#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
الطفـلْ , و المــرآةْ في ليلة لطيفة من أيام الشتاء الأخيرة , ضرب المطر الناعم بقطراته النقية على زجاج النوافذ الكبيرة , في هذا المنزل الصامت الغارق بالهدوء , ولكن بقيت عينان تراقبان بسكون وخفية الممر الطويل المفروش تحت الإضاءة الخافتة القادمة من الخارج ... فجأة سمع صوت خفيف , ثم فتح باب بمكان ما و ظهر خط ذهبي يسري على الأرض سريعاً حتى استقر على الجدار , ثم ظل طويل يمسك بيد ظل آخر , لتظهر امرأة ممسكة بيد صغيرها ... مشيا من أمامها بلا مبالاة لها و كانت الأم تهمس لطفلها بصوت نعس بأنه دوماً لا يشعر بالعطش إلا بهذا الوقت المتأخر من الليل ... و هذا ما يجعله ينهض بتلك الساعة ثم يصعد السرير ليصل إليها و يبدأ مناجاة خافته لا تنتهي إلا بفتح عيني الأم المتعبة... عيناه الواسعتان و الواضحتان في هذا الظلام يحدقان بها . تلك التي تراهم من زاويتها في آخر الممر المظلم , و اختفيا في ممر آخر . بعد دقيقة أو اثنتين . عادت الأم تسير و من خلفها يمشي الصغير وحده و بين يديه كأس من الماء .. و هذه المرة أيضا تلفت بنفسه و توقفت قدماه الصغيرة و الكأس بين يديه في منتصف طريقه إلى فمه ... كان مدهوشاً لدرجة اللمعان عينيه اتّضح... اقترب أكثر و أكثر , ببطء و تروٍ وكانت السجادة تخفي صوت مشيه ...حتى توقف أمام وجهها تماماً و قد غرق وسط ظلام الزاوية ... همس بصوت خفيض : ما هذه ؟!. و أخذ يلوح بأحدى يديه أمام وجهها . قال بسعادة و شفتيه تتسعان بابتسامة مبتهجة: أنها رائعة ". _ " شكراً لك أيها الصغير , هلا أبعدت وجهك عني قليلا ! " _تلفت حوله بدهشة و فضول ثم استقرت عيناه على انعكاسه " من الذي يتكلم معي ؟! ". مد يده الرطبة بالماء و أخذ يمسح عليها بحماس , تضايقت وهي تراه يشوهها باحتراف و تفنن , قالت بصبر :" أنا المرآه يا صغير , لا تلمسني هكذا فتفسد صفائي !". جلس متربعاً مندهشاً و عيناه لا تفارقانها و هو يضع كأسه جانباً ... سأل بفضول و لهفة :" لكني أرى نفسي , هذا أنفي و عيناي....". ضحك بسعادة لترن ضحكاته مختلطة مع صوت المطر الرخيم . ثم تابع يتلمسها بأنامله الصغيرة و يشير إلى أماكن أصابع يديه .... _ " بالطبع يا صغير , ترى نفسك . لكني أنا من أراكم ، و لم يسبق لأحد أن تربع أمامي وهو يضحك على صورته .. أشعر بأنك تضحك علي ! , الجميع يمرون بي و يحدقون باهتمام وجدية... ". _ " ألا يرون وجوههم و أيديهم كما أفعل ؟! , أنتِ مرآه عجيبة مثل مرايا القصص الأسطورية! " غلف البرود لكنة المرآة :" كلا , فأنا حقيقية و مميزة يا صغير .