الإهداءات




التوبة وفضلها

( همســـــات الإسلامي )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 13-11-2018, 01:38 PM
مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
الاوسمة
بريق القوافي 
لوني المفضل Darkorange
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل : 22 - 12 - 2015
 فترة الأقامة : 3281 يوم
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 العمر : 34
 المشاركات : 289,023 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز مبارك آل ضرمان يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
6666 التوبة وفضلها













التوبة وفضلها


" التوبة وفضلها تعريف التوبة "

التوبة وفضلها


التوبة لغة :

التَّوبَةُ : بفتح التاء وسكون الواو - مأخوذة من «تَوَبَ» التاء والواء والباء كلمة واحدة تدل على الرجوع، يقال تاب وأناب إذا رجع عن ذنبه («معجم مقاييس اللغة» لابن فارس) .

والتوبة : هي الرجوع إلى الله، بحل عقدة الإصرار عن القلب، ثم القيام بكل حقوق الرب – سبحانه وتعالى .

والتَّوْبُ والتَّوْبَةُ معناهما واحد، والمراد: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار .

والتوبة في الشرع :

ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه، وندم على المعصية من حيث هي معصية، والعزيمة على ألا يعود إليها إذا قدر عليها، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة .

التوبة وفضلها

" حقيقة التوبة "

التوبة شعور وجداني بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب، وعمل صالح يحقق التوبة بالفعل، كما يحققها الكف بالترك؛ فهي فعل وجودي يتضمن إقبال التائب على ربه وإنابته إليه، والتزام طاعته؛ فمن ترك الذنب تركًا مجردًا ولم يرجع منه إلى ما يحبه الله – تعالى – لم يكن تائبًا إلا إذا رجع وأقبل وأناب إلى الله – عز وجل - وحل عقد الإصرار وأثبت معنى التوبة في الجنان قبل التلفظ باللسان، وأدام الفكر فيما ذكره الله – تعالى – من تفاصيل الجنة، ووعد به المطيعين، وما وصفه من عذاب النار وتوعد به العاصين، وواظب على ذلك حتى يقوى خوفه ورجاؤه، فيدعو الله – تعالى – رغبًا ورهبًا أن يقبل توبته، ويغسل حوبته، ويحط عنه خطاياه، وبهذا يكون قد حقق مدلول التوبة بالرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه؛ بأن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضَّرع، ويندم بقلبه ويستغفر بلسانه، ويمسك ببدنه، ويتقي الله – تعالى – ويعمل بطاعته على نور منه يرجو ثوابه ويخاف عقابه، ويرغب إلى خالقه وفاطره أن يقي نفسه شرها، وأن يؤتيها تقواها ويزكيها فهو خير من زكاها، فإنه ربها ومولاها، وألا يكله إلى نفسه طرفة عين .

«نعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا»



التوبة وفضلها



" من معاني التوبة في القرآن الكريم "

ورد لفظ التوبة في القرآن الكريم دالاً على معان عدة منها :

1- التوبة بمعنى الندم :

ومنه قوله – تعالى -: " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ " [البقرة: 54] .

وقوله – تعالى -: " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31] .

2- التوبة بمعنى التجاوز :

ومنه قوله – تعالى -: " لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " [التوبة: 117]، أي تجاوز عنهم .

وقوله – تعالى -: " وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ " [الأحزاب: 73 ] .

3- التوبة بمعنى الرجوع عن الشيء :

ومنه قوله – تعالى – على لسان موسى – عليه السلام -: " سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ " [الأعراف: 143]، أي رجعت عن سؤالي الرؤية .


