ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > ( همســـــات الإسلامي )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 23-08-2019, 06:09 PM
البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً
Egypt     Male
SMS ~ [ + ]


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
الاوسمة
تيجان الملوك 
لوني المفضل Darkorange
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل : 16 - 3 - 2015
 فترة الأقامة : 3574 يوم
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مــــصـــابــيـــح





مــــصـــابــيـــح

مــضــيــئـــة فى ميزان حسناتكم :•..•

قال تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً
وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت:33) .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لايقعد قوم يذكرون الله إلا
حفتهم الملائكة
وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده»

~~
أخوتي أخواتي
الدنيا ما هي إلا دار عبور لدار البقاء والخلود
مهما طال بنا الأمد فيها لابد للرحلة من نهاية
ولن يتبقى إلا عملنا الذي سنحاسب عليه
والثمرة حصاد الذي زرعناه أن خير إلى خير
وان شر فـ كما وعد الرحمن شر
من رحمة الله بعبادة أن جعل للأعمال الصالحة أبواب كثير ة يتقربون إليه بها
لـ يمحو بها سيئاتهم ويغفر ذنوبهم ويرفع درجاتهم ويضاعف لهم الحسنات
~~
ذكر الله والدعوة إليه لا تقتصر على فئة معينة كل مسلم
يحمل في قلبه نور الإيمان مكلف بالدعوة والتذكير
قال صلى الله عليه وسلم : { من دعا إلى هُدى كان له من الأجر
مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.. } [رواه مسلم].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بلـّغوا عني ولو آية".

~~~
وما من كاتـب إلا سيفنى
ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء
يسرك في القيامة أن تـراه
يوما ما سنفنى ويبقى ماكتبته إيدينا
اما شاهد لنا او علينا
هذه مساحة لنكتب فيها حروف من
نور نضئ بها سراديب قلوبنا التي تحتاج للتذكير الدائم
ونسأل الله أن تكون شاهدة علينا خالصة لوجهه الكريم وأن لايحرمكم أجر المشاركة



أتمنى ممن يود المشاركة أن ينيرنا
بأيات قرأنية
احاديث نبوية
أقوال
حكم
مواعظ
أدعية صحيحة
نسائم إيمانية
تواقيع إسلامية
نصائح
أبيات شعر دينية

تفريغ خطب
كتب الرحمن الأجر والثواب للجميع

منتظرين مشاركتكم فى ميزان حسناتكم ان شاء الله




lJJJJwJJJhfJJdJJJp






آخر تعديل البرنس مديح ال قطب يوم 23-08-2019 في 06:12 PM.
رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:10 PM   #2


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





 

رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:10 PM   #3


باربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7407
 تاريخ التسجيل :  25 - 9 - 2016
 أخر زيارة : 27-05-2022 (07:28 PM)
 المشاركات : 185,038 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
بالانـاا أنا فخــورهـ
وانانيتــي تأبى الوقوف عند تأثير الريااحـ

لوني المفضل : Hotpink
افتراضي





 

رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:13 PM   #4


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْأَخْلَاقَ مِنَ الدِّينِ، وَأَعْلَى بِهَا شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ بِمَكَارِمِهَا أَقْوَامًا فَكَانُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْخُلُقِ الْقَوِيمِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ - أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ - بِأَعْظَمِ الْوَصَايَا، وَهِيَ تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فَلَا فَلَاحَ وَلَا صَلَاحَ لِلنَّاسِ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عِبَادَ اللَّهِ: خُطْبَةُ الْيَوْمِ عَنْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَخُلُقٍ مِنْ أَخْلَاقِ الصَّالِحِينَ الْأَتْقِيَاءِ، بِهَذِهِ الصِّفَةِ تُنَالُ الدَّرَجَاتُ، وَتُرْفَعُ الْمَقَامَاتُ، خُطْبَتُنَا عَنْ حُسْنِ الْخُلُقِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ حُسْنِ الْخُلُقِ: مَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ، حَيْثُ كَانَ يَقُولُ: «وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِى لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ».

عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدِ امْتَدَحَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَى نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَمَالِ خُلُقِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾.

تَقُولُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- حِينَمَا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ خُلُقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ». بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، كَانَ قُرْآنًا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ؛ أَيْ: أَنَّهُ عَمِلَ بِأَخْلَاقِ الْقُرْآنِ، فَتَمَثَّلَ آدَابَهُ وَامْتَثَلَ أَوَامِرَهُ.

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُومُ فِي خِدْمَةِ أَهْلِهِ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ بِيَدِهِ. وَمِنْ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُرَى إِلَّا مُبْتَسِمًا، فَلَمْ يُفَارِقِ الْبَهَاءُ جَبِينَهُ وَلَا النُّورُ طَلْعَتَهُ، لَمْ يَقْهَرْ يَتِيمًا، وَلَمْ يَنْهَرْ مِسْكِينًا، بَلْ كَانَ بِنَفْسِهِ يَسْعَى فِي خِدْمَةِ الْمُحْتَاجِينَ، وَيُوَاسِي الْمَنْكُوبِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

وَكَانَ أَكْرَمَ الْخَلْقِ نَفْسًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ جَرِيرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَبَسَّمَ»، وَكَانَ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ صَحَابَتِهِ عَادَهُ، وَإِنِ افْتَقَدَهُ سَأَلَ عَنْهُ.

وَكَانَ أَرْحَمَهُمْ قَلْبًا، يَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِهِ إِذَا سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، كَرَاهَةَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ، وَكَانَ أَلْيَنَهُمْ طَبْعًا، إِذَا دَخَلَ إِلَى بَيْتِهِ اشْتَغَلَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَكَانَ أَعْظَمَهُمْ صَبْرًا، خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْحَجَرُ عَلَى بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ، فَمَا اشْتَكَى وَلَا تَضَجَّرَ، وَكَانَ أَوْسَعَهُمْ عَفْوًا وأَوْفَرَهُمْ حِلْمًا، قَاتَلَهُ أَعْدَاؤُهُ وَأَدْمَوْهُ، وَلَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ قَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ». هَذِهِ بَعْضُ أَخْلَاقِهِ السَّامِيَةِ، وَآدَابِهِ الْعَالِيَةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَنَا فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ فَبِهِ نَتَأَسَّى وَإِيَّاهُ نَتَّبِعُ، وَعَلَى خُطَاهُ نَسِيرُ.

أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ:
لِحُسْنِ الْخُلُقِ فَضَائِلُ عَدِيدَةٌ، وَثَمَرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لَا الْحَصْرِ:
أَوَّلًا:أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ»، فَهَنِيئًا، ثُمَّ هَنِيئًا، لَكَ يَا صَاحِبَ الْخُلُقِ الرَّفِيعِ هَذَا الْأَجْرُ الْعَظِيمُ.

ثَانِيًا:مِنْ ثَمَرَاتِ حُسْنِ الْخُلُقِ: أَنَّهُ يُثَقِّلُ مِيزَانَ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء»، وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ هُمَا أَخَفُّ عَلَى الظَّهْرِ، وَأَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ غَيْرِهِمَا؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَطُولِ الصَّمْتِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا عَمِلَ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِمَا».

ثَالِثًا: مِنْ ثَمَرَاتِ حُسْنِ الْخُلُقِ حُصُولُ الْبَرَكَةِ فِي الدِّيَارِ وَالْأَعْمَارِ، فَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا»:إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ».


رَابِعًا:أَنَّ صَاحِب الْخُلُقِ يَحْصُلُ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ وَمَحَبَّةِ الرَّحْمَنِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا». وَفِي الْحَدِيثِ: «أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا».

خَامِسًا: أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْعَمَلِ الْجَنَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ: مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ، قَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ».

سَادِسًا: مِنْ فَضَائِلِ حُسْنِ الْخُلُقِ: أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْقُرْبِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا». وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّؤُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ».

فَاحْرِصُوا -رَعَاكُمُ اللَّهُ- عَلَى تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ، فَهُمَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ الَّذِي رُتِّبَتْ عَلَيْهِ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ أُجُورٍ عَظِيمَةٍ إِنَّمَا هُوَ مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ وَافَقَ فِيهِ الظَّاهِرُ الْبَاطِنَ ثَانِيًا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ صِحَّةً فِي إِيمَانٍ، وَإِيمَانًا فِي حُسْنِ خُلُقٍ، وَنَجَاحًا يَتْبَعُهُ فَلَاحٌ، وَرَحْمَةً مِنْكَ وَعَافِيَةً وَمَغْفِرَةً وَرِضْوَانًا. بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْوَحْيَيْنِ، وَنَفَعَنَا وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا.
