#1
| |||||||||||
| |||||||||||
فى رحاب سورة : "الأعراف" ج : 1 ** إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له والحمد لله كما ينبغى لجلال وجهه الكريم ولعظيم سلطانه والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة والحمد لله ملؤ السماوات وملؤ الأرض وملؤ ما بينهما الذى هدانا لنعمة الإسلام وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً رسول الله النبى المختار والنعمة المهداه الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانه عليه أفضل صلاة وأزكى سلام وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار وعلى كل من والاه إلى يوم الدين . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . سبب التسمية : سُميت هذه السورة بسورة الأعراف لورود ذكر اسم الأعراف فيها وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين أهلهما روى ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال :هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله بينهم . التعريف بالسورة : سورة مكية ماعدا الآيات من " 163 : 170 " فمدنية هي من سوره الطول . عدد آياتها .206 آية ، هي السورة السابعة في ترتيب المصحف . نزلت بعد سورة " ص " ، تبدأ السورة بحروف مقطعة " المص " ،الآية 206 من السورة بها سجدة . ، الجزء "9" ، الحزب " 16،17 ،18 " ، الربع " 1،2،3،4،5،6 " . محور مواضيع السورة : سورة الأعراف من أطول السور المكية وهي أول سورة عرضت للتفصيل في قصص الأنبياء ومهمتها كمهمة السورة المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله جل وعلا وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة . سبب نزول السورة : 1) عن ابن عباس قال : كان ناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة حتى إن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة فتعلق على سفلاها سيورا مثل هذه السيور التي تكون على وجوه الحمُرِ من الذباب وهي تقول : " اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا له منه فلا أُحِلّه " فأنزل الله تعالى على نبيه " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " فأُمِروا بلبس الثياب . 2) عن أبي بكر الهذلي قال : لما نزلت " ورحمتي وسعت كل شئ " قال إبليس: يا رب وانا من الشىء فنزلت " فسأكتبها للذين يتقون " الآية فنزعها الله من إبليس . 3) قال ابن مسعود : نزلت في بلعم بن باعورا رجل من بني إسرائيل وقال ابن عباس وغيره من المفسرين : هو بلعم بن باعورا وقال الوالبي : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم وكان يعلم اسم الله الأعظم فلما نزل بهم موسىأتاه بنو عمه وقومه وقالوا إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه قال إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه مما كان عليه فذلك قوله فانسلخ منها . 4) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مُرسِلُ رسولا في ذلك الوقت ورجا أن يكون هو ذلك الرسول فلما أُرسِلَ محمدحسده وكفر به وروى عكرمة عن ابن عباسفي هذه الآية قال : هو رجل أُعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها وكانت له امرأة يقال لها البسوس وكان له منها ولد وكانت له محبة فقالت اجعل لي منها دعوة واحدة قال لك واحدة فماذا تأمرين قالت ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني اسرائيل فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا أخر فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نبآية فذهبت فيها دعوتان وجاء بنوها فقالوا ليس لنا على هذا قرار قد صارت امنا كلبة نبآية يعيرنا بها الناس فادع الله ان يردها إلى الحال التي كانت عليها فدعا الله فعادت كما كانت وذهبت الدعوات الثلاث وهي البسوس وبها يضرب المثل في الشؤم فيقال أشام من البسوس . 