#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
إسلام زيد بن حارثة إسلام زيد بن حارثة زيد بن حارثة حب رسول اللهتحدَّث النبي صلى الله عليه وسلم إلى مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه؛ لقد أحب زيدٌ النبي صلى الله عليه وسلم حبًّا كبيرًا تجاوز حبَّه لأبيه وقومه، وكان هذا الحبُّ ملاحظًا بين الصحابة، لدرجة أنهم أطلقوا على زيد بن حارثة "حِبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم" [1]. ولهذا الحب العميق قصة؛ فقد أصاب زيدًا سبيٌ في الجاهلية؛ وذلك حين خرجت أمه به تزور قومها بني معن، فأغارت عليهم خيل بني القين بن جسر، فأخذوا زيدًا، فقدموا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمَّتِه خديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة. ثمَّ إن ناسًا من كلب حجُّوا فرأوا زيدًا، فعرفهم وعرفوه، فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه، ووصفوا له موضعه، وعند مَنْ هو. فخرج حارثة وأخوه كعب ابنا شراحيل لفدائه، فقدما مكة، فدخلا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، جئناك في ابننا عندك فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه. فقال: "مَنْ هُوَ؟" قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَهَلاَّ غَيْرَ ذَلِكَ". قالوا: ما هو؟ قال: "ادْعُوهُ وَخَيِّرُوهُ، فَإِنِ اخْتَارَكُمْ فَهُوَ لَكُمْ، وَإِنِ اخْتَارَنِي فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِالَّذِي أَخْتَارُ عَلَى مَنِ اخْتَارَنِي أَحَدًا". قالا: قد زدتنا على النَّصْف وأحسنت. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هَلْ تَعِرْفُ هَؤُلاَءِ؟" قال: نعم. هذا أبي وهذا عمي. قال: "أَنَا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ، وَرَأَيْتَ صُحْبَتِي لَكَ، فَاخْتَرْنِي أَوِ اخْتَرْهُمَا". قال: ما أريدهما، وما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك؟! قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئًا، ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحِجْر، فقال: "يَا مَنْ حَضَرَ، اشْهَدُوا أَنَّ زَيْدًا ابْنِي، يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ". فلما رأى ذلك أبوه وعمُّه طابت نفوسهما وانصرفا [2]. ومع أن سند القصة السابقة ضعيف، فإن اشتهار القصة في كتب السيرة والتاريخ يعطي انطباع أن لها أصلاً، بالإضافة إلى أنه يشهد لها روايتان؛ أما الأولى فعند الطبراني، وفيها قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَصَيْفًا، فَاسْتَوْهَبَتْهُ مِنْهُ عَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَهِي يَوْمَئِذٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَهَبَهُ لَهَا، فَوَهَبَتْهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ أَبُوهُ وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي، وَإِنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيكَ". قَالَ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكَ. فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَعَثَهُ اللهُ، فَصَدَّقَهُ وَأَسْلَمَ وَصَلَّى مَعَهُ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] قَالَ: أَنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ [3]. وأما الرواية الثانية فهي رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث قال: "مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلاَّ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} [الأحزاب: 5]" [4]. ولعلَّ بعضنا يتعجَّب من موقف أبي زيد وعمِّه لقبولهما بالانصراف من مكة، وتَرْك الغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والواقع أن مراجعة أعراف هذه الفترة من عمر الجزيرة العربية قد تُفَسِّر لنا هذا الموقف؛ فزيد بن حارثة الآن ما هو إلا عبدٌ يُباع ويُشترى، وهو "مملوك" لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن حقِّه أن يحتفظ به ولا يرُدَّه إلى أهله، وأقارب زيد كانوا يُدركون ذلك جيدًا؛ ولذلك طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُكرمهم في فدائه، بمعنى ألا يطلب في زيد ثمنًا مرتفعًا لا يقدرون عليه؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكرم من توقُّعاتهم، فعرض عليهم أن يهب لهم زيدًا دون ثمن إن رغب زيدٌ في ذلك، فدُهشوا لذلك، وقالوا كلمتهم التي تُعبِّر عن تمام الرضا: "لقد زدتنا على النصف وأحسنت". وهنا كانت المفاجأة أن اختار زيدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندها لم يكن لهم إلا أن يقبلوا ببقائه؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يُطمئن قلوبهم أكثر، فأعلن تبنِّيه لزيد، وهذا قبل الإسلام، فصار كابنه تمامًا؛ حتى إنه قال: "يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ". وهنا قَبِلَ أبو زيد وعمُّه بالأمر لأنهما يعلمان مكانة بني هاشم وقريش، فكان قبولهما رفعةً لابنهما، وعزًّا له. إسلام زيد بن حارثة ولما نزل الوحي كان زيد بن حارثة يبلغ من العمر أربعة وثلاثين عامًا، أو ثلاثين عامًا [5]، وحدَّثه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فكيف سيكون ردُّ فعل مَنْ أحبَّ النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ هذا الحبِّ؟! لقد آمن زيدٌ من ساعته، ومع ذلك لم يكن إيمانه عن حبٍّ فقط، فمن المؤكد أنه أعمل عقله كذلك؛ لأن تَرْكَ الدين إلى دين آخر ليس أمرًا سهلاً. ولو فَكَّرنا مع زيد بن حارثة رضي الله عنه؛ لوجدنا أنه من خلال معايشته للرسول صلى الله عليه وسلم ما جرَّب عليه كذبًا قط، أيُعقل أن يترك الكذب على الناس ليكذب على الله؟ وهو يرى محمدًا صلى الله عليه وسلم في عون الناس جميعًا، ومن دون مقابل، فهل سيطلب لنفسه مصلحة ذاتية، وبعد أربعين سنة مضت من عمره؟! ثم إنه رأى هذا الرجل العظيم العفيف بعيدًا عن كل الموبقات والفواحش والمعاصي في فترة شبابه كلها، فهل هذا الرجل يلعب بدين الناس وبعقيدتهم؟ ولو كان هذا الرجل يُريد السيادة والمُلك في مكة أكان يأتي بدين جديد؛ أم يسلك أقرب الطرق وصولاً إلى ذلك، والمحبب إلى نفوس القوم، وهو طريق اللات والعزى. من المؤكد أن كل هذه الأفكار وغيرها جالت بذهن زيد رضي الله عنه، ولا بُدَّ أن كل الإجابات كانت تُفضي إلى نتيجة واحدة؛ هي أن هذا الرجل صادق فيما يقول. ولذا آمن زيد بن حارثة، لقد آمن بعقله؛ ولكنه في الواقع آمن بقلبه أولاً. ________________________ [1] عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. البخاري: كتاب الأنبياء، باب {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9]، (3288)، ومسلم: كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود، (1688)، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد رضي الله عنهما فطعن بعض الناس في إمارته فقال: "أَنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم، (3524) ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما، (2426). [2] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 2/545، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 19/348، والسهيلي: الروض الأنف، 2/291، وابن الجوزي: كشف المشكل من حديث الصحيحين، 2/508، 509، ونبيل سعد الدين سَليم جَرَّار: الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء - زوائد الأمالي والفوائد والمعاجم والمشيخات على الكتب الستة والموطأ ومسند الإمام أحمد، 4/41. [3] الطبراني: المعجم الكبير (4654)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وإسناده حسن. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/274. [4] البخاري: كتاب التفسير، سورة الأحزاب، (4504)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ب، (2425)، واللفظ له. [5] أمَّره صلى الله عليه وسلم على الجيش يوم مؤتة فاستشهد، وذلك في سنة ثمان، وهو ابن خمس وخمسين سنة، ابن سعد: الطبقات الكبرى، 3/34، والذهبي: سير أعلام النبلاء، 1/229، وابن عساكر: تاريخ دمشق 19/368، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 3/349. وهذا يعني أنه عمر زيد وقت البعثة كان 34 سنة تقريبًا. وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من زيد بعشر سنين، انظر: البغوي: معجم الصحابة 2/435، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 2/543، والذهبي: سير أعلام النبلاء، 1/222، وعلق المحققون بقولهم: أخرجه ابن سعد... وسنده ضعيف لضعف الواقدي. المصدر: منتدى همسات الغلا Ysghl .d] fk phvem phvem sd] |
17-04-2019, 08:27 PM | #3 |
| روعه موضوع رائع ومميز تسلمالايادي دوم التالق جزاك الله كل خير |
|
17-04-2019, 09:07 PM | #4 |
| المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باربي جزاك الله كل خير يعطيك العافيه ..................................... هلا وغلا اختى الغالية باربـــــــــــــــــــــــــــى تُدهشينى دوماً بوعى عقلك وبالشجاعة المُفرطه من قلبك كُل التقدير منى لكِ على الحضور المُتمكن دمتم بكل خير يسلمواااااااااااااا القيصر العاشق البــ مديح ال قطب ـــــــرنس |
|
17-04-2019, 09:08 PM | #5 |
| المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيق الجنه روعه موضوع رائع ومميز تسلمالايادي دوم التالق جزاك الله كل خير ........................ هلا وغلا اختى الغالية رحيق الجنة تُدهشينى دوماً بوعى عقلك وبالشجاعة المُفرطه من قلبك كُل التقدير منى لكِ على الحضور المُتمكن دمتم بكل خير يسلمواااااااااااااا القيصر العاشق البــ مديح ال قطب ـــــــرنس |
|
18-04-2019, 06:29 AM | #6 |
| |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
بن , حارثة , سيد , إسلام |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كرم أوس بن حارثة الكريم ابن الكريم | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 30-12-2018 09:26 AM |
إسلام عمر وحمزة -رضي الله عنهما | ميارا | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 11 | 27-04-2017 10:53 AM |
سيرة الصحابي الجليل - المثنى بن حارثة المثنى رضي الله عنه - قاهر الفرس | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 14 | 15-04-2017 11:35 AM |
سيرة الصحابي الجليل - زيد بن حارثة رضي الله عنه – الحب بن الحب | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 11 | 01-03-2017 06:24 PM |
إسلام عمر وحمزة -رضي الله عنهما- | أغ ـــانيج | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 7 | 28-02-2017 08:10 AM |