ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > ( همســـــات الإسلامي )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 27-10-2018, 08:25 AM
تيماء غير متواجد حالياً
Lebanon    
الاوسمة
ردود عسجديه 
لوني المفضل Floralwhite
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل : 27 - 10 - 2016
 فترة الأقامة : 2984 يوم
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز تيماء يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
Eslamy اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات : 2




اتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبوات


اتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبوات




بَيَان اتِّفَاق الشَّرَائِع على إِثْبَات الْمعَاد


اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد
لَك الشُّكْر عدد كل شَيْء وزنة كل شَيْء وملء كل شَيْء وَعدد مَا قد شكرك الشاكرون وَمَا سيشكرك الشاكرون
اللَّهُمَّ وصل وَسلم على رَسُولك الْمُصْطَفى من خلقك مُحَمَّد صَلَاة وَسلَامًا يدومان بدوام الْمَخْلُوقَات ويتجددان بتجدد الْأَوْقَات وعَلى آله الطاهرين وَأَصْحَابه الأكرمين
وَبعد ...

اعْلَم أَنه قد سبق لي تأليف رِسَالَة فِي هَذَا سميتها الْمقَالة الفاخرة فِي بَيَان اتِّفَاق الشَّرَائِع على إِثْبَات الدَّار الْآخِرَة وَلما كَانَ هَذَا هُوَ أحد الْمَقَاصِد الثَّلَاثَة الَّتِي جمعت لَهَا هَذَا الْمُخْتَصر فَإِن ذكر بعض مَا فِي كتب الله عز وَجل مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ لَازِما
فَفِي التَّوْرَاة فِي أَولهَا عِنْد الْكَلَام على ابْتِدَاء الخليقة التَّصْرِيح باسم الْجنَّة وَلَفظه فغرس الله جنَانًا فِي عدن شرقيا وابقا ثمَّ آدم الَّذِي خلق وَأنْبت الله ثمَّ كل شَجَرَة حسن منظرها وَطيب مأكلها وشجرة الْحَيَاة فِي وسط الْجنان وشجرة معرفَة الْخَيْر وَالشَّر وَكَانَ نهر يخرج من عدن ليسقي الْجنان وَمن ثمَّ يتفرق وَيصير أَرْبَعَة رُؤُوس اسْم أَحدهمَا النّيل وَهُوَ الْمُحِيط بِجَمِيعِ بلد زويلة الَّذِي ثمَّ الذَّهَب وَذهب ذَلِك الْبَلَد جيد ثمَّ اللُّؤْلُؤ وحجارة البنور وَاسم النَّهر الثَّانِي جيحون وَهُوَ الْمُحِيط بِجَمِيعِ بلد الْحَبَشَة وَاسم النَّهر الثَّالِث الدجلة وَهُوَ السائر فِي شَرْقي الْموصل وَالنّهر الرَّابِع هُوَ الْفُرَات انْتهى
وكما وَقع التَّصْرِيح فِي التَّوْرَاة بِالْجنَّةِ كَمَا ذكرنَا فقد وَقع التَّصْرِيح فِيهَا باسم النَّار ولفظها فِي التَّوْرَاة شول واشي قَالَ عُلَمَاء الْيَهُود وَمعنى اللَّفْظَيْنِ جَهَنَّم وَفِي مَوضِع آخر فِي التَّوْرَاة مَا لَفظه وَإِن الله خلق خلقا وتفتح الأَرْض فاها فينزلون إِلَى الثرى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين عصوا الله وَقَالَ أحجب رَحْمَتي عَنْهُم وأريهم عاقبتهم وكما أَنهم

كادوني بِغَيْر إِلَه وأغضبوني بغروراتهم كَذَلِك إِنِّي أكيدهم لِأَن النَّار تتقدح من غَضَبي وتتوقد إِلَى أسفال الثرى فتأكل الأَرْض ونباتها حَتَّى تستطلع أساسات الْجبَال كَذَلِك أَزِيد عَلَيْهِم شرورا وسهامي أفرقها فيهم انْتهى
وَفِي الْفَصْل الثَّانِي عشر من السّفر الثَّالِث من التَّوْرَاة مَا لَفظه واحفظوا رسومي وأحكامي فَإِن جَزَاء من عمل بهَا أَن يحيا الْحَيَاة الدائمة انْتهى وَلَا حَيَاة دائمة فِي الدُّنْيَا بل فِي الْآخِرَة وَفِي التَّوْرَاة من النُّصُوص على هَذَا الْمَعْنى كثير وَفِي الْفَصْل السَّادِس وَالْعِشْرين من كتاب النَّبِي أشعيا مَا لَفظه يقوم الْموَات وَيَسْتَيْقِظ الَّذين فِي الْقُبُور انْتهى وَفِي كِتَابه أَيْضا مَا لَفظه مزكى الظَّالِم لأجل الرشا وَزَكَاة الزكى يزيلونها عَنهُ لذَلِك كَمَا تَأْكُل القش لِسَان النَّار والهشيم مَا يخليه اللهيب غَدا حرهم يكون كالبرق وفروعهم تصعد كالغبار وَإِن زهدوا فِي توراة رب الجيوش وَقَول قدوس الْعَالم بِهِ إِن الهاوية موعودة من أمس وَهِي أَيْضا أصلحت للملوك عمقها فأوسعها نَارا وحطبا كثيرا وَأمر الله كواد من كبريت مشتعل فِيهَا وَقَالَ ويحرقون ينظرُونَ إِلَى أجسام الْقَوْم الَّذين كفرُوا بِي إِن دودهم لَا تَمُوت ونارهم لَا تطفىء فيصيرون عِبْرَة لباقي البشريين انْتهى وَقَالَ أَيْضا فِي كِتَابه الْمَذْكُور فِي حَقِيقَة تلذذ أهل الْجنَّة لَا عين تقدر ترَاهُ إِلَّا علم الله تَعَالَى انْتهى
وَفِي الْفَصْل الثَّانِي عشر من كتاب دانيال مَا لَفظه وَكثير من الهاجعين فِي تُرَاب الأَرْض يستيقظون هَؤُلَاءِ لحياة أبدية وَهَؤُلَاء لتعيير وخزي أبدي انْتهى
وَفِي زبور النَّبِي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي المزمور السَّادِس مِنْهُ مَا لَفظه وَأَنت يَا رب فحتى مَتى عد يَا رب ونج نَفسِي وخلصني من أجل رحمتك لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَوْتَى من ينكرك وَلَا فِي الْجَحِيم من يعْتَرف

