#1
| ||||||||||
| ||||||||||
إصلاح العيوب . " رحِمَ اللهُ امرأً أهدَى إليَّ عيوبي " . كلمةٌ عظيمةٌ بها معانٍ جليلة، لا يقوَى على تحقيقِ مدلُولها إلا العُظماء أصحابُ النفوس الشامِخة، والقلوب الناصِعة، والتواضُع الصادِق، الذين تقبَّلوا عيوبَهم بقوَّةٍ وشجاعة، وواجَهوا أنفُسَهم بكل ثباتٍ، وانصرَفَت هِمَمهم إلى التفكير في إصلاح عيوبِهم، ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]. وليس من شريفٍ ولا عالِمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب، ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ [يوسف: 53]. وإذا تركَ المرءُ الغُرورَ، وترقَّى في الطاعة انكشَفَت له أسرارُ نفسه، وتبصَّرَ بعيوبه، ويزدادُ المرءُ توفيقًا إذا رُزِقَ بقرينٍ صادقٍ صدوقٍ يُبصِّرُ بالمعايِب دون تغيير، ويكشِفُ له المثالِبَ دون تشهير، وقد تنتفعُ بعدوٍّ حاقدٍ أكثر من انتفاعِك بصديقٍ مُداهِنٍ؛ فعينُ السُّخطِ تُبدِي المَساوِيَا. قال أحدُ السلف: " أخٌ لك كلما لقِيَك ذكَّرَك بنصيبِك من الله، وأخبرَك بعيبٍ فيك أحبُّ إليك وخيرٌ لك من أخٍ وضعَ في كفِّك دينارًا " . وقال آخر : " إذا رأيتَ من أخيك عيبًا فإن كتمتَه فقد خُنتَه، وإن قُلتَه لغيره فقد اغتبتَه، وإن واجهتَه به فقد أوحشتَه " ... قيل له : كيف أصنَع؟ قال : " تُكنِّي عنه وتُعرِّضُ به وتجعلُه في جُملة الحديث " . قال الله تعالى : ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾ [الأنعام: 104]. فإذا أراد الله بعبده خيرًا بصَّرَه بعيوبِ نفسِه، ومن كمُلَت له بصيرتُه لم تخفَ عليه عيوبُه، وإذا عرفَ عيوبَه أمكنَه علاجُها. والإعراضُ عن معرفة العيوبِ علامةُ ضعفٍ ونقصٍ، والذين يُعمُون أعيُنَهم عن مُلاحظة عيُوبهم هو اعتِقادُهم أنَّهم بلَغوا مرحلةً من الكمال، ولن يُهذِّبَ الفردُ ذاتَه، ويُنمِّيَ شخصيَّتَه، ويسُدَّ الخللَ حتى يُقِرَّ بعيوبِه التي هي آفاتٌ في المُجتمع تُعطِّلُ طاقات الأمة، وتُحطِّمُ مُنجَزاتِها، وتعوقُ مسيرتَها نحو التقدُّم. المنهجُ الرشيدُ في إهداءِ العيوبِ : يُبنَى على أدبٍ رفيعٍ؛ فالأسلوبُ الحسنُ، والكلمةُ الطيبةُ الهادِئةُ تشرحُ الصدر، واللِّينُ من غير عُنفٍ، والنصيحةُ في السرِّ، وتلميحًا لا تصريحًا أقربُ للقبول، والأدبُ في العرض، وعباراتُ الحُبِّ والثَّناءِ الشرعيِّ أبلغُ في التأثيرِ. أما عرضُ العيوبِ في مشهَد ملأٍ وجماعةٍ فنوعُ توبيخٍ وفضيحةٍ، وتُفضِي إلى رفضِها وعدمِ قبُولِها، والأسوأُ أن تُجعلَ ذريعةً لانتِقاد الذَّوَات، وتحقيرِ مقامِهم، وتقزيمِ مكانتِهم، وهذا يُعبِّرُ عن ذاتٍ مريضةٍ ونفسٍ دنيئةٍ. ولو كشفَ عيبَكَ ناقِدٌ أو حاقِدٌ وتجاوزَ الحدَّ في الأدب؛ فقد وضعَ يدَه عل مكانِ الداء، والأولَى أن ننصرِفَ إلى إصلاحِ حالِنا، ونترفَّع عن المعارِك الجانبيَّة أو الانتِقام، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]. وقد تغيَّر الحالُ في زمانِنا؛ فمن أسدَى إلينا معروفًا بكشفِ عيوبِنا أبغَضناه وأبعَدناه، ومن زيَّفَ حقائِقَنا وكتمَ عيوبَنا، وأضفَى علينا جوًّا من مديحٍ مُزيَّفٍ قرَّبنَاه وأدنَينَاه. المنهجُ الشرعيُّ في التعامُل مع عيوبِك وعيوبِ الآخرين : أن تحُوطَها بسِترِ الله كما سترَكَ وستَرَه، والله ستِّيرٌ يُحبُّ السَّترَ، قال - صلى الله عليه وسلم -: « إن اللهَ - عز وجل - حليمٌ حيِيٌّ ستِّيرٌ يُحبُّ الحياءَ والسَّترَ »؛ رواه أبو داود والنسائي. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « كلُّ أمتي مُعافاةٌ إلا المُجاهِرين، وإن من الإجهار : أن يعملَ العبدُ بالليل عملاً ثم يُصبِحُ قد ستَرَه ربُّه، فيقول : يا فُلان! قد عمِلتُ البارِحةَ كذا وكذا، وقد باتَ يستُرُه ربُّه، فيبيتُ يستُرُه ربُّه ويُصبِحُ يكشِفُ سِترَ الله عنه »؛ رواه مسلم. الهديُ في التعامُل مع عيوبِ الآخرين : منعُ إعلانِها وإشهارِها، وعدمُ الإشهار يُعينُ مُرتكِبَ العيبِ على التوبةِ والإصلاح، وقد يقُودُ الافتِضاح إلى كسرِ الحواجِز، والجُرأة على المحارِم بلا رادِعٍ. السَّترُ علاجٌ اجتِماعيٌّ تُحاصَرُ به الرَّذِيلة، وتسُودُ معه معاني الطُّهر والسلامة، وتقوَى به أواصِرُ الأُلفةِ والمحبَّة، كما يُؤسَّسُ به لمبدأٍ عظيمٍ: حُسن الظنِّ بين المُؤمنين. قال الفُضيلُ بن عِياضٍ : " إن المُؤمنَ يستُرُ وينصحُ، وإن المُنافِقَ والفاجِرَ يهتِكُ ويُعيِّرُ " . وشتَّان ما بين من يُهدِي إخوانَه عيوبَهم - كناصحٍ مُشفِقٍ، وناقدٍ بصيرٍ -، وبين من يجعلُ همَّه ومُهمَّتَه وشُغلَه ليلَه ونهارَه تصيُّدَ عيوبِ الآخرين؛ بل هذه آفةٌ عظيمةٌ تُنافِي الشَّخصيَّة السَّوِيَّة، وتنطوِي على خُبث طوِيَّةٍ، حين يُطلِقُ المرءُ للِسانِه العِنان، ويتتَبَّعُ الناسَ؛ فيهرَمُ بدَنُه، ويمرضُ قلبُه، ويضيعُ عُمرُه، وتعمَى بصيرتُه عن عيوبِ نفسِه . بسااااااااااااااااااااااااااااااااام المصدر: منتدى همسات الغلا Ywghp hgud,f > |
17-08-2018, 08:42 PM | #4 |
| جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك ولا حرمك الأجر يارب وأنار الله قلبك بنورالإيمان أحترآمي لــ/سموك |
|
18-08-2018, 08:02 AM | #5 |
| الجوري البرنسيسة فاتنة المها بارك الله فيكم على هذا المرور العطر والراقي بسااااااااااااااااااااااااااااااااام |
|
18-08-2018, 09:25 AM | #6 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبكَ بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَكَ آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمتـمّ بـِ طآعَة الله . |
|
26-08-2018, 05:50 AM | #7 | ||
|
| ||
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
العيوب , إصلاح |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إصلاح القلوب | ذابت نجوم الليل | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 05-11-2017 12:57 PM |
العيوب البشرية وحلها بالتنمية البشرية | ملكة الحزن | (همسات تطوير الذات ) | 19 | 15-11-2016 04:08 PM |
العيوب البشرية وحلها بالتنمية البشرية | هاديه بس مجنونه | (همسات تطوير الذات ) | 10 | 27-10-2016 07:22 AM |
العيوب المكروهة فى الأضحية | محمدعبدالحميد | (همسات الحج والعمره) | 11 | 18-02-2015 12:20 AM |
تغذية المرأة الحامل تقلل من خطر حدوث العيوب في الجنين | الفاتنة | (همســـات الاسرة والحمل) | 24 | 06-02-2015 07:58 AM |