#1
| |||||||||||
| |||||||||||
حديث : من أحدث في أمرنا هذا ** إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له والحمد لله كما ينبغى لجلال وجهه الكريم ولعظيم سلطانه والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة والحمد لله ملؤ السماوات وملؤ الأرض وملؤ ما بينهما الذى هدانا لنعمة الإسلام وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً رسول الله النبى المختار والنعمة المهداه الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانه عليه أفضل صلاة وأزكى سلام وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار وعلى كل من والاه إلى يوم الدين . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . متن الحديث : عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) . الشرح : اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الدين خاتم الأديان ، وآخر الشرائع ، ليتخذه الناس منهاجا لهم ، وسبيلا إلى ربهم ، ومن هنا جاءت تعاليمه شاملة لجوانب الحياة المختلفة، فلم تترك خيرا إلا دلت البشريّة عليه ، ولا شرا إلا حذّرت منه ، حتى كملت الرسالة بموت نبينا صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ( المائدة : 3 ) . وبتمام هذا الدين ، لم يعد هناك مجال للزيادة فيه ، أو إحداث شيء في أحكامه لأن الشارع قد وضّح معالم الدين ، وجعل لأداء العبادات طرقا خاصة في هيئتها وعددها ، وفي زمانها ومكانها ، ثم أمر المكلّف بالتزام هذه الكيفيات وعدم تعدّيها ، وجعل الخير كل الخير في لزوم تلك الحدود والتقيد بتلك الأوامر ، حتى تكون العبادة على الوجه الذي يرتضيه الله سبحانه وتعالى . إن كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لم يتركا سبيلا لقول قائل أو تشريع مشرّع، ومن رام غير ذلك ، وزعم قدرته على الإتيان بما هو خير من هدى الوحيين مما استحسنه عقله ، وأُعجب له فكره ، فهو مردود عليه . هذه هي القضية التي تناولها الحديث ، وأراد أن يسلط الضوء عليها ، فكان بمثابة المقياس الذي يُعرف به المقبول من الأعمال والمردود منها ، مما جعل كثيرا من العلماء يولون هذا الحديث اهتماماً ودراسةً ، ويعدّونه أصلا من أصول الإسلام . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ) إنه النهي عن كل طريقة مخترعة في الدين ، والتحذير من إدخال شيء ليس فيه من الأمور العباديّة ؛ ولذلك قال هنا : ( في أمرنا ) ، فأمر الله : هو وحيه وشرعه كما قال الله تعالى : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } ( الشورى : 52 ) وعليه : فإن كل عبادة لا بد أن تكون محكومة بالشرع ، منقادة لأمره ، وما سوى ذلك فإنه مردود على صاحبه ، ولو كان في نظره حسنا ، إذ العبرة في قبول العمل عند الله أن يكون صواباً موافقاً لأمره وهذا الاعتبار يدلّ عليه قول الله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 ) يقول الفضيل بن عياض : " إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ولا يقبله إذا كان خالصا له إلا على السنة " . وفي ضوء ذلك ، فليس أمام المكلّف سوى أحد طريقين لا ثالث لهما : طريق الوحي والشرع وطريق الضلال والهوى . إن من ضلّ وابتدع ، وأدخل في دين الله ما ليس منه ، هو في حقيقته قادح في كمال هذا الدين وتمامه ، لأن مقتضى الزيادة في الدين الاستدراك على ما حوته الشريعة ، فكأنه جاء بفعله هذا ليكمل الدين . ومن ناحية أخرى فإن من أتى ببدعة محدثة لم يحقّق شهادة أن محمدا رسول الله - والتي تقتضي اتباع سنته وعدم الحيدة عنها كما قال تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } ( الأنعام : 153 ) . وثمّة ملمح مهم في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ) وهو أن البدعة هي ما كانت في العبادات ، بخلاف ما أُحدث في حياة الناس من أمور الدنيا كالصناعات والمخترعات ، وتدوين الكتب وإصلاح الطرق ، وما أشبه ذلك من أمور الدنيا ، فهي وإن كانت " محدثة " من ناحية اللغة ، ولكنها لا تدخل في الإحداث المذموم ، بدلالة القيد المذكور في نص الحديث : ( أمرنا ) . كذلك في قوله : ( ما ليس منه ) إيماء إلى أن الإحداث المنهيّ عنه هو ما كان خارجا عن الهدي والسنة ، بخلاف ما ظنّه الناس بدعة مذمومة بينما هو سنّة مهجورة ، وهذا يحدث كثيرا لاسيما مع وجود الجهل بين الناس وغربة الدين وهذا يدعونا إلى عدم التسرّع في إطلاق الحكم على العبادات حتى نتأكّد من عدم ورود الدليل المعتبر على فعلها . وختاما : فسبيل الله واحد ، واضح المعالم ، كالمشكاة المنيرة ، إذا اقتربت منها أحدٌ أنارت له السبيل ، وتبيّنت له معالم الطريق ، وإن ابتعد عنها تخبّط في ظلمات الجهل ، وتردّى في دركات الهوى ، فما على المسلم إلا أن يتعلّم الدين ويتقيّد بتعاليمه إن أراد النجاح والفلاح . الأربعين النووية . منزلة الحديث : قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -: هذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، وقال: يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع[2]. قال النووي - رحمه الله -: إنه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وإنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صريح في رد البدع والمختَرَعات، وهو مما يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات[3]. قال ابن حجر الهيتمي - رحمه الله -: هو قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، بل من أعظمها وأعمها نفعًا من جهة منطوقه؛ لأنه مقدمة كلية في كل دليل يستنتج منه حكم شرعي[4]. قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صريح في رد كل بدعة وكل مخترع، واستدل به بعض الأصوليين على أن النهي يقتضي الفساد[5]. قال السعدي - رحمه الله -: هذان الحديثان العظيمان يدخل فيهما الدين كله، أصوله وفروعه، ظاهره وباطنه، فحديث عمر((إنما الأعمال بالنيات...))ميزان للأعمال الباطنة، وحديث عائشة ميزان للأعمال الظاهرة، ففيهما الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، اللذان هما شرط لكل قول وعمل، ظاهر وباطن[6]. الفوائد من الحديث: 1 - عبادة لا تستند إلى دليل شرعي ترد في وجه صاحبها. 2 - الحث على الاهتمام بالدين. 3 - أن من ابتدع في الدين بدعة لا توافق الشرع فإثمها عليه، وعمله مردود عليه، وأنه يستحق الوعيد. 4 - الدين الإسلامي دين كامل لا نقص فيه. 5 - النهي يقتضي الفساد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ [2]فتح الباري (5/ 357 ح 2697). [3]شرح مسلم للنووي (2/ 15 ح 1718)، الجواهر البهية (85). [4]فتح المبين (96). [5]شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (22). [6]بهجة قلوب الأبرار (10). هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث (الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها ، وفيه بيان لحد البدعة والأثر المترتب عليها والتحذير منها ، وفي الحديث مسائل : الأولى : قوله (من أحدث) الإحداث هو الإبتداع كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) رواه أبو داود والترمذي والبدعة هي كل قول أو فعل محدث نسب إلى الدين وليس له أصل في الكتاب أو السنة أو الإجماع قال ابن رجب : " والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه " وقال ابن تيمية : " البدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات " وقال ابن رجب أيضا : " فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين منه بريء " والحاصل أن إطلاق البدعة على عمل معين يشترط فيه قيود ثلاثة: 1- أن يكون العمل محدثا. 2- أن ينسب ويضاف إلى الدين. 3- أن لا يكون له أصل في الشرع. الثانية: الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشرع فهو مردود ويدل بمفهومه على أن كل عمل موافق للشرع فهو مقبول ، والمراد بأمره هنا دينه وشرعه فعلى ذلك يكون المعنى في الرواية الثانية من أحدث في شرعنا ما ليس منه فهو مردود على صاحبه لا يقبل منه ، فالعبرة في قبول ظاهر العمل موافقته للشرع كما أن العبرة في قبول باطن العمل إخلاص النية أما الإعتماد على مجرد حسن النية والمحبة مع عدم مراعاة موافقة العمل للشرع فتصرف باطل مخالف للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح وقد ورد عنهم آثار كثيرة تؤيد هذا الأصل ورأى ابن مسعود رضي الله عنه أناسًا جالسين في المسجد ومعهم الحصى،يكبرون مائة ويهللون مائة ويسبحون مائة فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه رواه الدارمي . المصدر: منتدى همسات الغلا p]de : lk Hp]e td Hlvkh i`h Hp]e H, dp]e td |
20-01-2019, 03:36 PM | #4 |
| شكرا لكم على الموضوع المتميز دائماً تتفوقون في طرحكم من موضوع لآخر ويسعدني ان اتواجد باستمرار في مواضيعكم حيث يشمل الفوائد والابداعات فجزاكم الله خير ونفع بك الاسلام والمسلمين خالص شكري وتقديري لشخصكم الكريم شكرا لك على الموضوع المميز كل لشكر وتقدير احترامي |
|
20-01-2019, 03:38 PM | #5 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
20-01-2019, 03:53 PM | #7 |
| جزآكِ الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيكِ على الطَرح القيم في ميزآن حسناتكِ ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـكِ فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمتٍ في مَيزانْ حسَناتكِ وعَمر آلله قلبكِ بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَكِ آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمتِ بـِ طآعَة الله |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أمرنا , أحدث , أو , يحدث , في , هذا |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أمرنا الله سبحانه و تعالى | تيماء | ( همســـــات الإسلامي ) | 33 | 15-07-2018 09:45 AM |
ضحكتي فيها ( غموض ) ودمعتي فيها (غرابه) | عزلة مشاعر | (همسات مدونات الأعضاء [ blog ] ) | 3022 | 30-01-2016 02:41 AM |
أمرنا بما هو آت | جزيل الحرف | ( حصريات المقالات ) | 36 | 04-05-2015 11:25 PM |
خَديج ألرؤا. .!(خاصة للمسابقة) | مرسال ألشوق | { حصريات بأقلام الاعضاء } لم يسبق لها النشر | 67 | 11-11-2014 02:07 PM |