قبسات من حياة الرسول صل الله عليه وسلم

#1 27-01-2018, 01:21 PM

قبسات من حياة الرسول صل الله عليه وسلم

قبسات من حياة الرسول صل الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين - سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
اما بعد
في ظلّ الأجواء القاتمة التي سادت الجزيرة العربية ، وانتشار صور العدوان وألوان الظلم التي مورست ضد الضعفاء والمساكين ، جاءت الشريعة الخاتمة لتخرج الناس من جور الأديان إلى عدالة الإسلام ، وأنزل الله خير كتبه وبعث خير رسله ليقيم العدل ويُرسي دعائم الحق ، لتعود الحقوق إلى أصحابها ، ويشعر الناس بالأمن والأمان ، وبهذا أُمر النبي صل الله عليه وسلم – : { وأمرت لأعدل بينكم } ( الشورى : 15 ) .

فكان العدل من الأخلاق النبويّة والشمائل المحمديّة التي اتّصف بها صل الله عليه وسلم – ونشأ عليها ، عدلٌ وسع القريب والبعيد ، والصديق والعدوّ ، والمؤمن والكافر ، عدلٌ يزن بالحقّ ويقيم القسط ، بل ويحفظ حقوق البهائم والحيوانات ، إلى درجة أن يطلب من الآخرين أن يقتصّوا منه خشية أن يكون قد لحقهم حيفٌ أو أذى ، وهو أبلغ ما يكون من صور العدل.

وبين يدينا موقفٌ من المواقف التي تشهد بعظمته – صلى الله عليه وسلم - ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صل الله عليه وسلم - يقسم شيئا ، أقبل رجل فأكبّ عليه ، فطعنه رسول الله صل الله عليه وسلم بعرجون – وهو عود النخل - كان معه ، فخرج الرجل ، فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم - : ( تعال فاستقد – أي اقتصّ مني - ) ، فقال الرجل : قد عفوت يا رسول الله) رواه النسائي .

ومن داخل بيت النبوّة تبرز صورٌ أخرى للعدالة النبوية ، خصوصاً مع وجود الخلاف الطبيعي والغيرة المعروفة بين الضرائر ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " أهدت بعض أزواج النبي صل الله عليه وسلم - إليه طعاما في قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها ، فقال النبي صل الله عليه وسلم : ( طعام بطعام ، وإناء بإناء) رواه الترمذي ، وأصله في البخاري .

ومن صور عدله صل الله عليه وسلم – العدل بين زوجاته حينما قام بتقسيم الأيّام بينهنّ ، وكان يقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب ) رواه أبو داوود ، كذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا عقد العزم على السفر والمسير اختار من تذهب معه بالقرعة ، كما تروي ذلك عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صل الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها " متفق عليه ، يقول الإمام المناوي معلّقاً : " ( أقرع بين نسائه ) تطييبا لنفوسهن ، وحذرا من الترجيح بلا مرجّح عملاً بالعدل " .

وفي ظلال المنهج العادل للنبي صل الله عليه وسلم – عادت الحقوق إلى أصحابها وعلم كل امرئ ما له وما عليه ، وشعر الناس – مسلمهم وكافرهم – بنزاهة القضاء وعدالة الأحكام ، بعد أن وضع – صلى الله عليه وسلم – نظاماً رفيعاً وسنّة ماضية تقيم الحقّ وتقضي بالعدل ، منهجٌ فيه النصرة للمظلوم ، والقهر للظالم الغشوم ، فلا الفقير يخشى من فوات حقّه ، ولا الغني يطمع في الحصول على ما ليس له ، ولا الشافعون يطمعون في درء حدٍّ من حدود الله تعالى ، ويشهد النبي صل الله عليه وسلم – بذلك فيقول ( ومن يعدل إن لم أعدل ؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل ) متفق عليه واللفظ لمسلم .

ففي قصّة المرأة المخزومية التي سرقت ، استعان أهلها بأسامة بن زيد كي يشفع لهم عند رسول الله صل الله عليه وسلم – فلم يقبل شفاعته ، وقال كلمة خلّدها التاريخ : ( أيها الناس ، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) متفق عليه .

وفي يوم بدرٍ أغلى النبي صل الله عليه وسلم - فداء عمّه العباس بن عبدالمطلب حتى بلغ مائة أوقية ، ولم يقبل أن يتنازل الأنصار عنه شيئاً ؛ حتى لا يظنّ ظانّ أن القرابة من رسول الله صل الله عليه وسلم – تنفع صاحبها.

