ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 18-04-2019, 01:34 PM
تيماء غير متواجد حالياً
Lebanon    
الاوسمة
ردود عسجديه 
لوني المفضل Floralwhite
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل : 27 - 10 - 2016
 فترة الأقامة : 3003 يوم
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,153 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
6666 فى رحاب سورة : " الْنَّحْل " ج : 1 و2 و3





رحاب سورة " الْنَّحْل "




رحاب سورة " الْنَّحْل "





فى رحاب سورة الْنَّحْل
16/114


سبب التسمية :
سميت ‏هذه ‏السورة ‏الكريمة ‏‏" ‏سورة ‏النحل ‏‏" ‏لاشتمالها ‏على ‏تلك ‏العبرة ‏البليغة ‏التي ‏تشير ‏إلى ‏عجيب ‏صنع ‏الخالق ‏وتدل ‏على ‏الألوهية ‏بهذا ‏الصنع ‏العجيب .‎


التعريف بالسورة :
مكية .ماعدا من الآية 126إلى الآية 128 " فمدنية .
من المئين .
آياتها 128 آية .
ترتيبها السادسة عشرة .
نزلت بعد سورة الكهف .
بدأت السورة بفعل ماضي " أتى " ، السورة بها سجدة في الآية رقم 50.
الجزء " 14 " ، الحزب " 27 ، 28 " ، الربع " 3،4،5،6،7،8 " .


محور مواضيع السورة :
سورة النحل من السور المكية التي تعالج موضوعات العقيدة الكبرى الالوهية والوحي والبعث والنشور وإلى جانب ذلك تتحدث عن دلائل القدرة والوحدانية في ذلك العالم الفسيح في السموات والارض والبحار والجبال والسهول والوديان والماء الهاطل والنبات النامي والفلك التي تجري في البحر والنجوم التي يهتدي بها السالكون في ظلمات الليل إلى آخر تلك المشاهد التي يراها الانسان في حياته ويدركها بسمعه وبصره وهي صور حية مشاهدة دالة على وحدانية الله جل وعلا وناطقة بآثار قدرته التي أبدع بها الكائنات .


سبب نزول السورة :
1) قال ابن عباس : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى " اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ " قال الكفار : بعضهم لبعض إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن فلما رأوا أنه لا ينزل شئ قالوا ما نرى شيئا فأنزل الله تعالى " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ " فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الايام قالوا : يا محمد ما نرى شيئا مما تُخَوِّفنا به فأنزل الله تعالى " أَتَى أمرُ اللهِ " فَوَثَبَ النبيُّ ورفع الناس رؤوسهم فنزل "فَلا تَسْتَعْجِلُوه " فَاطْمَأنوا فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله : بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعه إن كادت لتسبقني وقال الآخرون الأمر ها هنا العذاب بالسيف وهذا جواب للنضر بن الحارث حين قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء يستعجل العذاب فأنزل الله تعالى هذه الآية .


2) نزلت الآية في أُبيّ بن خلف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله فقال يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمم نظير هذه الآية قوله تعالى في سورة "يس" أَو لَمْ يَرَ الإنسانُ أنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُطْفَةٍ فَإذا هُوَ خَصيمٌ مُبين " إلى أخر السورة نازلة في هذه القصة " .


3) نزلت في اصحاب النبي بمكة بلال وصهيب وخباب وعامر وجندل بن صهيب أخذهم المشركون بمكة فعذَّبوهم وآذوهم فبوَّأهم الله تعالى بعد ذلك المدينة .

ما تشتمل عليه سورة النحل :

إثبات البعث والوحي
البراهين الدالة على وحدانيته وقدرته
نعم الله العظام وآياته المنبثة في الكائنات
تفرد الله بالخلق، وعلمه بالسر
إنكار المشركين الوحي وجزاؤهم يوم القيامة
حال المتقين مع الوحي وجزاؤهم
تهديد المشركين على تماديهم في الباطل
تذرع الكفار بحجج واهية وإنكارهم البعث
منزل المهاجرين، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تبيين كلام الله
توجيه الله الكفار للتوحيد، وتذكيرهم بنعمه
تفرده تعالى في التصرف في هذا الكون
ضربه تعالى الأمثال للعظة
علمه تعالى الغيب وخلقه الإنسان وهدايته، وتسخير الطير
نعمه تعالى على بني البشر
وعيد المشركين وأحوالهم يوم القيامة
أمره تعالى بالعدل ونهيه عن الفحشاء
أجمع آية للرجال والنساء في الترغيب بالعمل الصالح
ليس للشيطان سلطان على المؤمنين وتنزيل القرآن لتثبيت المؤمنين
المرتدون عن الإسلام والمهاجرون بعدما فتنوا
كفران النعمة وعاقبته في الدنيا
الحلال الطيب من المأكولات والحرام الخبيث
إرسال الله الرسل، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تبيان القرآن
دلائل عظمته وقدرته الدالة على وحدانيته
تفرده تعالى في التصرف في هذا الكون
ضربه تعالى الأمثال للعظة
علمه تعالى الغيب وخلقه الإنسان وهدايته، وتسخير الطير
نعمه تعالى على بني البشر
وعيد المشركين وأحوالهم يوم القيامة
أمره تعالى بالعدل ونهيه عن الفحشاء
أجمع آية للرجال والنساء في الترغيب بالعمل الصالح
ليس للشيطان سلطان على المؤمنين وتنزيل القرآن لتثبيت المؤمنين
المرتدون عن الإسلام والمهاجرون بعدما فتنوا
كفران النعمة وعاقبته في الدنيا
الحلال الطيب من المأكولات والحرام الخبيث
أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ملّة إبراهيم عليه السلام




تقسير ميسر :
أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)
قَرُب قيام الساعة وقضاء الله بعذابكم -أيها الكفار- فلا تستعجلوا العذاب استهزاء بوعيد الرسول لكم. تنزَّه الله سبحانه وتعالى عن الشرك والشركاء.


يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)
ينزِّل الله الملائكة بالوحي مِن أمره على مَن يشاء من عباده المرسلين: بأن خوِّفوا الناس من الشرك, وأنه لا معبود بحق إلا أنا, فاتقون بأداء فرائضي وإفرادي بالعبادة والإخلاص.


خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)
خلق الله السموات والأرض بالحق; ليستدِل بهما العباد على عظمة خالقهما, وأنه وحده المستحق للعبادة, تنزَّه -سبحانه- وتعاظم عن شركهم.


خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)
خَلَق الإنسان من ماء مهين فإذا به يَقْوى ويغترُّ, فيصبح شديد الخصومة والجدال لربه في إنكار البعث, وغير ذلك, كقوله: "مَن يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ"، ونسي الله الذي خلقه من العدم.


وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)
والأنعامَ من الإبل والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس- وجعل في أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها ما تأكلون.


وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)
ولكم فيها زينة تُدْخل السرور عليكم عندما تَرُدُّونها إلى منازلها في المساء, وعندما تُخْرجونها للمرعى في الصباح.


وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)
وتحمل هذه الأنعام ما ثَقُل من أمتعتكم إلى بلد بعيد, لم تكونوا مستطيعين الوصول إليه إلا بجهد شديد من أنفسكم ومشقة عظيمة, إن ربكم لَرؤوف رحيم بكم, حيث سخَّر لكم ما تحتاجون إليه, فله الحمد وله الشكر.


وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (8)
وخلق لكم الخيل والبغال والحمير; لكي تركبوها, ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا; ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به; لتزدادوا إيمانًا به وشكرا له.





رحاب سورة " الْنَّحْل "




رحاب سورة " الْنَّحْل "



tn vphf s,vm : " hgXk~QpXg [ 1 ,2 ,3 hgXk~QpXg vphf s,vm





رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 01:35 PM   #2


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,153 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي

















وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)

وعلى الله بيان الطريق المستقيم لِهدايتكم, وهو الإسلام, ومن الطرق ما هو مائل لا يُوصل إلى الهداية, وهو كل ما خالف الإسلام من الملل والنحل .

ولو شاء الله هدايتكم لهداكم جميعًا للإيمان.




هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)

هو الذي أنزل لكم من السحاب مطرًا, فجعل لكم منه ماءً تشربونه, وأخرج لكم به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم, ويعود عليكم دَرُّها ونفْعُها.




يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)

يُخرج لكم من الأرض بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة, ويُخرج به الزيتون والنخيل والأعناب, ويُخرج به كل أنواع الثمار والفواكه.

إن في ذلك الإخراج لدلالةً واضحة لقوم يتأملون, فيعتبرون.




وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)

وسخَّر لكم الليل لراحتكم, والنهار لمعاشكم, وسخَّر لكم الشمس ضياء, والقمر نورًا ولمعرفة السنين والحساب, وغير ذلك من المنافع, والنجوم في السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة الأوقات, ونضج الثمار والزروع, والاهتداء بها في الظلمات.

إن في ذلك التسخير لَدلائلَ واضحةً لقوم سيعقلون عن الله حججه وبراهينه.




وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)

وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن, وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم يتعظون, ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة.




وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)

وهو الذي سخَّر لكم البحر; لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا طريًا, وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها كاللؤلؤ والمرجان, وترى السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء, وتركبونها; لتطلبوا رزق الله بالتجارة والربح فيها, ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم إنعامه عليكم, فلا تعبدون غيره.




وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)

وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها, وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها.




وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)

وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا.




أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17)

أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئًا؟ أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة ؟




وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)

وإن تحاولوا حَصْرَ نِعَم الله عليكم لا تَفُوا بحَصْرها; لكثرتها وتنوعها. إن الله لَغفور لكم رحيم بكم؛ إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم, ولا يقطعها عنكم لتفريطكم, ولا يعاجلكم بالعقوبة.




وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)

والله سبحانه يعلم كل أعمالكم, سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم, وسيجازيكم عليها.




وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20)

والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئًا وإن صَغُر, فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم, فكيف يعبدونها ؟




أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)

هم جميعًا جمادات لا حياة فيها ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها, وهي معهم ليُلقى بهم جميعًا في النار يوم القيامة.




إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22)

إلهكم المستحق وحده للعبادة هو الله الإله الواحد, فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه; لعدم خوفهم من عقابه, فهم متكبرون عن قبول الحق, وعبادة الله وحده.




لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)

حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال, وما يظهرونه منها, وسيجازيهم على ذلك, إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له, وسيجازيهم على ذلك.




وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (24)

وإذا سُئِل هؤلاء المشركون عمَّا نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قالوا كذبًا وزورًا: ما أتى إلا بقصص السابقين وأباطيلهم.




لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)

ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة -لا يُغْفَر لهم منها شيء - ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم; ليبعدوهم عن الإسلام من غير نقص من آثامهم .

ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام .




قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (26)

قد دبَّر الكفار من قَبْل هؤلاء المشركين المكايد لرسلهم, وما جاؤوا به من دعوة الحق, فأتى الله بنيانهم من أساسه وقاعدته, فسقط عليهم السقف مِن فوقهم, وأتاهم الهلاك مِن مأمنهم, من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون أنه يأتيهم منه.




ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)

ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به, ويقول : أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني ; ليدفعوا عنكم العذاب, وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم ؟

قال العلماء الربانيون : إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله, الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت, وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله وقالوا : ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي, فيقال لهم : كَذَبْتم, قد كنتم تعملونها إن الله عليم بأعمالكم كلها, وسيجازيكم عليها.




فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)

فادخلوا أبواب جهنم, لا تخرجون منها أبدًا, فلبئست مقرًا للذين تكبَّروا عن الإيمان بالله وعن عبادته وحده وطاعته.




وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30)

وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله: ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟

قالوا : أنزل الله عليه الخير والهدى .

للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا, ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح, مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا, وسَعَة الرزق, ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا, ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ.




جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32)

جنات إقامة لهم, يستقرون فيها, لا يخرجون منها أبدًا, تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم, بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم, وقلوبُهم طاهرة من الكفر, تقول الملائكة لهم: سلام عليكم, تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة, ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره.




هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33)

ما ينتظر المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة; لتقبض أرواحهم وهم على الكفر أو يأتي أمر الله بعذاب عاجل يهلكهم, كما كذَّب هؤلاء كذَّب الكفار مِن قبلهم فأهلكهم الله, وما ظلمهم الله بإهلاكهم, وإنزال العذاب بهم, ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بما جعلهم أهلا للعذاب.




فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (34)

فنزلت بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها, وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه.




وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (35)

وقال المشركون : لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره, لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا, ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه, بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون, وهم كاذبون; فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به, وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم, فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم, فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به.




وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)

ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا, فكان منهم مَن هدى الله, فاتبع المرسلين, ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ, فوجبت عليه الضلالة, فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض, وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين, وماذا حلَّ بهم مِن دمار; لتعتبروا؟




إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)

إن تبذل - أيها الرسول - أقصى جهدك لهداية هؤلاء المشركين فاعلم أن الله لا يهدي مَن يضلُّ, وليس لهم من دون الله أحد ينصرهم, ويمنع عنهم عذابه.




وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (38)

وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق, بلى سيبعثهم الله حتمًا, وعدًا عليه حقًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث, فينكرونه.




لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39)

يبعث الله جميع العباد ; ليبين لهم حقيقة البعث الذي اختلفوا فيه, ويعلم الكفار المنكرون له أنهم على باطل, وأنهم كاذبون حين حلفوا أنْ لا بعث.




إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)

إنَّ أمر البعث يسير علينا, فإنَّا إذا أردنا شيئًا فإنما نقول له : " كن "، فإذا هو كائن موجود.




وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)

والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله, فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم, لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة, ولأجر الآخرة أكبر; لأن ثوابهم فيها الجنة. لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله, ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك.




الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)

هؤلاء المهاجرون في سبيل الله هم الذين صبروا على أوامر الله وعن نواهيه وعلى أقداره المؤلمة, وعلى ربهم وحده يعتمدون, فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة.




وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43)

وما أرسلنا في السابقين قبلك - أيها الرسول - إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة, نوحي إليهم, وإن كنتم يا مشركي قريش لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة, يخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا, إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر. والآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين, إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها من العلماء الراسخين في العلم .




بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)

وأَرْسَلْنا الرسل السابقين بالدلائل الواضحة وبالكتب السماوية, وأنزلنا إليك

- أيها الرسول - القرآن ; لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه, ولكي يتدبروه ويهتدوا به.




أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)

أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون أو يأتيهم العذاب من مكان لا يُحِسُّونه ولا يتوقعونه, أو يأخذهم العذاب, وهم يتقلبون في أسفارهم وتصرفهم ؟ فما هم بسابقين الله ولا فائتيه ولا ناجين من عذابه; لأنه القوي الذي لا يعجزه شيء, أو يأخذهم الله بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو في حال خوفهم من أخذه لهم, فإن ربكم لرؤوف بخلقه, رحيم بهم.




أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)

أَعَمِيَ هؤلاء الكفار, فلم ينظروا إلى ما خلق الله من شيء له ظل, كالجبال والأشجار, تميل ظلالها تارة يمينًا وتارة شمالا تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلا كلها خاضعة لعظمة ربها وجلاله, وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره؟




وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49)

ولله وحده يسجد كل ما في السموات وما في الأرض مِن دابة, والملائكة يسجدون لله, وهم لا يستكبرون عن عبادته .

وخصَّهم بالذكر بعد العموم لفَضْلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم .




يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)

يخاف الملائكة ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات, ويفعلون ما يُؤْمرون به من طاعة الله .

وفي الآية : إثبات صفة العلو والفوقية لله على جميع خلقه, كما يليق بجلاله وكماله.




وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51)

وقال الله لعباده : لا تعبدوا إلهين اثنين, إنما معبودكم إله واحد, فخافوني

دون سواي.




وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)

ولله كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وعبيدًا, وله وحده العبادة والطاعة والإخلاص دائمًا, أيليق بكم أن تخافوا غير الله وتعبدوه ؟




وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)

وما بكم مِن نعمةِ هدايةٍ, أو صحة جسم, وسَعَة رزقٍ وولد, وغير ذلك, فمِنَ الله وحده, فهو المُنْعِم بها عليكم, ثم إذا نزل بكم السقم والبلاء والقحط فإلى الله وحده تَضِجُّون بالدعاء .




ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)

ثم إذا كشف عنكم البلاء والسقم, إذا جماعة منكم بربهم المُنْعِم عليهم بالنجاة يتخذون معه الشركاء والأولياء.




لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)

ليجحدوا نعمنا عليهم, ومنها كَشْفُ البلاء عنهم, فاستمتعوا بدنياكم ومصيرها إلى الزوال, فسوف تعلمون عاقبة كفركم وعصيانكم.




وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)

ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة, وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر, جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها. تالله لتسألُنَّ يوم القيامة عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله.




وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)

ويجعل الكفار لله البنات, فيقولون : الملائكة بنات الله, تنزَّه الله عن قولهم ويجعلون لأنفسهم ما يحبون من البنين .




وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58)

وإذا جاء مَن يخبر أحدهم بولادة أنثى اسودَّ وجهه ; كراهية لما سمع, وامتلأ غمًّا وحزنًا.




يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)

يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار بسبب البنت التي وُلِدت له, ومتحيرًا في أمر هذه المولودة : أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان, أم يدفنها حية في التراب؟ ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم.




لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)

للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه, وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره.




وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61)

ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك, ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم, فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا, ولا يتقدمون.




وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62)

ومن قبائحهم : أنهم يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم من البنات, وتقول ألسنتهم كذبًا : إن لهم حسن العاقبة, حقًا أن لهم النار, وأنهم فيها مَتْروكون مَنْسيون.




تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)

تالله لقد أرسلنا رسلا إلى أمم مِن قبلك - أيها الرسول - فحسَّن لهم الشيطان ما عملوه من الكفر والتكذيب وعبادة غير الله, فهو متولٍّ إغواءهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.




وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)

وما أنزلنا عليك القرآن -أيها الرسول- إلا لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام; لتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون.




وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)

والله أنزل من السحاب مطرًا, فأخرج به النبات من الأرض بعد أن كانت قاحلة يابسة, إن في إنزال المطر وإنبات النبات لَدليلا على قدرة الله على البعث وعلى الوحدانية, لقوم يسمعون, ويتدبرون, ويطيعون الله, ويتقونه.




وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)

وإن لكم - أيها الناس - في الأنعام - وهي الإبل والبقر والغنم - لَعظة, فقد شاهدتم أننا نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين فَرْث - وهو ما في الكَرِش - وبين دم خالصًا من كل الشوائب, لذيذًا لا يَغَصُّ به مَن شَرِبَه.




وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)

ومِن نِعَمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب, فتجعلونه خمرًا مُسْكِرًا - وهذا قبل تحريمها - وطعامًا طيبًا.

إن فيما ذكر لَدليلا على قدرة الله لِقومٍ يعقلون البراهين فيعتبرون بها.




وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)

وألْهَمَ ربك - أيها النبي - النحل بأن اجعلي لك بيوتًا في الجبال, وفي الشجر وفيما يبني الناس من البيوت والسُّقُف.





















 

رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 01:36 PM   #3


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,153 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي












ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)
ثم كُلي مِن كل ثمرة تشتهينها, فاسلكي طرق ربك مذللة لك; لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر, وقد جعلها سهلة عليكِ, لا تضلي في العَوْد إليها وإن بَعُدَتْ. يخرج من بطون النحل عسل مختلف الألوان مِن بياض وصفرة وحمرة وغير ذلك, فيه شفاء للناس من الأمراض. إن فيما يصنعه النحل لَدلالة قوية على قدرة خالقها لقوم يتفكرون, فيعتبرون.

وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)
والله سجانه وتعالى خلقكم ثم يميتكم في نهاية أعماركم, ومنكم مَن يصير إلى أردأ العمر وهو الهرم, كما كان في طفولته لا يعلم شيئًا مما كان يعلمه, إن الله عليم قدير, أحاط علمه وقدرته بكل شيء, فالله الذي ردَّ الإنسان إلى هذه الحالة قادر على أن يميته, ثم يبعثه.

وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71)
والله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق, فمنكم غني ومنكم فقير, ومنكم مالك ومنكم مملوك, فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال, فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم, فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم الله عز وجل.

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
والله سبحانه جعل مِن جنسكم أزواجا; لتستريح نفوسكم معهن, وجعل لكم منهن الأبناء ومِن نسلهنَّ الأحفاد, ورزقكم من الأطعمة الطيبة من الثمار والحبوب واللحوم وغير ذلك. أفبالباطل من ألوهية شركائهم يؤمنون, وبنعم الله التي لا تحصى يجحدون, ولا يشكرون له بإفراده جل وعلا بالعبادة؟

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنْ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (73)
ويعبد المشركون أصنامًا لا تملك أن تعطيهم شيئًا من الرزق من السماء كالمطر, ولا من الأرض كالزرع, فهم لا يملكون شيئًا, ولا يتأتى منهم أن يملكوه; لأنهم لا يقدرون.

فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (74)
وإذا عَلِمتم أن الأصنام والأوثان لا تنفع, فلا تجعلوا -أيها الناس- لله أشباهًا مماثلين له مِن خَلْقه تشركونهم معه في العبادة. إن الله يعلم ما تفعلون, وأنتم غافلون لا تعلمون خطأكم وسوء عاقبتكم.

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (75)
ضرب الله مثلا بيَّن فيه فساد عقيدة أهل الشرك: رجلا مملوكًا عاجزًا عن التصرف لا يملك شيئًا, ورجلا آخر حرًا, له مال حلال رزَقَه الله به, يملك التصرف فيه, ويعطي منه في الخفاء والعلن، فهل يقول عاقل بالتساوي بين الرجلين؟ فكذلك الله الخالق المالك المتصرف لا يستوي مع خلقه وعبيده, فكيف تُسَوُّون بينهما؟ الحمد لله وحده, فهو المستحق للحمد والثناء, بل أكثر المشركين لا يعلمون أن الحمد والنعمة لله, وأنه وحده المستحق للعبادة.

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
وضرب الله مثلا آخر لبطلان الشرك رجلين: أحدهما أخرس أصم لا يَفْهَم ولا يُفْهِم, لا يقدر على منفعة نفسه أو غيره, وهو عبء ثقيل على مَن يَلي أمره ويعوله, إذا أرسله لأمر يقضيه لا ينجح, ولا يعود عليه بخير, ورجل آخر سليم الحواس, ينفع نفسه وغيره, يأمر بالإنصاف, وهو على طريق واضح لا عوج فيه, فهل يستوي الرجلان في نظر العقلاء؟ فكيف تُسَوُّون بين الصنم الأبكم الأصمِّ وبين الله القادر المنعم بكل خير؟

وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77)
ولله سبحانه وتعالى عِلْمُ ما غاب في السموات والأرض, وما شأن القيامة في سرعة مجيئها إلا كنظرة سريعة بالبصر, بل هو أسرع من ذلك. إن الله على كل شيء قدير.

وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)
والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل, لا تدركون شيئًا مما حولكم, وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب; لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم, وتفردونه عز وجل بالعبادة.

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)
ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها, وأقدرها عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله.

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (80)
والله سبحانه جعل لكم من بيوتكم راحة واستقرارًا مع أهلكم, وأنتم مقيمون في الحضر, وجعل لكم في سفركم خيامًا وقبابًا من جلود الأنعام, يَخِفُّ عليكم حِمْلها وقت تَرْحالكم, ويخف عليكم نَصْبها وقت إقامتكم بعد التَّرْحال, وجعل لكم من أصواف الغنم, وأوبار الإبل, وأشعار المعز أثاثًا لكم من أكسية وألبسة وأغطية وفرش وزينة, تتمتعون بها إلى أجل مسمَّى ووقت معلوم.

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)
والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها, وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة, وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما, تحفظكم من الحر والبرد, وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم, كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق; لتستسلموا لأمر الله وحده, ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (82)
فإن أعرضوا عنك -أيها الرسول- بعدما رأوا من الآيات فلا تحزن, فما عليك إلا البلاغ الواضح لما أُرْسِلْتَ به, وأما الهداية فإلينا.

يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ (83)
يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم, ثم يجحدون نبوته, وأكثر قومه الجاحدون لنبوته, لا المقرون بها.

وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)
واذكر لهم -أيها الرسول- ما يكون يوم القيامة, حين نبعث من كل أمة رسولها شاهدًا على إيمان من آمن منها, وكُفْر مَن كَفَر, ثم لا يُؤذن للذين كفروا بالاعتذار عما وقع منهم, ولا يُطْلب منهم إرضاءُ ربهم بالتوبة والعمل الصالح, فقد مضى أوان ذلك.

وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ (85)
وإذا شاهد الذين كفروا عذاب الله في الآخرة فلا يخفف عنهم منه شيء, ولا يُمْهلون, ولا يؤخر عذابهم.

وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمْ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87)
وإذا أبصر المشركون يوم القيامة آلهتهم التي عبدوها مع الله, قالوا: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مِن دونك, فنطقَتِ الآلهة بتكذيب مَن عبدوها, وقالت: إنكم -أيها المشركون- لَكاذبون, حين جعلتمونا شركاء لله وعبدتمونا معه, فلم نأمركم بذلك, ولا زعمنا أننا مستحقون للألوهية, فاللوم عليكم ، وأظهر المشركون الاستسلام والخضوع لله يوم القيامة, وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من الأكاذيب, وأن آلهتهم تشفع لهم.


الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)
الذين جحدوا وحدانية الله ونبوتك -أيها الرسول- وكذَّبوك, ومنعوا غيرهم عن الإيمان بالله ورسوله, زدناهم عذابا على كفرهم وعذابًا على صدِّهم الناس عن اتباع الحق; وهذا بسبب تعمُّدهم الإفساد وإضلال العباد بالكفر والمعصية.

