#1
| ||||||||||
| ||||||||||
: غنى شاكر اما فقير صابر -قَدْ تَنَازَعَ كَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمُسْلِمِينَ فِي " الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ وَالْفَقِيرِ الصَّابِرِ " أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ - على قولين - . وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ تَفْضِيلُ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ . - وَقَالَ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَضِيلَةٌ إلَّا بِالتَّقْوَى فَأَيُّهُمَا كَانَ أَعْظَمَ إيمَانًا وَتَقْوَى كَانَ أَفْضَلَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ اسْتَوَيَا فِي الْفَضِيلَةِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ إنَّمَا تَفْضُلُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا } . وقال (ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) - وَقَدْ كَانَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثُرْ الْفُقَرَاءِ وَكَانَ فِيهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِ الْأَغْنِيَاءِ - وَالْكَامِلُونَ يَقُومُونَ بِالْمَقَامَيْنِ فَيَقُومُونَ بِالشُّكْرِ وَالصَّبْرِ عَلَى التَّمَامِ . كَحَالِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَالِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْفَقْرُ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنْفَعَ مِنْ الْغِنَى وَالْغِنَى أَنْفَعَ لِآخَرِينَ كَمَا تَكُونُ الصِّحَّةُ لِبَعْضِهِمْ أَنْفَعَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ البغوي وَغَيْرُهُ { إنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْغِنَى . وَلَوْ أَفْقَرْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ . وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْفَقْرُ . وَلَوْ أَغْنَيْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ . وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا السَّقَمُ . وَلَوْ أَصْحَحْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ إنِّي أُدَبِّرُ عِبَادِي إنِّي بِهِمْ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } . - وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ } -وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ { لَمَّا عَلَّمَ الْفُقَرَاءَ الذِّكْرَ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ سَمِعَ بِذَلِكَ الْأَغْنِيَاءُ فَقَالُوا مِثْلَ مَا قَالُوا . فَذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَرَاءَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيه مَنْ يَشَاءُ } فَالْفُقَرَاءُ مُتَقَدِّمُونَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لِخِفَّةِ الْحِسَابِ عَلَيْهِمْ وَالْأَغْنِيَاءُ مُؤَخَّرُونَ لِأَجْلِ الْحِسَابِ ثُمَّ إذَا حُوسِبَ أَحَدُهُمْ فَإِنْ كَانَتْ حَسَنَاتُهُ أَعْظَمَ مِنْ حَسَنَاتِ الْفَقِيرِ كَانَتْ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَوْقَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي الدُّخُولِ كَمَا أَنَّ السَّبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَمِنْهُمْ عُكَاشَةُ بْنُ مُحْصَنٍ وَقَدْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِحِسَابِ مَنْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ . - وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُرْوَى : { إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا ؛ كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ } . وَيُرْوَى فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى نَحْوُ هَذَا . ذَكَرَهُ أَحْمَد فِي الزُّهْدِ . فَهَذَا فِيمَنْ يَضُرُّهُ الْغِنَى وَيُصْلِحُهُ الْفَقْرُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ { نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ } . -وَكَمَا أَنَّ الْأَقْوَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ " ثَلَاثَةٌ " فَالنَّاسُ " ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ " : غَنِيٌّ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ . وَفَقِيرٌ ؛ وَهُوَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمَامِ كِفَايَتِهِ . وَقِسْمٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ وَفْقَ كِفَايَتِهِ ؛ -وَلِهَذَا كَانَ فِي أَكَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مَنْ كَانَ غَنِيًّا : كَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَأَيُّوبَ ودَاوُد وَسُلَيْمَانَ وَعُثْمَانَ بْنِ عفان وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وأسيد بْنِ الحضير وَأَسْعَدَ بْنِ زرارة وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وعبادة بْنِ الصَّامِتِ وَنَحْوِهِمْ . مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ . -وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ فَقِيرًا : كَالْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَنَحْوِهِمْ . مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ - وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ الْأَمْرَانِ : الْغِنَى تَارَةً وَالْفَقْرُ أُخْرَى ؛ وَأَتَى بِإِحْسَانِ الْأَغْنِيَاءِ وَبِصَبْرِ الْفُقَرَاءِ : كَنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . - وَالنُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَاكِمَةٌ بِالْقِسْطِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا بِفَقْرِ وَلَا غِنًى كَمَا لَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا بِصِحَّةِ وَلَا مَرَضٍ . وَلَا إقَامَةٍ وَلَا سَفَرٍ وَلَا إمَارَةٍ وَلَا ائْتِمَارٍ وَلَا إمَامَةٍ وَلَا ائْتِمَامٍ ؛ بَلْ قَالَ : { إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } وَفَضَّلَهُمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ : مِنْ الْإِيمَانِ وَدَعَائِمِهِ وَشُعَبِهِ كَالْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَرَجَائِهِ وَخَشْيَتِهِ وَشُكْرِهِ وَالصَّبْرِ لَهُ . وَقَالَ فِي آيَةِ الْعَدْلِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } . وَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ يَعْدِلُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ فِي أُمُورِهِمْ . وَلَمَّا طَلَبَ بَعْضُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إبْعَادَ الْفُقَرَاءِ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ . وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ . فَقَالَ : { وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } . - وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : { يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ - خَمْسِمِائَةِ عَامٍ - وَفِي رِوَايَةٍ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا } فَهَذَا فِيهِ تَفْضِيلُ الْفُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ ؛ فَإِنَّ الْفَقِيرَ لَيْسَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ يُحَاسَبُ عَلَى قَبْضِهِ وَصَرْفِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِأَجْلِ الْحِسَابِ فَيَسْبِقُ فِي الدُّخُولِ وَهُوَ أَحْوَجُ إلَى سُرْعَةِ الثَّوَابِ لِمَا فَاتَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ . وَالْغَنِيُّ يُحَاسَبُ فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا فِي غِنَاهُ غَيْرَ مُسِيءٍ وَهُوَ فَوْقَهُ رُفِعَتْ دَرَجَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ سَاوَاهُ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ نَزَلَ عَنْهُ . وَلَيْسَتْ حَاجَتُهُ إلَى سُرْعَةِ الثَّوَابِ كَحَاجَةِ الْفَقِيرِ . -وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي " حَوْضِهِ " : الَّذِي طُولُهُ شَهْرٌ وَعَرْضُهُ شَهْرٌ : { مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ أَوَّلُ النَّاسِ عَلَيَّ وِرْدًا فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ : الدَّنِسِينَ ثِيَابًا الشُّعْثِ رُءُوسًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ الْمُلُوكِ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ تَخْتَلِجُ فِي صَدْرِهِ لَا يَجِدُ لَهَا قَضَاءً } فَكَانُوا أَسْبَقَ إلَى الَّذِي يُزِيلُ مَا حَصَلَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالشِّدَّةِ وَهَذَا مَوْضِعُ ضِيَافَةٍ عَامَّةٍ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَشَدُّ جُوعًا فِي الْإِطْعَامِ وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِ الْمُسْتَأْخِرِينَ نَوْعُ إطْعَامٍ لَيْسَ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِبَذْلِهِ عِنْدَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ -وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحُّ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَفِيهَا الْحُكْمُ الْفَصْلُ : إنَّ الْفُقَرَاءَ لَهُمْ السَّبْقُ وَالْأَغْنِيَاءَ لَهُمْ الْفَضْلُ وَهَذَا قَدْ يَتَرَجَّحُ تَارَةً وَهَذَا كَالسَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَمَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا ؛ وَقَدْ يُحَاسَبُ بَعْدَهُمْ مَنْ إذَا دَخَلَ رُفِعَتْ دَرَجَتُهُ عَلَيْهِمْ . -وَمَا رُوِيَ : { أَنَّ ابْنَ عَوْفٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْوًا } كَلَامٌ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِأَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ أَفْضَلَ الْأُمَّةِ أَهْلُ بَدْرٍ ثُمَّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَالْعَشْرَةُ مُفَضَّلُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ قَالَ : { اطَّلَعَتْ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ } وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : { احْتَجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتْ الْجَنَّةُ : مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَقَالَتْ النَّارُ : مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إلَّا الْجَبَّارُونَ والمتكبرون } وَقَوْلُهُ : { وَقَفْت عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ يَدْخُلُهَا الْمَسَاكِينُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ إلَّا أَهْلُ النَّارِ فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إلَى النَّارِ } هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلِّ خَيْرٍ } . -فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْجَنَّةَ دَارُ الْمُتَوَاضِعِينَ الْخَاشِعِينَ لَا دَارُ الْمُتَكَبِّرِينَ الْجَبَّارِينَ سَوَاءٌ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا أَفَمِنْ الْكِبْرِ . ذَاكَ فَقَالَ : لَا - إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ } فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّجَمُّلَ فِي اللِّبَاسِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْغِنَى وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْكِبْرِ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : فَقِيرٌ مُخْتَالٌ وَشَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ } وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ : { لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ جَبَّارًا وَمَا يَمْلِكُ إلَّا أَهْلَهُ } . - فَعُلِمَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ : أَنَّ مِنْ الْفُقَرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُخْتَالًا ؛ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ . وَأَنَّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُتَجَمِّلًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ ؛ يُحِبُّ اللَّهُ جَمَالَهُ . مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ { إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ } - وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ هِرَقْلَ لِأَبِي سُفْيَانَ : أَفَضُعَفَاءُ النَّاسِ اتَّبَعَهُ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ؟ قَالَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ . قَالَ : وَهُمْ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ . وَقَدْ قَالُوا لِنُوحِ : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } -فَهَذَا فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الرِّئَاسَةِ وَالشَّرَفِ يَكُونُونَ أَبْعَدَ عَنْ الِانْقِيَادِ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ ؛ لِأَنَّ حُبَّهُمْ لِلرِّئَاسَةِ يَمْنَعُهُمْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُسْتَضْعَفِينَ . - ( الْمَعْنَى الثَّانِي أَنَّ الصَّلَاحَ فِي الْفُقَرَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْأَغْنِيَاءِ . كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَغْنِيَاءِ فَهُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ فِي الْفُقَرَاءِ فَهَذَا فِي هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ وَفِي هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ لِأَنَّ فِتْنَةَ الْغِنَى أَعْظَمُ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ فَالسَّالِمُ مِنْهَا أَقَلُّ . وَمَنْ سَلِمَ مِنْهَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ سَلِمَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ فَقَطْ ؛ وَلِهَذَا صَارَ النَّاسُ يَطْلُبُونَ الصَّلَاحَ فِي الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْمَظِنَّةَ فِيهِمْ أَكْثَرُ . فَهَذَا هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . فَلِهَذَا السَّبَبِ صَارَتْ الْمَسْكَنَةُ نِسْبَتُهُ وَكَذَلِكَ لَمَّا رَأَوْا الْمَسْكَنَةَ وَالتَّوَاضُعَ فِي الْفُقَرَاءِ أَكْثَرَ اعْتَقَدُوا أَنَّ التَّوَاضُعَ وَالْمَسْكَنَةَ هُوَ الْفَقْرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ . بَلْ الْفَقْرُ هُنَا عَدَمُ الْمَالِ وَالْمَسْكَنَةُ خُضُوعُ الْقَلْبِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَقَالَ : بَعْضُ الصَّحَابَةِ اُبْتُلِينَا بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا وَابْتَلَيْنَا بِالسَّرَّاءِ فَلَمْ نَصْبِرْ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَاَللَّهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَافَ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فتنافسوها } وَلِهَذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْفَقْرَ وَالْغَالِبُ عَلَى الْأَنْصَارِ الْغِنَى وَالْمُهَاجِرُونَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَ فِي الْمُهَاجِرِينَ أغنياؤهم مِنْ أَفْضَلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ أَنَّهُمْ بِالْهِجْرَةِ تَرَكُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا صَارُوا بِهِ فُقَرَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ . واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين اعمل لله الداعى للخير كفاعلة لاتنسى جنة عرضها السموات والارض لاتنسى سؤال رب العالمين ماذا قدمت لدين الله انشرها فى كل موقع ولكل من تحب واغتنمها فرصة اجر حسنات كالجبال يوم القيامة المصدر: منتدى همسات الغلا : ykn ah;v hlh trdv whfv hgh shfv ah;v uk] trdv |
17-03-2017, 01:43 PM | #2 |
| |
|
17-03-2017, 06:48 PM | #4 |
| بارك الله فيك ونفع بك اسال الله العظيم ان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنان وان يثيبك البارى على ما طرحت خير الثواب |
|
19-03-2017, 01:06 PM | #6 |
| جمل الله قلبك بنور الإيمان ومتعك بروعة الجنان يعطيك ربي الف عافيه ع الطرح الأكثر روعه كتب لك الأجر والثواب جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه ع هذا الطرح المفيد لنا بارك الله فيك |
|
20-03-2017, 04:08 PM | #7 |
| جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك ولا حرمك الأجر يارب وأنار الله قلبك بنورالإيمان أحترآمي لــ/سموك |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الا , سابر , شاكر , عند , فقير |
| |