التوبة وفضلها
" فضل التوبة إلى الله "
أمر الله – سبحانه – بالتوبة فقال : "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: 31] .
ووعد بالقبول عليها، فقال : " وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ " [الشورى: 25] .
وفتح لعباده أبواب الرجاء في عفوه ومغفرته، وأمرهم أن يلجؤوا إلى ساحات كرمه وجوده، طالبين تكفير السيئات وستر العورات، وقبول توبتهم، لا يطردهم من رحمة الله طارد، ولا يوصد بينهم وبين الله باب .
قال تعالى : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر: 53] .
فمن تاب واستغفر تاب الله عليه؛ قال – تعالى -: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ" [آل عمران: 153] .
وقد أثنى الله على عباده المتقين المداومين على الاستغفار، فقال – تعالى -: "الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" [آل عمران: 16، 17] .
والتائب من ذنبه محل رعاية الله وأهلٌ لحفظه ورحمته، يغدق عليه من بركاته، ويمتعه بسعة الرزق ورغد العيش في الدنيا، وينعم عليه بالثواب العظيم والنعيم المقيم في الآخرة؛ قال تعالى في ثواب التائبين إليه: " أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ " [آل عمران: 136] .
ثم إن الاستغفار مع الإقلاع عن الذنوب سبب للخصب والنماء، وكثرة النسل وزيادة العزة والمنعة؛ قال تعالى : "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا"[نوح: 10- 12].
ففي الإيمان رحمةٌ بالعباد، وفي الاستغفار بركات الدين والدنيا، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : « من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب » (سنن ابن ماجه» ج2/1254، رقم (3819) ورواه «أبو داود» (1518) والإمام أحمد في «المسند» 1/248 وفي سنده الحكم بن مصعب القرشي المخزومي: متكلمٌ فيه، لكن صححه العلامة أحمد شاكر (2234) حيث ترجم البخاري للحكم في «تاريخه الكبير» ولم يذكر فيه جرحًا فهو ثقة عنده) .
وباب التوبة مفتوح على مصراعيه تنسم منه نسمات الرحمة واللطف والنعم؛ قال تعالى : " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا " [مريم: 60، 61] .
فالتوبة التي تنشئ الإيمان والعمل الصالح، فتحقق مدلولها الإيجابي الواضح .. تُنجي من ذلك المصير فلا يلقى أصحابها ]غيًا[، إنما يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا .
فما أعظم بركات الاستغفار والإنابة إلى الله، بهما تُستنزل الرحمات، وتبارك الأرزاق، وتكثر الخيرات، ويعطي الله الأموال والبنين، ويغفر الذنب، ويمنح القوة والسداد والرشاد .
والله عفو غفور تواب، يقبل التوب ويغفر الذنب، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، فضلاً منه – سبحانه – وإحسانًا؛ فينبغي للعاقل أن يشتغل بطاعة ربه ولا يغفل طرفة عين عن مراقبته والخوف منه، وأن يستحضر عظمة الله دائمًا، ويخشاه في السر والعلانية؛ فعلمه محيط وغضبه شديد، يملأ قلوب الخائفين من غضبه أمنًا، ويعوض النادمين الآسفين على ما كان منهم بمحو السيئات وغفران الذنوب وقبول التوبة ورفع الدرجات .
اللهم يا مَنْ يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين، هب لنا من لدنك توبة صادقة، وإنابة كاملة، لا يشوبها تردد ولا يعتريها نقص أو تسويف .




التوبة وفضلها





التوبة وفضلها















hgj,fm ,tqgih






آخر تعديل مبارك آل ضرمان يوم 13-11-2018 في 02:03 PM.
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2018, 01:38 PM   #2


مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل :  22 - 12 - 2015
 العمر : 34
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 المشاركات : 289,023 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
بريق القوافي 
لوني المفضل : Darkorange

افتراضي
















" التوبة وفضلها تعريف التوبة "



" وجوب التوبة على الفور "
إذا كان عموم الناس محتاجين إلى التوبة، فإنه لا بد وأن يكونوا مشتغلين بها في كل حين وآن، وقد دّلت النصوص المتضافرة على أن المبادرة بالتوبة من الذنب فرضٌ على الفور، ولا يجوز تأخيرها، وأن التوبة عند المعاينة لا تنفع؛ لأنها والحالة هذه تصبح توبة ضرورة لا اختيار .
لهذا كان قبول التوبة حقٌ على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، قبل أن تنقطع الآمال وتحضر الآجال، وتساق الأرواح سوقًا، ويغلب المرء على نفسه؛ قال تعالى : "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" [النساء: 17، 18] .
فمتى تاب العبد إلى الله نادمًا على ما فعل جادًا عازمًا باذرًا بذور التقوى والعمل الصالح راجيًا رحمة ربه، قَبِلَ الله توبته، لا يتركه منبوذًا حائرًا، ولا يدعه مطرودًا خائفًا؛ بل يدله على الطريق ويأخذ بيده، ويسند خطواته، وينير له الطريق، ولا على العبد حينئذ سوى :
1- أن يُعجَّل بالتوبة؛ حتى لا تصير المعاصي رانًا وطبعًا لا يقبل المحو .
2- أن يعجلها قبل الموت أو المرض :
وليحذر المغرورون الذين يعملون السيئات ويصرون على المعاصي ويسوفون في التوبة، حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن. وقد رسخت المعاصي في قلبه، وأنست بها نفسه، حتى صارت ملكات وعادات يتعذر أو يتعسر عليه الإقلاع عنها، حتى إذا جاءه الأجل الموعود، فاضطر إلى التوبة بعد أن لجَّت به الغواية، وأحاطت به الخطيئة، فهو لم يتب إلا حين عاين العذاب وحضره الأجل، ولم يعد هناك متسع لارتكاب الذنوب .
فهذه التوبة غير صحيحة بل هي مردودة لأنها لا تُنشيء صلاحًا في القلب ولا استقامة في الحياة؛ ذلك لأنها توبة اضطرار لا اختيار؛ فهي كالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها، ويوم القيامة، وعند معاينة بأس الله – تعالى .
فليبادر المؤمن بالتوبة إلى الله قبل أن يحضر الأجل، وينقطع الأمل، فيندم ولات ساعة مندم، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .





" تأخير التوبة ذنب تجب التوبة منه "
إن العبد إذا عمل المعصية وخطرت بباله التوبة فإنه ينبغي عليه أن يسارع إلى ذلك ولا يركن إلى التسويف والأماني؛ فإنه لا يدري متى تنقضي أيامه، وتنقطع أنفاسه، وتنصرم لياليه .
وقد دعا القرآن الكريم إلى الاعتراف بالذنب والمبادرة بالتوبة، قال الله – تعالى -: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" [النساء: 17] .
فقبول هذه التوبة حقٌ للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب؛ إنه حق كتبه الله على نفسه رحمة منه وفضلاً، وكل من عصى الله خطأ أو عمدًا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب (انظر «تفسير ابن كثير» سورة النساء، الآية: 17).
فالمبادرة إلى التوبة من الذنب فرضٌ على الفور ولا يجوز تأخيرها؛ فإن أخرها وجب عليه أن يتوب، وتعد هذه توبة من تأخير التوبة .