لَك انْتهى وَفِي المزمور التَّاسِع مِنْهُ مَا لَفظه انتشبت الْأُمَم فِي الْفساد الَّذِي عملوه وَفِي الفخ الَّذِي أخفوه تعلّقت أَرجُلهم يعرف الرب أَنه صانع الْأَحْكَام والخاطئ بِعَمَل يَدَيْهِ يُؤْخَذ يرفع الخطاة إِلَى الْجَحِيم انْتهى وَفِي المزمور الْخَامِس عشر مِنْهُ فَرح قلبِي وتهلل لساني وجسدي أَيْضا يسكن على الرَّجَاء لِأَنَّك لَا تتْرك نَفسِي فِي الْجَحِيم وَلَا تدع ضيفك أَن يرى فَسَادًا انْتهى وَفِي المزمور الرَّابِع وَالْخمسين مَا لَفظه ليأت الْمَوْت عَلَيْهِم ولينحدروا إِلَى الْجَحِيم أَحيَاء لِأَن الشرور فِي مساكنهم وَفِي وَسطهمْ انْتهى وَفِي المزمور السَّابِع والثمانين مَا لَفظه يَا رب لِأَن نَفسِي قد امْتَلَأت شرورا وحياتي إِلَى الْجَحِيم دنت حسبت مَعَ المنحدرين فِي الْجب صرت كإنسان فَاقِد المعونة بَين الْأَمْوَات جرى كالمجرمين الراقدين فِي الْقُبُور الَّذِي يذكرهم أَيْضا وهم أقصوا من يدك وضعوني فِي جب أَسف السافلين فِي ظلمات وظلال الْمَوْت انْتهى
وَفِي وَصَايَا النَّبِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْفَصْل الْخَامِس مِنْهَا مَا لَفظه لِأَن أرجل الْعِبَادَة تحذر الَّذين سيعملونها وتحطهم بعد الْمَوْت إِلَى الْجَحِيم انْتهى
وَفِي الْإِنْجِيل المسيحي فِي الْفَصْل الْخَامِس مِنْهُ من الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه مَتى مَا لَفظه وَمن قَالَ لِأَخِيهِ يَا أَحمَق فقد وَجَبت عَلَيْهِ نَار جَهَنَّم انْتهى وَفِي هَذَا الْفَصْل مَا لَفظه إِن شككتك عَيْنك الْيُمْنَى فاقلعها وألقها عَنْك فَإِنَّهُ لخير لَك أَن تهْلك أحد أعضائك من أَن تهْلك جسدك كُله فِي جَهَنَّم وَإِن شككتك يدك الْيُمْنَى فاقطعها وألقها عَنْك فَإِنَّهُ لخير لَك أَن يهْلك أحد أعصابك من أَن يذهب جسدك كُله فِي جَهَنَّم انْتهى وَفِي الْفَصْل الْعَاشِر مِنْهُ مَا لَفظه لَا تخافوا مِمَّن يقتل الْجَسَد

وَلَا يَسْتَطِيع أَن يقتل النَّفس خَافُوا مِمَّن يقدر أَن يهْلك النَّفس والجسد جَمِيعًا فِي جَهَنَّم انْتهى وَفِي الْفَصْل الثَّالِث عشر مِنْهُ إِن الْمَلَائِكَة يجمعُونَ كل أهل الشكوك وفاعلي الْإِثْم فيلقونهم فِي أتون النَّار حَيْثُ الْبكاء وصرير الْأَسْنَان انْتهى وَمِنْه أَيْضا مَا لَفظه هَكَذَا يكون فِي انْقِضَاء هَذَا الزَّمَان يخرج الْمَلَائِكَة ويغرزون الأشرار من وسط الأخيار ويلقونهم فِي أتون النَّار هُنَاكَ يكون الْبكاء وصرير الْأَسْنَان انْتهى وَفِي الْفَصْل الْخَامِس وَالْعِشْرين مِنْهُ مَا لَفظه حِينَئِذٍ يَقُول الَّذين عَن يسَاره اذْهَبُوا عني يَا ملاعين إِلَى النَّار المؤبدة الْمعدة لإبليس وَجُنُوده انْتهى وَفِيه أَيْضا مَا لَفظه فَيذْهب هَؤُلَاءِ إِلَى الْعَذَاب الدَّائِم وَالصِّدِّيقُونَ إِلَى الْحَيَاة المؤبدة انْتهى
وَفِي الْفَصْل التَّاسِع من الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه مرقص مَا لَفظه فَإِن شككتك يدك فاقطعها فَخير لَك أَن تدخل الْحَيَاة وَأَنت أقطع من أَن يكون لَك يدان وَتذهب إِلَى جَهَنَّم فِي النَّار حَيْثُ دودهم لَا يَمُوت ونارهم لَا تطفأ وَإِن شككتك رجلك فاقطعها فَخير لَك أَن تدخل الْحَيَاة أعرج من أَن يكون لَك رجلَانِ وتلقى فِي جَهَنَّم فِي النَّار حَيْثُ دودهم لَا يَمُوت ونارهم لَا تطفأ انْتهى وَفِي الْفَصْل الثَّانِي عشر مِنْهُ التَّصْرِيح بِأَن الزَّنَادِقَة هم الَّذين يَقُولُونَ لَيست تكون قِيَامَة انْتهى
وَفِي الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه لوقا فِي الْفَصْل السَّادِس عشر مِنْهُ مَا لَفظه ثمَّ مَاتَ ذَلِك الغبي وقبر فَرفع عينه وَهُوَ يعذب فِي الْجَحِيم انْتهى
وَفِيه أَيْضا ذكر الزَّنَادِقَة وهم الَّذين يَقُولُونَ لَيست قِيَامَة هَكَذَا فِي الْفَصْل الْعشْرين مِنْهُ وَفِيه أَيْضا مَا لَفظه فَأَما أَن الْمَوْتَى يقومُونَ فقد أنبأ بذلك مُوسَى انْتهى وَفِي الْفَصْل الثَّالِث وَالْعِشْرين مِنْهُ إِن الْمَسِيح قَالَ للمصلوب الَّذِي آمن بِهِ إِنَّك تكون معي فِي الفردوس انْتهى وَفِي الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه يوحنا فِي الْفَصْل الْخَامِس مِنْهُ مَا لَفظه فَإِنَّهُ ستأتي سَاعَة يسمع فِيهَا جَمِيع من فِي الْقُبُور صَوته فَيخرج الَّذين