5) قال ابن عباس: قال جهل بن أبي قشير وشموال بن زيد وهما من اليهود: يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا ؟ فإنّا نعلم متى هي ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال قتادة : قالت قريش لمحمد : إن بيننا وبينك قرابة فَاسِرّ الينا متى تكون الساعة؟ فأنزل الله تعالى " يسألونك عن الساعة ". أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الوراق قال أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال حدثنا أبو يعلى قال حدثنا عقبة بن مكرم قال حدثنا يونس قال حدثنا عبد الغفار بن القاسم عن ابان بن لقيط عن قرظة بن حسان قال سمعت ابا موسى في يوم جمعة على منبر الصلاة يقول : سئل رسول الله عن الساعة وأنا شاهد فقال: لا يعلمها إلا الله لا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأحدثكم بأشراطها وما بين يديها إن بين يديها ردما من الفتن وهرجا ، فقيل : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : هو بلسان الحبشة القتل وأن تحصر قلوب الناس وأن يلقى بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا ويرفع ذوو الحجى وتبقى رجاجة من الناس لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا . فضل السورة : عن أبي أيوب وزيد بن ثابت " أن النبي قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين جميعا ". ماتشتمل عليع السورة : وجوب اتباع القرآن الكريم عاقبة مخالفة الرسل وتكذيبهم وزن أفعال العباد يوم القيامة التذكير بنعم الله سبحانه وتعالى التنبيه على تكريم آدم وبيان عداوة إبليس لذريته هبوط آدم من الجنة والأسباب الكامنة وراء ذلك وجوب ستر العورة والتحذير من وساوس الشيطان الدعوة إلى ترك ضلالات الآباء والتمسك بهداية الله تعالى إباحة الطيبات والإنكار على الذين يحرِّمون ما أحل الله أنواع المحرَّمات وأصولها توفية الأمم والأفراد آجالهم أحوال بني آدم بعد الموت خلود الكافرين في النار حال المؤمنين الطائعين يوم القيامة مناظرة بين أهل الجنة وأهل النار الإخبار عن تقريع أهل الأعراف لرجال من قادة المشركين عاقبة الجاحدين بآيات الله تعالى حجية القرآن على البشر وحال المكذبين يوم القيامة دلائل القدرة والوحدانية الحث على الدعاءِ والبعدِ عن الإفساد أمثال ومقارنات تدل على قدرة الله الباهرة دعوة نوح لقومه وعاقبة تكذيبهم إيَّاه معاناة هود في دعوة قومه ونتيجة التمرد والعتو والطغيان قصة صالح عليه السلام مع قومه فاحشة مبتكرة عند قوم لوط شعيب عليه السلام يدعو قومه إلى توحيد الله وترك كل أنواع الإيذاء سنة الله في التضييق على الأمم قبل إهلاكها الترغيب بالإيمان والترهيب من الكفر العبرة من قصص الماضين قصة موسى عليه السلام مع فرعون إبطال سحر السحرة، وإيمانهم برب العالمين تهديد فرعون السحرة، وعدم مبالاتهم به تحريض لفرعون من قومه على موسى، ونصيحته لقومه أنواع العذاب لآل فرعون الرجوع إلى موسى عليه السلام عند وقوع العذاب، وإغراق فرعون وقومه وراثة الأرض لبني إسرائيل جحود بني إسرائيل النعم الكثيرة مناجاة موسى ربه، وطلبه رؤية الله تعالى، وتنزيل التوراة عليه عقوبة المتكبرين بصرفهم عن فهم أدلة العظمة الإلهية اتخاذ السامري العجل غضب موسى على أخيه هارون وتعنيفه له عقاب الظالمين المتخذين العجل إلهاً، وقبول توبة التائبين سكون غضب موسى وأخذه الألواح اختيار موسى سبعين رجلاً لملاقاة الله دعاء موسى عند الرجفة، وربط الإيمان برسالته والإيمان برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عموم رسالة الإسلام للناس كافة أتباع الحق من قوم موسى، ونعم الله تعالى على بني إسرائيل في صحراء التيه أمر بني إسرائيل بسكنى بيت المقدس احتيال اليهود لاصطياد الأسماك يوم السبت رفع الجبل فوق اليهود وذلهم إلى يوم القيامة، وتشتيتهم في الأرض باستثناء الصالحين أخذ الميثاق العام على بني آدم قصة بلعم بن باعوراء الهداية والضلالة وأسبابهما أسماء الله الحسنى المهتدون والمكذبون بدعوة الإسلام، وعقاب المكذبين هل التّفكُر أفضل أو الصّلاة؟ علم الساعة غيبي لا يعلمه إلا الله الأمر كله لله وحده، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب التذكير بالنشأة الأولى، والأمر بالتوحيد واتباع القرآن والنهي عن الشرك عجز المعبودات من دون الله عن فعل شيء أمره صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، ومقاومة الشيطان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم الوحي الإلهي، وخصائص القرآن تعظيم القرآن باستماعه، وطرق ذكر الله تفسير ميسر : المص (1) هذه الحروف وغيرها من الحروف المقطَّعة في أوائل السور فيها إشارة إلى إعجاز القرآن ; فقد وقع به تحدي المشركين , فعجزوا عن معارضته , وهو مركَّب من هذه الحروف التي تتكون منها لغة العرب . كما سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة. كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) هذا القرآن كتاب عظيم أنزله الله عليك -أيها الرسول- فلا يكن في صدرك شك منه في أنه أنزل من عند الله، ولا تتحرج في إبلاغه والإنذار به، أنزلناه إليك; لتخوف به الكافرين وتذكر المؤمنين. اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3) اتبعوا -أيها الناس- ما أُنزل إليكم من ربكم من الكتاب والسنة بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، ولا تتبعوا من دون الله أولياء كالشياطين والأحبار والرهبان. إنكم قليلا ما تتعظون، وتعتبرون، فترجعون إلى الحق. وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) وكثير من القرى أهلكنا أهلها بسبب مخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خزي الدنيا موصولا بذلِّ الآخرة، فجاءهم عذابنا مرة وهم نائمون ليلا ومرة وهم نائمون نهارًا. وخَصَّ الله هذين الوقتين; لأنهما وقتان للسكون والاستراحة، فمجيء العذاب فيهما أفظع وأشد. فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5) فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا الإقرار بالذنوب والإساءة، وأنهم حقيقون بالعذاب الذي نزل بهم. فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) المرسلون: ماذا أجبتم رسلنا إليكم؟ ولنسْألَنَّ المرسلين عن تبليغهم لرسالات ربهم، وعمَّا أجابتهم به أممهم. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) فلَنقُصَّنَّ على الخلق كلهم ما عملوا بعلم منا لأعمالهم في الدنيا فيما أمرناهم به، وما نهيناهم عنه، وما كنا غائبين عنهم في حال من الأحوال. وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) ووزن أعمال الناس يوم القيامة يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه، فمن ثقلت موازين أعماله -لكثرة حسناته- فأولئك هم الفائزون. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) ومن خَفَّتْ موازين أعماله -لكثرة سيئاته- فأولئك هم الذين أضاعوا حظَّهم من رضوان الله تعالى، بسبب تجاوزهم الحد بجحد آيات الله تعالى وعدم الانقياد لها. وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (10) ولقد مكَّنَّا لكم -أيها الناس- في الأرض، وجعلناها قرارًا لكم، وجعلنا لكم فيها ما تعيشون به من مطاعم ومشارب، ومع ذلك فشكركم لنعم الله قليل. وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) ولقد أنعمنا عليكم بخلق أصلكم -وهو أبوكم آدم من العدم- ثم صوَّرناه على هيئته المفضلة على كثير من الخلق، ثم أمرنا ملائكتنا عليهم السلام بالسجود له -إكرامًا واحترامًا وإظهارًا لفضل آدم- فسجدوا جميعًا، لكنَّ إبليس الذي كان معهم لم يكن من الساجدين لآدم; حسدًا له على هذا التكريم العظيم. قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قال تعالى منكرًا على إبليس تَرْكَ السجود : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟ فقال إبليس: أنا أفضل منه خلقًا; لأني مخلوق من نار, وهو مخلوق من طين. فرأى أن النار أشرف من الطين. قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) قال الله لإبليس: فاهبط من الجنة, فما يصح لك أن تتكبر فيها, فاخرج من الجنة, إنك من الذليلين الحقيرين. قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قال إبليس لله -جل وعلا- حينما يئس من رحمته: أمهلني إلى يوم البعث; وذلك لأتمكن من إغواء مَن أقدر عليه من بني آدم. قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15) قال الله تعالى: إنك ممن كتبتُ عليهم تأخير الأجل إلى النفخة الأولى في القرن, إذ يموت الخلق كلهم. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) قال إبليس لعنه الله: فبسبب ما أضللتني لأجتهدنَّ في إغواء بني آدم عن طريقك القويم, ولأصدَّنَّهم عن الإسلام الذي فطرتهم عليه. ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) ثم لآتينَّهم من جميع الجهات والجوانب, فأصدهم عن الحق, وأُحسِّن لهم الباطل, وأرغبهم في الدنيا, وأشككهم في الآخرة, ولا تجد أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك. قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) قال الله تعالى لإبليس: اخرج من الجنة ممقوتًا مطرودًا, لأملأنَّ جهنم منك وممن تبعك من بني آدم أجمعين. ويا آدم اسكن أنت وزوجك حواء الجنة, فكُلا من ثمارها حيث شئتما, ولا تأكلا من ثمرة شجرة (عَيَّنها لهما), فإن فعلتما ذلك كنتما من الظالمين المتجاوزين حدود الله. وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (19) فألقى الشيطان لآدم وحواء وسوسة لإيقاعهما في معصية الله تعالى بالأكل من تلك الشجرة التي نهاهما الله عنها; لتكون عاقبتهما انكشاف ما سُتر من عوراتهما, وقال لهما في محاولة المكر بهما: إنما نهاكما ربكما عن الأكل مِن ثمر هذه الشجرة مِن أجل أن لا تكونا ملَكين, ومِن أجل أن لا تكونا من الخالدين في الحياة. فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) وأقسم الشيطان لآدم وحواء بالله إنه ممن ينصح لهما في مشورته عليهما بالأكل من الشجرة, وهو كاذب في ذلك. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) وأقسم الشيطان لآدم وحواء بالله إنه ممن ينصح لهما في مشورته عليهما بالأكل من الشجرة, وهو كاذب في ذلك. فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) فجرَّأهما وغرَّهما, فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الاقتراب منها, فلما أكلا منها انكشفت لهما عوراتهما, وزال ما سترهما الله به قبل المخالفة, فأخذا يلزقان بعض ورق الجنة على عوراتهما, وناداهما ربهما جل وعلا ألم أنهكما عن الأكل من تلك الشجرة, وأقل لكما: إن الشيطان لكما عدو ظاهر العداوة؟ وفي هذه الآية دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور, وأنه كان ولم يزل مستهجَنًا في الطباع, مستقبَحًا في العقول. قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23) قال آدم وحواء: ربنا ظلمنا أنفسنا بالأكل من الشجرة, وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن ممن أضاعوا حظَّهم في دنياهم وأخراهم . ( وهذه الكلمات هي التي تلقاها آدم من ربه, فدعا بها فتاب الله عليه ). قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قال تعالى مخاطبًا آدم وحواء لإبليس: اهبطوا من السماء إلى الأرض, وسيكون بعضكم لبعض عدوًا, ولكم في الأرض مكان تستقرون فيه, وتتمتعون إلى انقضاء آجالكم. قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) قال الله تعالى لآدم وحوَّاء وذريتهما: فيها تحيون, أي: في الأرض تقضون أيام حياتكم الدنيا, وفيها تكون وفاتكم, ومنها يخرجكم ربكم, ويحشركم أحياء يوم