#1
| |||||||||||||
| |||||||||||||
شروط الطواف_ المنقول شروط الطواف الدكتور: عبد الله بن إبراهيم الزاحم المقدمة الحمد لله الكريم المنان، سابغ الفضل والإحسان، أنعم علينا بنعمه الوافرة، ومَنَّ علينا بمننه المترادفة، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الليل والنهار، وبعد: فقد سبق أن كتبت بحثا بعنوان " أنواع الطواف وأحكامه " وأشرت في مقدمته إلى ما كتبه الدكتور / شرف بن علي الشريف، بعنوان " من أحكام الطواف، السنن "، وأن هذا الصنيع منه جعلني أستحسن تقسيم البحث في أحكام الطواف إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أنواع الطواف، وأحكامه. القسم الثاني: شروط الطواف، وواجباته. القسم الثالث: سنن الطواف، وآدابه. وقد تناول الدكتور شرف القسم الثالث، وتناولت في ذلك البحث القسم الأول، ويبقى من هذه الأقسام أوسطها وهو: (شروط الطواف، وواجباته) وبعد أن جمعت المادة العلمية لهذا القسم رأيت فيه طولا وانقساما، فاستحسنت قسمه إلى بحثين: أحدهما: في شروط الطواف. والثاني: في واجباته. وتناولت في هذا البحث الأول منهما وهو: (شروط الطواف) ولا شك أن هذا القسم هو عقد هذه الأقسام وأهمها، إذ عليه يتوقف صحة الطواف مهما كان نوعه، وبالإخلال به قد يفوت الحاج إدراك مراده مع ما تجشم من مشاق، وما تكلف من صعاب، فكم من الحجاج من لا يتيسر له تكرار هذه العبادة، ولا يستطيع العودة إلى هذه الديار مرة أخرى. فأحببت أن أتناول بهذه الدراسة ما عده أصحاب المذاهب من شروط الطواف، وما استدل به كل فريق، وأوازن بين ذلك، جاعلا نصب عيني الميل مع الدليل حيث مال دون تعصب لمذهب، أو انتصار لقائل، سائلا الله أن يوفقني للحق والسداد، وأن يلهمني الصواب والرشاد، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير. وقد قسمت هذا البحث إلى: مقدمة، وتمهيد، وثمانية مطالب، وخاتمة. أما المقدمة: فقد ضمنتها: الافتتاحية، وأهمية الموضوع، وخطة البحث. وأما التمهيد: فتناولت فيه تعريف الشرط، والواجب، والفرق بينهما. وأما المطالب فهي: الأول : كون الطواف سبعة أشواط. الثاني : الإسلام. الثالث : العقل. الرابع : النية. الخامس : كونه داخل المسجد. السادس : كونه بالبيت. السابع : الابتداء بالحجر الأسود. الثامن : دخول الوقت. وأما الخاتمة: فقد أشرت فيها إلى ما توصلت إليه من نتائج خلال هذا البحث. وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعله لي ذخرا يوم الدين، وأن ينفع به من كتبه، أو اطلع عليه. وما كان فيه من صواب فهو محض توفيق الله، وما كان فيه من خطأ، أو تقصير فمني، سائلا الله أن يغفره لي، ويتجاوزه عني. ولكل من أرشدني إلى تصحيح خطأ، أو بيان تقصير، دعوة مني خالصة بأن يلهمه الله رشده، وأن يسدد خطاه. تمهيد التمهيد: في تعريف الشرط والواجب، والفرق بينهما: قبل الحديث عن شروط الطواف يحسن التعرف على كل من الشرط والواجب، وهل هما بمعنى واحد، أم يفترقان؟ أولا: تعريف الشرط : في اللغة: الشرط بالإسكان: إلزام الشيء، والتزامه في البيع ونحوه، كالشريطة، والجمع شروط، وشرائط. ويطلق الشرط أيضا على بزغ الحجَّام المشرط. ويُقال: شَرَطَ يَشْرِطُ شَرْطًا، إذا بزغ، والْمِشْرَط والْمِشْرَاط المِبْضع. وبالتحريك (الشَّرَط) العلامة، وجمعه أشراط، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [سورة محمد آية 18] أي: علاماتها. والشَّرَط أيضا، كل مسيل صغير يجيء من قدر عشر أذرع، وأول الشيء، ورُذال المال، وصغارها. والأشراط أيضا الأشراف فهو من الأضداد. وأشرط إبله، أعلم أنها للبيع، والرسول أعجله ونفسه لكذا، أعلمها وأعدها. والشُرْطَةُ بالضم، ما اشترطت، يقال: خذ شُرْطَتَك. وواحد الشُّرط كصرد، وهم أول كتيبة تشهد الحرب، وتتهيأ للموت، وطائفة من أعوان الولاة، وهو شُرْطي، سموا بذلك؛ لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يُعرفون بها. قال ابن فارس : " الشين والراء والطاء، أصل يدل على علم وعلامة، وما قارب ذلك من علم. من ذلك الشَّرَط العلامة، أشراط الساعة: علاماتها... ومن الباب شَرْط الحاجم، وهو معلوم؛ لأن ذلك علامة وأثر ". أما في الاصطلاح: فقد عرفه العلماء بتعريفات متقاربة في الألفاظ، متحدة في المعنى، فقالوا في تعريفه: هو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. إيضاح التعريف وشرحه: قوله: " ما يلزم من عدمه العدم " أي: يلزم من عدم الشرط عدم المشروط، كالطهارة، يلزم من عدمها عدم الصلاة، وهو احتراز من المانع؛ لأنه لا يلزم من عدمه وجود ولا عدم. وقوله: " ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته " أي: لا يلزم من وجود الشرط، وجود المشروط، ولا عدمه. فالطهارة والوقت، لا يلزم من وجودهما فعل الصلاة أو صحتها، ولا عدم ذلك، وهو احتراز من السبب، ومن المانع أيضا. أما من السبب، فلأنه يلزم من وجوده الوجود لذاته. وأما المانع، فلأنه يلزم من وجوده العدم. وقوله: " لذاته " أي: ذات الشرط، وهو احتراز من مقارنة الشرط وجود السبب، فيلزم الوجود، أو مقارنة الشرط قيام المانع، فيلزم العدم، لكن لا لذاته، وهو كونه شرطا، بل لأمر خارج، وهو مقارنة السبب، أو قيام المانع. ثانيا: تعريف الواجب : في اللغة: الواجب في اللغة الساقط اللازم، كسقوط الشخص ميتا، فإنه يسقط لازما محله، لانقطاع حركته بالموت، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ [سورة الحج آية 36] أي: سقطت على الأرض بعد نحرها. ويطلق الواجب على معان أخرى. قال ابن فارس : " الواو والجيم والباء: أصل واحد، يدل على سقوط الشيء ووقوعه، ثم يتفرع ". فيقال: وجَبَ البيع والحق يَجِبُ، وجوبا، وجِبَةً، لزم وثبت، والجيبة: أن توجب البيع، واستوجبه استحقه، ووَجَبَت الشمس وجوبا غربت، ووَجَب الحائط ونحوه وَجْبَةً سقط، ووَجَب القلب وَجْبًا ووجبانًا خفق واضطرب، والوجب: الجبان. وأما في الاصطلاح: فقد اختلفت عبارات العلماء، في حد الواجب اصطلاحا، ولعل أولاها ما اختاره ابن النجار الفتوحي وهو: ما ذُمَّ شرعا تاركه قصدا مطلقا. ثالثا: الفرق بين الشرط والواجب : إن من المقرر عند العلماء، أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين: تكليفية، ووضعية. وأن الأحكام التكليفية هي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح. وأن الأحكام الوضعية هي: السبب، والشرط، والمانع. وقد يجتمع خطاب التكليف وخطاب الوضع في شيء واحد، كالزنا، فإنه حرام وسبب للحد. وقد ينفرد خطاب الوضع، كأوقات العبادات، وكون الحيض مانعا من الصلاة والصوم ونحوهما، وكون البلوغ شرطا للتكليف، وحولان الحول شرطا لوجوب الزكاة. وأما انفراد خطاب التكليف فقيل: لا يتصور، وذهب القرافي إلى إمكان انفراده، كأداء الواجبات، واجتناب المحرمات، كإيقاع الصلوات، وترك المنكرات. فقال: " فهذه من خطاب التكليف، ولم يجعلها صاحب الشرع سببا لفعل آخر نؤمر به، أو ننهى عنه، بل وقف الحال عند أدائها وترتبها على أسبابها، وإن كان صاحب الشرع قد جعلها سببا لبراءة الذمة، وترتيب الثواب، ودرء العقاب، غير أن هذه ليست أفعالا للمكلف. ونحن لا نعني بكون الشيء سببا إلا كونه وضع سببا لفعل من قبل المكلف ". ويتعلق بمسألتنا أيضا مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. قال ابن بدران : إن لهذه المسألة ملحظين: أولهما: ما يتوقف