عمِلُوا الْحَسَنَات إِلَى قِيَامَة الْحَيَاة وَالَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات إِلَى قِيَامَة الدينونة انْتهى وَفِي الْفَصْل السَّادِس عشر مِنْهُ مَا لَفظه يكون لَهُ الْحَيَاة المؤبدة وَأَنا أقيمه فِي الْيَوْم الآخر وَفِي الْفَصْل السَّابِع عشر مِنْهُ مَا لَفظه الْحق وَالْحق أَقُول لكم إِنَّه من يُؤمن بحياة دائمة انْتهى
إِذا عرفت هَذَا الْمُصَرّح بِهِ فِي الأناجيل فَهَكَذَا صرح الحواريون من أَصْحَاب الْمَسِيح فِي رسائلهم الْمَعْرُوفَة
وَالْحَاصِل أَن هَذَا أَمر اتّفقت عَلَيْهِ الشَّرَائِع ونطقت بِهِ كتب الله عز وَجل سابقها ولاحقها وتطابقت عَلَيْهِ الرُّسُل أَوَّلهمْ وَآخرهمْ وَلم يُخَالف فِيهِ أحد مِنْهُم وَهَكَذَا اتّفق على ذَلِك أَتبَاع جَمِيع الْأَنْبِيَاء من أهل الْملَل وَلم يسمع عَن أحد مِنْهُم أَنه أنكر ذَلِك قطّ وَلكنه ظهر رجل من الْيَهُود زنديق يُقَال لَهُ مُوسَى بن مَيْمُون الْيَهُودِيّ الأندلسي فَوَقع مِنْهُ كَلَام فِي إِنْكَار الْمعَاد وَاخْتلف كَلَامه فِي ذَلِك فَتَارَة يُثبتهُ وَتارَة يَنْفِيه ثمَّ هَذَا الزنديق لم يُنكر مُطلق الْمعَاد إِنَّمَا أنكر بعد تَسْلِيمه للمعاد أَن يكون فِيهِ لذات حسية جسمانية بل لذات عقلية روحانية ثمَّ تلقى ذَلِك عَنهُ من هُوَ شَبيه بِهِ من أهل الْإِسْلَام كَابْن سينا فقلده وَنقل عَنهُ مَا يُفِيد أَنه لم يَأْتِ فِي الشَّرَائِع السَّابِقَة على الشَّرِيعَة المحمدية إِثْبَات الْمعَاد وتقليدا لذَلِك الْيَهُودِيّ الملعون الزنديق مَعَ أَن الْيَهُود قد أنكرو اعليه هَذِه الْمقَالة ولعنوه وسموه كَافِرًا
قَالَ فِي تَارِيخ النَّصْرَانِي فِي تَرْجَمَة مُوسَى بن مَيْمُون الْمَذْكُور أَنه صنف رِسَالَة فِي إبِْطَال الْمعَاد الجسماني وَأنكر عَلَيْهِ مقدمو الْيَهُود فأخفاها إِلَّا عَمَّن يرى رَأْيه قَالَ وَرَأَيْت جمَاعَة من يهود بِلَاد الإفرنج بأنطاكية وطرابلس يلعنونه ويسمونه كَافِرًا انْتهى

فَهَذِهِ رِوَايَة نَصْرَانِيّ عَن طَائِفَة من الْيَهُود وَأَنَّهُمْ كفرُوا ابْن مَيْمُون ولعنوه بِسَبَب هَذِه الْمقَالة على أَن هَذَا الملعون الزنديق قد اعْترف فِي كثير من كَلَامه بالمعاد فَقَالَ فِي تأليفه الْمُسَمّى بالمشنا فِي فقه الْيَهُود إِن هَذَا الْموضع الَّذِي هُوَ جن عيذا هُوَ مَوضِع خصيب من كرة الأَرْض كثير الْمِيَاه والأثمار وسيكشفه الله للنَّاس فِي الْمُسْتَقْبل فيتنعمون بِهِ وَلَعَلَّه يُوجد فِيهِ نَبَات غَرِيب جدا عَظِيم النَّفْع كثير اللَّذَّة غير هَذِه الْمَشْهُورَة عندنَا وَهَذَا كُله غير مُمْتَنع وَلَا بعيد بل قريب الْإِمْكَان بِمَشِيئَة الله تَعَالَى ثمَّ اعْترف بذلك اعترافا آخر فَقَالَ فِي كتاب اللُّغَات فِي حرف الْعين إِن معنى هَذَا الِاسْم الَّذِي هُوَ عيذا التَّلَذُّذ والتنعم وَمِنْه سميت لذات الْآخِرَة ونعيم أنفس الصَّالِحين الكاملين جن عيذا ثمَّ قَالَ فِي هَذَا الْكتاب فِي تَفْسِير جن عيذا أَي أَن تِلْكَ هِيَ جنَّات النَّعيم وفردوس السَّعَادَة وَقد شرحوا معنى جن عيذا وماهية التَّلَذُّذ فِيهَا رجال مِمَّن وصل إِلَيْهَا وَاسْتقر فِي ظلّ غروسها وَشرب عذوبة أنهارها وَأكل من لذيذ أثمارها قَالُوا والصالحون باقون فِيهَا ليستلذوا من نور الله قَالَ وَقَالَ النَّبِي أشعيا فِي حَقِيقَة التَّلَذُّذ لَا عين تقدر ترَاهُ إِلَّا علم الله تَعَالَى انْتهى كَلَام مُوسَى بن مَيْمُون الْمَذْكُور
ثمَّ قَالَ هَذَا اللعين فِي كِتَابه الْمُسَمّى بالمشنا بعد اعترافه فِيهِ كَمَا حكيناه عَنهُ هَاهُنَا مَا لَفظه اعْلَم أَنه كَمَا لَا يدْرِي الْأَعْمَى الألوان وَلَا يدْرِي الْأَصَم الْأَصْوَات وَلَا الْعنين شَهْوَة الْجِمَاع كَذَلِك لَا تَدْرِي الْأَجْسَام اللَّذَّات النفسانية وكما لَا يعلم الْحُوت اصطقص النَّار لكَونه فِي حِدة كَذَلِك لَا يعلم فِي هَذَا الْعَالم الجسماني بلذات الْعَالم