إنهم مهتمين فقط بشكلهم الخارجي أثناء نظرهم إلي.. ". " وأنا أساعدهم على فعل ذلك ببساطة فهم يمرون أمامي لأريهم أنوثتهم أو رجولتهم الشكلية الظاهرة ". توسعت عيناه بشدة و ألتمعتا بإثارة كبيرة بينما تبسم ثغره بسعادة و قال و لهفته تزداد مع كل كلمة :" هل تخبرينهم بأنهم قد أصبحوا أفضل مظهراً .. ". _ " كلا فأنا اكتفي بعكس صورتهم الخارجية , و هم يعدلون من هندامهم و يمشطون شعرهم و لكن هذا لا يحسب لدي , لأن كم من مرةٍ شاهدتهم ينطقون بكلمات سيئة ويتصرفون بعكس ما يظهرون , بني البشر هؤلاء لا يمكنك الحكم عليهم بسهولة ! , فتارةً يبدون طيبي المعشر و يبالغون كأنهم الأمراء , و تارةً يتصرفون و كأنهم وحوش يفقدون عقولهم لفترة ..". تساءل الصغير بعد تفكير عميق لدقيقتين _ " ألم يبدون جيدين كفاية لأجل الخروج , لكن هل كان هنالك أمراء أمامك هذا رائع ؟! " ضحكت المرآه رغماً عنها و قالت بلطف _ " لستُ متأكدة لكن ...مهما كانوا . يجب أن يكونوا حسن الخلق فالكلام الطيب يرفع العمل الصالح , و هنالك ذلك الدعاء الذي يقال عند النظر في المرآة ! ". فتح الصغير فمه ليستوعب ما تنطقه المرآة فصمت ثوان ثم ردد وهو يهز رأسه _ " الكلام الطيب يرفع العمل الصالح , و ما هو الدعاء الذي أقوله عندما أرى صورتي ". ابتسمت له وهي تنطق ببطء و وضوح _ " اللهم حسـّن خُلقي كما حسّنتَ خلقي ! ". _" لقد فهمت عليك أيتها المرآه مع أنني أنظر لنفسي , هل أقوله الآن ؟! ". ضحكت المرآه لفكاهته أو براءته , و قالت بحنو _:" أجل يا صغيري , لكن بعدما تمسح وجهك و تقوم بمسحي أنا أيضاً , سيكون كلانا بمظهر جيد , و أنت من داخلك و خارجك ..". هب الصغير واقفاً و ركض إلى الممر الذي جاء منه , ثم جلب ممسحة نظيفة و بكل حماسة أخذ يمسح المرآه الطويلة المستنده على قاعدة معدنية على الأرض , ظهر ضوء القمر يتسلل إليهما ناظرا إليهما خلسة وابتسامة دافئة تنبعث من بين شفتيه... المصدر: منتدى همسات الغلا hg'tJgX < , hglJJvNmX |
26-10-2016, 10:02 AM | #2 |
| يعطيكـ الف عااافيه ننتظر جديدكـ دمت بخير |
أبي .. رحم الله روحاً أتعبني رحيلها ’’ |
26-10-2016, 10:28 AM | #3 |
| تسلم الايادي الغالية الله لايحرمنا جديدك وابداعك,, كل الشكر لك لك تقديري واحترامي |
اللهم اشفي عبدالرحمن شفاً لايغادر سقماً .. والبسه لباس العافيه الحياه لاتتوقف عند حدث معين!! نحن من نتوقف علىَ سبيل الألم : قطعه من قلبيَ في أحَد القبور |
28-10-2016, 01:06 PM | #4 |
| مَوْضُوٌعْ فِيٍ قَمّةْ الْرَوُعَهْ لَطَالمَا كَانَتْ مَواضِيعَكْ مُتمَيّزهَ لاَ عَدِمَنَا هَذَا الْتّمِيزْ وَ رَوْعَةْ الأخَتِيارْ دُمتْ لَنَا وَدَامَ تَأَلُقَكْ الْدّائِمْ |
|
28-10-2016, 02:52 PM | #5 |
| شكرااا على مجهودك الرائع تسلم يمينك ودام عطائك العذب پآقة ورد |
|
28-10-2016, 07:59 PM | #6 |
| يعطيك العافيه على القصه المميزهـ بتميز وروعة انتقائك لا تحرمنا جديدك تقبل مروري واحترامي |
|
30-10-2016, 12:30 AM | #7 |
| تِسَلّمْ الأيَادِيْ ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك دُمتْ ودامَ نبضُ متصفحك متوهّجاً بِروَعَةْ مَا تِطَرحْ لروحَكَ جِنآئِن وَرديهّ |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
المــرآةْ , الطفـلْ |
| |