♦♦ ♦♦

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ، أَفْضَلَ مَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِهِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تَقْوَاهُ، فَرَبُّكُمْ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ.

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرِيَّةَ الرَّجُلِ لَا تُقَاسُ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ فَحَسْبُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي شِيَمِهِ وَأَخْلَاقِهِ، وَتَعَامُلِهِ مَعَ الْخَلْقِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا».

وَكَانَ يُوصِي أَصْحَابَهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، قَالَ يَوْمًا لِمُعَاذٍ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَحَسِّنُوا أَخْلَاقَكُمْ وَعَامِلُوا النَّاسَ بِالْخُلُقِ الْحَسَنِ، وَأَحِبُّوا لَهُمْ مَا تُحِبُّونَ لِأَنْفُسِكُمْ، فَفِي الْحَدِيثِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ، وَالنِّعْمَةِ الْمُسْدَاةِ، عَلَى إِمَامِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].

وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا».


 

رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:15 PM   #5


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الأحبة في الله، سنتحدث في هذا اليوم المبارك بإذن الله جل في علاه عن موضوع من الأهمية بمكان عظيم، ولِم لا وهذا الموضوع هو سبب كل شر وبلاء يحدث للمرء خاصة أو للأمة عام؟

ولِمَ لا وقد حذَّرنا منه ربُّنا جل شأنه، وحذَّرنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أشد التحذير: الذنوب والمعاصي؟ إنها سبب كل عذاب وعقاب، سبب كل شر وسوء، تأمل كيف يُبين الإمام ابن القيم رحمه الله أن الشرور التي حلَّت ببني آدم منذ بداية الخليقة، فسببها الرئيس هو الذنوب والمعاصي، فيقول كما في كتابه (الداء والدواء): "وَهَلْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ إِلَّا سَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي، فَمَا الَّذِي أَخْرَجَ الْأَبَوَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، دَارِ اللَّذَّةِ وَالنَّعِيمِ وَالْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ إِلَى دَارِ الْآلَامِ وَالْأَحْزَانِ وَالْمَصَائِبِ؟ وَمَا الَّذِي أَخْرَجَ إِبْلِيسَ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ وَطَرَدَهُ وَلَعَنَهُ، وَمَسَخَ ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ، فَجَعَلَ صُورَتَهُ أَقْبَحَ صُورَةٍ وَأَشْنَعَهَا، وَبَاطِنَهُ أَقْبَحَ مِنْ صُورَتِهِ وَأَشْنَعَ، وَبُدِّلَ بِالْقُرْبِ بُعْدًا، وَبِالرَّحْمَةِ لَعْنَةً، وَبِالْجَمَالِ قُبْحًا، وَبِالْجَنَّةِ نَارًا تَلَظَّى، وَبِالْإِيمَانِ كُفْرًا، وَبِمُوَالَاةِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ أَعْظَمَ عَدَاوَةٍ وَمُشَاقَّةٍ، وَبِلِبَاسِ الْإِيمَانِ لِبَاسَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، فَهَانَ عَلَى اللَّهِ غَايَةَ الْهَوَانِ، وَسَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ غَايَةَ السُّقُوطِ؟ وَمَا الَّذِي أَغْرَقَ أَهْلَ الْأَرْضِ كُلَّهُمْ حَتَّى عَلَا الْمَاءُ فَوْقَ رَأْسِ الْجِبَالِ؟ وَمَا الَّذِي سَلَّطَ الرِّيحَ الْعَقِيمَ عَلَى قَوْمِ عَادٍ حَتَّى أَلْقَتْهُمْ مَوْتَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٌ، وَدَمَّرَتْ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ دِيَارِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ وَزُرُوعِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، حَتَّى صَارُوا عِبْرَةً لِلْأُمَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ وَمَا الَّذِي أَرْسَلَ عَلَى قَوْمِ ثَمُودَ الصَّيْحَةَ حَتَّى قَطَعَتْ قُلُوبَهُمْ فِي أَجْوَافِهِمْ وَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ؟ وَمَا الَّذِي رَفَعَ قُرَى اللُّوطِيَّةِ حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ نَبِيحَ كِلَابِهِمْ، ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا، فَأَهْلَكَهُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ أَتْبَعَهُمْ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَرَهَا عَلَيْهِمْ، فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ عَلَى أُمَّةٍ غَيْرِهِمْ، وَلِإِخْوَانِهِمْ أَمْثَالُهَا، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ؟ وَمَا الَّذِي أَرْسَلَ عَلَى قَوْمِ شُعَيْبٍ سَحَابَ الْعَذَابِ كَالظُّلَلِ، فَلَمَّا صَارَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ أَمْطَرَ عَلَيْهِمْ نَارًا تَلَظَّى؟ وَمَا الَّذِي أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ نَقَلَتْ أَرْوَاحَهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ، فَالْأَجْسَادُ لِلْغَرَقِ، وَالْأَرْوَاحُ لِلْحَرْقِ؟ وَمَا الَّذِي خَسَفَ بِقَارُونَ وَدَارِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ؟"؛ ا.هـ بتصرف يسير.