الروحاني بل لَيْسَ عندنَا تُوجد لَذَّة غير لذات الْأَجْسَام وَإِدْرَاك الْحَواس من الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّكَاح وَمَا سمي غير ذَلِك فَهُوَ عندنَا غير مَوْجُود وَلَا نميزه وَلَا ندركه على بادئ الرَّأْي إِلَّا بعد تحذق كثير وَإِنَّمَا وَجب ذَلِك لكوننا فِي الْعَالم الجسماني فِي لذات فَلَا ندرك إِلَّا لذته فَأَما اللَّذَّات النفسانية فَهِيَ دائمة غير مُنْقَطِعَة وَلَيْسَ بَينهَا وَبَين هَذِه اللَّذَّة نِسْبَة بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا يَصح لنا فِي الشَّرْع وَلَا عِنْد الإلهيين من الفلاسفة أَن نقُول إِن الْمَلَائِكَة وَالْكَوَاكِب والأفلاك لَيْسَ لَهَا لَذَّة بل لَهُم لَذَّة عَظِيمَة جدا لما عقلوه من الْبَارِي عز وَجل وهم بذلك فِي لَذَّة غير مُنْقَطِعَة وَلَا لَذَّة جسمانية عِنْدهم وَلَا يدركونها لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُم حواس مثلنَا يدركون بهَا مَا ندرك نَحن وَكَذَلِكَ نَحن إِذا تزكّى منا من تزكّى وَصَارَ بِتِلْكَ الدرجَة بعد الْمَوْت لَا يدْرك اللَّذَّات الجسمانية وَلَا يريدها كَمَا لَا يُرِيد الْملك عَظِيم الْملك أَن ينخلع من ملكه ليرْجع يلْعَب بالكرة فِي الْأَسْوَاق وَقد كَانَ فِي زمَان مَا بِلَا محَالة يفضل اللّعب بِتِلْكَ الكرة على الْملك وَذَلِكَ فِي حِين صغر سنه عِنْد جَهله بالأمرين جَمِيعًا كَمَا نفضل نَحن الْيَوْم اللَّذَّة الجسمانية على النفسانية وَإِذا مَا بلغت أَمر هَاتين اللذتين نجد حساسة اللَّذَّة الْوَاحِدَة ورفعة الثَّانِيَة وَلَو فِي هَذَا الْعَالم وَذَلِكَ أَنا نجد أَكثر النَّاس يحملون أنفسهم وأجسامهم من الشَّقَاء والتعب مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ كي ينَال رفْعَة يعظمه النَّاس وَهَذِه اللَّذَّة لَيست لَذَّة طَعَام أَو شراب وَكَذَلِكَ كثير من النَّاس يُؤثر الانتقام من عدوه على كثير من لذات الْجِسْم وَكثير من النَّاس يتَجَنَّب أعظم مَا يكون من اللَّذَّات الجسمانية خشيَة أَن يَنَالهُ فِي ذَلِك جَزَاء أَو حشمة من النَّاس
فَإِذا كَانَت حالتنا فِي هَذَا الْعَالم الجسماني هَكَذَا فناهيك بالعالم النفساني وَهُوَ الْعَالم المستقل الَّذِي تعقل أَنْفُسنَا من الْبَارِي فِيهِ مثل مَا تعقل الأجرام العلوية أَو أَكثر فَإِن تِلْكَ اللَّذَّة لَا تتجزأ وَلَا تتصف وَلَا يُوجد مثل تمثل تِلْكَ اللَّذَّة بل كَمَا قَالَ النَّبِي دَاوُد مُتَعَجِّبا من عظمتها مَا أَكثر وَمَا أجزل خيرك الَّذِي خبأته للصالحين الطائعين لأمرك وَهَكَذَا قَالَ الْعلمَاء الْعَالم الْمُسْتَقْبل لَيْسَ فِيهِ لَا أكل

