بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة وأفضل التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فإن من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً، ففضل بعض الأمكنة على بعض، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة:185)، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه أحمد.
وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:183).
وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم،
من صامه وقامه إيماناً بموعود الله، واحتساباً للأجر والثواب عند الله، غفر له ما تقدم من ذنبه، ففي "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال أيضاً: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام، وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله.
وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: (وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) رواه الترمذي.
وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)، وفي لفظ (وسلسلت الشياطين)، أي: أنهم يجعلون في الأصفاد والسلاسل، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره.
وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10).
وهو شهر الدعاء، قال تعالى عقيب آيات الصيام: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} (البقرة:186) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) رواه أحمد.
وهو شهر الجود والإحسان؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم -كما ثبت في الصحيح- أجود ما يكون في شهر رمضان.
وهو شهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر} (القدر:3)، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم).
فانظر -يا رعاك الله- إلى هذه الفضائل الجمّة، والمزايا العظيمة في هذا الشهر المبارك ، فحري بكِ -أختي المسلمة وأخي المسلم - أن تعرف له حقه, وأن تقدره حق قدره، وأن تغتنم أيامه ولياليه، عسى أن تفوز برضوان الله، فيغفر الله لك ذنبك وييسر لك أمرك، ويكتب لك السعادة في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام.
فوائد رمضانية
من خلال هذا الموضوع ، سأعمل على جمع مايتيسر لي من الفوائد الرمضانية ،، وعرضها بشكل يومي ، بحيث يكون لنا وقفة يومية مع ثلاثة فوائد متنوعة ،، أرجو أن تكون مفيدة ،، للجميع .
أرجو من الله العلي القدير أن يجعل التوفيق رفيقنا ،، لإنجاز هذا الموضوع على الوجه الأمثل ،،و أن ينال هذا العمل على الرضا والقبول
الفائدة الأولى ( اليوم الأول من رمضان )
( أ )
حَسْبُ شهر رمضان أنه أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
لذا كانت تلاوة القرآن في شهر القرآن من أشرف الأذكار، وقد كان السلف الصالح -رحمهم الله- إذا صاموا جلسوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا ولا نغتب أحداً، وشغلوا وقتهم بتلاوة آي الذكر الحكيم.
مَنْ صام نال الفوز من رب العلا
وبوجهه أضحى عليه مقبلا
يا مَنْ يروم توسلاً وتوصلاً
صٌمْ رغبة في قول رب العلا:
(الصوم لي وأنا الذي أجزي به)
( ب )
النية شرط لصحة صوم رمضان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
( من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له )، وهي عزم القلب على الصيام، ومن تسحر ناويا الصيام أجزأه ذلك ، والنية محلها القلب ولا يشرع التلفظ بها. ولا بد من تبييتها فيما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
, وتكفي نية واحدة عن الشهر كله في أوله ،والأفضل أن يجدد النية لكل يوم.
( ج )
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "عمرة في رمضان تعدل حجة"
ومن اعتمر هذه الليلة (أي ليلة الأول من رمضان) وقعت عمرته في رمضان
( أ )
آداب الصيام يجمعها: حفظ الجوارح الظاهرة وحراسة الخواطر الباطنة، وآداب القيام: أن يخلص عمله لله، ويطيل القراءة والركوع والسجود.
أدِمْ الصيام مع القيام تعبدا
فكلاهما عملان مقبولان
قٌمْ في الدُّجى وأتلٌ الكتاب ولا تنمْ
إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتة
فتساقٌ من فٌرٌش إلى أكفان
( ب )
من فرائض وآداب المساجد:
- أخذ الزينة للرجال
- الصف الأول والتراص في الصفوف
مع الحذر من:
- إيذاء المصلين والملائكة بالروائح الكريهة
- تقذير المسجد وجعله ساحة للصياح ولعب الأولاد
- التشويش على المصلين حتى بالقرآن(فضلا عن أصوات الجوالات)
- حجز الأمكنة إلا لمن كان داخل المسجد أو خرج لحاجة كوضوء
- التعدي على مكان غيره أو الدخول في مكان لا يتسع له
( ج )
ليس من المفطرات:
-الإبر غير المغذية كالبنسلين والأنسولين وإبر التطعيم
-الحقنة الشرجية، وقطرة العين والأذن، وبخاخ الربو، والتحاميل
-خروج الدم بتحليل أو رعاف أو قلع سن أو جرح
-غلبة القيء
-الغرغرة إذا لم ينفذ للحلق
-ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالمراهم واللصقات
-ابتلاع الريق وغبار الطريق،وشم الروائح
-الحقن المظللة للأشعة
( أ )
شهر رمضان فرصة نفسية لكل مسلم ومسلمة ليراجع كل واحد نفسه، ويلحّ على المولى عز وجل داعياً، ويندم شاكياً.
يقول أحدهم:
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك ربّ كما أمرتَ تضرُّعاً
فإذا رددت يدي فمَنْ ذا يرحم؟
ما لي إليك وسيلة إلا الدُّعا
وجميل عفوك ثم إني مسلم
( ب )
مما امتاز به الصوم قوله تعالى في الحديث القدسي(إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فاختص الله به:
- لأنه لا يطلع عليه إلا هو، فهو سر بينك وبينه.
- ولأنه ينفرد بعلم مقدار ثوابه.
- ولأنه لا مثل له في العبادات وهو صبر يوفى صاحبه أجره بغير حساب.
فهنيئا لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا.
( ج )
السحور بركة، ولو بجرعة ماء، ونعم السحور التمر، ولا يسمى سحورا إلا إذا وقع في النصف الثاني من الليل، والسنة تأخيره.
وفيه:
- مخالفة لأهل الكتاب.
- إعانة على عبادة الصيام.
- وعلى القيام لصلاة الفجر.
- وعلى الدعاء والاستغفار وقت السحر.