على وجوب الواجب، وهذا لا يجب إجماعا سواء كان سببا، أو شرطا، أو انتفاء مانع، فالسبب كالنصاب، يتوقف عليه وجوب الزكاة، فلا يجب تحصيله على المكلف، لتجب عليه الزكاة، والشرط كالإقامة في البلد، إذ هي شرط لوجوب أداء الصوم، فلا يجب تحصيلها إذا عرض مقتضى السفر ليجب عليه فعل الصوم، والمانع كالدين، فلا يجب نفيه لتجب الزكاة. وثانيهما: ما يتوقف عليه إيقاع الواجب، أي: الذي لا يتم الواجب إلا به، وهو نوعان: ( أحدهما ) ما ليس في قدرة المكلف ووسعه وطاقة تحصيله، ولا هو إليه، كحضور الإمام، والعدد المشترط في الجمعة للجمعة، فإنهما شرط لها، وليس إلى آحاد المكلفين بالجمعة إحضار الخطيب ليصلي الجمعة، ولا إحضار آحاد الناس، ليتم بهم العدد، فهذا النوع غير واجب. ( وثانيهما ) ما هو مقدور للمكلف. وهو إما أن يكون شرطا لوقوع الفعل، أو غير شرط، فإن كان شرطا كالطهارة وسائر الشروط للصلاة، فإنه يكون واجبا، إلا إذا جاء التصريح بعدم وجوبه. ويتضح مما سبق: أن الشروط التي نعنيها في بحثنا وهي: " شروط صحة الطواف " من الأمور المقدورة للمكلف، ولا يتم الواجب- وهو الطواف- إلا بها، فهي واجبة أيضا، وإنما الفرق بينها وبين الواجبات الأخرى، أنه بانتفائها، وعدم وجودها، ينتفي الطواف حكما، فلا يصح الطواف إلا بها. فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل شرط واجب، وليس كل واجب شرطا. شروط الطواف : تبين لنا مما سبق أن هناك فرقا بين الشروط والواجبات، فالشرط لا يتم الواجب إلا به، وبالإخلال به أو عدم وجوده ينتفي حكم المشروط. فشروط الطواف هي التي لا يصح الطواف إلا بها. فالإخلال بها، إخلال بصحة الطواف. أما الواجبات فهي التي يأثم تاركها قصدا من غير عذر، ويمكن أن يجبر الإخلال بها بجابر يتناسب مع نوع الطواف وحكمه. وسأتناول في هذا البحث الشروط التي يتوقف عليها صحة الطواف. وقد اعتمدت في اعتبار هذه الشروط تقسيم الأحناف، إذ إنهم فرقوا بين الشروط والواجبات، أما غيرهم من أصحاب المذاهب فلم يفرقوا بينهما، وقد جعلت كل شرط في مطلب. وحيث إن هذه الدراسة تناولت الشروط في طواف الإفاضة من حيث الجملة، فإن مما ينبغي أن يُعلم أن الطواف يختلف في أنواعه اختلافا كبيرا: - فمنه ما يكون ركنا في العبادة: كطواف الإفاضة فإنه ركن في الحج لا يتم الحج إلا به، وكطواف العمرة فإنه ركن من أركانها، فلا تتم إلا به. ومنه ما يكون واجبا يجب بتركه دم: كطواف الوداع في الحج. وقد يكون واجبا بالنذر فلا يأخذ حكم الواجب في الحج. - ومنه ما يكون تطوعا: كطواف النافلة ونحوه. فما يترتب على الإخلال بشيء من الشروط ليس على وتيرة واحدة، بل يتفاوت تفاوتا بينا بناء على التفاوت في نوعه. بل قد يحصل التسامح في بعض الشروط، أو الواجبات كالمشي مع القدرة عليه في طواف النافلة، وكالتسامح في عدم اشتراط القيام أو استقبال القبلة في صلاة النافلة على الدابة. مطالب في شروط الطواف المطلب الأول: كون الطواف سبعة أشواط : لا خلاف بين العلماء أن من اقتصر في الطواف بالبيت على مرة واحدة احتجاجا بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وأن الله جل وعلا أطلق الأمر بالطواف، ولم يشترط عددا محددا، وأن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار- أن طوافه غير صحيح، ولا يجزئه، ولا يُعتد بهذا الطواف. ولا خلاف بينهم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعا، وقال: ) لتأخذوا عني مناسككم (. وإنما اختلفوا في اشتراط أن يكون الطواف بالبيت سبعة أشواط، وهل من ترك شيئا منها يجزئه طوافه أم لا؟ على قولين: القول الأول: إنه لا يصح الطواف إلا بإكمال سبعة أشواط، فمن ترك شيئا منها، لم يصح طوافه، ولا يعتد به. وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد. القول الثاني: إن إكمال الأشواط السبعة ليس بشرط لصحة الطواف، فلو طاف أكثر الأشواط ولم يتمكن من إتمامه، أو إعادته لرجوعه إلى بلده، صح طوافه، وأجزأه، وجبر المتروك منه. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف ببيته العتيق، ولم يبين العدد المجزئ في ذلك، فجاء البيان بفعله صلى الله عليه وسلم إذ طاف سبعة أشواط، وقال: ) لتأخذوا عني مناسككم ( فدل ذلك على أن المراد بالطواف بالبيت، الطواف به سبعة أشواط، فلا يجوز النقص منه كالصلاة. الثاني: وبحديث جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: "... ) حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا، ومشى أربعا (... الحديث. رواه مسلم. الثالث: وبحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: ) قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم خرج إلى الصفا ( متفق عليه. الرابع: وبحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ) لتأخذوا عني مناسككم ( رواه مسلم. وجه الاستدلال منها: نصت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت سبعا، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به في أفعال المناسك، فدل ذلك على اشتراط أن يكون الطواف بالبيت سبعة أشواط، ولا يصح الطواف بدونها. الخامس: وبحديث: ) الطواف بالبيت صلاة (... . وجه الاستدلال منه: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الطواف بالبيت صلاة، فيشترط في الطواف ما يشترط في الصلاة- إلا ما دل الدليل على تخصيصه واستثنائه- والصلاة لا يقوم أكثر عدد ركعاتها مقام الكمال، فكذلك أشواط الطواف لا تقوم مقام الكمال. السادس: وقالوا: إن هذه عبادة لا يُجبر أكثرها بالدم، فلم يجبر أقلها، كالصوم والصلاة. واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف، ولم يذكر عددا، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار، إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط تثبت بدليل آخر، وهو الإجماع، ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط. الثاني: وبقوله صلى الله عليه وسلم: ) الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع، فقد تم حجه (. وجه الاستدلال منه: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحج عرفة، وأن من جاءها قبل صلاة الفجر ليلة النحر فقد تم حجه، مع العلم ببقاء ركن آخر عليه، دليل على أن الشارع اعتبر في هذه العبادة إقامة الأكثر مقام الكل، بخلاف الصلاة والصيام. الثالث: وقالوا: " الطواف من أسباب التحلل، وفي أسباب التحلل يقام البعض مقام الكل كما في الحلق، إلا أنه في الطواف يعتبر الأكثر، ليترجح جانب الوجود، فإن الطواف عبادة مقصودة، والحلق ليس بعبادة مقصودة، فيقام الربع مقام الكل. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه جمهور العلماء وهو: أن من شرط صحة الطواف إكمال سبعة أشواط، فمن نقص من ذلك شوطا، لم يعتد بطوافه. وذلك لما يلي: 1 - الإجماع على أن الشوط الواحد لا يجزئ ولا يعتد به في الطواف، فالأمر بالطواف في الآية مجمل، فجاء البيان والتحديد بفعله صلى الله عليه وسلم إذ طاف سبعة أشواط، فلا يعتد بما دونها. 2 - أن تقدير الطواف بسبعة أشواط ثابت بالنصوص المتواترة، فهي كالقرآن في إفادة الفرضية. فالقول بأنه لا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط، مناقض للإجماع بأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف سبعة أشواط، وأن الشوط الواحد لا يجزئ، إذ إن تقدير العبادات لا يُعرف بالرأي والاجتهاد، وإنما يُعرف بالتوقيف. 3 - أن القول بأن الطواف من أسباب التحلل فيقام البعض مقام الكل لا يسلم؛ إذ إن الطواف ركن من أركان الحج والعمرة، فقياسه على الصلاة أولى. ولا يقال: إن أكثر الصلاة يقوم مقام الكل. 4 - أن القول بأن الشارع اعتبر في هذه العبادة إقامة الأكثر مقام الكل لا يسلم أيضا، فإن الشارع إنما اعتبر ذلك في عدم فساد الحج، ولذا فإن من ترك الطواف، لم يقل أحد بأنه قد تم حجه. (والله أعلم). المطلب الثاني: الإسلام : هذا الشرط محل اتفاق بين العلماء؛ لأن الطواف عبادة من العبادات التي تعبد الله عباده به، وأمرهم بالتقرب إليه فقال سبحانه: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] والعبادة لا تصح من الكافر، ولا تقبل منه، سواء قيل بأنهم مخاطبون بفروع الشريعة ومطالبون بها أم لا. وهذا الشرط قد نص على اشتراطه في الطواف بعض أصحاب المذاهب، ممن أفرد المناسك بكتاب مستقل. فقد نص على اشتراطه الأحناف فقال ملا علي قاري في منسكه: " فصل في شرائط صحة الطواف: أي مطلقه- الإسلام- لأن الكافر ليس أهلا للعبادة ". وكذا الحنابلة فقال مرعي في دليله: " وشروط صحة الطواف أحد عشر: . . والإسلام ". ولا يعني إغفال المالكية والشافعية لهذا الشرط وعدم إشارة خليل له في منسكه، وكذا النووي في إيضاحه عند ذكر شروط الطواف وواجباته، أنهم لا يشترطونه، بل قد نصوا على اشتراطه في أول كتاب الحج عند الحديث على وجوب الحج وشروط صحته. فقال الدردير في الشرح الصغير: " وصحتهما- أي الحج والعمرة- بإسلام، فلا يصح واحد منهما من كافر ". وقال الحطاب بعد أن أشار إلى الخلاف في اشتراط الإسلام هل هو شرط وجوب أم شرط صحة قال: " وإذا قلنا: إنه شرط في الوجوب فيكون شرطا في الصحة أيضا، إذ لم يقل أحد إن العبادة تصح من الكفار ". وقال النووي في الإيضاح: " الناس أربعة أقسام- أي في الحج- قسم يصح له الحج، وقسم يصح منه المباشرة، وقسم يقع له عن حجة الإسلام، وقسم يجب عليه. فأما القسم الأول: وهو الصحة المطلقة، فشرطها الإسلام فقط، فلا يصح حج كافر. . ". وحكى ابن رشد اتفاق العلماء على هذا الشرط فقال: " الشروط قسمان: شروط صحة، وشروط وجوب. فأما شروط الصحة فلا خلاف بينهم أن من شروطه: الإسلام، إذ لا يصح حج من ليس بمسلم ". وحكاه ابن مفلح إجماعا. وبهذا يتبين أن هذا الشرط محل اتفاق بين العلماء، فلا يصح الطواف من الكافر ولا يقبل منه، سواء قيل: بأنه شرط وجوب؛ لأنهم غير مخاطبين بفروع الشريعة، أم لا. (والله أعلم). المطلب الثالث: العقل : المراد بهذا الشرط معرفة هل من شرط صحة الطواف أن يكون الطائف عاقلا، فلا يصح من المجنون، ولا الصبي غير المميز. أم ليس من شرطه ذلك فيصح منهما، وينوي عنهما وليهما؟ هذا الشرط مما اختلف فيه العلماء، وفرقوا بين المجنون والصبي، ولذا فسأتناول كل واحد منهما في فرع مستقل. الفرع الأول: طواف المجنون : اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في طواف المجنون هل يصح منه أم لا؟ على قولين: القول الأول: لا يصح طواف المجنون. وإلى هذا ذهب الأحناف في المشهور، والحنابلة، والمالكية في رواية، والشافعية في وجه. القول الثاني: يصح طواف المجنون. وإلى هذا ذهب المالكية في المشهور، والشافعية في الأصح، والحنابلة في قول. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: " الأول: بقوله صلى الله عليه وسلم: ) رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل ( أخرجه أحمد من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وجه الاستدلال منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر برفع القلم عن هؤلاء، والمراد برفع القلم عدم تكليفهم، وتسطير السيئات عليهم، فدل ذلك على أن المجنون ليس من أهل التكليف، وعلى عدم صحة العبادة منه. الثاني: الإجماع على أن المجنون لو أحرم بنفسه لم ينعقد إحرامه؛ لأنه ليس من أهل العبادة. الثالث: أن العقل مناط التكليف، وبه تحصل أهلية العبادة، والمجنون ليس أهلا لذلك، فلا معنى ولا فائدة في طوافه وسائر عباداته، أشبه العجماوات. واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي: بالقياس على الصبي غير المميز، فيصح طواف المجنون وحجه إذا باشر ذلك وليه كالصبي غير المميز. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو: أن العقل شرط لصحة الطواف، فلا يصح طواف المجنون. وذلك لما يلي: 1 - أن العقل هو مناط التكليف، فالمجنون ليس أهلا للعبادة. فلا يصح منه الطواف وسائر العبادات. 2 - أن تحرك المجنون أشبه بتحرك الآلة، أو الحيوان الذي لا يعقل، فلا معنى لدورانه، ولذا اتفق العلماء على أنه لو باشر الطواف بنفسه، لم يصح منه. 3 - أن قياس المجنون على الصبي غير المميز، غير صحيح؛ لأن الأصل غير مسَلَّم أيضا، فإن ممن يشترط العقل يشترط التمييز أيضا، فلا يرى صحة حج الطفل في مهده. 4 - أن الحج يتضمن عبادات بدنية، فلا تصح من غير المميز كالصلاة. (والله أعلم). الفرع الثاني: طواف الصبي غير المميز: لا خلاف بين العلماء في صحة طواف الصبي المميز إذا استكمل بقية الشروط الأخرى. وإنما اختلفوا في طواف الصبي غير المميز. على قولين: القول الأول: لا يصح الطواف منه. وإلى هذا ذهب الأحناف، والمالكية في رواية. القول الثاني: يصح الطواف منه. وإلى هذا ذهب المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: الأول: أن الإحرام سبب يلزم به حكم، فلم يصح من الصبي كالنذر. الثاني: أن العبادة لا تصح ممن لا يعقل، فلا تصح من الصبي غير المميز. الثالث: أن العبادة لا تصح إلا بالنية، وغير المميز لا نية له. فلا يصح طوافه. واستدل أصحاب القول الثاني، بما يلي: الأول: بحديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ) لقي ركبا بالروحاء... فرفعت امرأة صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: " نعم، ولك أجر ( وفي رواية لأبي داود : ) فأخذت بعضد صبي فأخرجته من محفتها ( وفي رواية لأحمد : "... ) رفعت صبيا لها (. وجه الاستدلال منه: أن الصبي الذي يُحمل بعضده، ويُخرج من المحفة لا تمييز له. الثاني: وبحديث ) السائب بن يزيد رضي الله عنه قال حُجَّ بي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين (.. رواه البخاري. الثالث: وبحديث جابر رضي الله عنه قال: ) حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم (. وجه الاستدلال منها: في الحديثين بيان لما كان عليه حال الصحابة رضي الله عنهم، إذ كانوا يحجون بصبيانهم قبل بلوغهم الحلم، سواء كانوا مميزين أم كانوا دون سن التمييز، فدل ذلك على صحة طواف الصبي غير المميز. ويدل له أيضا الآثار التالية: الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أنه كان يحج صبيانه وهم صغار، فمن استطاع منهم أن يرمي رمى، ومن لم يستطع أن يرمي رمى عنه " رواه الأثرم. الخامس: وعن أبي إسحاق : " أن أبا بكر رضي الله عنه طاف بابن الزبير في خرقة " رواه الأثرم. السادس: وقال عطاء : يفعل بالصغير كما يُفعل بالكبير ويشهد به المناسك كلها، إلا أنه لا يُصلى عنه. الرأي المختار: مع كثرة القائلين بجواز طواف غير المميز، بناء على القول بانعقاد إحرامه بإحرام الولي عنه، وقيامه بما يستطيعه من المناسك كالطواف والسعي والوقوف والمبيت. . إلخ، فإني أميل إلى القول الآخر، وأن الطواف لا يصح من الطفل غير المميز. وذلك لما يلي: 1 - أن الطواف عبادة من العبادات البدنية، فلا تصح ممن لا يعقل أو يميز كالصلاة. 