وعندما أراد النعمان بن بشير رضي الله عنه أن يُشهد رسول الله صل الله عليه وسلم – على هبةٍ لأحد أولاده قال له : ( يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ ) فقال له : نعم ، فقال له : ( أكلهم وهبت له مثل هذا ) ، قال : لا ، فقال النبي صل الله عليه وسلم – : ( فلا تُشهدني إذاً ؛ فإني لا أشهد على جور ) رواه مسلم .

وخوفاً من تفويت حقوق البعض – لاسيما في القضاء – يقول النبي صل الله عليه وسلم - : ( إنكم تختصمون إليّ ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض – أي : أقدر على إظهار حجّته - ، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها ) متفق عليه .

ويقرّر النبي صل الله عليه وسلم – حقوق الضعفاء ، ويحذّر الناس من بخسها فيقول : ( إخوانكم خَوَلكم – أي من يخدمونكم - جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم ، فإن كلّفتموهم فأعينوهم ) رواه البخاري ومسلم ، ويقول أيضا : ( إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه ، أو ليناوله منه ؛ فإنه هو الذي ولي حرّه ودخانه – أي الذي باشر الطباخة متحمّلاً الأذى الحاصل من الحرارة والدخان - ) رواه ابن ماجة .

وأثنى النبي صل الله عليه وسلم – على بعض المواقف والكلمات التي كانت تصدر من أهل الجاهليّة - على الرغم من كفرهم - لموافقتها للحق الذي جاء به ، وتحقيقاً لقوله تعالى : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } ( المائدة : 8 ) ، فمن ذلك ثناؤه صل الله عليه وسلّم – على لبيد بن ربيعة بقوله : ( أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل ) متفق عليه ، وثناؤه على تحالف بعض أهل الجاهلية على نصرة المظلوم بقوله ( قد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دُعيت به في الإسلام لأجبت ) رواه الحميدي بسند صحيح ، وهذا من عدله عليه الصلاة والسلام وإنصافه .

بل حتى الحيوانات كانت تنال حظاً من رعايته صل الله عليه وسلم – وعدله ، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : دخل رسول الله - صل الله عليه وسلم - حائطا لرجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي - صل الله عليه وسلم - حنّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صل الله عليه وسلم فمسح عليه فسكت ، فقال : ( لمن هذا الجمل ) ، فجاء فتى من الأنصار فقال : لي يا رسول الله ، فقال له : ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه – أي تتعبه ) رواه أبو داوود .

هذا هو سيّد الأنبياء وإمام الأتقياء صل الله عليه وسلم - ، وهذه جوانب من سيرته العطرة محفوظةٌ في ذاكرة التاريخ وفي ضمير البشريّة ، شاهدةٌ على قسطه وعدله .

المصدر: منتدى همسات الغلا

rfshj lk pdhm hgvs,g wg hggi ugdi ,sgl H, hggi hgvs,g pdhm sl ugdi ,sgl rfshj

27-01-2018, 01:37 PM

جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية
تحيتي لك.

27-01-2018, 03:54 PM

عليه أفضل الصلاة والسلام
بارك الله فيك أخي مبارك

27-01-2018, 03:58 PM

طرح رائع
تسلم يدكك ولاننحرم من مواضيعكك
الراقيه والجميله.
عوافي.

27-01-2018, 09:39 PM

جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,,
آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !!
وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك
وعَمر آلله قلبكَ بآآآلايمَآآنْ
علىَ طرحَكَ آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ
دمتـمّ بـِ طآعَة الله

28-01-2018, 12:15 AM

جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

28-01-2018, 12:17 AM

تسسسلم الايـآدي على روعه طرحك
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
بانتظـآر جــديدك القــآدم
آحتـرآمي لك

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
خمسين معلومة عن (الرسول صل الله علية وسلم)	ابن عمان	(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )	18	04-01-2018 07:13 AM
الرسول ( ص ) والنقد الأدبي	عازف الليل مونامور	(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )	12	28-11-2017 11:46 PM
القادة الذين عينهم الرسول صل الله عليه وسلم في السرايا ولم يخرج معهم	مبارك آل ضرمان	(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )	12	05-05-2017 11:12 AM
رجال حول الرسول كحلقات من نور	حزن الذكريآت	(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )	36	20-03-2014 11:53 AM
50 معلومة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم	علاء الدين	(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )	13	18-10-2013 09:37 PM

الإهداءات

قبسات من حياة الرسول صل الله عليه وسلم

(سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه )