بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله بيده مفاتيح الفرج،خُلق الإنسانُ في هذه الشدائد والآلامِ يكابدها،
فالإنسان في كبدٍ ونكد(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)فلا يخلو أحد من الابتلاءات،ولا ينجو أحدٌ من الأمراض والأزمات،
قال تعالى(ولَنبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ،أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
فالابتلاءات تطهير وتنقية،وتمحيصٌ وتصفية،ورفعة ومنزلة، وكفارة وتزكيةٌ،ومضاعفة للحسنات،وزيادة في الأجورِ والدرجات ،وتكفير للخطيئات،وحط للسيئات(أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
وقال تعالى(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )آل عمران،
فالدنيا لا تبقى على حالٍ،كما قال تعالى(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)يعز قوماً،ويذل قوماً،ويشفي مريضاً،ويفك عانياً،ويفرج مكروباً،ويجيب داعياً،ويعطي سائلاً،ويغفر ذنباً،يحيى حياً،ويميت ميتاً،ويرفع قوماً،ويضع آخَرِين،
والمؤمن الصادق إذا وقع في أزمةٍ أو شدَّة،يلجأ إلى ربِّه ومولاه
بقلبه وقالبه،وسيجِد عنده الفروج والمخرج،بل سيجد السعادة الحقيقية الأبدية،من كل ضائقة وشدَّة،
علاجات في الكتاب والسنة النبوية،لتفريج الهموم وكشف الكربات والغموم،
الإيمانُ بالله،والعمل بموجبه ومقتضاه، من تقوى الله،وتطبيق شرعه،والاستقامة على دينه،
قال تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)
يقول صلى الله عليه وسلم(يا فاطمة،أنقذي نفسك من النار،فإني لا أملك لكم من الله شيئاً)
فالضر والنفع بيد الله وحده(وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ)
ومن أسباب الفرج،التّقوى، وهي امتثالُ الأَمر،واجتناب النَّهي،قال تعالى(ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخرجاً،وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )
ولست أرى السعادة في جمع مال،ولكن التَّقي هو السعيد في طاعة الكبير المتعال،
فالله يعطي الدنيا من يحبُّ ومن لا يحب،ولا يعطي الإيمان إلاَّ لمن يحب،كما قال شيخ الإسلامِ،وإذا رأيت الله يعطي العبد من النعم وهو مقيمٌ على معاصيه،فإنما هو استدراجٌ منه،
ومن أعظم أسباب تَفريج الكرب والهم والحياة الطيبة، العمل الصالح بأشكالهِ وألوانهِ الكثيرةِ والمتعدِّدة،
قال تعالى(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
الصبر وحسن الظن باللهِ ومعرفة جزاء الصَّابرين، قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
وفي صحيح البخاري،عن أَبي هُريرة،يقول،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(من يرد الله به خيراً يصب منه)
(يصب منه) يبتله بالمصائب،ليطهره من الذنوب في الدنيا،فيلقى الله تعالى نقيّاً،
وفي الصحيحين،عن أَبِي سعيد الخدري،عن أبي هريرة ،عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب،ولا هم ولا حزن،لا أذى ولا غم،حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
والوصب،الوجع اللَّازم،
ومن نظر إلى مصائب الآخرين هانت عليه مصيبته،وسترى مصيبتك أقل من غيرك،فعليك بالصبر وحسن الظن بالله،
عن أَبِي هريرة رضي اللَّهُ عنه،قال،قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم،يقول اللَّهُ تَعَالَى(أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)
الرِّضا بما قسم الله عز وجل،والشكر، رواى مسلم،عن أبي هريرة،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(انظروا إلى من أسفل منكم،ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ،فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله)
التوكلُ على الله حق التوكل، قال تعالى(وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)مع الأخذ بأسبابِ الرِّزقِ الشرعية،فالحرام لا يشبع وإِنْ كثُر،والحَلالُ يَكْفِي وإنْ قل،
فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك،وأغننا بفضلك عمن سواك،
الإكثارُ من العبادة، ففي سنن الترمذي،وابن ماجه،عن أبي هريرة،عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم،قَال(إن الله تعالى يقول،يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك،وإلا تفعل،ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك ،فمن انشغل عن الله والدار الآخرة خسر خسراناً مبيناً)وصححه الألباني،
فعن زيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَال(من كانت الدنيا همه،فرق اللَّه عليه أمره،وجعل فقره بين عينيه،ولم يأته من الدنيا إِلَّا ما كتب له،ومن كانت الآخرة نيّته ،جمع اللَّه له أمره،وجعل غناه في قلبه،وأتته الدنيا وهي راغمة)
الصلاة وتعاهد قيامِ الليل، فالصَّلاةُ روضة المشتاقين،وأنسُ المحبين،وراحة المؤمنين،وسكينة الصادقين،والِاستعانة بِالصلاة على كل أمرهم من أمرِ دنياهم آخرتهم،
فَقَال تعالى(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)البقرة،
وإنما بدأ بالصبر قبلها لِأن الإيمان وجميع الفرائض والنوافل من الصلاة وغيرها لا تتم إِلا بِالصبر،
التوبةُ وكثرةُ الاستغفار، فمن رأى أنه لا ينشرح صدره،ولا يحصل له حلاوةُ الإيمان،ونور الهداية،فليكثر التوبة والاستغفار،
وقال شيخ السلام،أخبر الله سبحانه أنه لا يعذِّبُ مستغفراً،لأن الاستغفار يمحو الذنب الذي هو سبب العذاب،فيندفع العذاب، فالاستغفارُ يفرِّجُ الهموم،
تعاهد العبدِ بالصَّدقة،والإكثارُ من الصَّلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين،عن أبي هريرة رضي اللَه عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(ما من يوم يصبح العباد فيه،إِلا ملكان ينزلان،فيقول أحدهما،اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر،اللهم أعط ممسكًا تلفاً)
عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال( يا أيها الناس اذكروا الله،اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه،
قال أبي قلت، يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال ما شئت، قال،قلت الربع، قال،ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت،النصف،قال،ما شئت،فإن زدت فهو خير لك،قال،قلت فالثلثين،قال،ما شئت فإن زدت فهو خير لك،قلت أجعل لك صلاتي كلها،قال إذن تكفى همك ويغفر ذنبك)رواه أحمَد،والترمذي،
والذِّكر، ذكرُ الله فيه حياة القلوب،والقربُ من علام الغيوب
ذكرُ اللهِ فيه كشفُ الهمومِ ، وتفريجُ الكروبِ،
مثلُ الذي يذكرُ ربَّهُ ، والذي لا يذكرُ ربَّهُ كمثلِ الحيِّ والميِّت،
فأكثروا من ذكر الله،فما ذكر الله تعالى في عسر إلا يسره،ولا كربة إلا فرجها،ولا مخافة إلا أمنها،
يا من تشعر بالضيق في صدرك،أكثر من التسبيح،
قال تعالى(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ،فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ،وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )
الدعاء (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
يا من تخاف عدوّاً، الجأ إلى الله،وقل،حسبنا الله ونعم الوكيل،
وروى البخاري عن ابن عباس،حسبنا اللَه ونعم الوكيل،قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار،
يا من تخاف مكر إنسان وغدره، الجأ إِلى اللهِ،وقل(وأفوض أمري إِلَى الله)
يا من تكاثرت عليه الهموم، لا تيأَس،وأبشر بالفرج القريب(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
يا من أحاط به الغم، لا تقلق،وفي سنن الترمذي عن سعد،قال،قال رسول اللّهِ صلى اللَه عليه وسلم(دعوة ذي النّون إِذ دعا وهو في بطن الحوت،لا إله إِلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين،فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إِلَّا استجاب اللَّه له،
يا من نزل به ضر، لا تيأس،قال تعالى(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
يامن نزل بك
الكرب،وحلَّ بك الهم، اهرع إلى ربِك،بدعاء الكربِ )بصدقٍ،
فهذا الحديث العظيم لنبينا صلى اللهُ عليه وسلم،كما في،الصحيحين،عن ابن عباسٍ،َأن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب(لا إِله إِلَّا الله العظيم الحليم،لا إِله إِلَّا الله رب العرش العظيم،لا إِله إِلَّا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)قال الطبري،كان السلف يدعون به،ويسمونه( دعاء الكرب )
اللهم لا فرج إلَّا فرجك،ففرج عنا كل شدة وكربة يا من بيده مفاتيح الفرج،واكفنا شر من يريد ضرنا من إنس وجن وادفعه عنا بقدرتك ياأرحمن الراحمين،
اللهم من نام على ضيق،فأيقظه على فرج،ومن نام على حزن،فأيقظه على فرح،ومن نام على عُسْر،فأيقظه على يسرٍ،
اللهم آميـن.