2 - أن الطواف مفتقر إلى نية، وغير المميز لا نية له فلا يصح طوافه. 3 - أن حديث ابن عباس أقوى أدلة القائلين بالجواز، وهو وإن كان صريحا في جواز حج الصبي ومن ثم صحة طوافه، إلا أنه ليس صريحا في كونه غير مميز. 4 - أن النصوص الأخرى تقرر أن أمر الصبي بالعبادات إنما يكون إذا بلغ سن التمييز، لما يحصل له من فوائد من مباشرتها وذلك كأمره بالصلاة وهو ابن سبع سنين. 5 - أن الآثار الأخرى التي استدل بها أصحاب القول الثاني ليست صريحة في الحج بالصبيان وهم دون سن التمييز، بل ظاهرها أنهم قد بلغوا سن التمييز، ولذلك أسند إليهم الأفعال. وقد نص على ذلك حديث السائب ابن يزيد، ويؤيده طواف أبي بكر رضي الله عنه بابن الزبير في خرقة، فإنه قد جاوز سن السابعة إذ كانت ولادته عام الهجرة. 6 - أن الصبي غير المميز أشبه بالمجنون الذي لا يعقل، وقد سبق القول بعدم صحة الطواف منه. 7 - أن تحرك الصبي غير المميز أشبه بتحرك الآلة، أو الحيوان الذي لا يعقل، فلا معنى لطوافه وسائر تحركاته، ولهذا اتفق العلماء على أن إحرامه لا ينعقد إلا بوليه. إذ لا نية له ولا قصد. (والله أعلم). المطلب الرابع: النية : لا خلاف بين العلماء أن الطواف عبادة من العبادات التي أمر الله بها، وأنه من المقاصد، ولذلك اتفقوا على اشتراط النية لصحته. قال السرخسي : " الطواف عبادة مقصودة، ولهذا يتنفل به، فلا بد من اشتراط النية فيه " وقال الحافظ ابن حجر : " وليس الخلاف بينهم في ذلك إلا في الوسائل، وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها ". فالنية شرط في صحة الطواف المطلق اتفاقا، فالطواف بغير نية ليس بصحيح، وليس عبادة يثاب عليها. وإنما اختلف العلماء في الطواف في النسك من حج أو عمرة، هل يشترط لصحته نية الطواف؟ وهل يكفي أصل النية أم لا بد من تعيينها، بأن يكون الطواف للقدوم أو للإفاضة أو للوداع؟ اختلفوا في ذلك على أربعة أقوال: القول الأول: يشترط أصل نية الطواف، ولا يشترط تعيينه. فلو طاف يوم النحر نفلا أو وداعا وقع عن الزيارة، ولو طاف بعد الزيارة فهو للوداع سواء نواه أم أطلقه أم نواه تطوعا. وإلى هذا ذهب الحنفية. القول الثاني: يشترط التعيين في بعض أنواعه. فلو طاف للقدوم بنية النفل لم يجزه، أما لو طاف بعد دخول وقت الزيارة بنية الوداع أو النفل وعاد إلى بلده أجزأه. وبهذا قال المالكية. القول الثالث: يشترط تعيين نية " الطواف. فلو طاف بعد دخول وقت طواف الزيارة بنية الوداع أو النفل لم يقع عنه. وبهذا قال الحنابلة، والشافعية في وجه، وإسحاق، وأبو ثور، وابن القاسم من المالكية، وابن المنذر. القول الرابع: لا تشترط نية الطواف أصلا، إذا كان الطواف في نسك من حج أو عمرة. فلو طاف ناسيا أو ساهيا أجزأ عن الطواف المشروع في وقته، لكن يشترط أن لا يصرفه لغرض آخر كطلب غريم. وإلى هذا ذهب الشافعية في الأصح من الأوجه عندهم وبعض الحنفية. الأدلة: (1) استدل من اشترط أصل النية بما يلي: قالوا: إن نية الطواف في وقته يقع بها عن المشروع في ذلك الوقت دون الحاجة إلى تعيين النية، كما لو صام رمضان بمطلق نية الصوم، أو صام رمضان بنية التطوع فإنه يقع عن رمضان. قال ابن الهمام : " إن خصوص ذلك الوقت إنما يستحق خصوص ذلك الطواف بسبب أنه في إحرام عبادة اقتضت وقوعه في ذلك الوقت فلا يشرع غيره، كمن سجد في إحرام الصلاة ينوي سجدة شكر أو نفل أو تلاوة عليه من قبل، تقع عن سجدة الصلاة لذلك الاستحقاق، فكان مقتضى هذا ألا يحتاج إلى نية أصلا كسجدة الصلاة، لكن لما كان هذا الركن لا يقع في محض إحرام العبادة الذي اقترن به بل بعد انحلال أكثره وجب له أصل النية دون التعيين؛ لأنه لم يخرج عنه بالكلية، بخلاف الوقوف بعرفة ". (2) واستدل من اشترط تعيين النية بما يلي: الأول: بحديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ) إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (... الحديث. وجه الاستدلال منه: أن الحديث دليل على اشتراط النية لصحة الأعمال. فلا بد منها، ولا بد من تعيينها للتفريق بين أنواعها. الثاني: وبحديث: ) الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه المنطق، فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير (. الثالث: وقالوا: إنه عبادة محضة تتعلق بالبيت، فاشترطت له النية كالصلاة. (3) واستدل من لم يشترط النية أصلا بما يلي: الأول: قالوا: إن نية النسك تشمل أعمال المناسك كلها بما فيها الطواف بأنواعه فلا يحتاج إلى نية، كما أن الصلاة تشمل جميع أفعالها ولا يحتاج إلى النية في ركوع ولا غيره. الثاني: وقالوا: الإجماع على أنه لو وقف بعرفة ناسيا أجزأه، فكذلك لو طاف بعد الوقوف ناسيا أنه للإفاضة. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو أنه لا يشترط تعيين نية الطواف في النسك من حج أو عمرة، بل إن نية الطواف كافية لصحته وأدائه عن الواجب في وقته، فمن طاف فور قدومه وكان معتمرا كان الطواف لعمرته ولو نوى القدوم وحده، ولو طاف بعد الوقوف فهو للزيارة وإن لم ينوه، أو نواه للوداع قبل صدوره من مكة. وذلك لما يلي: 1 - أن الطواف في الوقت المحدد له، يقع عن الطواف المشروع في ذلك النسك، دون الحاجة إلى تعيين النية لذلك الطواف، اكتفاء بنية النسك في ذلك. كمن صام رمضان بمطلق النية أو نية التطوع، وكمن حج بنية النفل قبل أن يحج الفريضة. 2 - أن الوقوف بعرفة يختلف عن الطواف، فلا يصح قياس الطواف عليه في الاكتفاء بنية الإحرام، ذلك أن الطواف عبادة مقصودة يتنفل بها، أما الوقوف فإنه لا يتنفل به. والوقوف يؤدى في حال الإحرام، أما طواف الزيارة فإنه يؤدى بعد التحلل من الإحرام بالحلق فوجود النية في الإحرام لا يغني عن النية في الطواف. 3 - أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طافوا في حجة الوداع معه، وهم لا ينوون إلا الحج- فكان طوافهم للقدوم- فلما فرغوا من سعيهم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل وجعلها عمرة، ولم يأمرهم بإعادة الطواف، مع أن طوافهم سنة أو واجب، وطواف العمرة ركن. 4 - لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلن لأصحابه، أو يأمرهم بإعلام الطائفين بأن هذا طواف للقدوم وذلك طواف للإفاضة، بل كان يؤدي المناسك ويقول: ) خذوا عني مناسككم ( ولا شك أن كثيرا ممن حج معه صلى الله عليه وسلم لم يكن مستحضرا أن الطواف بعد الوقوف بعرفة، هو طواف الزيارة، وهو الطواف الركن، وإنما كانوا يتابعون النبي صلى الله عليه وسلم في مناسكه. 5 - ذهب الفقهاء الذين اشترطوا تعيين النية للطواف الواجب، إلى القول بإجزاء الطواف المستحب عنه، في بعض صوره. وذلك كإجزاء طواف القدوم عن طواف العمرة إذا فسخ الحج إلى العمرة متمتعا بها إلى الحج، عند أحمد. وإجزاء طواف التطوع عن طواف الإفاضة الفاسد إذا طافه بعده، عند مالك. قال ابن رجب : " وأخذ الشافعي وأحمد في المشهور عنه وغيرهما في أن حجة الإسلام تسقط بنية الحج مطلقا، سواء نوى التطوع أو غيره، ولا يشترط للحج تعيين النية، فمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه وقع عن نفسه، وكذلك لو حج عن نذر أو نفلا ولم يكن حج حجة الإسلام فإنها تنقلب عنها ". 