#1
| ||||||||||
| ||||||||||
البشارة برسول الإسلام بسم الله الرحمن الرحيم: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]. تقرر هذه الآية الكريمة في دقة وروعة أنَّ البشارة بنبي الإسلام بل وتحديد اسمه ورسالته أيضا كانت أمرًا واضحًا وجليًّا قبل ستة قرون من الزمان قبل ظهور الإسلام، وذلك على نحو ما جاء في القرآن الكريم على لسان السيد المسيح في خطابه لبني إسرائيل، إذ يقرِّر السيد المسيح أنَّه جاء امتدادًا لرسالة موسى - عليه السلام - ومُصدِّقًا لما بين يديه من التوراة، ومُمهِّدًا لخاتم الرِّسالات، ومبشِّرًا بنبيِّها، وموضِّحًا اسمه في جلاء، وهو "أحمد"، مؤكدًا بالبشرى بنبي الإسلام أنَّ حلقات الرسالة السماوية لهداية البشرية هي حلقات مترابطة يسلم بعضها إلى بعض، وهي مُتماسكة في حقيقتها، وواحدة في اتِّجاهِها من الله سبحانَه وتعالى. وتوضِّحُ الآياتُ الكريمة في البشارة بنبِيِّ الإسلام أيضًا أنَّ رسالتَه هي الصُّورة الكاملة الشاملة والعليا للدين الحقِّ، الَّذي أرادَ الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل نبي الإسلام هو حامل لواء المنهج الإلهي الخالد لسعادة البشرية، وأن يتم على يدي نبي الإسلام أيضًا حمل أمانة الرسل السابقين عليه في دعوتِهم إلى الله - سبحانه وتعالى - علية، منيرة، ووضاءة. وتناولت الروايات التاريخية هذه البشارة بنبي الإسلام، موضحة دلالة ما جاء في الآية الكريمة عن تلك البشارة، وأن اليهود والنصارى وكذلك العرب قبل الإسلام كانوا على علم كامل بتلك البشارة، سواء من حيث اسم "النبي" المبشر به، أو من حيث انتظارهم لرسالته، وأشار القرآن الكريم إلى تلك المعرفة بنبي الإسلام، على نحو ما جاء ذكره في التوراة والإنجيل، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]. وأشار القرآن الكريم أيضا إلى أن البشارة بنبي الإسلام، ومعرفة صفاته كانت أيضًا معروفة معرفة قوية عند كل من اليهود والنصارى، فقال تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146]. وذكر ابن هشام في "سيرة النبي" أنَّ الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى قد تَحدَّثوا عن البشارة بنبِيِّ الإسلام عمَّا وجدوه "في كتبهم من صفته وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه". وأضاف ابن هشام في "سيرة النبي" عن تبشير "يُحنَّس" أحد حواري السيد المسيح ما نصه: "وقد كان فيما بلغني عمَّا كان وضع عيسى ابن مريم فيما جاءه من الله في الإنجيل لأهل الإنجيل من صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أثبت يحنس الحواري لهم، حين نسخ لهم الإنجيل عن عهد عيسى ابن مريم - عليه السلام - في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: مَنْ أبغضني فقد أبغض الرب، ولولا أني صنعت بحضرتِهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي ما كانت لهم خطيئة، ولكنهم من الآن بطروا؛ فلو قد جاء "المُنحَمَنَّا" هذا الذي يرسله الله إليكم، فهو شهيد علي وأنتم أيضًا". وكلمة "المنحمنا" هي الترجمة السريانية لما ورد في النص العبري لكلمة "البارقليط"، وهي تعني "أحمد"، وهي نفس الكلمة التي جاءت في القرآن الكريم على لسان عيسى لبني إسرائيل: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]. وهو اسم في اللغة العربية جامع لصفات الحمد كلها، التي اجتمعت في أوفى صورها وأتَمِّها في نبي الإسلام. وقد ظلَّتِ البشارة برسول الإسلام تتردد على ألسنة أحبار اليهود والرهبان من المسيحيين، ويتناقلونَها خلفًا عن سلف، حتَّى ملأت أخبارها البلدان؛ وبِخاصَّةٍ في شبه الجزيرة العربيَّة ومدن الحجاز بِها، ذلك أنَّ العرب قبل الإسلام كانوا يتابعون تلك البشارة، منتظرين الرسول المبشر به من بينهم، وذلك استجابة لدعاء إبراهيم وإسماعيل، وهما يرفعان القواعد من البيت. وتناول المؤرخون الروايات التي دارت حول البشارة برسول الإسلام، وحرص العرب الحنفاء قبل الإسلام على تتبُّع أخبارها، ومن ذلك ما ذكره ابن هشام عن أحد أولئك الحنفاء، وهو "زيد بن عمرو بن نُفَيْل"، قائلاً: "وأمَّا زيدُ بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية، وفارق قومه، فاعتزل الأوثان، ثُمَّ خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام، ويسأل الرهبان والأحبار، حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها "بالعراق"، ثم أقبل فجال الشام كله، حتى انتهى إلى راهب بميفعة - أي أرض مرتفعة - من أرض البلقاء - بالقرب من دمشق - كان ينتهي إليه علم أهل النَّصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال: إنك لتطلب دينًا ما أنت بواجد من يَحملك عليه اليوم؛ ولكن قد أطلَّ زمانُ نَبِيٍّ يخرج من بلادك التي خرجت منها، يبعث بدين إبراهيم الحنيفيَّة فَالْحَقْ به فإنه مبعوث الآن هذا زمانه، فخرج سريعًا (من الشام) حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة، حتى إذْ توسَّط بلاد لخم (شمال الحجاز) عَدَوْا عليه فقتلوه". وكان العرب قبل الإسلام يُتابِعون أخبار البشارة بنبي الإسلام من المراكز الكبرى ببلادهم، ولا سيما مدينة "يثرب" (المدينة المنورة)، حيث كان اليهود في تلك المدينة يردِّدون أخبار اقتراب ظهور نَبِيٍّ جديد، ولكن عامدين إخفاء حقيقته، على نحو ما دأبوا عليه من تحريف للتوراة، ولا سيما أنَّهم كانوا يعلمون أنَّ النَّبيَّ المبشَّر به سيكون من العرب. وروى ابن هشام في "سيرة النَّبيِّ" هذه الأباطيل اليهودية، نقلاً عن أحد الأنصار بعد إسلامه، وهو "سلمة بن سلامة" الذي قال: "كان لنا جار من يهود في بني عبدالأشهل، قال: فخرج علينا يومًا من بيته حتى وقف على بني عبدالأشهل - قال سلمة: وأنا يومئذ من أحدث من فيه سنًّا على بردة لي، مضطجع فيها بفناء أهلي - فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنَّة والنَّار، فقالوا له: ويْحك يا فلان! فما آية ذلك؟ قال: نَبِيٌّ مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده إلى مكة واليمن، فقالوا: ومتى نراه؟ قال: فنظر إلي - وأنا من أحدثهم سنًّا - فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتَّى بَعَثَ الله مُحمَّدًا رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو حيٌّ بين أظهرنا فآمنا به، ولما رفض اليهودي الدخول في الإسلام قالوا له: ويحك يا فلان! ألست الذي قلت لنا؟ قال: بلى، ولكن ليس به". وتحققت البشارة برسول الإسلام حين نزل جبريل بالوحي على محمد بن عبدالله وهو يتعبَّد في غار حراء، وعاد إلى زوجته خديجة وحدثها بالذي رأى. وروى ابن هشام في "سيرة النبي" هذا الحدث المبارك في تاريخ البشارة برسول الإسلام، وأن الشوق لانتظار تلك البشارة قد تحقق، وذلك حين روى ابن هشام ما قامت به خديجة، حين أخبرها الرسول الكريم بنزول جبريل عليه بالوحي، فقال: "ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصي، وهو ابن عمها، وكان ورقة قد تنصَّر وقرأ الكتب، وسَمِعَ من أهل التوراة والإنجيل، فأخبرته بما أخبرها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى وسمع، فقال ورقة بن نوفل: قدوس، قدوس (أي: طاهر طاهر)، والذي نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس - أي: ملك الوحي - الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت فرجعت خديجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بقول ورقة بن نوفل، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِواره وانصرف، صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة، فقال: يا بن أخي، أخبرني بما رأيت وسمعت، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له ورقة: والذي نفسي بيده، إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتُكذَّبَنَّه، ولتُؤذَيَنَّه، ولتُخْرَجَنَّه، ولتقاتلنه، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرنَّ الله نصرًا يعلمه، ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه (وسط رأسه)، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله". وتحقَّقت البشارة برسول الإسلام بعد ستة قرون من خطاب السيد المسيح لبني إسرائيل، كما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد} [الصف: 6]. فقد ولد خاتم الأنبياء محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - بمكة يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول الموافق العشرين من إبريل سنة 571 ميلادية؛ أي بعد ميلاد السيد المسيح، وجاء تاريخ أول بعثته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي بأول آية من القرآن الكريم على نبي الإسلام، وهو بغار حراء في شهر رمضان الموافق شهر فبراير 610 ميلادية، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} المصدر: منتدى همسات الغلا hgfahvm fvs,g hgYsghl hgYsghl |
08-01-2019, 10:29 AM | #4 |
| بارك الله بك على فسحة هذا الروض وسقاك برفقة النبي من ذات الحوض صفحة فيها التجلي بذكر سيد الكونين وما تواتر عنه من حديث يقل النجدين ما أنقاه من مجلس نبوي يسامر التبض جزاك الله على نقله حسنات وسع الأرض وأظلك برحمته سبحانه يوم العرض يوماً نستقرض له من الدنيا ثواباً قرض بوركت أيادٍ خطت عن نبيٌ أتته مبايعة شجرة مباركة تخض الأرض خض صلوات الله عليك ياحبيبي يا رسول الله والتسليم على آلك وصحبك واجب ركني في آداء كل فرض تقديري |
|
08-01-2019, 11:58 AM | #6 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
08-01-2019, 07:43 PM | #7 |
| طرح في غاية الروعة بارك الله فيك جزآآك الله خيـــر على الطرح القيم وجعله الله في ميزآآن حسنآآتك وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه الله لايحرمنآآآ من جديــدك تحيــآآتي دمت بود |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
البشارة , الإسلام , برسول |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 14-07-2018 04:36 PM |
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام | الفاتنة | ( همسات الثقافه العامه ) | 42 | 23-03-2015 09:54 AM |
المرأة على مر العصور حتى نصرها الاسلام | محمدعبدالحميد | ( همســـــات الإسلامي ) | 12 | 14-06-2014 03:56 PM |
اللغه العربيه للصف العاشرالفصل الثاني مبسطه ومختصره | سوار الياسمين | (همسات الجامعة والطلبه والطالبات) | 15 | 06-03-2014 02:35 AM |
كيف لايخاَفون منه وهو الدين الحــق | مواجع | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 01-04-2013 04:21 PM |