#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
دعــــاة الموت الموت حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها أياً كان دينه وانتماؤه، لكن الناس يختلفون في تعاملهم مع هذه الحقيقة المستقبلية ما بين مغال في فهم هذه الحقيقة يرى أن الموت يعني النهاية التي تستلزم منه أن يتقشف ويتقوقع على ذواته ويترقب أجل الله الآتي، فيرضى بالدون له ولمن يعول، ليعيش الحياة الكاملة الخالدة في الآخرة. وما بين مفرط يؤمن بهذه الحقيقة التي لا مجال لإنكارها لكنه يغفل عنها، مع إيمانه بالبعث بعد الموت، همه كيف يقضي ساعته ويرضي شهوته (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) حياته حياة حيوانية محضة، لا تأمل فيها ولا تدبر ولا استطلاع، الأمل يلهي والمطامع تغر، والعمر يمضي والفرصة تضيع. وبين هذين التيارين تتوالى الاتهامات فأصحاب التيار الأول يعيرون بـ«دعاة الموت» الذين يريدون أن يقطعوا الناس عن معاشهم، ويغيبوهم عن ركب الحضارات، والثاني تيار الدنيا الذي يغيب قيم الآخرة، ويريد أن يجعل من المجتمع مجتمعاً شهوانياً ماديا ًتغيب فيه القيم الدينية والأخلاقية. ويضعف الصوت الوسط الذي يتبنى الأسلوب القرآني والنبوي في ذكر الموت، إنه الأسلوب الذي يدعو للحياة الدائمة المتجددة، ويرفض الحياة التاريخية المحدودة في صفحة عابرة من صفحات التاريخ، وفي ذلك يقول: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، فاستثمر ذكر الموت (إليه تحشرون) استثماراًً إيجابياً يدعو للحياة الحقيقية التي تقوم على المراقبة الذاتية والعمل الدؤوب للتخلص من الرذائل والتحلي بالفضائل. إن من يؤمن بالموت والبعث بعده لا يمكن أن يسرق المال العام، ولا أن يخون الأمانة التي تحملها وسيشعر بأنها مغرم، وأنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وسيتذكر قول عمر بن الخطاب: «لو أن شاة عثرت في نهر دجلة لسألت عنها يا عمر»، إن من يستحضر الموت سيربأ بنفسه أن يظلم امرأة أو يتيماً في ماله، ومن يذكره سيمتنع عن الكذب ونشر الإشاعات وإشاعة الفاحشة، وسيسعى لملء كل لحظة من حياته بما هو مفيد له ولمجتمعه وللعالم، وسيقدم العمل المتعدي نفعه والباقي أثره، ولا يكره ذكر الموت إلا من لا يرد تصحيح الجناية والخطأ بل الاستمرار في الغفلة والتلذذ بالمعصية. إن الإيمان بالموت هو المحرك الحقيقي للحياة الخالدة والأفعال الراشدة، تأمل قول الله: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)، لقد جاء ذكر الصلاة والبيع والشراء بعد ذكر الموت لاستثمار ذكره في زرع القيم الدينية والدنيوية، بعيداً عن المتشائمين في طرحه والغافلين عنه، فلنجدد ذكر الموت في جميع أمورنا بما يقودنا للحياة. كتبته / د.نوال بنت عبدالعزيز العيد المصدر: منتدى همسات الغلا ]uJJJJhm hgl,j |
22-01-2018, 12:35 PM | #2 |
| بورك طرحك القيم والمفيد وجزيت الفردوس الأعلى يارب على جهودك وما تقدمه دمت بحفظ الرحمن |
|
22-01-2018, 04:41 PM | #4 |
| واثق الخطوة الله يعطيكم الف عافية على جمال الموضوع متصفح بديع ينثر الابداع بين وريقاته جمال بين السطور في المعنى والأسلوب وجب علينا شكركم على جهودكم الطيبة آختيَآرَ جَميلَ جِدآ سَلمت علىَ هذهِ الآطَروحهَ الآنيقَهَ وَسَلِمتَ يُمنَآك المُخمليِهَ لِ جلبهآالمُتمي ننتظر القادم بشوووق ولهفه جَزيَلِ شُكِريَ لَروحكُ الورد دمتم بسعادة دائمة |
|
22-01-2018, 05:24 PM | #6 |
| يعطيك العافيه ع الموضوع بَإنتظار جديدك المتميز وَ تواجدك المتألق .. لَ روحك أطيب الورد وَ إكليل الزهر .. |
|
22-01-2018, 07:05 PM | #7 |
| جزاك الله كل خير على هالنقل القيم والمفيد الله يسعدك والله يجعله في موازين حسناتك ويرفع قدرك |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الموت , دعــــاة |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل تعلم ما هو الموت الابيض فلنستّعد له/ القروب الا زرق | ذابت نجوم الليل | ( همســـــات الإسلامي ) | 15 | 27-05-2023 08:04 PM |
الموت | سراج منير | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 15 | 16-04-2017 12:49 AM |
خطير رحلة ميت | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 13-02-2017 06:40 AM |
الصحابة رضي الله عنهم والتابعين على فراش الموت وكلمات من ذهب ! | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 13 | 27-10-2016 03:45 AM |
الاقتراب من الموت | جرح بملآمح انسان | ( همسات الثقافه العامه ) | 20 | 23-03-2015 05:16 PM |