وَلَا شرب وَلَا غسل وَلَا دهن وَلَا نِكَاح بل الصالحون باقون فِيهِ ويستلذون من نور الله تَعَالَى يُرِيدُونَ بذلك أَن تِلْكَ الْأَنْفس تستلذ بِمَا تعقل من الْبَارِي بِمَا تستلذ سَائِر طَبَقَات الْمَلَائِكَة بِمَا عقلوا من وجوده سُبْحَانَهُ فالسعادة والغاية القصوى هِيَ الْوُصُول إِلَى هَذَا الْمَلأ الْأَعْلَى والحصول فِي هَذَا الْحَد هُوَ بَقَاء النَّفس كَمَا وَصفنَا إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ بِبَقَاء الْبَارِي جلّ اسْمه وَهَذَا هُوَ الْخَيْر الْعَظِيم الَّذِي لَا خير يُقَاس بِهِ وَلَا لَذَّة يمثل بهَا وَكَيف تمثل الدَّائِم بِمَا لَا نِهَايَة لَهُ بالشَّيْء الْمُنْقَطع وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِي نَص التَّوْرَاة لكَي يطيب لَك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طيب ويطيل أيامك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طائل والشقاوة الْكَامِلَة هُوَ انْقِطَاع النَّفس وتلفها وَأَن لَا تحصل بَاقِيَة وَهُوَ الْقطع الْمَذْكُور فِي التَّوْرَاة كَمَا بَين وَقَالَ انْقِطَاعًا يَنْقَطِع من هَذَا الْعَالم وَيَنْقَطِع من الْعَالم الْمُسْتَقْبل فَكل من أخلد إِلَى اللَّذَّات الجسمانية ونبذ الْحق وآثر الْبَاطِل انْقَطع من ذَلِك الْبَقَاء والعلو وَبَقِي مَادَّة مُنْقَطِعَة فَقَط وَقد قَالَ النَّبِي أشعيا إِن الْعَالم الْمُسْتَقْبل لَيْسَ يدْرك بالحواس وَهُوَ قَوْله لَا عين تقدر ترَاهُ
وَأما الْوَعْد والوعيد الْمَذْكُور فِي التَّوْرَاة فِي لذات هَذَا الْعَالم فتأويله مَا أصف لَك وَذَلِكَ أَنه يَقُول لَك إِن امتثلت هَذِه الشَّرَائِع نعينك على امتثالها والكمال فِيهَا ونقطع عَنْك العلائق كلهَا لِأَن الْإِنْسَان لَا يُمكنهُ الْعِبَادَة لَا مَرِيض وَلَا جَائِع وَلَا عاطش وَلَا فِي فتْنَة فوعد بِزَوَال هَذِه كلهَا وَإِنَّهُم يصحون ويتذهنون حَتَّى يكمل لَهُم الْمعرفَة ويلتحقون بالعالم الْمُسْتَقْبل فَلَيْسَ غَايَة التَّوْرَاة إِلَّا أَن تخصب الأَرْض وتطول الْأَعْمَار وَتَصِح الْأَجْسَام وَإِنَّمَا يعان على امتثالها بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا وَكَذَلِكَ إِن تعدوا كَانَ عقابهم أَن تحدث عَلَيْهِم تِلْكَ الْعَوَائِق كلهَا حَتَّى لَا يُمكن أَن يعملوا صَالِحَة فَإِذا تَأَمَّلت هَذَا التَّأَمُّل العجيب تَجدهُ كَأَنَّهُ يَقُول إِن فعلت بعض هَذِه الشَّرَائِع بمحبة وَفرض نعينك عَلَيْهَا كلهَا بِأَن نزيل عَنْك الْعَوَائِق والموانع وَإِن ضيعت مِنْهَا بَعْضهَا اسْتِخْفَافًا نجلب عَلَيْك مَوَانِع نَمْنَعك من جَمِيعهَا حَتَّى لَا يحصل لَك كَلَام وَلَا بَقَاء انْتهى

فَهَذَا خُلَاصَة كَلَام ابْن مَيْمُون الْيَهُودِيّ زنديق الْيَهُود فِي كِتَابه الْمَذْكُور سَابِقًا وَقد أوردنا لَك كَلَامه هَاهُنَا لتعلم أَنه لم يربطه شَيْء من كَلَام الله سُبْحَانَهُ يصلح دَلِيلا عَلَيْهِ بل هُوَ مُجَرّد زندقة والتوراة وَالزَّبُور وَالْإِنْجِيل وَكتب سَائِر الْأَنْبِيَاء منادية بِخِلَاف ذَلِك حَسْبَمَا قدمنَا لَك وهانحن نوضح لَك فَسَاد كَلَامه هَذَا فَنَقُول
أَولا إِن حصر هَذِه اللَّذَّات النفسانية الَّتِي ذكرهَا لَا يُنَافِي حُصُول اللَّذَّات الجسمانية الَّتِي وَردت فِي كتب الله عز وَجل
وَقَوله وَلَيْسَت بلذة طَعَام أَو شراب هَذَا مُسلم فَإِن اللَّذَّات النفسانية لَيست بلذة طَعَام وَلَا شراب وَلَكِن من أَيْن يلْزم أَنه لَا لَذَّة طَعَام وشراب وَنَحْوهمَا فِي تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة
فَإِن كَانَ بِالشَّرْعِ فَكتب الله عز وَجل جَمِيعهَا ناطقة بِخِلَاف ذَلِك كَمَا قدمنَا ذَلِك فِي كتب الله عز وَجل وَفِي الْقُرْآن الْعَظِيم مِمَّا يكثر تعداده وَيطول إِيرَاده وَهُوَ لَا يخفى مثله على أحد من الْمُسلمين الَّذِي يقرأون الْقُرْآن لبلوغه فِي الْكَثْرَة إِلَى غَايَة يشْتَرك فِي مَعْرفَتهَا المقصر والكامل وَإِن كَانَ بِالْعقلِ فَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يَقْتَضِي إِثْبَات اللَّذَّة النفسانية وَنفي اللَّذَّة الجسمانية بل لَا مدْخل لِلْعَقْلِ هَاهُنَا وَلَا يتعول عَلَيْهِ أصلا
وَإِن كَانَ لَا يعْتَبر عقل وَلَا شرع بل لمُجَرّد الزندقة والمروق من الْأَدْيَان كلهَا والمخالفة لما ورد فِي كتب الله سُبْحَانَهُ فبطلان ذَلِك مستغن عَن الْبَيَان
وَأما قَوْله كَمَا قَالَ النَّبِي دَاوُد مُتَعَجِّبا من عظمتها مَا أَكثر

وَمَا أجزل خيرك الَّذِي خبأته للصالحين الطائعين لأمرك فَهَذَا عجب مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام من كَثْرَة خير الله سُبْحَانَهُ وجزالة مَا خبأه للصالحين من عباده الطائعين لأَمره فِي الدَّار الْآخِرَة وَهُوَ دَلِيل على الملعون لَا لَهُ فَإِن كَلَامه هَذَا هُوَ ككلام سَائِر أَنْبيَاء الله فِي استعظام مَا أعده الله للصالحين من عباده كَمَا قَالَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( فِي الْجنَّة مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر )
وَمثله فِي الْقُرْآن الْكَرِيم فِي قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين }
وَأما قَوْله وَهَكَذَا قَالَ الْعلمَاء الْعَالم الْمُسْتَقْبل لَيْسَ فِيهِ لَا أكل وَلَا شرب إِلَى آخِره فَيُقَال لَهُ إِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة الْيَهُودِيَّة فهم الَّذين لعنوك وكفروك بِسَبَب هَذِه الْمقَالة كَمَا قدمنَا وهم جَمِيعًا يخالفونك ويثبتون الْمعَاد الجسماني وَاللَّذَّات الجسمانية ويكفرون من لم يثبتها كَمَا كفروك ويلعنونه كَمَا يلعنوك وَإِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة النَّصْرَانِيَّة فهم متفقون بأسرهم على إِثْبَات الْمعَاد الجسماني وَإِثْبَات اللَّذَّات الجسمانية والنفسانية فِيهِ وَكَيف يُخَالف مِنْهُم مُخَالف فِي ذَلِك والانجيل مُصَرح بِهَذَا الاثبات تَصْرِيحًا لَا يبْقى عِنْده ريب لمرتاب
وَإِن أردْت عُلَمَاء الْملَّة الإسلامية فَذَلِك كذب بحت وزور مَحْض فَإِنَّهُم مجمعون على ذَلِك لَا يُخَالف مِنْهُم فِيهِ مُخَالف ونصوص الْقُرْآن من فاتحته إِلَى خاتمته مصرحة بِإِثْبَات الْمعَاد الجسماني وَإِثْبَات تنعم الْأَجْسَام فِيهِ بالمطعم وَالْمشْرَب والمنكح وَغير ذَلِك أَو تعذيبها بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ الْقُرْآن من تِلْكَ الْأَنْوَاع الْمَذْكُورَة فِيهِ وَهَكَذَا النُّصُوص النَّبَوِيَّة المحمدية مصرحة بذلك تَصْرِيحًا يفهمهُ كل عَاقل بِحَيْثُ لَو جمع مَا ورد فِي ذَلِك مِنْهَا لجاء مؤلفا بسيطا
وَأما استدلاله بقوله فِي التَّوْرَاة لكَي يطيب لَك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طيب ويطيل أيامك فِي الْعَالم الَّذِي كُله طائل فَهَذَا دَلِيل على الملعون لَا لَهُ

فَإِن الْخطاب فِي الدُّنْيَا لمجموع الشَّخْص الَّذِي هُوَ الْجِسْم وَالروح وَظَاهره أَنه يكون لَهُ هَذَا على الصّفة الَّتِي خُوطِبَ وَهُوَ عَلَيْهَا وَأَنه يحصل لَهُ جَمِيع مَا يتلذذ بِهِ من اللَّذَّات الجسمانية والنفسانية وَمن ادّعى التَّخْصِيص بِبَعْض الشَّخْص أَو بِبَعْض اللَّذَّات فَهُوَ يَدعِي خلاف الظَّاهِر وَلَكِن المحرف المتزندق لَا مقصد لَهُ إِلَّا التلبيس على أهل الْأَدْيَان
وَكَذَلِكَ قَوْله وَقد قَالَ النَّبِي أشعيا أَن الْعَالم الْمُسْتَقْبل لَيْسَ يدْرك بالحواس وَهُوَ قَوْله لَا عين تقدر ترَاهُ فَإِن هَذَا هُوَ مثل مَا قدمنَا من كَلَام الْأَنْبِيَاء فِي استعظام مَا عِنْد الله لِعِبَادِهِ الصَّالِحين فِي الدَّار الْآخِرَة
وَبِهَذَا تعرف أَنه لم يكن فِي كَلَام هَذَا الملعون الزنديق مَا يتَمَسَّك بِهِ متمسك أَو يغتر بِهِ مغتر بل هُوَ خلاف مَا فِي كتب الله جَمِيعًا كَمَا قدمنَا وَخلاف مَا عِنْد عُلَمَاء الْملَل بل خلاف مَا أقرّ بِهِ فِي كَلَامه السَّابِق إِقْرَارا مكررا
فيا عجبا لمن يتَمَسَّك بِمثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي لم يجر على نمط مِلَّة من الْملَل وَلَا وَافق نصا من نُصُوص كتب الله سُبْحَانَهُ وَلَا نصا من نُصُوص رسل الله جمعيا ويجعله مَا وَردت بِهِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ويجزم بِهِ ويحرره فِي كتبه مظْهرا أَن الشَّرِيعَة المحمدية جَاءَت بِمَا لم يكن فِي الشَّرَائِع السَّابِقَة زاعما أَن ذَلِك دَلِيل على كمالها مبطئا مَا أبطنه هَذَا الزنديق ابْن مَيْمُون الْيَهُودِيّ كَمَا فعل ذَلِك ابْن سينا وَتَبعهُ بن أبي الْحَدِيد فِي شرح النهج بِكُل جاور مَا قَالَه هَذَا إِلَى مَا هُوَ شَرّ مِنْهُ فَقَالَ إِن التَّوْرَاة لم يَأْتِ فِيهَا وعد ووعيد يتَعَلَّق بِمَا بعد الْمَوْت وَهَذِه فِرْيَة على التَّوْرَاة وَجحد لما فِيهَا وتحريف لما صرحت بِهِ فِي غير مَوضِع كَمَا قدمنَا بعض ذَلِك وَكَذَلِكَ زعما أَن الْمَسِيح وَإِن صرح بالقيامة فقد جعل الْعَذَاب روحانيا وَكَذَلِكَ الثَّوَاب وَهَذَا أَيْضا كذب مَحْض وَقد قدمنَا مَا يفيدك ذَلِك ويطلعك على كذبهما وَالْعجب أَن ابْن مَيْمُون الْيَهُودِيّ