" شروط التوبة "
التوبة إلى الله – تعالى – من أعظم الحسنات؛ لأنها تزيل العوائق التي تقوم بين العبد وبين ربه: تلك العوائق الكامنة في النفس من شهواتها ونزواتها؛ فالتوبة تملأ النفس بالأمل، وتقود القلب إلى مصدر النور .
ولن تكون التوبة صحيحة مقبولة حتى تتحقق فيها شروط تثبت صدق التائب في توبته .
من هذه الشروط :
أولاً : أن تكون خالصة لله – عز وجل – لأن الله – سبحانه – لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا له وحده مبتغىً به وجهه، وموافقًا أمره باتباع رسوله صل الله عليه وسلم ؛ فلا بد أن يكون العمل خالصًا إلى الله – تعالى – صوابًا؛ أي موافقًا للسُّنَّة؛ إذ قد يكون العمل صوابًا ولا يكون خالصًا، فلا يقبل، وقد يكون خالصًا ولا يكون صوابًا فلا يقبل – أيضًا – وكان من دعاء عمر – رضي الله عنه -: «اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا» .
فيكون الباعث للتوبة حُبُّ الله وتعظيمه ورجاؤه، والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تزلفًا إلى مخلوق، ولا قصدًا في عرض من عرض الدنيا الزائل .
ثانيًا : الإقلاع عن المعصية: لأن النفس المشغولة بلذة المعصية قلَّما تُخْلص عمل الخير؛ فيجاهد التائب نفسه لاقتلاع جذور الشر من قلبه، حتى يصبح نقيًا خالصًا صافيًا، تصدر عنه أعمال الخير بنية صالحة مقبولة عند الله؛ فإن كانت المعصية بفعل محرم تركه في الحال، وإن كانت بترك واجب فعله في الحال إن كان مما يمكن قضاؤه، وإن كانت مما يتعلق بحقوق الخلق تخلص منها وأداها إلى أهلها أو استحلهم منها، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله .
ثالثًا : الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال والعزم على ألا يعاود الذنب في المستقبل، فلن تكون التوبة صحيحة حتى يكون نادمًا آسفًا حزينًا على ما بدر منه من المعاصي، ندمًا يوجب الانكسار بين يدي الله – عز وجل – والإنابة إليه؛ ومن هنا فلا يُعَدُّ تائبًا ونادمًا ذلك الذي يتحدث بمعاصيه السابقة التي قارفها يفتخر بذلك ويتباهى به؛ بل هذا من المجاهرة التي قال عنها رسول الله صل الله عليه وسلم : «كل أمتي معافى إلا المجاهرون» (رواه البخاري (6069) ومسلم (2990) .
والمجاهرون: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم فيتحدثون بها لغير ضرورة ولا حاجة. انظر: «شرح صحيح مسلم» 18/119 للنووي) .
رابعًا : العزم الجازم على عدم معاودة الذنب : فيتوب من الذنب وهو يُحَدَّث نفسه ألا يعود في المستقبل، والقصد لتدارك ما فات وإصلاح ما يأتي، ودوام الطاعة ودوام ترك المعصية إلى الموت، والعزم الجازم – أيضًا – على فعل المأمور، وترك المحظور، والتزام ذلك طيلة حياته .
وإذا وصل العبد إلى هذه الدرجة من العزم الجازم فلا يضر توبته لله مرة أخرى إن ندم وأسف وسارع إلى التوبة؛ قال صل الله عليه وسلم : «أذنب عبدٌ ذنبًا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك» (رواه «البخاري» (7507) و«مسلم» (2758). وانظر لشرحه «فتح الباري» 13/471)ومعنى قوله : فقد غفرت لك. أي ما دمت تذنب ثم تتوب، غفرت لك .
خامسًا : عدم الإصرار على المعصية :
والإصرار : هو عقد القلب على شهوة الذنب، والاستقرار على المخالفة، والعزم على المعاودة؛ لأن التوبة مع الإصرار توبة الكذابين الذين يهجرون الذنوب هجرًا مؤقتًا، يتحينون فيها الفرص المواتية لمعاودة الذنب، وقد بقيت حلاوته في قلوبهم، يتمنون مقارفته ما وجدوا السبيل إليه، وقد شرط الله لوجوب المغفرة ودخول الجنة عدم الإصرار على فعل الفاحشة أو ظلم النفس؛ قال – تعالى -: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" [آل عمران: 135، 136] .
سادسًا : أن التوبة كما تكون بالقلب واللسان تكون أيضًا بالعمل الصالح الذي يكون ترجمة عملية لما في قلب الإنسان؛ إذ العمل الصالح ينشيء التعويض الإيجابي في النفس للإقلاع عن المعصية؛ فيعوض التائب ما صرفه من عمره في اللهو والمعصية بالعمل الصالح وفعل الطاعات؛ ليمحق بذلك أثر الخطيئة والسيئات، فإذا تاب وأقلع عن الذنب فينبغي أن يصدق توبته تعويض ما فاته بأعمال صالحة؛ لكي يرجى فلاحه، فليؤد التائب الفرائض وجميع شعب الإيمان البضع والسبعين قدر المستطاع .
سابعًا : أن يستمر التائب في توبته ولا يأتي بما ينقضها ويخالفها؛ إذ الاستمرار في التوبة شرط في صحة كمالها ونفعها .
ثامنًا : من شروط التوبة أن تصدر في زمن قبولها؛ وهو ما قبل حضور الأجل، وطلوع الشمس من مغربها .
بهذا يتضح أن التوبة كلٌ متكاملٌ يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه؛ كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره؛ فمن أتى بشرط وأغفل آخر لا يعتد بتوبته ما لم يحقق بقية الشروط ... والله المستعان .