6- أن القول باشتراط تعيين النية فيه حرج كبير، إذ إن أكثر الحجاج على جهل كبير بمناسك الحج ومعرفة الواجب فيه من الفرض. فكم من الحجاج يطوف طواف الزيارة يوم النحر أو بعده مرافقا غيره دون أن يستحضر أنه الطواف الركن، أو الطواف الذي لا يتم الحج إلا به. (والله أعلم). المطلب الخامس: كون الطواف داخل المسجد: اتفق العلماء رحمهم الله تعالى على اشتراط أن يكون الطواف داخل المسجد الحرام، فلا يجوز الطواف خارجه، وحكى النووي الإجماع على عدم صحة الطواف خارج المسجد الحرام؛ لأنه حينئذ لا يكون طائفا بالبيت، وإنما يكون طائفا بالمسجد، والله أمر بالطواف بالبيت، فقال سبحانه: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وهل يجب الدنو من البيت أم يصح الطواف ولو مع البعد عنه ما دام في المسجد؟ وهل يصح الطواف على سطح المسجد أم يشترط ألا يكون مرتفعا عن بناء البيت؟ هذا ما سأتناوله في الفرعين التاليين: الفرع الأول: الطواف بأروقة المسجد. الفرع الثاني: الطواف على سطح المسجد. الفرع الأول: الطواف بأروقة المسجد: لا خلاف بين العلماء أن الدنو من البيت للرجال مستحب. وليس النظر في هذا البحث إلى سنن الطواف ومستحباته، وإنما إلى شروطه وواجباته، فهل يكون الدنو من البيت واجبا من واجبات الطواف، وشرطا في صحته، خاصة إذا لم يحل دون ذلك ****، أو لم يكن الدنو متعذرا بسبب الزحام، أم لا؟ وهل الطواف بأروقة المسجد، وعلى بعد من البيت- إذا لم يكن خارج المسجد - مخلا بصحته أم بواجباته؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول : يجوز التباعد من البيت في الطواف ما لم يخرج من المسجد، سواء حال بينه وبين البيت **** من السواري ونحوها أم لم يحل شيء من ذلك. وإلى هذا القول ذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة. القول الثاني : يجب الدنو من البيت، فلو طاف من وراء السواري لِحَرٍّ ونحوه، فعليه الإعادة ما دام في مكة. أما إن طاف خارج المسجد القديم، فلا يعتد بطوافه، وعليه الإعادة. وإلى هذا القول ذهب المالكية. فإن تعذرت عليه الإعادة لرجوعه إلى بلده أو بعده، لم يلزمه الرجوع، وعليه دم على المذهب. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: الأول: بحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: ) شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال: " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ". قالت: فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت، وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور (. وجه الاستدلال منه: أن إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة بأن تطوف من وراء الناس، دليل على صحة الطواف بالبيت وإن لم يدن من البيت، أو كان بينه وبين البيت **** من مصلين أو غيرهم. الثاني : وقالوا: إن تباعد من البيت في الطواف أجزأه ما لم يخرج من المسجد، سواء حال بينه وبين البيت **** أم لم يحل؛ لأن ال**** في المسجد لا يضر، كما لو صلى في المسجد مؤتما بالإمام من وراء ****. الثالث : وقالوا: قد وسع المسجد عما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من وسعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلو كان من شرط الطواف أن يكون في المسجد القديم، لنقل ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم. حجة الفريق الثاني: لم أقف للمالكية على حجة فيما ذهبوا إليه من إيجاب الدنو من البيت أو اشتراط كونه بالمسجد القديم، لكن لعلهم استدلوا بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: 1 - أن الله أمر بالطواف بالبيت، فلو طاف تحت السقائف والحوائل من غير زحام، لم يكن طائفا بالبيت بل بالسقائف؛ فدل ذلك على وجوب الدنو من البيت. " 2 - أن الله أمر بالطواف بالبيت، وجاء البيان بتحديد المكان بفعله صلى الله عليه وسلم إذ قال: ) خذوا عني مناسككم ( فدل ذلك على اشتراط أن يكون الطواف حيث طاف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنه لا يصح الطواف إلا في المسجد القديم. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه جمهور العلماء وهو: أن الطواف من داخل المسجد صحيح وجائز، وإن تباعد عن البيت، وأن المستحب الدنو من البيت إن لم يكن في ذلك ضرر من زحام أو غيره، وأن المطاف يتسع باتساع المسجد. وذلك لما يلي: 1 - أن الله جل وعلا أمر بالطواف بالبيت ولم يأمر بالدنو منه، فمن طاف من داخل المسجد فهو طائف بالبيت. 2 - أن القول بوجوب الدنو من البيت عند عدم الزحمة يفتقر إلى دليل، فلو حمل الدنو على الاستحباب، والبعد على الكراهة لكان له وجه. 3 - أن القول باشتراط أن يكون الطواف في المسجد القديم، فيه بعد، وتضييق شديد، فقد وسع المسجد الحرام منذ عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وتتابعت الزيادات إلى عصرنا الحاضر، ومن رأى كثرة الناس وخاصة أيام الحج في أيامنا هذه يدرك ما في هذا القول من التضييق الشديد. 4 - أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة بالطواف من وراء المصلين، دليل على عدم وجوب الدنو من البيت. 5 - أن الطواف بالبيت صحيح ما دام في المسجد، ولو حال بينه وبين البيت ****، كما لو صلى في المسجد مؤتما من وراء ****. (والله أعلم). الفرع الثاني: الطواف على سطح المسجد : المستحب أن يكون الطواف بصحن المسجد، قريبا من البيت، فإن اشتد الزحام بالحجاج احتاجوا إلى الطواف تحت السقائف بأروقة المسجد أو على سطحه. وقد أشرت في المسألة السابقة إلى الطواف بأروقة المسجد، وسيكون الحديث في هذه المسألة عن الطواف على سطح المسجد. فأقول وبالله التوفيق: سطح المسجد لا يخلو من حالين: الأولى: أن يكون بناء البيت أعلى منه. الثاني: أن يكون السطح أعلى من بناء البيت. أما الحالة الأولى: وهي أن يكون الطواف على سطح المسجد، ببناء البيت، أي: أن بناء البيت أرفع من السطح. فالخلاف في هذه المسألة نحو الخلاف في المسألة السابقة: 1 - فالحنفية والشافعية والحنابلة يرون جواز الطواف على سطح المسجد. 2 - والمالكية يرون عدم جواز الطواف على سطحه؛ لأنهم يشترطون الطواف في المسجد القديم. قال الحطاب: " ومثله- أي: مثل الطواف خارج المسجد في عدم الإجزاء- والله أعلم، من طاف على سطح المسجد، وهذا ظاهر، ولم أره منصوصا، وصرح الشافعية والحنفية بأنه يجوز الطواف على سطح المسجد، ولم يتعرض لذلك الحنابلة ". أما الحالة الثانية: وهي أن يكون الطواف على سطح المسجد، بفناء البيت. أي: أن السطح أعلى من بناء البيت. فهل يكون الطواف في هذه الحالة طوافا بالبيت؟ وهل يكون طوافا مجزئا وصحيحا؟ اختلف العلماء الذين أجازوا الطواف في الحالة الأولى، في هذه الحالة على قولين: القول الأول: يجوز الطواف على سطح المسجد، ولو كان أرفع من بناء البيت. وإلى هذا القول ذهب الحنفية، والشافعية على الصحيح، ووجه للحنابلة. القول الثاني: لا يجوز الطواف على سطح المسجد، إذا كان أرفع من بناء البيت. وإلى هذا القول ذهب الشافعية في وجه. وهو احتمال عند الحنابلة. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول، القائلون بجواز الطواف على سطح المسجد، ولو ارتفع عن بناء البيت بما يلي: الأول: بالإجماع على صحة الصلاة على جبل أبي قبيس مع ارتفاعه عن بناء البيت، فكذلك يصح الطواف ولو ارتفع الطائف عن بناء البيت. الثاني: أن البيت يطلق على الكعبة باعتبار البقعة، مع قطع النظر عن البناء، ولهذا لو هدم البيت- والعياذ بالله- صح الطواف به، فمن طاف على سطح المسجد، ولو كان فوق ارتفاع بناء البيت، فقد طاف بالبيت. أي: بالبقعة. واستدل أصحاب القول الثاني: القائلون بعدم الجواز بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف بالبيت، فمن طاف مرتفعا عن بناء البيت لم يكن طائفا به. الثاني: وبقوله تعالى: ﴿ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [سورة البقرة آية 144] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر باستقبال جهة البيت، فدل ذلك على صحة الصلاة على أبي قبيس ونحوه؛ لأن المصلي مستقبل شطر البيت. أي: جهته. وهذا بخلاف الطواف، فإن الطائف مأمور بالطواف بالبيت. أي: ببنائه، فإذا علا لم يكن طائفا به. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو: أن الطائف داخل المسجد يعد طائفا بالبيت، سواء كان ذلك في صحن المطاف، أم في أدوار المسجد المتكررة، وعلى سطحه. وذلك لما يلي: 1 - أن البيت يطلق على الكعبة باعتبار البقعة مع قطع النظر عن البناء. 2 - أن الطواف بالبيت صلاة، فكما تصح الصلاة إلى البيت مع ارتفاع المصلي، فكذلك يصح الطواف بالبيت ولو ارتفع الطائف عن بناء البيت. (والله أعلم). المطلب السادس: كون الطواف بالبيت : اتفق العلماء على اشتراط أن يكون الطواف بالبيت- أي حوله- لقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] فلا يجوز الطواف داخله؛ لأنه حينئذ يكون طائفا فيه، لا طائفا به. واختلفوا فيما إذا طاف فيه، بأن دخل من إحدى فتحتي الحجر وخرج من الجهة الأخرى، فلم يدخل الحجر في طوافه، أو طاف على الشاذروان. هل يصح طوافه أم لا؟ هذا ما سأتناوله في الفرعين التاليين: الفرع الأول: الطواف من داخل الحجر. الفرع الثاني: الطواف على الشاذروان. الفرع الأول: الطواف من داخل الحجر : لا خلاف بين العلماء أن الحجر أو جزء من الحجر من البيت، وإنما أخرج من البيت؛ لأن قريشا قصرت بهم النفقة فلم يستطيعوا إدخاله في البيت، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ) سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر، أمن البيت هو؟ قال: "نعم " قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: " إن قومك قصرت بهم النفقة (... الحديث. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت، فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدي فأدخلني في الحجر فقال لي: ) صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت (. ولا خلاف بينهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ) لتأخذوا عني مناسككم (. وأخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ) من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر... (. ال النووي : " إن النبي صلى الله عليه وسلم طاف خارج الحجر، وهكذا الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة فمن بعدهم، وهذا يقتضي وجوب الطواف خارج الحجر، سواء كان كله من البيت أم بعضه، لأنه وإن كان بعضه من البيت فالمعتمد في باب الحج الاقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب الطواف بجميعه ". فمن طاف من داخل الحجر بأن دخل من إحدى الفتحتين وخرج من الأخرى، فلا خلاف بين العلماء أنه قد أخل بالطواف الواجب؛ لأنه بفعله هذا طاف في البيت، ولم يطف به، وإنما اختلفوا فيما يترتب على من فعل ذلك على قولين: القول الأول: أن طوافه غير صحيح، ولا يعتد به، فليزمه إعادته. وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وبه قال عطاء. القول الثاني: أنه يجب عليه إعادة الطواف ما دام بمكة، فإن رجع إلى بلده أجزأه وعليه دم. وتجزئ الإعادة على الحجر خاصة، والأفضل الإعادة على كل البيت. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، وبنحوه قال الحسن البصري. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: الأول: بالأدلة الدالة على أن الحجر من البيت. وجه الاستدلال منها: أن الحجر من البيت، فمن ترك الطواف بالحجر، لم يطف بجميع البيت، فلم يصح، كما لو ترك الطواف ببعض البناء. الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر، وقد قال عليه الصلاة والسلام ) لتأخذوا عني مناسككم (. وجه الاستدلال منه: أن الله أمر بالطواف بالبيت، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بفعله كيفية هذا الطواف، إذ طاف من وراء الحجر، وأمر بالاقتداء بفعله، فدل ذلك على أن من طاف من داخل الحجر، لم يصح طوافه؛ لأنه خلاف الطواف المأمور به. واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي: الأول: بالأدلة الدالة على أن إكمال الأشواط السبعة ليس شرطا لصحة الطواف، فلو طاف أكثر الأشواط ولم يتمكن من إتمامه أو إعادته صح طوافه وأجزأه، وجبر المتروك منه. الثاني: وقالوا: كون الحطيم من الكعبة ثبت بالآحاد، فكان الطواف به واجبا يجبر تركه بالدم. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو: أن من طاف من داخل الحجر، فطوافه غير صحيح، وعليه إعادته، ولا يجزئه الإعادة على الحجر وحده. وذلك لما يلي: 1 - أن الله أمر بالطواف بالبيت، فالطائف من داخل الحجر، لم يطف بالبيت، وإنما طاف فيه، فلم يصح طوافه. 2 - أن من طاف من داخل الحجر، لا شك أنه أتى بطواف على غير الصفة التي طاف عليها النبي عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ) لتأخذوا عني مناسككم ( فلم يصح طوافه. 3 - أن الآية وإن لم تحدد عدد الأشواط، فالإجماع على أن المرة الواحدة لا تجزئ فيه، فكان بيان المراد بالعدد بفعله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في أنه طاف سبعة أشواط من وراء الحجر، فدل ذلك على أن المراد بالطواف في الآية، الطواف بالبيت سبعة أشواط من وراء الحجر. 4 - أن الطواف وإن كان من أسباب التحلل إلا أنه عبادة مقصودة، بل وركن من أركان الحج والعمرة، فإقامة البعض أو الأكثر في بعض الأجزاء لا يلزم منه إقامتها في كل جزء، فمن أتى بسائر أركان الحج بما فيها الوقوف بعرفة، ولم يطف للزيارة لم يتم حجه، ولا يقال: إن الإتيان بالأكثر يقوم مقام الكل. (والله أعلم). الفرع الثاني: الطواف على الشاذروان : سبقت الإشارة في الفرع الأول إلى اتفاق العلماء: على اشتراط أن يكون الطواف بالبيت. أي: حوله من خارجه لا في داخله. ولا خلاف بينهم أن من طاف داخل البيت حول جدرانه لا يصح طوافه. فهل الشاذروان من البيت؟ وما حكم الطواف عليه؟ سأتناول بحث ذلك في مسألتين: المسألة الأولى: هل الشاذروان من البيت؟ المسألة الثانية: حكم الطواف على الشاذروان. مسألة هل الشاذروان من البيت؟ : اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: ليس الشاذروان من البيت، فلو طاف عليه صح طوافه، إلا أن الأولى أن يطوف خارجه خروجا من الخلاف. وإلى هذا ذهب الحنفية، وهو اختيار بعض المالكية، والشافعية، وابن تيمية من الحنابلة. القول الثاني: أنه من البيت، فلو طاف عليه لم يصح طوافه؛ لأنه حينئذ يكون طائفا في البيت لا به. وإلى هذا ذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو: أن الشاذروان ليس من البيت. وهو اختيار ابن جماعة وغيره من المحققين. وقد أوضح سبب اختياره بقوله: " ثبت أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: ) يا عائشة، لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابا شرقيا، وبابا غربيا، فإنهم عجزوا عن بنائه (. وفي لفظ لمسلم : ) لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت (. وفي رواية له: ) اقتصروا عن قواعد إبراهيم (. وفي أخرى: ) استقصروا من بنيان الكعبة (. وصح أن ابن الزبير لما بلغه حديث عائشة قال: " أنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس ". فهدم الكعبة، وبناها على قواعد إبراهيم، وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابين. ثم هدم الحجاج الشق الذي من ناحية حجر إسماعيل فقط كما قال الأزرقي وغيره، وأعاده على ما كان عليه في زمن قريش. والشق الآخر بناء ابن الزبير رضي الله عنه وهو يظهر للرائي عند رفع الأستار ". فهذا دليل على أن البيت مبني على قواعد إبراهيم، وأن الشاذروان ليس من البيت. (والله أعلم). مسألة حكم الطواف على الشاذروان : اختلف العلماء في ذلك بناء على اختلافهم، هل الشاذروان من البيت أم لا؟ وذلك على قولين: القول الأول: أن من طاف على الشاذروان، فطوافه صحيح، لكن ينبغي أن يكون طوافه من ورائه؛ خروجا من الخلاف. وإلى هذا ذهب الحنفية وبعض المالكية، والشافعية، والحنابلة. القول الثاني: أن من طاف على الشاذروان، فطوافه غير صحيح، ولا يعتد به. وإلى هذا القول ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، في المشهور عنهم. إلا أن المالكية قالوا: يعيد ما دام في مكة، فإن تعذرت عليه الإعادة لرجوعه إلى بلده أو بعده، لم يلزمه الرجوع، وعليه دم. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول بما يلي: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف بالبيت، والشاذروان ليس من البيت، بل خارج عنه، فمن طاف على جداره فقد أدى المأمور به وهو الطواف بالبيت. واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف بالبيت، والشاذروان منه، فمن طاف على جداره، لم يطف بكل البيت، فلم يصح طوافه. الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الشاذروان، وقال: ) لتأخذوا عني مناسككم (. فدل ذلك على وجوب الطواف من وراء الشاذروان، وأن من طاف عليه لم يصح طوافه، لإخلاله بالطواف المأمور به. الرأي المختار: الذي أختاره هو: أن الأولى بالطائف وخاصة إذا كان في حج أو عمرة- أن يأخذ بالأحوط في ذلك- وأن يطوف من وراء الشاذروان، وأنه إن طاف عليه وأمكنه إعادة الطواف دون مشقة فالأولى أن يعيده، خروجا من الخلاف في ذلك. أما إن سافر إلى بلده، أو كان يشق عليه إعادته، فطوافه صحيح، ولا يلزمه شيء. 1 - تقدم ترجيح أن الشاذروان ليس من البيت، بل خارج عنه، فمن طاف عليه، فقد طاف بالبيت كله، وأدى المأمور به. 2 - ما ذكره بعض الشافعية وتبعهم فيه غيرهم من الاحتراز عند التقبيل، أو مد اليد في هواء الشاذروان تكلف ما أنزل الله به من سلطان فلو كانت أمورا معتبرة لنبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكونها مما تمس إليها الحاجة. (والله أعلم). المطلب السابع: الابتداء من الحجر الأسود: لا خلاف بين العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ الطواف بالحجر الأسود فاستمله ثم طاف سبعة أشواط كما قال جابر في حديثه: ) حتى أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا (. فهل يعد ابتداء الطواف من الحجر الأسود شرطا لصحة ذلك الشوط؟ أم أن الابتداء به سنة وليس بواجب، إذ الواجب أن يطوف بالبيت سبعة أشواط، فمن حيث ابتدأ جاز؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: أن الابتداء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف، فلو ابتدأ من عند الباب لم يحسب له ذلك الشوط، ولزمه أن يأتي ببدله. وإلى هذا القول ذهب الشافعي، وأحمد، ومحمد بن الحسن من الحنفية، وأشار إليه بعض المالكية. القول الثاني: أنه سنة، وليس بشرط، فلو ابتدأ من دون الحجر أجزأه، وينتهي شوطه من حيث ابتدأ. وإلى هذا ذهب الأحناف في المشهور. القول الثالث: أنه واجب، فلو تركه في طواف الفرض لزمه إعادته ما دام في مكة، وإن رجع ولم يعده، جبره بالدم. وإلى هذا ذهب الأحناف في قول، والمالكية في المشهور. الأدلة: استدل أصحاب القول الأولى بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] الثاني: وبحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: ) رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف، يخب ثلاثة أطواف من السبع ( متفق عليه. الثالث: وبحديث جابر رضي الله عنه: ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ( رواه مسلم. وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف ببيته العتيق، ولم يحدد مكان الابتداء منه، فجاء البيان بفعله صلى الله عليه وسلم، إذ ابتدأ من الحجر الأسود، وأمر بالاقتداء به في أعمال المناسك، فدل ذلك على وجوب الابتداء من الحجر الأسود، وأنه شرط لصحة الشوط. واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي: الأول: بقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [سورة الحج آية 29] وجه الاستدلال منها : أن الله أمر بالطواف، ولم يقيد ابتداءه من الحجر الأسود، فدل ذلك على أن الابتداء به سنة يكره تركها. واستدل أصحاب القول الثالث، القائلون بالوجوب بما يلي: بالآية نفسها، وقالوا في وجه الاستدلال منها: أن الله أمر بالطواف، ولم يقيد ابتداءه من الحجر الأسود، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب في طوافه كله على الابتداء من الحجر الأسود فدل ذلك على وجوبه. الرأي المختار: الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول. وهو: أن الابتداء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف، وأن على الطائف أن يحاذي الحجر الأسود، ولو ببعض بدنه، والأحوط للطائف- خاصة إذا كان الطواف واجبا- أن يبدأ طوافه قبل الحجر قليلا. وذلك لما يلي: 1 - أن الله أمر بالطواف ببيته العتيق، وأجمل تحديد ابتدائه، فجاء البيان بفعله صلى الله عليه وسلم ومواظبته على ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم وهو يبين مناسك الحج: ) لتأخذوا عني مناسككم ( فدل ذلك على وجوب الابتداء من الحجر الأسود، وأنه شرط لصحة الطواف. 