لم يتجاسر على مَا زعماه من أَن التَّوْرَاة لم يَأْتِ فِيهَا وعد ووعيد يتَعَلَّق بِمَا بعد الْمَوْت بل أثبت ذَلِك وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِالتَّوْرَاةِ كَمَا عرفت من كَلَامه السَّابِق المتضمن لاعْتِرَافه ولمخالفته فِي إِثْبَات اللَّذَّات الجسمانية فَإِن قلت قد جَاءَ عَن الصابئة وَعَن جمَاعَة من المتعلقين بمذاهب الْحُكَمَاء مَا يُوَافق كَلَام ابْن مَيْمُون الْمَذْكُور قلت لسنا بصدد الرَّد على كل كَافِر ومتزندق بل بصدد الْكَلَام على مَا جَاءَت بِهِ رسل الله ونطقت بِهِ كتبه واتفقت عَلَيْهِ الْملَل المنتسبة إِلَى الْأَنْبِيَاء المقتدية بكتب الله وَرُسُله دفعا لما وَقع من الْكَذِب البحت والزور الْمَحْض مِمَّن يزْعم الْمُخَالفَة بَينهَا وَبَين مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة المحمدية فأوضحنا أَن ذَلِك مُخَالف للملة الْيَهُودِيَّة وَلما جَاءَت بِهِ التَّوْرَاة وَمَا قَالَه عُلَمَاء الْيَهُود ومخالف لما جَاءَت بِهِ الْملَّة النَّصْرَانِيَّة وَلما جَاءَ بِهِ الانجيل وَمَا قَالَه عُلَمَاء النَّصَارَى ومخالف أَيْضا لما جَاءَ بِهِ أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وَمَا نطقت بِهِ كتبهمْ حَسْبَمَا قدمنَا ومخالف ملا كَانَ من الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين على بعثة مُوسَى كَمَا يَحْكِي ذَلِك مَا تضمنته التَّوْرَاة من حِكَايَة أَحْوَالهم وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ وَمَا كَانُوا يدينون بِهِ وكما يَحْكِي ذَلِك عَنْهُم الْقُرْآن الْكَرِيم فَإِن فِيهِ مَا يُفِيد مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَمَا كَانُوا يدينون بِهِ وَمَا قَالُوا لقومهم وَمَا وعدوهم بِهِ من خير وَشر بل فِيهِ مَا يُفِيد مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْكتب الْمُتَأَخِّرَة من الْبعْثَة لمُوسَى وَمن بعده وَمَا كَانُوا يدينون بِهِ كَقَوْلِه سُبْحَانَهُ حاكيا عَن الْيَهُود : { وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هودا أَو نَصَارَى}
وَقَوله تَعَالَى : { يَا بني إِسْرَائِيل اعبدوا الله رَبِّي وربكم إِنَّه من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ومأواه النَّار}
وَقَوله حاكيا عَن مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن : { وَيَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم يَوْم التناد } إِلَى قَوْله : { وَإِن الْآخِرَة هِيَ دَار الْقَرار }
إِلَى قَوْله : { فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب }
وَقَوله : { إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى إِنِّي متوفيك ورافعك إِلَيّ ومطهرك من الَّذين كفرُوا وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ إِلَيّ مرجعكم فأحكم بَيْنكُم فِيمَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون فَأَما الَّذين كفرُوا فأعذبهم عذَابا شَدِيدا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم من ناصرين وَأما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فيوفيهم أُجُورهم }
وَقَالَ : { بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خير وَأبقى إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى}
ونصوص الْقُرْآن الحاكية عَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر الْملَل مثل هَذَا كَثِيرَة جدا وَلَا يَتَّسِع الْمقَام لبسطها وَقد بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الْملَّة الْيَهُودِيَّة والنصرانية فِي أَكثر بقاع الأَرْض وبلغهم مَا حَكَاهُ الْقُرْآن عَن أَنْبِيَائهمْ من إِثْبَات الْمعَاد وَإِثْبَات النَّعيم الجسماني والروحاني وَلم يسمع عَن أحد مِنْهُم أَنه أنكر ذَلِك أَو قَالَ هُوَ خلاف مَا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَقد نزل أَكثر الْقُرْآن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَدِينَة وَكَانَ الْيَهُود متوافرين فِيهَا وَفِيمَا حولهَا من الْقرى الْمُتَّصِلَة بهَا وَكَانُوا يسمعُونَ مَا ينزل من الْقُرْآن وَلم يسمع أَن قَائِلا مِنْهُم قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّك تحكي عَن التَّوْرَاة مَا لم يكن فِيهَا من الْبعْثَة وَمَا أعده الله فِي الدَّار الْآخِرَة من النَّعيم للمطيعين وَالْعَذَاب للعاصين وَقد كَانُوا يودون أَن يقدحوا فِي النُّبُوَّة المحمدية بِكُل مُمكن بل كَانُوا فِي بعض الْحَالَات يُنكرُونَ وجود مَا هُوَ مَوْجُود فِي التَّوْرَاة كالرجم فَكيف سكتوا عَن هَذَا الْأَمر الْعَظِيم وَهل كَانُوا يعجزون أَن يَقُولُوا عِنْد سماعهم لقَوْله تَعَالَى : { قَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات } مَا قُلْنَا هَذَا وَلَا نعتقده وَلَا جَاءَت بِهِ شَرِيعَة مُوسَى
وَهَكَذَا عِنْد سماعهم لقَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة }

إِلَّا من كَانَ هودا أَو نَصَارَى) وَقد كَانَ أَمر الْمعَاد مشتهرا فِي أهل الْكتاب وَكَانُوا يتحدثون بِهِ وَاسْتمرّ ذَلِك فيهم استمرارا ظَاهرا وَعلم بِهِ غَيرهم من أهل الْأَوْثَان لما كَانُوا يسمعُونَ مِنْهُم وَمن ذَلِك مَا أخرجه ابْن اسحاق قَالَ حَدثنَا صَالح بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن مَحْمُود بن لبيد عَن سَلامَة بن سَلامَة بن وقش قَالَ كَانَ بَين أَبْيَاتنَا يَهُودِيّ فَخرج على نَادِي قومه بني عبد الْأَشْهَل ذَات غَدَاة فَذكر الْبَعْث وَالْقِيَامَة وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان فَقَالَ ذَلِك لأَصْحَاب وثن لَا يرَوْنَ أَن بعثا كَائِن بعد الْمَوْت وَذَلِكَ قبل مبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا وَيحك يَا فلَان أَو وَيلك وَهَذَا كَائِن أَن النَّاس يبعثون بعد مَوْتهمْ إِلَى دَار فِيهَا جنَّة ونار يجزون من أَعْمَالهم قَالَ نعم وَالَّذِي يحلف بِهِ لَوَدِدْت أَن حظي من تِلْكَ النَّار أَن توقدوا أعظم تنور فِي داركم فتحمونه ثمَّ تقذفوني فِيهِ ثمَّ تطينون عَليّ وَإِنِّي أنجو من تِلْكَ النَّار غَدا
فَقيل يَا فلَان فَمَا عَلامَة ذَلِك فَقَالَ نَبِي يبْعَث من نَاحيَة هَذِه الْبِلَاد وَأَشَارَ إِلَى مَكَّة واليمن بِيَدِهِ قَالُوا فَمَتَى نرَاهُ فَرمى بطرفه فرآني وَأَنا مُضْطَجع بِفنَاء بَاب أَهلِي وَأَنا أحدث الْقَوْم فَقَالَ إِن