" وقت التوبة ونهاية وقتها "
التوبة مقام ينبغي أن يستصحبه العبد من أول ما يدخل فيه إلى آخر عمره، وعموم الناس محتاجون إلى التوبة دائمًا، وعلى الخَلْقِ جميعًا أن يتوبوا وأن يستديموا التوبة؛ قال الله تعالى : "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: 31] .
والأمر عند إطلاقه يستلزم الوجوب؛ فالتوبة واجبة وجوبًا مطلقًا مدى العمر، ووقتها مدة العمر، وهي غاية كل مؤمن، وقد قال الله لأفضل الأنبياء صلى الله عليه وسلم، ولأفضل الخلق بعد الأنبياء : "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [التوبة: 117] .
والعبد محتاجٌ إلى التوبة والاستغفار مطلقًا في كل وقت وحين؛ فإذا كان النبي صل الله عليه وسلم قد أُمِرَ أن يختم أعماله بالتوبة والاستغفار في قوله تعالى : "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" [النصر] .
فغيرُ النبي صل الله عليه وسلم أحوج إلى هذا منه، فليجمع العبد همته وعزمه، وليحاسب نفسه، وليتب إلى الله حتى الممات .
وما من عبد إلا وقد اقترف ذنبًا وفعل إثمًا ... «وكل بني آدم خطاءٌ» (رواه «الترمذي» و«ابن ماجه» وأحمد في «المسند)؛ فقد أقسم إبليس بعزة الله تعالى أنه لا يفارق ابن آدم بالغواية والإضلال ما دام روحه في جسده .
وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن النبي صل الله عليه وسلم قال : «قال إبليس : يا رب وعزتك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله – عز وجل: وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»(رواه الإمام أحمد في «المسند») .
فباب التوبة مفتوح يثوب إليه الشاردون، فيستردون أنفسهم من تيه الضلال، ويعملون عملاً صالحًا إن قدر لهم امتداد في العمر، قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا .
فمتى وقع الإياس من الحياة، وعاين ملك الموت، وحشرجت الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم، وغرغرت النفس في الحلق فلا توبة .
ويبدأ وقت التوبة عندما يستشعر القلب جلال ربه وعظمة خالقه؛ فيعلن التوبة بالرجوع إلى الله – تعالى – بسلوك صراطه المستقيم الذي نصَّبه لعباده موصلاً إلى رضوانه، وأمرهم بسلوكه بقوله – تعالى : "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ" [الأنعام: 153] .
فيتوب قبل أن يتبين له الموت أو المرض وينشئ بتوبته صلاحًا في القلب، وصلاحًا في الحياة ما دام مكلفًا؛ فالرجاء حينئذ باق ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" النساء: 17] .
أي الذين يرتكبون الذنوب ويضلون طريق الهدى عن جهالة، طال أمد ذلك أم قصر، ما دامت تلكم الجهالة لا تستمر حتى تبلغ الروح الحلقوم، إذًا فهي موافقة لمحلها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغر» (رواه «الترمذي» عن ابن عمر وحسَّنه، ورواه غيره) .
ومع سعة رحمة الله – تعالى – وشمول عفوه وقبول توبة التائب تفضلاً منه ومنَّة في كل وقت وحين إلا أنه سبحانه حَجَبَ باب التوبة عن الذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال : إني تبت الآن فهذا الصنف من الناس ليس داخلاً في حُكم التائبين المقبولين؛ لأنه يتدنس بالمعاصي ويلج في الغواية حتى إذا عاين الموت وصار في حين اليأس أنشأ توبة بعد أن أحاطت به الخطيئة، وانقطعت عنه أسباب النجاة فأنى له ذلك ...؟!
فلا يجوز تضييع الوقت بالاشتغال بالمعصية أو اللغو أو الإعراض عن واجب أو فرض .
عن صفوان بن عَسَّال قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : «إن من قبل مغرب الشمس بابًا مفتوحًا، عرضه سبعون سنة؛ فلا يزال ذلك الباب مفتوحًا للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت من نحوه، لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا» (رواه «ابن ماجه») .
وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – عن النبي صل الله عليه وسلم قال : «إن الله – عز وجل – ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر» ((رواه «الترمذي» و«ابن ماجه» والحاكم في «المستدرك» وهو حديث حسن) .
وقال ابن هبيرة : «النفس المؤمنة إن لم تكسب في إيمانها خيرًا حتى طلعت الشمس من مغربها لم ينفعها ما تكسبه».
فالبدار البدار إلى التوبة قبل الفوات، والحذر الحذر من فعل السيئات قبل أن يقول المذنب : "رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" [المؤمنون: 99، 100].
اللهم وفقنا للتوبة والاستعداد للموت وما يأتي بعده ... آمين .



" وقت التوبة ونهاية وقتها "
التوبة مقام ينبغي أن يستصحبه العبد من أول ما يدخل فيه إلى آخر عمره، وعموم الناس محتاجون إلى التوبة دائمًا، وعلى الخَلْقِ جميعًا أن يتوبوا وأن يستديموا التوبة؛ قال الله تعالى : "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: 31] .
والأمر عند إطلاقه يستلزم الوجوب؛ فالتوبة واجبة وجوبًا مطلقًا مدى العمر، ووقتها مدة العمر، وهي غاية كل مؤمن، وقد قال الله لأفضل الأنبياء صل الله عليه وسلم، ولأفضل الخلق بعد الأنبياء : "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [التوبة: 117] .
والعبد محتاجٌ إلى التوبة والاستغفار مطلقًا في كل وقت وحين؛ فإذا كان النبي صل الله عليه وسلم قد أُمِرَ أن يختم أعماله بالتوبة والاستغفار في قوله تعالى : "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" [النصر] .
فغيرُ النبي صل الله عليه وسلم أحوج إلى هذا منه، فليجمع العبد همته وعزمه، وليحاسب نفسه، وليتب إلى الله حتى الممات .
وما من عبد إلا وقد اقترف ذنبًا وفعل إثمًا ... «وكل بني آدم خطاءٌ» (رواه «الترمذي» و«ابن ماجه» وأحمد في «المسند)؛ فقد أقسم إبليس بعزة الله تعالى أنه لا يفارق ابن آدم بالغواية والإضلال ما دام روحه في جسده .
وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن النبي صل الله عليه وسلم قال : «قال إبليس : يا رب وعزتك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله – عز وجل: وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»(رواه الإمام أحمد في «المسند») .
فباب التوبة مفتوح يثوب إليه الشاردون، فيستردون أنفسهم من تيه الضلال، ويعملون عملاً صالحًا إن قدر لهم امتداد في العمر، قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا .
فمتى وقع الإياس من الحياة، وعاين ملك الموت، وحشرجت الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم، وغرغرت النفس في الحلق فلا توبة .
ويبدأ وقت التوبة عندما يستشعر القلب جلال ربه وعظمة خالقه؛ فيعلن التوبة بالرجوع إلى الله – تعالى – بسلوك صراطه المستقيم الذي نصَّبه لعباده موصلاً إلى رضوانه، وأمرهم بسلوكه بقوله – تعالى : "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ" [الأنعام: 153] .
فيتوب قبل أن يتبين له الموت أو المرض وينشئ بتوبته صلاحًا في القلب، وصلاحًا في الحياة ما دام مكلفًا؛ فالرجاء حينئذ باق ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" النساء: 17] .
أي الذين يرتكبون الذنوب ويضلون طريق الهدى عن جهالة، طال أمد ذلك أم قصر، ما دامت تلكم الجهالة لا تستمر حتى تبلغ الروح الحلقوم، إذًا فهي موافقة لمحلها؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم : «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغر» (رواه «الترمذي» عن ابن عمر وحسَّنه، ورواه غيره) .
ومع سعة رحمة الله – تعالى – وشمول عفوه وقبول توبة التائب تفضلاً منه ومنَّة في كل وقت وحين إلا أنه سبحانه حَجَبَ باب التوبة عن الذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال : إني تبت الآن فهذا الصنف من الناس ليس داخلاً في حُكم التائبين المقبولين؛ لأنه يتدنس بالمعاصي ويلج في الغواية حتى إذا عاين الموت وصار في حين اليأس أنشأ توبة بعد أن أحاطت به الخطيئة، وانقطعت عنه أسباب النجاة فأنى له ذلك ...؟!
فلا يجوز تضييع الوقت بالاشتغال بالمعصية أو اللغو أو الإعراض عن واجب أو فرض .
عن صفوان بن عَسَّال قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : «إن من قبل مغرب الشمس بابًا مفتوحًا، عرضه سبعون سنة؛ فلا يزال ذلك الباب مفتوحًا للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت من نحوه، لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا» (رواه «ابن ماجه») .
وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – عن النبي صل الله عليه وسلم قال : «إن الله – عز وجل – ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر» ((رواه «الترمذي» و«ابن ماجه» والحاكم في «المستدرك» وهو حديث حسن) .
وقال ابن هبيرة : «النفس المؤمنة إن لم تكسب في إيمانها خيرًا حتى طلعت الشمس من مغربها لم ينفعها ما تكسبه».
فالبدار البدار إلى التوبة قبل الفوات، والحذر الحذر من فعل السيئات قبل أن يقول المذنب : "رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" [المؤمنون: 99، 100].
اللهم وفقنا للتوبة والاستعداد للموت وما يأتي بعده ... آمين .




