#1
| ||||||||||
| ||||||||||
الطفولة والأطفال في كنف النبوة . لقد كانت الطفولة والأطْفال في كنف النبوَّة محلَّ تقدير وتعظيم ورحمة واهتمام. يأتي الأقرع ذاتَ يوم، ونبيُّنا الكريم - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقبِّل سبطَه الحُسَين فيقول: إنَّ لي عشَرةً من الولَد، ما فعلتُ هذا بواحد منْهُم، فيقول - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن لا يرحَم لا يُرْحَم))؛ أبو داود (5218). هكذا هي إذًا نظرة النبوَّة للطُّفولة، نظرة تنطلِق من الرَّحمة، وهي رحمة وسِعَتِ العالمين، وبكل تأكيد سيكون للصِّغار الجزء الكافي من هذه الرَّحمة. قال جابر بن سمُرة - الفتى الأنصاري، رضي الله عنْه -: "صلَّيتُ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم - صلاة الأولى، ثُمَّ خرج إلى أهلِه وخرجتُ معه، فاستقبله ولدان فجَعَل يَمسح خدَّيْ أحدِهم، واحدًا واحدًا، قال: وأمَّا أنا، فمسح خدَّيَّ، فوجدتُ لِيده بردًا أو ريحًا، كأنَّما أخرجَها من جؤنة عطَّار"؛ مسلم (2329). يا الله! ما أجملَها من رأفةٍ ورحْمةٍ وعناية! لَم تكُن قطُّ موقفًا عارضًا، بل كانت منهجًا حياتيًّا دائمًا يختطُّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم- فعن أنس - رضي الله عنْه - أنَّه قال: "كان النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يزورُ الأنصار، ويسلِّم على صبيانِهم، ويَمسح رؤوسهم"؛ ابن حبان (459). وكان - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يُحبُّ الحَسَن والحُسَيْن حبًّا جمًّا، وطالما كان يَقولُ لِفاطمة: ((ادعي ابنيَّ))، فيشمّهما ويضمّهما إليه؛ الترمذي (3772). ويحمل أحدَهُما أو كِليْهِما على عاتِقه، ويقول: ((اللَّهُمَّ إنِّي أحبُّه فأحبَّه))؛ البخاري (3539). وكان يأْخُذ أسامة بن زيْد، فيُقْعِده على فخِذه، ويُقْعِد الحسن على فخِذه الآخَر ثمَّ يضمُّهما، ثُمَّ يقول: ((اللَّهُمَّ ارحمهما فإنِّي أرْحَمُهما))؛ البخاري (5657) . يَحكي عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: خطبنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأَقْبل الحسنُ والحسين - رضِي الله عنْهُما - عليْهِما قميصانِ أحْمران يعْثران ويقومان فنزل فأخذَهُما فصعِد بِهما المنبر، ثم قال: ((صدق الله: ﴿ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28] رأيتُ هذيْنِ فلم أصبِرْ))، ثمَّ أخذ في الخُطْبة؛ أبو داود (1109). الله أكبر، إلى هذه الدَّرجة، بل اسمع إلى ما هو أعظم: عن عبدالله بن شدَّاد عن أبيه قال: خرج عليْنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم في إحدى صلاتَي العشاء وهو حامل حسنًا أو حسينًا، فتقدَّم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم فوضعَه ثمَّ كبَّر للصَّلاة، فصلى فسجد بين ظهرانَي صلاتِه سجدةً فأطالَها، قال أبي: فرفعتُ رأْسي وإذا بالصَّبيِّ على ظهْر رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي فلمَّا قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - الصَّلاة، قال النَّاس: يا رسولَ الله، إنَّك سجدت بيْن ظهْراني صلاتِك سجدةً أطَلْتَها حتَّى ظننَّا أنَّه قد حدث أمر أو أنَّه يُوحى إليْك، قال: ((كُلُّ ذلك لم يكن، ولكن ابني ارْتَحَلني، فكرهت أن أعجِلَه حتَّى يقضي حاجته))؛ النسائي (1141). بل كان - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يُصلِّي وهو حامل أمامة بنت زينب فإذا سجد وضعَها وإذا قام حملها؛ البخاري (494). وها هو ذا ابنُه إبْراهيم يلفظ أنفاسَه الأخيرة، فتجْعل عينا رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - تذرِفان، فيستغرب عبدالرحمن بن عوْف هذه الدموع، فيقول: وأنت يا رسولَ الله؟! فيعْلِنُها حبيبُنا مدوِّية: ((يا ابن عوف، إنَّها رحمة)) ثمَّ يتبعها بأُخْرى فيقول: ((إنَّ العين تدْمَعُ، والقلْب يَحزن ولا نقولُ إلاَّ ما يُرْضِي ربَّنا، وإنَّا بفراقِك يا إبراهيم لمحْزونون))؛ البخاري (1241). ولطالَما كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - رفيقًا بالأطْفال وهو يعلِّمُهم ويوجِّهُهم، فيُرْدِف عبدالله بن عبَّاس خلْفَه ليعلِّمَه كلمات: ((يا غلام، إنِّي أعلمك كلمات، احفَظِ الله يَحْفَظْك، احفَظ الله تَجِدْه تِجاهك، إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعَنْتَ فاستَعِنْ بالله، واعلَمْ أنَّ الأمَّة لوِ اجْتَمَعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ لن يَنفعوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لن يضرُّوك إلاَّ بشيءٍ قد كتَبَهُ الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام وجفَّت الصُّحُف))؛ الترمذي (2516). وتَطيش يدُ عمر بن أبي سلمة في صحفة الطَّعام، فيوجِّهه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بِرِفْق وحنان: ((يا بُنَيَّ، سمِّ الله - عزَّ وجلَّ - وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يليك))؛ أحمد (15895). وها هو الحسنُ بن علي - رضي الله عنْهُما - يأْخُذ ذات مرَّة تَمرة من تَمر الصَّدقة فيجْعَله في فيه، فيقول له النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((كخ كخ)) ليطْرَحها ثم قال: ((أما شعرْتَ أنَّا لا نأْكُل الصَّدقة؟!))؛ البخاري (1420). دعونا نستمِع إلى رافع بن عمرو الغِفاري وهو يَحْكي لنا مشهدًا آخَر من مشاهد الرِّفْق النَّبوي في التَّوجيه والتَّعليم. يقول رافع: كنتُ أنا وغلام أرْمِي نخْل الأنصار، فقيل للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: إنَّ ها هنا غلامًا يَرْمِي نخْلَنا - أو قال: يرمي النَّخل - قال: فأُتِي بي النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((يا غلام، لا ترْمِ النَّخْل)) قال: قلت: آكل، قال: ((لا ترم النَّخْل، كُلْ ما سقط))، قال: ومسح رأْسَه وقال: ((اللَّهُمَّ أشْبِعْ بطنه))؛ مسند أبي يعلى الموصلي (1482). يا لَروعةِ هذا التَّوجيه النبوي! هل تظنُّون أنَّ رافعًا سوف ينسى هذا الرِّفق ما حيِي،كلاَّ بل إنَّه سطره لنا بروْعَتِه، وهاهي أجْيال الإسْلام تتداولُه على مر التاريخ. وإذا كانت هذه العناية لأطْفال المسلمين، فكيف هي يا تُرى مع أطْفال غير المسلمين؟ إنَّ النَّبيَّ الَّذي أرْسِل رحمةً لِلعالمين، لا شكَّ سيُغْدِق برحماتِه على أطفال غير المسلمين رحمة تنطلق من ردِّه على ملَك الجبال الذي عرض عليه أن يُطْبِق الأخشبَين على من أغلظوا عليْه أذاهم، وشدَّدوا حوله حصارَهم؛ لكنَّ الرَّحْمة المهْداة ما يلبث أن يُعْلِنها بكلِّ قوَّة وثقة: ((بَلْ أرْجو أن يُخْرِج اللهُ من أصلابِهم من يعبد الله وحْدَه، لا يشركُ به شيئًا))؛ البخاري (3059). وهي رحمةٌ تَصفُّ أطفال غير المسلمين في إطار البراءة والفِطْرة، فهي تنطلق أيضًا من قولِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((كلُّ مولودٍ يُولَد على الفِطْرة، فأبواه يهوِّدَانِه أو ينصِّرانه أو يُمجِّسانه))؛ البخاري (1319). وحينما يَمرض غلام يهودي كان يَخدم النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يأتِي إليْه- صلَّى الله عليْه وسلَّم - يعودُه، فيقعد عند رأسه، فقال له حريصًا مشفقًا : ((أسلم))، فينظر الغُلام إلى أبيهِ وهو عنده، فيقول له أبوه: أَطِعْ أبا القاسم فأسلم الغُلام، فخرج النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو يقول: ((الحمد لله الَّذي أنْقَذه من النار))؛ البخاري (1290). وحين يشتدُّ القتال، وتلتقي سيوف الشَّباب والشُّيوخ في المعارك، تأْتِي العناية النبويَّة لتستَثْنِي صغار المشْركين وتمنحُهم حصانة من كلِّ تبعات الحرب. قال الأسود بن سريع - رضي الله عنه -: أتيتُ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وغزوْتُ معه فأصبت ظهرًا، فقتل النَّاسُ يومئذ حتى قتلوا الولدان، وقال مرَّة: الذرِّيَّة، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: ((ما بال أقْوام جاوزهم القتْل اليوم حتَّى قتلوا الذرِّيَّة؟!)) فقال رجل: يا رسول الله، إنَّما هم أوْلاد المشْركين، فقال: ((ألا إنَّ خيارَكم أبناء المشْركين)) ثم قال: ((ألا لا تقْتلوا ذرِّيَّة، ألا لا تقتلوا ذريَّة))؛ أحمد (15162). فيا لله! ما أجْملَ الطُّفولةَ في كنف النبوَّة! رفق ولين، ورحمة وعناية، وحسن توجيه، ومزيد اهتِمام، وعظيم عطف، وكبير تقدير. فصلَّى الله وسلَّم عليْكَ يا حبيبي يا رسولَ الله. بسااااااااااااااااااااااااام المصدر: منتدى همسات الغلا hg't,gm ,hgH'thg td ;kt hgkf,m > hg't,gm td ,hgH'thg |
07-02-2019, 07:29 PM | #3 |
| جزاك الله كل خير طرح رائع يحمل الخير بين سطوره ويحمل الابداع في محتواه سلمت يمينك حقيقة ابداعه متواصل من مقامكم الكريم فشكرا لكم عبر أثير هذه الصفحة النيرة راقي وجمال انتقائك اسعدني في التواجد الطيب وسلمت على مجهوداتك الجميله وعلى كل ما يقدم منك في الممنتدى بشكل مميز لا خلا ولا عدم ي نقااء كما ننتظر القادم بشوووق ولهفه كل الشكر والتقدير والاحترام لمقامكم الكريم وقلمكم المميز دمتم بسعادة ختمي وتقييمي |
|
07-02-2019, 11:32 PM | #5 |
| بارك الله بك على فسحة هذا الروض وسقاك برفقة النبي من ذات الحوض صفحة فيها التجلي بذكر سيد الكونين وما تواتر عنه من حديث يقل النجدين ما أنقاه من مجلس نبوي يسامر التبض جزاك الله على نقله حسنات وسع الأرض وأظلك برحمته سبحانه يوم العرض يوماً نستقرض له من الدنيا ثواباً قرض بوركت أيادٍ خطت عن نبيٌ أتته مبايعة شجرة مباركة تخض الأرض خض صلوات الله عليك ياحبيبي يا رسول الله والتسليم على آلك وصحبك واجب ركني في آداء كل فرض تقديري |
|
07-02-2019, 11:55 PM | #6 |
| سلمت لنا وسلم إبداعك وجزآك الله خيرا على ما تقدمية تقبل ودي واحترامي |
|
08-02-2019, 04:31 AM | #7 |
| طرح اكثر من رائع جميل متصفحك وراقي سلمت يداك ولاعدمناك جزيل شكري وامتناني جنائن الورد لروحك |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
النبوة , الطفولة , في , والأطفال , كوف |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تميز بول الغلام الرضيع من دلائل النبوة | بسام البلبيسي | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 12 | 19-09-2018 01:09 PM |
ما هو الطفل؟؟ ( مفهوم الطفولة ومراحلها) | ذابت نجوم الليل | (همســـات الاسرة والحمل) | 19 | 26-06-2018 10:12 PM |
دلائل النبوة قبل البعثة | أغ ـــانيج | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 8 | 15-10-2017 01:27 AM |
قصة أم آمنت بنعمة الطفولة! | عَبَقُ الجنّه | همسات ذوي الاحتياجات الخاصة | 16 | 02-01-2015 10:06 PM |
الفـوارق العميقة بين النبوة والعبقرية | سراج العز | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 21 | 01-05-2014 02:07 PM |