" هم عشرة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة, والزبير، وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم أجمعين[31]. وقال كثير النواء:" دخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقلت: وليي وليكم, وسلمي سلمكم, وعدوي عدوكم, وحربي حربكم, أنا أسألك بالله أتبرأ من أبي بكر - رضي الله عنه - وعمر - رضي الله عنه -. فقال: ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ تولهما يا كثير، فما أدركك فهو في رقبتي هذه, ثم تلا هذه الآية ﴿إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ قال: أبو بكر، وعمر، وعلي - رضي الله عنهم أجمعين"[32]. هما ممن يخشون ربهم بالغيب: وقال الله - عز وجل -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الملك: 12]. وهذا ثناء على الذين يخافون الله - عز وجل - ويخشونه، في الغيب، وقبل أن أشرع فيما أريد أسوق فائدتين: الأولى: إن "في هذه الآية السر الأعظم وهو كون الخشية في الغيبة عن الناس، وهذا أعلى مراتب المراقبة لله – عز وجل – والخشية أشد الخوف"[33]. والأمر الأخر: هو أن الله - عز وجل - " قدم المغفرة تطمينًا لقلوبهم؛ لأنهم يخشون المؤاخذة على ما فرط منهم من الكفر قبل الإسلام، ومن اللمم ونحوه، ثم أُعقبت بالبشارة بالأجر العظيم، فكان الكلام جاريًا على قانون تقديم التخلية، أو تقديم دفع الضر على جلب النفع، والوصف بالكبير بمعنى العظيم "[34]. وبعد هاتين الفائدتين، أعود فأقول: لقد روي عن ابن عباس: - رضي الله عنهما -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ﴾ قال: " أبو بكر، وعمر، وعلي، وأبو عبيدة بن الجراح – رضي الله عنهم أجمعين"[35]. هما ممن أجرهم غير ممنون: وقال الله - عز وجل -: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [التين:6]. ففي هذه الآية استثناء للمؤمنين، من جملة المخاطبين، وهو استثناء متصل من عموم الإنسان، الذين أخبر أنهم ردوا في أسفل سافلين؛ بحيث يكون لهم أجر عند الله - عز وجل - غير مقطوع، ولا منقوص. وقد روي عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: " لما نزلت سورة والتين على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فرح بها فرحًا شديدًا؛ حتى تبين لنا شدة فرحه. فسألنا ابن عباس عن تفسيرها فقال: "... ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنه أجمعين ..."[36]. وهو على هذا التأويل محمول على قول من قال: إنه أراد إنسانًا بعينه عناه بهذه الصفة، وإن كان صفة الناس. وهو كما لا يخفى أحد وجهي التفسير في الآية - ويأتي الإشارة إلى الوجه الأخر. هما من صالح المؤمنيين: وقال الله - عز وجل -: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: 4]؛ وفي الآية التنبيه على أكبر فضيلة وشرف للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حيث أخبر الله - عز وجل - عن نفسه الكريمة المقدسة، وخواص خلقه، بأنهم - جميعًا - أعوان لهذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم. بيان تفسير قوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾: ونعني هنا بقولنا: خواص خلقه، هم من وسمهم الله بقوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وأحسن ما قيل فيها كما ذكر بعض أهل العلم – رحمهم الله -: أنهما أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما -؛ لأنهما كانا أبوي عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - وقد كانا - أي: أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما - عونًا له - صلى الله عليه وآله وسلم - عليهما. وقد روي هذا القول عن جملة من الصحابة، ومنهم: ابن عباس، وابن عمر، وبريدة، وابن مسعود، وأبي بن كعب - رضي الله عنهم أجمعين - وجماعة من غيرهم، ومنهم: مجاهد[37]، والحسن البصري[38]، والضحاك[39]، وعكرمة[40]، فجميعهم قالوا في قوله - عز وجل - ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾: أبو بكر، وعمر – رضي الله عنهما -[41]، وأنها نزلت فيهما. وقد روي هذا التفسير مرفوعًا إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فعن عبد الله - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: 4]. قال: (( صالح المؤمنين: أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما ))[42]. تنبيه: على أنني لا أنسى أن أنبه – هنا - بأننا حتى لو قلنا: بأن ﴿صَالِحُ﴾ اسم جنس - كما هو الوجه الأخر في تفسيره، كما في قوله - عز وجل -: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾؛ لأن ﴿صَالِحُ﴾ - ههنا - ينوب عن الجمع، فيجوز أن يراد به الواحد، كما يجوز أن يراد به الجمع، كما فعل الطبري[43]، وأبو حيان الأندلسي[44]، وغيرهما. فإن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - يدخلون في ذلك، دخولًا أوليًا، لا يعتري هذا شك، ولا يقاربه لبس. هما ممن أحبهم الله - عز وجل - وأحبوه: وقال الله – عز وجل -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة:54]. فأخبر الله - عز وجل - في هذه الآية الكريمة: أنه وإن ارتد البعض عن الدين الحق؛ فإن الله - عز وجل - سوف يأتي عوضًا عن كل مرتد، بقوم هم خير منهم، ومن صفاتهم الذل للمؤمنين، والتواضع لهم ولين الجانب، وبالمقابل القسوة والشدة على الكافرين، وهذا من كمال صفات المؤمنين، ". أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا برًا بالأخيار، غضوبًا عبوسًا في وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا في وجه أخيه المؤمن "[45]. وفي الجمع لهم بين هاتين الخلتين المتضادتين: الشدّةِ والرحمة، إيماء إلى أصالة آرائهم، وحكمة عقولهم، وأنهم يتصرفون في أخلاقهم وأعمالهم تصرف الحكمة والرشد، فلا تغلب على نفوسهم محمدة دون أخرى، ولا يندفعون إلى العمل بالجبلة، وعدم الرؤية"[46]. وقوله - عز وجل -: ﴿ مَنْ يَرْتَدَّ ﴾ جملة شرطية مستقلة، تضمنت خبرًا من أخبار الغيب، التي يخبر بها القرآن فتمت طبقًا لما أخبر به الله - عز وجل - وكان أبو بكر، وأصحابه - رضي الله عنهم جميعًا - وفي مقدمتهم عمر - رضي الله عنه - منهم. وهذا أحد الأوجه في تفسير هذه الآية[47]. وممن روي عنه ذلك - أي: القول بأنه أبو بكر - رضي الله عنه -، وأصحابه -: علي - رضي الله عنه[48]، والحسن[49]، وابن جريج[50]، والضحاك[51]، وقتادة – رحمهم الله[52]. وهما من الصادقين الذين أمرنا أن نكون معهم: وقال الله - عز وجل -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة:119]. قال سعيد بن جبير - رحمه الله - في قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾، قال: أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما -[53]، وممن قال به الضحاك[54]. واختاره، جملة من المفسرين[55]، وهو أحد أقوال المفسرين في الآية[56]. وهو داخل - أيضًا في قول من قال منهم: مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه. وهم كثر. والله أعلم. وهما من أهل الصراط المستقيم: وقال الله - عز وجل -: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: 6-7]. لقد " بين - صلى الله عليه وآله وسلم - أن أبا بكر - رضي الله عنه - من الصديقين[57]، والله - عز وجل – يقول: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ﴾[النساء:69]، فاتضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم، الذين أمرنا الله - عز وجل - أن نسأله الهداية إلى صراطهم فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - على الصراط المستقيم، وأن إمامته حق"[58]. وكذلك عمر - رضي الله عنه - وإن كان أبو بكر أعلى شأننًا منه في هذا -. وقد قال بهذا أبو العالية فقال: " هم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما". وروي - أيضًا - عن الحسن. وهذا القول يدخل في قول من قال: كأبي زيد - عبد الرحمن بن زيد بن أسلم-: أنهم " النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن معه"[59] من أصحابه - رضي الله عنهم -؛ لأن الخليفتين الراشدين - قطعًا - هما أول من يدخلا فيه. يقول ابن القيم - رحمه الله - وهو يقرر هذا ويدلل عليه: " ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله: بأبي بكر، وعمر، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ورضى الله عنهم. وهو كما فسروه؛ فإنه صراطهم الذي كانوا عليه، وهو عين صراط نبيهم، وهم الذين أنعم الله عليهم، وغضب على أعدائهم، وحكم لأعدائهم بالضلال"[60]. ثم ذكر - رحمه الله - شيئًا من الأقوال التي سقناها. هما ممن سبقت لهم من الله - عز وجل - الحسنى: وقال الله – عز وجل -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء:101]. يخبرنا الله - عز وجل - في هذ الآية أن الذين سبقت لهم منه - في علمه - الحسنى، وهي تأنيث الأحسن، وهي: الجنة أو السعادة. مبعدون يوم القيامة عن النار[61]. عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾: " أنا منهم، وأبو بكر منهم، وعمر منهم، وعثمان منهم - رضي الله عنهم أجمعين"[62]. وبغض النظر عن إسناد هذا الأثر، لكنه مؤيد بقول من قال من أهل التفسير: أن الآية عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى، وهذان وجهان في تفسير الآية، من ثلاثة أوجه، في تفسيرها، ذكرها أهل العلم المصدر: منتدى همسات الغلا ilh llk H,j,h hg;jhf g,e,h hg;jhf |
08-10-2019, 08:06 PM | #3 |
| طرح في غاية الروعة بارك الله فيك جزآآك الله خيـــر على الطرح القيم وجعله الله في ميزآآن حسنآآتك وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه الله لايحرمنآآآ من جديــدك تحيــآآتي دمت بود |
|
08-10-2019, 10:32 PM | #5 |
| |
|
08-10-2019, 11:19 PM | #6 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
09-10-2019, 03:21 PM | #7 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
ممن , لوثوا , الكتاب , إلا |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قراءة فى كتاب الإنصاف لابن عبد البر | ابو عبد الله | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 16-06-2019 11:03 PM |
المكتبة الالكترونية المصغرة لكتب تطوير الذات | غسقَ | (همسات تطوير الذات ) | 16 | 26-01-2015 05:49 PM |
محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس | زائر الفجر | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 15 | 15-11-2014 10:45 AM |
هنا مدرسة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم | حنين آنثى متمرده | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 16 | 10-08-2014 06:02 PM |