في وقت من ساعة
الظهيرة كنت اتمشى
رايت طفلا يلعب مع كلبه ويضحك
كانت سعادتهما مزهرة
تعالت القهقهات ,احتضنها الأفق
وزادت من جمالها زرقة السماء
حيث اثرت على شفتاي فابتسمت
وبينما انا امشي
اذ لاح لي من بعيد شبح ,
هالني ما رايت
وتبخرت ابتسامتي
كان جالسا في ركن منعزل,
على كرسي خشب يحكي حقبة سحيقة من الزمن
وامامه طاولة تكاد تسقط لولا ركبته التي تشدها
وفوقها كانت قارورة ماء وغليونه الذي كان ينفث هموم
قد تناثرت من دخانه في الفضاء
وكانت علامات اسى قد خيمت علي وجهه البئيس
وعلى من حوله من ذلك الركن,
كان يمد النظر يمنة ويسرة
بعينين يطل من شرفتهما الحزن
وقد اتخذها إقامة له
لم يكن لوحده في تلك الحلقة المشروخة
بل كانت تعانقه ذكريات مرة
وكانوا يتجولون بين ازقة الماضي البعيد
وفي لحظة احسوا بالتعب فاستسلموا للراحة
احس هو بغفوة فقال لذكرياته امكثوا هنا اني راجع
تاه ما شاء الله ان يتيه
فجاأة تراءى له رجل كان يبدو قاسيا
فاوجس منه خيفة
فساله من يكون؟؟
فقال له ,لا تكترث لمنظري
و لا لحروفي التي ساقذف بها عليك
لاني احمل لك منها ندى يزيل صدؤك
فقال له والله ما يظهر عليك الا القساوة
فقال له :صحيح هي قساوة
لكن لولاها والله لن يلين قلبك
ولن تسمح له عينيك بالاستحمام
في فيضها الدافئ
فقال له صاحبنا:
لا افقه ما تقول واستسمح منك
فاني تركت ذكرياتي تنتظرني
فرد عليه الرجل القاسي
وقد زادت قسوته
لدي بعض الأسئلة
ولابد ان تجيبني قبل ذهابك
فقال له هات ما عندك
قال له:ما خطبك؟؟
قال اني مهموم
قال اتشكو الفقر والجوع
قال نعم,
قال واي جوع
قال يا هذا ,بالله عليك اتركني
وهل للجوع أنواع؟؟
قال بلى,
فنظر اليه صاحبنا بنظرة استغراب
فاسترسل الرجل قائلا:
اسمع يا ابن ادم
بما ان همك كله على بطنك
فانني سالقي بين يديك اكل
سوف يشبعك حتى ينسيك احتكاك جدران معدتك
اتدري انك خسران؟؟
قال لماذا؟؟
قال ساقول لك كل الكلام ولا تقاطعني,
قال تفضل.
قال:عندما تفرح بنعمة بطنك /الاكل/ وحيثما كنت
في بيتك,,مقهى,,منتزه,,وليمة....
وتتلهى عن نعمة روحك / الطاعات/
فانك خسران وستكون محطة أي سخط
تجحض عينا صاحبنا وفي ذهول يتابع,
وحينما تأخذ ورقة لتكتب ما يخالجك
وبينما فكرك يجول ويصول باحثا عن دفئ
تذوب له حروف قلمك,اذ جاءك فلان وبدات تكلمه
عن ثالثكما و رابع فاكثر,
او حتى عن نفسك
فتنسى سيل ما من الله عليك به, طوال مرحلات من عمرك
فتقابل صنيع ذاك الاحسان بالسخط ,
من مرض عابر او افتقار لحاجة
كل هذا وانت جالس في مكانك ,
وصديقك لا يفارق ركنه وانتما تتبادلان اطراف الكلام
والقلم بين اناملك جامد,والورقة على الطاولة بيضاء تنتظر
الثياب التي ستلبسها اياها ,وقد تعددت الثياب
من بياض فرح او سواد حزن,او ثياب يختلف فيها اللبس
حسب الوانها...
فاعلم حينها انك خسران
قال ولم؟؟
قال له: لان قلم القدر ليس بجامد بل يتحرك بسرعة قولك ,
ويكتب في صفائح ممكن تكون مدنسة ,,
وليس في ورقة تراها انت بيضاء ما لم ترتشف حبر قلمك,
نعم يكتب ما لا تحسبه انت الا دردشة عابرة
وممكن تنحرم من فضايل كان قد اغدق الله عليك بها
فتدخل عالم التسويق وتكون تجارتك غير مربحة
هناك انتفض صاحبنا انتفاضة
اقشعرت لها شعيرات بيضاء من ناصيته
فالتفت وراى ان الرجل قد ادبر يمشي
فقال له الى اين أيها الرجل الانيق
يا ذا الوجه السمح
فلوح له بيديه وهو لا يلوي على شيء وقال:
اني في عجلة من امري
سازور تائه اخر لاخفف عليه بقسوتي ما قد اثقلك
هناك فطن صاحبنا الى نفسه
وادرك ان ما هو فيه من هم قد يكون سعادة وهو لا يدركها
فابتسم واستيقظ سليما من قبضة كابوس غفوة
كاد يقضي عليه
وكنت قد اقتربت منه
فسلمت عليه وتابعت سيري
فاضت عيناي سرورا وانا أقول
نعم انه الضمير وقد صحى من سباته العميق
قال الله تعالى:
"فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل فيه خيرا كثيرا"
هو سبحانه لو قال بس خيرا لكفانا
فكيف وهو خير كثير
تفاءل مهما كان القدر مؤلما
فانك لا تدري ماذا يأتي بعده
تمت
أربعاء اليوم
مع فنجان قهوتي