والإجابة عن كل تلك الأسئلة واحدة ألا وهي الذنوب والمعاصي، فهل من عاقل يقدم على ما فيه هلاكه، فضلًا عن أن يفرح إذا ظفر به وناله؟
تعالوا بنا إخوتي في الله لنتناول شيئًا من أضرار الذنوب والمعاصي، لعل الغافل يفيق، والساهي يتنبه، والمذنب يتوب قبل أن يفوت أوان التوبة، ولن يكون له شيء غير الندامة والحسرة.

من عقوبات الذنوب والمعاصي:
1- أنها تجلب غضب الرب عز وجل، وإذا غضب الله على إنسان أظلم في وجهه كل شيء، وإن لم يتدارك نفسه فقد خسر دنياه وأخراه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولو علمت أن ذا منصب قد غضب عليك لَما هَنئتَ بنوم ولا هنئت بطعامٍ ولا شراب, فكيف إذا كان الله سبحانه غاضبًا عليك؟ ﴿ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ [الأحزاب: 37].

2- أنها تقسي القلب وتُميته إذا تكاثرت، أيها الحبيب أنصت معي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُبين ما تفعله تلك الذنوب بالقلوب، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه من حديث حذيفة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»[1]، وعن الحسن البصري قال: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]، قال: هو الذنب بعد الذنب حتى يموت القلب[2].

وقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ، فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ، حَتَّى تُغْشِيَ الذُّنُوبُ قَلْبَهُ[3].

أهكذا تفعل الذنوب بالقلب؟! نعم أخي الحبيب وأكثر من ذلك, ولك أن تعلم أن القلب هو المضغة التي إذا فسدت فسد سائر الجسد, القلب الذي هو محل نظر الله، ولله درُّ ابن المبارك الإمام العالم لما يقول:
رأيتُ الذنوبَ تُميت القلوبَ

وقد يورثُ الذلَّ إدمانُها


وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ

وخيرٌ لنفسك عِصيانُها[4]




3- أنها تمحق البركة وتذهب الرزق، ففي الحَدِيث: «إِن العَبْد ليُحرم الرزق بالذنب يُصِيبهُ»[5].

قال الصنعاني: اعلَم أن الذنوب مانعة لكل خيرٍ، جالبة لكل شر، فمن الخير الذي يمنعه الرزق؛ فإنها تحول بينه وبين العاصي[6]، وإن كان الحديث قد ضعَّف إسنادَه بعضُ أهل العلم، فإن معناه صحيح، وقد دلَّ القرآن الكريم على ذلك المعنى في آيات كثيرة؛ يقول الإمام البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (9/ 229): ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66].

أن الإعراض سبب الضيق؛ كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن العبد ليُحرَم الرزق بالذنب يُصيبه»؛ ا.هـ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس قال: سمعت رسول الله يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[7].

فإن كانت الطاعات ومن جملتها صلة الرحم توسِّع الرزق، وتمد وتزيد العمر بحلول البركة فيه، فالعكس بالعكس، فالمعاصي تُضيق الرزق وتَمحق البركات محقًا، أسال الله أن يَقينا شرَّ الذنوب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أما بعد:
فقد ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ قَالَ: وُجِدَتْ فِي خَزَائِنَ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، حِنْطَةٌ - أي قمح - الْحَبَّةُ بِقَدْرِ نَوَاةِ التَّمْرَةِ، وَهِيَ فِي صُرَّةٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: كَانَ هَذَا يَنْبُتُ فِي زَمَنٍ مِنَ الْعَدْلِ[8]، الله أكبر، انظر يا أخي كيف كانت البركة في كل شيء عندما كان الناس يقومون بالعدل، ويُطيعون ربهم, نعم هذه هي بركة الله جل جلاله، ونزعُ هذه البركة يكون بالذنوب والمعاصي؛ قال ربُّنا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سُورَةُ الرُّومِ: 41].

فهذا الذي نعيشه اليوم من قلة البركة وضيق العيش، والفساد المشاهد في الثمار والحيوانات، والأمراض التي لم تكن فيما مضى، ما هو إلا أثرٌ لذنوبنا ومعاصينا! فاللهَ الله في التوبة، اللهَ الله في الرجوع والإنابة إلى خالقنا وإلهنا إن أردنا تغيير حالنا من السوء إلى الحسن، ومن الضيق إلى السعة، ومن التعاسة إلى السعادة، ومن الحزن إلى السرور والفرح, فلا بد من تغيير ما نحن فيه من الذنوب أولًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

اللهم اغفِر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبِّت أقدامنا وانصُرنا على القوم الكافرين, اللهم أبرِم لهذه الأمة أمر رشدٍ يُعَزُّ فيه أولياؤك وأهلُ طاعتك، ويُهدى فيه أهلُ معصيتك، ويؤمَر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وللمسلمين أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.

[1] صحيح مسلم (1/ 128).

[2] تفسير الطبري: جامع البيان؛ ت. شاكر (24/ 288).

[3] تفسير القرطبي (19/ 259).

[4] البداية والنهاية، ط الفكر (10/ 141).

[5] أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصحح إِسْنَاده وَاللَّفْظ لَهُ، وقال الشيخ ماهر ياسين في جامع العلوم والحكم؛ ت ماهر الفحل (3/ 1271): أخرجه أحمد 5 /277 و282، وابن ماجه (4022)، وفي إسناده مقال، وقد حسَّن بعضهم هذا الحديث بطرقه؛ منهم: الحافظ العراقي؛ كما نقله البوصيري في "مصباح الزجاجة".

[6] التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 447).

[7] صحيح البخاري (3/ 56)؛ أخرجه مسلم في البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها رقم 2557.

[8] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء (ص: 65).


 

رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:16 PM   #6


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



إن الحمد لله نحمده ونستعينه.. أما بعد:
فيا عباد الله، إن التوفيق للهداية من أعظم منن الله تعالى على عبده ومن أجل منحه وهباته، فإن التوفيق للهداية علامة على إرادة الله بالعبد خيرًا، وأنه أراد أن يفتح له بابًا عظيمًا من أبواب الرحمة، ومن ثم فإن الثبات على هذه الهداية نعمة أخرى وعطية جليلة من عطاياه لعبده، ولكنها تحتاج من العبد للقيام بأسباب لأن يبقى ثابتًا على الهداية.


من هذه الأسباب ما يلي:
أولًا: الحمد:
فإن نظر العبد إلى عظيم هذه النعمة المسداة وتوفيق ربه له، أوجب له نظره هذا الحمد عليها والشكر لمسديها، فبهذا الشكر تدوم وبه تزداد؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].


ثانيًا: سؤاله الثبات:
ومن هذا الشكر سؤال الله الثبات على هذه الهداية، وصدق اللجوء إلى الله، والإلحاح عليه بالدعاء والإكثار منه، والخوف من الحور بعد الكور، ومن الانتكاسة بعد الاستقامة، وليكن دعاء إبراهيم وخوفه على نفسه وبنيه من عبادة الأصنام، وهو إمام الموحدين نصب عينيه؛ حيث قال: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35].


ثالثًا: عبادة الخلوات:
إن من أعظم أسباب الثبات هي عبادة الخلوات، فعند البعد عن أعين البشر والخلوة في طاعة الله، يتبين المؤمن من المنافق، فإن المؤمن إذا خلا وتفرغ نصب قدميه بين يدي ربه، يناجيه ويسأله ويبتهل إليه، والمنافق إذا خلا بمحارم الله انتهكها؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].


سأل رجل حذيفة رضي الله عنه: هل أنا من المنافقين؟
قال: أتصلي إذا خلوت وتستغفر إذا أذنبت؟ قال: نعم، قال: اذهب فما جعلك الله منافقًا؛ أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق.


وانتهاك المحارم في الخلوات سبب في التفريط بالحسنات، ومحق بركات الأعمال الصالحة وإن كانت مثل الجبال، ففي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سننه عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأَعْلَمَنَّ أقوامًا مِن أُمَّتي يَأْتون يوم القيامة بحَسناتٍ أمثالِ جِبالِ تِهامةَ بَيْضاءَ فيَجْعَلُها اللهُ هَباءً مَنثورًا، قال ثَوْبان: يا رسولَ اللهِ صِفْهُم لنا، جَلِّهِم لنا ألا نَكُونَ منهُم ونحن لا نَعْلَم، قال: أمَا إنَّهُم إخوانُكُم ومِن جِلْدَتِكُم ويَأخُذون مِنَ اللَّيلِ كما تَأْخُذون، ولكنَّهُم أقوامٌ إذا خَلَوْا بمَحارمِ اللهِ انتَهَكوها"؛ السلسلة الصحيحة.


رابعًا: العمل بالعلم:
العلم من أجل الأعمال وأزكاها؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، وقد بوب البخاري في كتابه الصحيح، فقال: باب قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل والعلم مرتبط بالعمل؛ لأن العلم بلا عمل حجة على العبد عن أبي هريرة قال: (مثل الذي يتعلَّم العلم ثم لا يحدِّثُ به، كمثل الذي يَكنزُ فلا يُنفِقُ منه).
والإنسان يحتاج أن يحيل معلوماته إلى معمولات؛ كي يزداد ثباتًا على الهداية، فإنها إحدى ثمرات عمله بعلمه.


الخامس من هذه الأسباب: تلاوة القرآن:
﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 27]، التلاوة: هي الاتباع؛ أي: اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفَهمها، وتصديق أخباره، وامتثال أوامره ونواهيه؛ فإنه الكتاب الجليل الذي لا مبدل لكلماته؛ أي: لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها وبلوغها من الحسن فوق كل غاية، ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]، فلتمامِها استحال عليها التغيير والتبديل، فلو كانت ناقصة لعرض لها ذلك أو شيء منه، وفي هذا تعظيم للقرآن في ضمنه الترغيب على الإقبال عليه.


﴿ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ [الكهف: 27]؛ أي: لن تجد من دون ربك ملجأً تلجأ إليه، ولا معاذًا تعوذ به، فإذا تعين أنه وحده الملجأ في كل الأمور، تعين أن يكون هو المألوه المرغوب إليه في السراء والضراء، المفتقر إليه في جميع الأحوال، المسؤول في جميع المطالب.


وقال مالك رحمه الله: "من أراد النجاة فعليه بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله كما أمر والشكر له، فقد تأذن بالزيادة لمن شكر.

عباد الله، سادس هذه الأسباب: الصحبة الصالحة:
يقول الله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].


يأمر تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وغيره أسوته في الأوامر والنواهي - أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين، ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِي ﴾؛ أي: أول النهار وآخره، يريدون بذلك وجه الله، فوصفهم بالعبادة والإخلاص فيها، ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم وإن كانوا فقراءَ، فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يُحصى.
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾؛ أي: لا تجاوزهم بصرك وترفع عنهم نظرك.


﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، فإن هذا ضار غير نافع وقاطع عن المصالح الدينية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة، فإن زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل على اللذات والشهوات، فيضيع وقته وينفرط أمره، فيخسر الخسارة الأبدية والندامة السرمدية، ولهذا قال: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾، غفل عن الله فعاقبه بأن أغفله عن ذكره.


﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾؛ أي: صار تبعًا لهواه؛ حيث ما اشتهت نفسه فعله، وسعى في إدراكه ولو كان فيه هلاكه وخسرانه، فهو قد اتخذ إلهه هواه؛ كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الجاثية: 23].


﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ ﴾؛ أي: مصالح دينه ودنياه، ﴿ فُرُطًا ﴾؛ أي: ضائعة معطلة، فهذا قد نهى الله عن طاعته؛ لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به، ولأنه لا يدعو إلا لما هو متصف به، ودلت الآية على أن الذي ينبغي أن يطاع ويكون إمامًا للناس مَن امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلهج بذكر الله، واتَّبع مراضي ربه، فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما من الله به عليه، فحقيق بذلك أن يتبع ويجعل إمامًا، والصبر المذكور في هذه الآية هو الصبر على طاعة الله الذي هو أعلى أنواع الصبر، وبتمامه تتم باقي الأقسام، وفي الآية استحباب الذكر والدعاء والعبادة طرفي النهار؛ لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله، دل ذلك على أن الله يحبه وإذا كان يحبه، فإنه يأمر به ويرغب فيه.