" إمكان التوبة من جميع الذنوب "
من عرف حقيقة النفس وما طبعت عليه علم عِلْمَ اليقين أن فيها داعيين؛ داع للخير وداع للشر؛ فإن أخذ بداعي الخير نجا وسعد في الدنيا والآخرة، وإن أخذ بداعي الشر كانت هذه النفس منبعًا لكل شر ومأوى لكل سوء، تورد العبد موارد الهلكة وتلج به في مزالق الشر والخسران .
ومن سُنن الله الثابتة في خلقه أن من سلك طريقه واتبع دينه فقد فاز ونجا وساد وقاد ... ومن ترك هداية الله واستدبر طريقه وجانب شرعه وسلك طريق الشيطان فقد حبط عمله وهلك وضل ضلالاً بعيدًا، ومن ثم كان الشرك بالله من أعظم الذنوب وأقبحها، وحَسْبُ من اتصف به أنه مطرود مُبْعَد من رحمة الله؛ الجنة عليه حرام، والنار مأواه ومهواه؛ قال تعالى : "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ" [الأنفال: 38] .
فباب التوبة مفتوح دائمًا، يدخل منه كل من استيقظ ضميره، وثاب إلى حمى الله، ولاذ به بعد الشرود والمتاهة وأراد العودة والمآب .
والذنوب التي دون الشرك قسمان :
القسم الأول : ذنوب تتعلق بحق الله – تعالى .
القسم الثاني : ذنوب تتعلق بحقوق الآدميين .
والقسم الأول نوعان :
النوع الأول : أن يكون الذنب بترك واجب يمكن استدراكه كالصلوات، والصيام، والحج، فلا بد في هذه الحقوق من التوبة مع القضاء، حيث قدر على ذلك وأمكنه، وفي بعض الذنوب التوبة مع الكفارة؛ كالحنث في الأيمان، والظهار وغير ذلك .
النوع الثاني : أن تكون بسبب جهل وعدم معرفة الله كما ينبغي، وتحليل ما أحله، وتحريم ما حرمه، ونحو ذلك، فهذا النوع تجزيء فيه التوبة فقط، ثم إن كان الذنب مما يوجب الكفر فلا بد من الإتيان بالشهادتين، وإثبات ما أنكر، وإنكار ما كان قد اعتقد مما يوجب الكفر .
وإن كان بسبب جهل أو إعراض فلا بد فيه أن يطلب العلم ويتعلم من أمر دينه ما يعصمه ويحصنه من الوقوع في الذنب مرة أخرى .
القسم الثاني :
أن تكون الذنوب بسبب حق يتعلق بآدمي .
وهي نوعان أيضًا :
النوع الأول : أن ينجبر الحق بمثله من الأموال والجراحات، وقيم المتلفات والسرقات والغصوبات ... إلخ .
فلا بد في هذا النوع من رد كل مظلمة لأهلها، ورد كل حق لمستحقه من مال ونحوه – إن كان موجودًا – أو رد مثله إن كان معدومًا أو مستهلكًا؛ لأنه محض حق فيجب أداؤه إلى صاحبه، فإن لم يوجد أهلها تصدق بها عنهم، وتمكين ذي القصاص منه على الوجه المشروع، فإن لم يفعل بردَّ المظالم إلى أهلها، واقتصر على التوبة فقط وندم وأقلع وعزم ألا يعود، فقد تصح توبته فيما بينه وبين الله، وتبقى في ذمته مظلمة الآدمي، ومطالبته على حالها، ومن لم يجد السبيل لإخراج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول، وفضله مبذول، فكم ضمن من التبعات، وبدَّل من السيئات !!
النوع الثاني : أن لا ينجبر الحق بمثله؛ بل جزاؤه من غير جنسه، كالقذف فحدُّه الجلد، والزنا – إذا ثبت – فحده الرجم أو الجلد .
وأما الغيبة والنميمة ففاعلهما مذنب ومستحق للعذاب إن لم يستحل من اغتابه (المشروع للتائب من الغيبة والنميمة أن يستحلَّ ممن اغتابه أو نمَّ عليه، فإذا لم يمكنه ذلك أو ترتب عليه مفسدة، فإنه يستغفر ويدعو له، ويذكره بالخير في المواضع التي اغتابه، أو نمَّ عليه فيها)، واقتراف مثل هذه الذنوب ما دامت مستورة بين العبد وبين ربه لم يطلع عليها أحد تكون توبته بالندم عليها والإقلاع عن فعلها وكثرة الاستغفار للمغتاب ونحوه، وإكذاب نفسه مما قذف به، وكثرة الإحسان لمن أفسد عليه زوجته وزنى بها، فيدعو الله لصاحب الحق ويستغفر له، ويذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة؛ فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه، وذكر محاسنه، ويبدل قذفه بذكر عفته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتاب به. والله أعلم .