2 - أن الترتيب في الطواف، وذلك بأن يبدأ الشوط من الحجر الأسود فيحاذيه ولو ببعض بدنه، شرط لصحة الطواف، كالترتيب في الصلاة شرط لصحتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ) الطواف بالبيت صلاة (. (والله أعلم). المطلب الثامن: الوقت: لا لخلاف بين العلماء على أن الطواف إن كان مؤقتا في بدايته أو نهايته، فإن الوقت حينئذ يكون شرطا لصحته. ولمعرفة نوع الطواف الذي يشترط الوقت لصحته، سأتناول ذلك بشيء من الإجمال في الفروع التالية: الفرع الأول: طواف القدوم. الفرع الثاني: طواف الإفاضة. الفرع الثالث: طواف الوداع. الفرع الأول: طواف القدوم : الداخل إلى مكة محرما، إما أن يكون إحرامه بعمرة، سواء كانت مفردة، أم متمتعا بها إلى الحج. وإما أن يكون إحرامه بحج. أولا: المحرم بعمرة، لا يشرع له أن يطوف للقدوم قبل أدائه العمرة؛ لأنه وقت دخوله يشرع له طواف مفروض، وهو طواف العمرة، فيسقط عنه طواف القدوم، كمن دخل المسجد وقت الفريضة، لا يشرع له صلاة تحية المسجد. قال ابن رشد : " أجمعوا على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم ". فطواف القدوم، يشرع من حين قدوم المحرم بعمرة ودخوله مكة، ولا يحد آخره بزمن، كما لم يحد أوله بزمن، بل يبقى محرما إلى حين الفراغ من عمرته، والتحلل منها. ثانيا: المحرم بحج. لا خلاف بين العلماء أن المفرد بالحج إذا دخل مكة قبل يوم عرفة يشرع له طواف القدوم. وإنما اختلفوا إذا لم يدخلها إلا بعد الوقوف بعرفة على قولين: القول الأول: لا يشرع له طواف القدوم؛ لفوات وقته. وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة، ما عدا أحمد. القول الثاني: يشرع له طواف القدوم بعد يوم عرفة إذا لم يأت مكة قبل ذلك، ولا طاف للقدوم. إلى هذا ذهب أحمد. وبناء على ما تقدم: فإن جمهور العلماء يرون أن لطواف القدوم وقتا ينتهي إليه، ولا يصح بعده، وهو الوقوف بعرفة. الفرع الثاني: طواف الإفاضة : لا خلاف بين العلماء أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، ولا يتم الحج إلا به. ولا خلاف بينهم أيضا أن لطواف الإفاضة وقتا لا يجوز الطواف قبله، فمن طاف للإفاضة قبل يوم عرفة لم يصح طوافه باتفاق، وإنما اختلفوا في تحديد أوله على قولين: القول الأول: أن أول وقته يبدأ من نصف ليلة النحر. وإلى هذا ذهب الشافعي، وأحمد في المشهور عنه. القول الثاني : أن أول وقته يبدأ بطلوع الفجر الثاني من يوم النحر. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية. أما آخر وقته: فقد اختلف العلماء فيما يترتب على تأخير طواف الإفاضة على أربعة أقوال: القول الأول: أن تأخيره لا يوجب دما، إلا أنه يبقى محرما. وإلى هذا ذهب الشافعي، وأحمد، وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة، ورواية عن مالك، وحكاه ابن المنذر عن جمهور العلماء. القول الثاني: أن تأخيره إلى انتهاء أيام النحر، موجب للدم. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة. القول الثالث: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة موجب للدم. وإلى هذا ذهب مالك في الرواية المشهورة. القول الرابع: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة مبطل للحج. وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري. وبناء على هذه الأقوال فإن جمهور العلماء متفقون على أنه لا آخر لوقت طواف الإفاضة، فلو أخره زمنا طويلا ثم طاف، صح طوافه وتم حجه، إلا أن بعضهم يوجب عدم تأخيره عن أيام النحر، أو عن شهر ذي الحجة. ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم الظاهري، إذ اشترط أداءه قبل انتهاء شهر ذي الحجة، فجعل الوقت شرطا لآخر الطواف، كما أنه شرط في أوله. الفرع الثالث طواف الوداع : يشرع للحاج قبل الرجوع إلى بلده أن يطوف بالبيت، وهو ما يسمى بطواف الوداع أو الصدر، ولا خلاف بين العلماء أن لطواف الوداع وقتا لا يجوز الطواف قبله، وهو أن يكون بعد طواف الإفاضة، فمن طاف للوداع قبل طواف الإفاضة لم يصح طوافه. وقد تبين في الفرع السابق أن طواف الإفاضة له وقت لا يصح قبله. لكنهم اختلفوا في الوقت الذي يصح فيه طواف الوداع على قولين: القول الأول: إذا أراد الخروج من مكة بعد الفراغ من أداء مناسكه طاف للوداع، فلو اشتغل بعده بغير أسباب الخروج كتجارة، أو إقامة، فعليه أن يعيده مرة أخرى. وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو يوسف. القول الثاني: إذا طاف للوداع، أو طاف تطوعا بعد طواف الزيارة، ولو في يوم النحر، أجزأه عن طواف الوداع، وإن أقام شهرا أو أكثر. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، . وأشهب من المالكية. وبناء على ما تقدم: فالجمهور يشترطون أن يكون طواف الوداع آخر العهد بالبيت، فلا يصح قبل ذلك. وأما أبو حنيفة فيشترط أن يكون بعد طواف الإفاضة، ولو في يوم النحر. الخاتمة بعد هذا التطواف بمطالب هذا البحث، ودراسة مسائله، وما اشتمل عليه من مباحث يمكن إبراز نتائجه في النقاط التالية: 1 - أن بين واجبات الطواف وشروطه، عموما وخصوصا مطلقا، فكل شرط واجب، وليس كل واجب شرطا. 2 - أن الإخلال بشيء من الشروط والواجبات ليس على وتيرة واحدة، بل يتفاوت بناء على التفاوت في نوعه. 3 - الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعة أشواط، وأن من طاف بالبيت مرة واحدة لم يصح طوافه. 4 - أن من شرط صحة الطواف إكمال سبعة أشواط، فمن نقص من ذلك شوطا لم يعتد بطوافه. 5 - أن من شرط صحة الطواف الإسلام؛ لأنه عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر، ولا تقبل منه. 6 - أن من شرط صحة الطواف العقل، فلا يصح طواف المجنون، ولا الصبي غير المميز؛ لأنه عبادة بدنية فلا تصح من غير المميز كالصلاة. 7 - أن نية الطواف كافية لصحته وأدائه عن الواجب في وقته، فلا يشترط تعيين نية الطواف في النسك من حج أو عمرة. 8 - أن الطواف من داخل المسجد صحيح وجائز وإن تباعد البيت، وأن المطاف يتسع باتساع المسجد، وأن الطائف داخل المسجد يعد طائفا بالبيت، سواء كان ذلك في صحن المطاف، أم في أدوار المسجد المتكررة وعلى سطحه. 9 - أن من طاف في داخل الحجر فطوافه غير صحيح، ولا يجزئه الإعادة على الحجر وحده. 10 - أن الشاذروان ليس من البيت، فمن طاف عليه فطوافه صحيح، إلا أن الأولى به أن يطوف من ورائه احتياطا لصحة طوافه. 11 - أن الابتداء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف، وأن على الطائف أن يحاذي الحجر الأسود ولو ببعض بدنه، والاحتياط أن يبدأ قبل الحجر قليلا. 12 - أن لطواف القدوم وقتا ينتهي إليه، وهو الوقوف بعرفة. 13 - أن لطواف الإفاضة وقتا لا يجوز قبله، وهو النصف الثاني لليلة النحر، وليس له وقت ينتهي إليه، فلو أخره زمنا طويلا ثم طافه صح طوافه، وتم حجه. 14 - أن لطواف الوداع وقتا لا يجوز قبله، وهو أن يكون بعد طواف الإفاضة. والحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث بخاتم الرسالات وعلى آله وصحبه حتى الممات. المصدر: منتدى همسات الغلا av,' hg',ht_ hglkr,g hg',ht_ |
02-07-2022, 06:47 PM | #5 |
| جزاك الله خير الجزاء ونفع بك على الطرح القيم وجعله في ميزان حسناتك وألبسك لباس التقوى والغفران وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله وعمر الله قلبك بالأيمان . . |
|
03-07-2022, 12:39 AM | #6 |
| تعـطـر المكان بهذهـ الإطـلالة الراقيه وأكتمل جمال طرحي بحضوركـم المتميز .. شكرا على وجودكِم العذب .. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
المنقول , الطواف_ , شروط |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من الأخطاء في الطواف ما يلي: مشاركة المنقول | البرنس مديح ال قطب | (همسات الحج والعمره) | 10 | 17-11-2022 02:33 PM |
مسائل يكثر السؤال عنها في الحج(مشاركة المنقول) | فاتنة | (همسات الحج والعمره) | 15 | 28-09-2021 02:55 PM |
أخطاء يرتكبها بعض الحجيج(مشاركة المنقول) | فاتنة | (همسات الحج والعمره) | 16 | 28-09-2021 02:51 PM |
فتاوي الحج ابن باز/ فعاليه مناسك الحج | باربي | (همسات الحج والعمره) | 13 | 26-08-2018 06:14 PM |
الفريضة الخامسة للمستطيع فقط لا غير! | النـور | (همسات الحج والعمره) | 20 | 11-08-2013 12:58 PM |