السابع: الدعوة إلى الله:
قال الله تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29].


أي: قل للناس يا محمد: هو الحق من ربكم؛ أي: قد تبيَّن الهدى من الضلال والرشد من الغي، وصفات أهل السعادة وصفات أهل الشقاوة، وذلك بما بيَّنه الله على لسان رسوله، فإذا بان واتضح ولم يبقَ فيه شبهة.


﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾؛ أي: لم يبق إلا سلوك أحد الطريقين بحسب توفيق العبد وعدم توفيقه، وقد أعطاه الله مشيئة بها يقدر على الإيمان والكفر والخير والشر، فمن آمن فقد وفِّق للصواب، ومن كفر فقد قامت عليه الحجة، وليس بمكرهٍ على الإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، وليس في قوله: ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ الإذن في كلا الأمرين، وإنما ذلك تهديد ووعيد لمن اختار الكفر بعد البيان التام. [1]
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.

[1] فقرات التفسير مستفادة من تفسير الشيخ السعدي رحمه الله.


 

رد مع اقتباس
قديم 23-08-2019, 06:17 PM   #7


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : اليوم (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





الحمد لله الإلهِ الأحد، الغنيِّ الصمد، وأشهد ألا إله إلا الله، تنزَّه عن الصاحبة والشريك والولد، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله للناس رحمة، وجعله خاتم رسله، أيَّده بمعجزات كثيرة ونوَّعها، وهداه لأحسن الأخلاق وأروعِها، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته خير أمته أجمعِها.

أما بعد ُعباد الرحمن:
فحديثنا اليوم مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصةٍ متنوعةِ الأحداثِ والفوائد، نسوقها ثم نذكر إن شاء الله بعض فوائدها التي استنبطها أهل العلم:
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ المَاءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَانْطَلَقَ النَّاسُ لا يَلْوِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، قالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبيْنَما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسِيرُ حتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، وَأَنَا إلى جَنْبِهِ، قالَ: فَنَعَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَمَالَ عن رَاحِلَتِهِ، فأتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِن غيرِ أَنْ أُوقِظَهُ حتَّى اعْتَدَلَ علَى رَاحِلَتِهِ، قالَ: ثُمَّ سَارَ حتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ، مَالَ عن رَاحِلَتِهِ، قالَ: فَدَعَمْتُهُ مِن غيرِ أَنْ أُوقِظَهُ حتَّى اعْتَدَلَ علَى رَاحِلَتِهِ، قالَ: ثُمَّ سَارَ حتَّى إذَا كانَ مِن آخِرِ السَّحَرِ، مَالَ مَيْلَةً هي أَشَدُّ مِنَ المَيْلَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، حتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ، فأتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قُلتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قالَ: مَتَى كانَ هذا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ قُلتُ: ما زَالَ هذا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قالَ: حَفِظَكَ اللَّهُ بما حَفِظْتَ به نَبِيَّهُ، ثُمَّ قالَ: هلْ تَرَانَا نَخْفَى علَى النَّاسِ؟ ثُمَّ قالَ: هلْ تَرَى مِن أَحَدٍ؟ قُلتُ: هذا رَاكِبٌ، ثُمَّ قُلتُ: هذا رَاكِبٌ آخَرُ، حتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ، قالَ: فَمَالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا، فَكانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالشَّمْسُ في ظَهْرِهِ، قالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قالَ: ارْكَبُوا، فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حتَّى إذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شيءٌ مِن مَاءٍ، قالَ: فَتَوَضَّأَ منها وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، قالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شيءٌ مَن مَاءٍ، ثُمَّ قالَ لأَبِي قَتَادَةَ: احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ، فَسَيَكونُ لَهَا نَبَأٌ، ثُمَّ أَذَّنَ بلَالٌ بالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فَصَنَعَ كما كانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَومٍ، قالَ: وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَرَكِبْنَا معهُ، قالَ: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إلى بَعْضٍ ما كَفَّارَةُ ما صَنَعْنَا بتَفْرِيطِنَا في صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قالَ: أَما لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ، ثُمَّ قالَ: أَما إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كانَ الغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا، ثُمَّ قالَ: ما تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ قالَ: ثُمَّ قالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ: رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ، وَقالَ النَّاسُ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أَيْدِيكُمْ، فإنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا. قالَ: فَانْتَهَيْنَا إلى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ، وَحَمِيَ كُلُّ شيءٍ، وَهُمْ يقولونَ: يا رَسولَ اللهِ، هَلَكْنَا، عَطِشْنَا، فَقالَ: لا هُلْكَ علَيْكُم، ثُمَّ قالَ: أَطْلِقُوا لي غُمَرِي قالَ: وَدَعَا بالمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً في المِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَحْسِنُوا المَلأَ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى قالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ حتَّى ما بَقِيَ غيرِي، وَغَيْرُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ثُمَّ صَبَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لِي: اشْرَبْ، فَقُلتُ: لا أَشْرَبُ حتَّى تَشْرَبَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إنَّ سَاقِيَ القَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا، قالَ: فَشَرِبْتُ، وَشَرِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فأتَى النَّاسُ المَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً. قالَ: فَقالَ عبدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ: إنِّي لأُحَدِّثُ هذا الحَدِيثَ في مَسْجِدِ الجَامِعِ، إذْ قالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ انْظُرْ أَيُّهَا الفَتَى كيفَ تُحَدِّثُ، فإنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلكَ اللَّيْلَةَ، قالَ: قُلتُ: فأنْتَ أَعْلَمُ بالحَديثِ، فَقالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلتُ: مِنَ الأنْصَارِ، قالَ: حَدِّثْ، فأنتُمْ أَعْلَمُ بحَديثِكُمْ، قالَ: فَحَدَّثْتُ القَوْمَ، فَقالَ عِمْرَانُ: لقَدْ شَهِدْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ، وَما شَعَرْتُ أَنْ أَحَدًا حَفِظَهُ كما حَفِظْتُهُ.

نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وبما فيما من الهدى والحكمة، واستغفروا الله إنه كان غفاراً.
♦♦♦♦

الحمد لله القائل عن رسوله: ﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾..
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أزواجه وذريته وآله وصحبه أما بعد:
ففي القصة السابقة الكثير من الفوائد:♦ فمنها: أنه يستحب لأمير الجيش إذا رأى مصلحة لقومه بإعلامهم بأمر أن يجمعهم ليبلغهم ليكون الجميع على علم وتهيؤ لحالهم.
♦ ومنها: استحباب قول إن شاء الله في الأمور المستقبلة وهو موافق للأمر به في القرآن.
♦ ومما يستفاد: حرص الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم ألا يصيبه أذى.
♦ ومنها: استحباب الدعاء لمن صنع إليه معروفاً.
♦ ومن الفوائد: مشروعية الأخذ بالأسباب للاستيقاظ للصلاة.
♦ ومنها: استحباب الأذان للصلاة الفائتة واستحباب قضاء السنة الراتبة.
♦ ومما يستفاد: أن قضاء الصلاة الفائتة كصفة أدائها.
♦ ومنها: أن النائم غير المفرط يعذر.
ومن الفوائد:ثبوت معجزات نبوية عديدة منها: أنه أخبر أبا قتادة بأن ميضأته سيكون لها نبأ (والميضأة: الإناء الذي يتوضأ به)، والمعجزة الثانية: تكثير الماء القليل، والثالثة: قوله "كلكم سيروى" وكان كذلك، والرابعة: "قال أبو بكر وعمر كذا وقال الناس كذا"، والخامسة: قوله "إنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ المَاءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا" وكان كذلك.
♦ ومن الفوائد: الإشادة بالشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.♦ ونختم بهذه الفائدة: أن ساقي القوم ماءً أو لبناً أو غيره آخرهم شرباً.
قد لاح نورُ الفجرِ في عصر الدُجى
بالمصطفى الهادي لخير كلامِ

وحيٌ وقرآنٌ ومنهجُ خالقٍ
قد حطّمَ الجهلاء بالإسلامِ

صلّى عليك اللهُ يا رمزَ الهدى
ما لحظةٌ مرّت مدى الأيامِ


ثم صلوا وسلموا...


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مــــصـــابــيـــح


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 10:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010