البعث. يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يا بني آدم قد جعلنا لكم لباسًا يستر عوراتكم, وهو لباس الضرورة, ولباسًا للزينة والتجمل, وهو من الكمال والتنعم. ولباسُ تقوى الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي هو خير لباس للمؤمن. ذلك الذي مَنَّ الله به عليكم من الدلائل على ربوبية الله تعالى ووحدانيته وفضله ورحمته بعباده; لكي تتذكروا هذه النعم, فتشكروا لله عليها. وفي ذلك امتنان من الله تعالى على خَلْقه بهذه النعم. يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) يا بني آدم لا يخدعنَّكم الشيطان, فيزين لكم المعصية, كما زيَّنها لأبويكم آدم وحواء, فأخرجهما بسببها من الجنة, ينزع عنهما لباسهما الذي سترهما الله به; لتنكشف لهما عوراتهما. إن الشيطان يراكم هو وذريته وجنسه وأنتم لا ترونهم فاحذروهم. إنَّا جعلنا الشياطين أولياء للكفار الذين لا يوحدون الله, ولا يصدقون رسله, ولا يعملون بهديه. وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) وإذا أتى الكفار قبيحًا من الفعل اعتذروا عن فعله بأنه مما ورثوه عن آبائهم, وأنه مما أمر الله به. قل لهم -أيها الرسول-: إن الله تعالى لا يأمر عباده بقبائح الأفعال ومساوئها, أتقولون على الله -أيها المشركون- ما لا تعلمون كذبًا وافتراءً؟ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أمر ربي بالعدل, وأمركم بأن تخلصوا له العبادة في كل موضع من مواضعها, وبخاصة في المساجد, وأن تدعوه مخلصين له الطاعة والعبادة, وأن تؤمنوا بالبعث بعد الموت. وكما أن الله أوجدكم من العدم فإنه قادر على إعادة الحياة إليكم مرة أخرى. فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) جعل الله عباده فريقين: فريقًا وفَّقهم للهداية إلى الصراط المستقيم, وفريقًا وجبت عليهم الضلالة عن الطريق المستقيم, إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله, فأطاعوهم جهلا منهم وظنًا بأنهم قد سلكوا سبيل الهداية. يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) يا بني آدم كونوا عند أداء كل صلاة على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ونظافة وطهارة ونحو ذلك, وكلوا واشربوا من طيبات ما رزقكم الله, ولا تتجاوزوا حدود الاعتدال في ذلك. إن الله لا يحب المتجاوزين المسرفين في الطعام والشراب وغير ذلك. المصدر: منتدى همسات الغلا tn vphf s,vm : "hgHuvht" [ 1 vphf آخر تعديل تيماء يوم
03-01-2019 في 09:54 PM. |
03-01-2019, 09:53 PM | #3 |
ادارة الموقع | جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبكَ بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَكَ آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمتْ بـِ طآعَة الله . |
|
04-01-2019, 01:32 AM | #4 |
| جزاك المولى الجنه وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم |
|
04-01-2019, 11:56 PM | #5 |
| جزـآك ـآلله خير وًجعلة ـآلله بميزـآن حسنآتك وً بآرك الله فيك على طرحك القيم دمت بخير وًسعآآآدهـ |
|
05-01-2019, 01:08 AM | #6 |
| يَعطِيك ألعَآفِيةَ شُكرَاً أقطِفُهَآ مِن قَلبْ ألجَمَآل لِتُلِيق بِ حَجمَ جَمَآلِ طَرحِك دَآمَت ألسَعَآدَةَ رَفَيقَةَ حَيَآتِكْ طَوقُ يَآسَمِينْ لِروحِك |
|
05-01-2019, 01:03 PM | #7 |
| الفاضلة / باربي لدى حضورك الموضوع أزهر أسألك أللهم بعزك الذى لايرام وملكك الذى لا يضام ونورك الذى يملأ أركان عرشك أن تنصر عبادك نصرا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك بارك الله بكم وزادكم حسنات وبوركت شاهديكم الشاهدات شاكرة لكم حضوراً كريم أثابكم الله خيراً عظيم شكراً على رونق كلماتكم وعلى تواجدكم ومنادمتكم لشخصك التوقير والتقدير ومن التحايا الكثير الكثير |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
"الأعراف" , رحاب , سورة , في |
| |