 

التعديل الأخير تم بواسطة مبارك آل ضرمان ; 13-11-2018 الساعة 01:57 PM

رد مع اقتباس
قديم 13-11-2018, 01:42 PM   #3


ذابت نجوم الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5956
 تاريخ التسجيل :  3 - 6 - 2014
 أخر زيارة : اليوم (10:32 PM)
 المشاركات : 1,289,024 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
سوسنة الادب 
لوني المفضل : red

افتراضي



جزيت خيراً ع موضوعك القيم

بارك الله فيك ونفع بك ووفقك وسدد خطاك

جعله الله في ميزان حسناتك إن شاء الله

حماك المولى وأسعدك فـــ الدارين يارب




 


رد مع اقتباس
قديم 13-11-2018, 04:07 PM   #4


باربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7407
 تاريخ التسجيل :  25 - 9 - 2016
 أخر زيارة : 27-05-2022 (07:28 PM)
 المشاركات : 185,901 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
عيد الاستقلال 
لوني المفضل : Hotpink

افتراضي





 


رد مع اقتباس
قديم 13-11-2018, 06:24 PM   #5


المها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3032
 تاريخ التسجيل :  7 - 5 - 2012
 العمر : 12
 أخر زيارة : 11-07-2022 (03:46 AM)
 المشاركات : 124,910 [ + ]
 التقييم :  506960307
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
شكر وعرفان 
لوني المفضل : Chartreuse

افتراضي



جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,


 


رد مع اقتباس
قديم 13-11-2018, 07:35 PM   #6


امجد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8293
 تاريخ التسجيل :  13 - 1 - 2018
 العمر : 31
 أخر زيارة : 24-06-2019 (11:05 PM)
 المشاركات : 45,153 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
United Arab Emirates
 الجنس ~
Male
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
مروج يونيو 
لوني المفضل : Darkgreen

افتراضي



بارك الله فيك يا مبارك


 


رد مع اقتباس
قديم 14-11-2018, 02:42 AM   #7


البرنسيسه فاتنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4429
 تاريخ التسجيل :  3 - 2 - 2014
 أخر زيارة : 15-07-2023 (04:13 PM)
 المشاركات : 1,077,227 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
  كآكآويَ :
  مشـروبيُ ~:

  قنـآتيُ ~ :

  الوظيفة  :

 الاوسمة
اللمسه المذهبه 
لوني المفضل : red

افتراضي



جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التوبة , وفضلها

جديد منتدى ( همســـــات الإسلامي )
كاتب الموضوع مبارك آل ضرمان مشاركات 11 المشاهدات 67  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العقيدة من مفهوم القران والسنة تيماء (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) 34 20-07-2018 09:12 AM
طريق التوبة مفتوح لمن أراد التوبة من الذنوب ! مبارك آل ضرمان ( همســـــات الإسلامي ) 10 25-07-2017 08:54 PM
لماذا نجدد التوبة في رمضان ؟ ام عمر ( همســـــات الإسلامي ) 20 24-07-2016 09:49 AM
التوبة أسلوب حياة شهد الغلا ( همســـــات الإسلامي ) 19 17-04-2016 09:07 AM
التوبة واهميتها ومقاماتها // القروب والأحمر الاداره ( همســـــات الإسلامي ) 18 24-03-2016 01:24 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 11:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010