يستنفذ هَذَا الْغُلَام عمره يُدْرِكهُ ... إِلَى آخر الحَدِيث
وَأهل الْكتاب إِلَى عصرنا هَذَا يقرونَ بالمعاد وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْعِقَاب وَالنَّعِيم وَالثَّوَاب وَلَا يُنكر ذَلِك مِنْهُم مُنكر وَلَا يُخَالف فِيهِ مُخَالف
وَإِذا قيل لَهُم قد قَالَ قَائِل إِنَّكُم لَا تثبتون ذَلِك أَنْكَرُوا أَشد إِنْكَار فَمن روى عَنْهُم مَا يُخَالف ذَلِك فقد افترى وَجَاء بِمَا ترده الْأَحْيَاء مِنْهُم والأموات وَبِمَا تبطله الرُّسُل الْمُرْسلَة إِلَيْهِم والكتب النَّازِلَة عَلَيْهِم حَسْبَمَا قد حكينا لَك فِي هَذَا الْمُخْتَصر


يتبع
اتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبواتاتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبواتاتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبواتاتفاق الشرائع التوحيد والمعاد والنبوات



hjthr hgavhzu ugn hgj,pd] ,hgluh] ,hgkf,hj : 2 hgavhzu hjthr ugn ,hgluh]





رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 11:11 AM   #2


رحيق الجنه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8091
 تاريخ التسجيل :  18 - 9 - 2017
 أخر زيارة : 16-12-2019 (11:02 AM)
 المشاركات : 125,214 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Linen
شكراً: 833
تم شكره 777 مرة في 577 مشاركة
افتراضي



يعجز القلم على الاطراء
ويعجز النبض على التعبير بما كتبت وبما طرحت
.. بارك الله فيك وجعله فى موزين حسناااااااتك
وجزيت الجنه ونعيمهااااا** }
تحياتى




 

رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 12:18 PM   #3


البرنسيسه فاتنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4429
 تاريخ التسجيل :  3 - 2 - 2014
 أخر زيارة : 15-07-2023 (04:13 PM)
 المشاركات : 1,076,459 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : red
شكراً: 416
تم شكره 564 مرة في 359 مشاركة
افتراضي



بارك الله فيكم ونفعنا بما قدمتم
جزاكم الله خير الجزاء
نسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتكم
لـروحكـ السعاده الدائمــه


 

رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 01:58 PM   #4


ميارا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3158
 تاريخ التسجيل :  19 - 7 - 2012
 أخر زيارة : 20-05-2023 (09:06 PM)
 المشاركات : 944,607 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
ياكم تمنيت السعادة
بدنياي وشفت
السعادة تبتعد ماتبيني


يارب امنحني
قلبا يتحمل
جروحه وألالامه
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 202
تم شكره 452 مرة في 312 مشاركة
افتراضي



طرح في غاية الروعة بارك الله فيك
جزآآك الله خيـــر على الطرح القيم
وجعله الله في ميزآآن حسنآآتك
وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه
الله لايحرمنآآآ من جديــدك
تحيــآآتي
دمت بود


 
مواضيع : ميارا



رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 03:10 PM   #5


بسام البلبيسي متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8412
 تاريخ التسجيل :  23 - 3 - 2018
 العمر : 63
 أخر زيارة : 26-12-2024 (05:40 PM)
 المشاركات : 59,828 [ + ]
 التقييم :  1026666763
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
شكراً: 0
تم شكره 221 مرة في 202 مشاركة
افتراضي



بارك الله فيكِى

وجزاكِى الله خير الجزاء
دمتِى برضى الله وحفظه ورعايته


 

رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 03:26 PM   #6


ذابت نجوم الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5956
 تاريخ التسجيل :  3 - 6 - 2014
 أخر زيارة : اليوم (11:50 AM)
 المشاركات : 3,292,478 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : red
شكراً: 573
تم شكره 1,034 مرة في 653 مشاركة
افتراضي



بورك حرفك وحبرك والذي انتج لنا هذه الكلمات
من حيث التميز والرقي وطيب الانتقاء
لاعدمناك
ولك احترامي وتقديري


 

رد مع اقتباس
قديم 27-10-2018, 04:41 PM   #7


باربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7407
 تاريخ التسجيل :  25 - 9 - 2016
 أخر زيارة : 27-05-2022 (07:28 PM)
 المشاركات : 185,038 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
بالانـاا أنا فخــورهـ
وانانيتــي تأبى الوقوف عند تأثير الريااحـ

لوني المفضل : Hotpink
شكراً: 271
تم شكره 693 مرة في 444 مشاركة
افتراضي



يعـطيك العــآفية
ولآ عـدمنآ تميز انآملك الذهبية
دمت ودآم بحـر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
بنتظآر القآدم بشووق


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التوحيد , الشرائع , اتفاق , على , والمعاد , والنبوات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حِرَفْ منها التاريخ غَرَفْ تيماء ( همســـات التاريخ والتراث والأنساب) 47 28-07-2021 01:27 PM
اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات : 1 تيماء ( همســـــات الإسلامي ) 18 29-10-2018 03:28 PM
أقسام التوحيد والشرك سراج منير ( همســـــات الإسلامي ) 6 01-07-2018 07:21 AM
التوحيد ... سؤال وجواب ، هدوء الدرر ( همســـــات الإسلامي ) 106 09-12-2014 09:55 PM
وقفات مع سورة الأنعام سورة الأنعام السورة الوحيدة التى نزلت جملة واحدة يشيعها 70 ألف مرام (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 33 18-06-2014 06:17 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 11:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010