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
واذكر -أيها الرسول- حين نبعث يوم القيامة في كل أمة من الأمم شهيدًا عليهم, هو الرسول الذي بعثه الله إليهم من أنفسهم وبلسانهم, وجئنا بك -أيها الرسول- شهيدًا على أمتك, وقد نَزَّلْنا عليك القرآن توضيحًا لكل أمر يحتاج إلى بيان, كأحكام الحلال والحرام, والثواب والعقاب, وغير ذلك, وليكون هداية من الضلال, ورحمة لمن صدَّق وعمل به, وبشارة طيبة للمؤمنين بحسن مصيرهم.

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به, وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه, ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع, وإلى الخلق في الأقوال والأفعال, ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم, وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي, وعن ظلم الناس والتعدي عليهم, والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب; لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)
والتزموا الوفاء بكل عهد أوجبتموه على أنفسكم بينكم وبين الله -تعالى- أو بينكم وبين الناس فيما لا يخالف كتاب الله وسنة نبيه, ولا ترجعوا في الأيمان بعد أن أكَّدْتموها, وقد جعلتم الله عليكم كفيلا وضامنًا حين عاهدتموه. إن الله يعلم ما تفعلونه, وسيجزيكم عليه.

وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)
ولا ترجعوا في عهودكم, فيكون مَثَلكم مثل امرأة غزلت غَزْلا وأحكمته, ثم نقضته, تجعلون أيمانكم التي حلفتموها عند التعاهد خديعة لمن عاهدتموه, وتنقضون عهدكم إذا وجدتم جماعة أكثر مالا ومنفعة من الذين عاهدتموهم, إنما يختبركم الله بما أمركم به من الوفاء بالعهود وما نهاكم عنه مِن نقضها, وليبيِّن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون في الدنيا من الإيمان بالله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
ولو شاء الله لوفَّقكم كلكم, فجعلكم على ملة واحدة, وهي الإسلام والإيمان, وألزمكم به, ولكنه سبحانه يُضلُّ مَن يشاء ممن علم منه إيثار الضلال, فلا يهديه عدلا منه, ويهدي مَن يشاء مِمَّن علم منه إيثار الحق, فيوفقه فضلا منه, وليسألنَّكم الله جميعًا يوم القيامة عما كنتم تعملون في الدنيا فيما أمركم به, ونهاكم عنه, وسيجازيكم على ذلك.

وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)
ولا تجعلوا من الأيمان التي تحلفونها خديعة لمن حلفتم لهم, فتهلكوا بعد أن كنتم آمنين, كمن زلقت قدمه بعد ثبوتها, وتذوقوا ما يسوؤكم من العذاب في الدنيا; بما تسببتم فيه مِن مَنْع غيركم عن هذا الدين لما رأوه منكم من الغدر, ولكم في الآخرة عذاب عظيم.

وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (95)
ولا تنقضوا عهد الله; لتستبدلوا مكانه عرضًا قليلا من متاع الدنيا, إن ما عند الله من الثواب على الوفاء أفضل لكم من هذا الثمن القليل, إن كنتم من أهل العلم, فتدبَّروا الفرق بين خيْرَي الدنيا والآخرة.

مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)
ما عندكم من حطام الدنيا يذهب, وما عند الله لكم من الرزق والثواب لا يزول. ولنُثِيبنَّ الذين تحمَّلوا مشاق التكاليف -ومنها الوفاء بالعهد- ثوابهم بأحسن أعمالهم, فنعطيهم على أدناها, كما نعطيهم على أعلاها تفضُّلا.

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)
مَن عمل عملا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى, وهو مؤمن بالله ورسوله, فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة, ولو كان قليل المال, ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا.

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)
فإذا أردت -أيها المؤمن- أن تقرأ شيئًا من القرآن فاستعذ بالله مِن شرِّ الشيطان المطرود من رحمة الله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)
إن الشيطان ليس له تسلُّطٌ على المؤمنين بالله ورسوله, وعلى ربهم وحده يعتمدون. إنما تسلُّطه على الذين جعلوه مُعينًا لهم وأطاعوه, والذين هم -بسبب طاعته- مشركون بالله تعالى.

وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101)
وإذا بدَّلنا آية بآية أخرى, والله الخالق أعلم بمصلحة خَلْقه بما ينزله من الأحكام في الأوقات المختلفة, قال الكفار: إنما أنت -يا محمد- كاذب مختَلِق على الله ما لم يَقُلْه. ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس كما يزعمون. بل أكثرهم لا عِلْم لهم بربهم ولا بشرعه وأحكامه.

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)
قل لهم -أيها الرسول-: ليس القرآن مختلَقًا مِن عندي, بل نَزَّله جبريل مِن ربك بالصدق والعدل; تثبيتًا للمؤمنين, وهداية من الضلال, وبشارة طيبة لمن أسلموا وخضعوا لله رب العالمين.

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)
ولقد نعلم أن المشركين يقولون: إن النبي يتلقى القرآن مِن بشر مِن بني آدم. كذبوا; فإن لسان الذي نسبوا إليه تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أعجمي لا يُفصح, والقرآن عربي غاية في الوضوح والبيان.

إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)
إن الكفار الذين لا يصدقون بالقرآن لا يوفقهم الله لإصابة الحق, ولهم في الآخرة عذاب مؤلم موجع.

إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105)
إنما يختلق الكذبَ مَن لا يؤمن بالله وآياته, وأولئك هم الكاذبون في قولهم ذلك. أما محمد صلى الله عليه وسلم المؤمن بربه الخاضع له فمحال أن يكذب على الله, ويقول عليه ما لم يقله.

مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107)
إنما يفتري الكذب مَن نطق بكلمة الكفر وارتدَّ بعد إيمانه, فعليهم غضب من الله, إلا مَن أُرغم على النطق بالكفر, فنطق به خوفًا من الهلاك وقلبه ثابت على الإيمان, فلا لوم عليه, لكن من نطق بالكفر واطمأن قلبه إليه, فعليهم غضب شديد من الله, ولهم عذاب عظيم; وذلك بسبب إيثارهم الدنيا وزينتها, وتفضيلهم إياها على الآخرة وثوابها, وأن الله لا يهدي الكافرين, ولا يوفقهم للحق والصواب.

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (108)
أولئك هم الذين ختم الله على قلوبهم بالكفر وإيثار الدنيا على الآخرة, فلا يصل إليها نور الهداية, وأصم سمعهم عن آيات الله فلا يسمعونها سماع تدبُّر, وأعمى أبصارهم, فلا يرون البراهين الدالة على ألوهية الله, وأولئك هم الغافلون عمَّا أعدَّ الله لهم من العذاب.

لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (109)
حقًا إنهم في الآخرة هم الخاسرون الهالكون, الذين صرفوا حياتهم إلى ما فيه عذابهم وهلاكهم.

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)
ثم إن ربك للمستضعفين في "مكة" الذين عذَّبهم المشركون, حتى وافقوهم على ما هم عليه ظاهرًا, ففتنوهم بالتلفظ بما يرضيهم, وقلوبهم مطمئنة بالإيمان, ولمَّا أمكنهم الخلاص هاجروا إلى "المدينة", ثم جاهدوا في سبيل الله, وصبروا على مشاق التكاليف, إن ربك -من بعد توبتهم- لَغفور لهم, رحيم بهم .

يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111)
وذكرهم -أيها الرسول- بيوم القيامة حين تأتي كل نفس تخاصم عن ذاتها, وتعتذر بكل المعاذير, ويوفي الله كل نفس جزاء ما عَمِلَتْه من غير ظلم لها, فلا يزيدهم في العقاب, ولا ينقصهم من الثواب.

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)
وضرب الله مثلا بلدة "مكة" كانت في أمان من الاعتداء, واطمئنان مِن ضيق العيش, يأتيها رزقها هنيئًا سهلا من كل جهة, فجحد أهلُها نِعَمَ الله عليهم, وأشركوا به, ولم يشكروا له, فعاقبهم الله بالجوع, والخوف من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيوشه, التي كانت تخيفهم; وذلك بسبب كفرهم وصنيعهم الباطل.

وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)
ولقد أرسل الله إلى أهل "مكة" رسولا منهم, هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يعرفون نسبه وصدقه وأمانته, فلم يقبلوا ما جاءهم به, ولم يصدقوه, فأخذهم العذاب من الشدائد والجوع والخوف, وقَتْل عظمائهم في "بدر" وهم ظالمون لأنفسهم بالشرك بالله, والصدِّ عن سبيله.

فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)
فكلوا -أيها المؤمنون- مما رزقكم الله, وجعله لكم حلالا مستطابًا, واشكروا نعمة الله عليكم بالاعتراف بها وصَرْفها في طاعة الله, إن كنتم حقًّا منقادين لأمره سامعين مطيعين له، تعبدونه وحده لا شريك له.

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)
إنما حرَّم الله عليكم الميتة من الحيوان, والدم المسفوح من الذبيح عند ذبحه, ولحم الخنزير, وما ذبح لغير الله, لكن مَن ألجأته ضرورة الخوف من الموت إلى أَكْلِ شيء مِن هذه المحرمات وهو غير ظالم, ولا متجاوزٍ حدَّ الضرورة, فإن الله غفور له, رحيم به, لا يعاقبه على ما فعل.

وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116)
ولا تقولوا -أيها المشركون- للكذب الذي تصفه ألسنتكم: هذا حلال لِما حرَّمه الله, وهذا حرام لِما أحَلَّه الله; لتختلقوا على الله الكذب بنسبة التحليل والتحريم إليه, إن الذين يختلقون على الله الكذب لا يفوزون بخير في الدنيا ولا في الآخرة.

مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)
متاعهم في الدنيا متاع زائل ضئيل, ولهم في الآخرة عذاب موجع.

وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)
وعلى اليهود حَرَّمنا ما أخبرناك به -أيها الرسول- مِن قبل, وهو كل ذي ظُفُر, وشحوم البقر والغنم, إلا ما حَمَلَتْه ظهورها أو أمعاؤها أو كان مختلطًا بعظم, وما ظلمناهم بتحريم ذلك عليهم, ولكن كانوا ظالمين لأنفسهم بالكفر والبغي, فاستحقوا التحريم عقوبة لهم.

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)
ثم إن ربك للذين فعلوا المعاصي في حال جهلهم لعاقبتها وإيجابها لسخط الله -فكل عاص لله مخطئًا أو متعمدًا فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالمًا بالتحريم-، ثم رجعوا إلى الله عمَّا كانوا عليه من الذنوب, وأصلحوا نفوسهم وأعمالهم, إن ربك -مِن بعد توبتهم وإصلاحهم- لَغفور لهم, رحيم بهم.

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (122)
إن إبراهيم كان إمامًا في الخير, وكان طائعا خاضعًا لله, لا يميل عن دين الإسلام موحِّدًا لله غير مشرك به, وكان شاكرًا لنعم الله عليه, اختاره الله لرسالته, وأرشده إلى الطريق المستقيم, وهو الإسلام, وآتيناه في الدنيا نعمة حسنة من الثناء عليه في الآخِرين والقدوة به, والولد الصالح, وإنه عند الله في الآخرة لمن الصالحين أصحاب المنازل العالية.

ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123)
ثم أوحينا إليك -أيها الرسول- أن اتبع دين الإسلام كما اتبعه إبراهيم, وأن استقم عليه, ولا تَحِدْ عنه, فإن إبراهيم لم يكن من المشركين مع الله غيره.

إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)
إنما جعل الله تعظيم يوم السبت بالتفرغ للعبادة فيه على اليهود الذين اختلفوا فيه على نبيهم, واختاروه بدل يوم الجمعة الذي أُمِروا بتعظيمه. فإن ربك -أيها الرسول- لَيحكم بين المختلفين يوم القيامة فيما اختلفوا فيه على نبيهم, ويجازي كلا بما يستحقه.

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)
ادعُ -أيها الرسول- أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم, بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك في الكتاب والسنة, وخاطِب الناس بالأسلوب المناسب لهم, وانصح لهم نصحًا حسنًا, يرغبهم في الخير, وينفرهم من الشر, وجادلهم بأحسن طرق المجادلة من الرفق واللين. فما عليك إلا البلاغ, وقد بلَّغْتَ, أما هدايتهم فعلى الله وحده, فهو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله, وهو أعلم بالمهتدين.

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)
وإن أردتم -أيها المؤمنون- القصاص ممن اعتدوا عليكم, فلا تزيدوا عما فعلوه بكم, ولئن صبرتم لهو خير لكم في الدنيا بالنصر, وفي الآخرة بالأجر العظيم.

وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)
واصبر - أيها الرسول - على ما أصابك مِن أذى في الله حتى يأتيك الفرج, وما صبرك إلا بالله, فهو الذي يعينك عليه ويثبتك, ولا تحزن على مَن خالفك ولم يستجب لدعوتك, ولا تغتم مِن مكرهم وكيدهم; فإن ذلك عائد عليهم بالشر والوبال.

إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
إن الله سبحانه وتعالى مع الذين اتقوه بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى بالنصر والتأييد, ومع الذين يحسنون أداء فرائضه والقيام بحقوقه ولزوم طاعته, بعونه وتوفيقه ونصره.


تم بحمد الله تعالى ومنته








 

رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 03:24 PM   #4


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (01:19 PM)
 المشاركات : 877,793 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



هلا وغلا
اختى الغالية
تيمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــاء
جزاكم الله خير الجزآء وبارك الله فيكم
أثابكم الله الجنّة وأنار قلبكم بِ الايمان وطاعة الرحمن
دآام عطآءكم المثمر..
..دمت برضى الله وفضله..



القيصر العاشق
البـــــ مديح ال قطب ـــــــــرنس


 

رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 05:45 PM   #5


باربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7407
 تاريخ التسجيل :  25 - 9 - 2016
 أخر زيارة : 27-05-2022 (07:28 PM)
 المشاركات : 183,002 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
بالانـاا أنا فخــورهـ
وانانيتــي تأبى الوقوف عند تأثير الريااحـ

لوني المفضل : Hotpink
افتراضي



جزاك الله كل خير
يعطيك العافيه


 

رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 07:29 PM   #6


ميارا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3158
 تاريخ التسجيل :  19 - 7 - 2012
 أخر زيارة : 20-05-2023 (09:06 PM)
 المشاركات : 942,389 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
ياكم تمنيت السعادة
بدنياي وشفت
السعادة تبتعد ماتبيني


يارب امنحني
قلبا يتحمل
جروحه وألالامه
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



جزآك الله خير
وًجعلة الله بميزان حسنآتك
وً بآرك الله فيك على طرحك القيم
دمت بخير وًسعآآآدهـ


 
مواضيع : ميارا



رد مع اقتباس
قديم 18-04-2019, 08:34 PM   #7


ذابت نجوم الليل متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5956
 تاريخ التسجيل :  3 - 6 - 2014
 أخر زيارة : اليوم (12:56 PM)
 المشاركات : 3,325,224 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : red
افتراضي



طرح مميز وراقي

الف شكر لمجهودك المميز

تقديري


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
" , الْنَّحْل , رحاب , سورة , في , و2 , و3


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(مبارك ال ضرمان)الفية نـسجت من " حرير " الحروف " وشجون " الاحساس .الف مبروك 36000 ذابت نجوم الليل ( همسات الألفيات و التهاني وتواصل الأعضاء ) 27 07-11-2017 05:17 PM
مجموعة " لاشيء " أجتمعت لأكون كل " شيء " ذابت نجوم الليل ( همســـــات العام ) 12 17-11-2016 05:21 PM
الفكرة زوجة " النص " احذر أن تنجب منها حرفا " حراما " آل بنفسج ( حصريات المقالات ) 15 11-09-2016 12:12 AM
المرأة على مر العصور حتى نصرها الاسلام محمدعبدالحميد ( همســـــات الإسلامي ) 12 14-06-2014 03:56 PM
مددلعه مابين " طيشش " و " شقااااوه " .. خالد العبدالله (همسات الطفل ) 8 03-04-2014 11:52 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 01:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010