الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||
| ||||||||||
حاجتنا لدراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واقعنا كأفراد ومجتمعات في حاجة ماسة إلى دراسات تعيد للسيرة النبوية مكانتها ، باعتبارها واحدة من أهم مصادر الإسلام ، ومن المعلوم أن الله تعالى أمرنا بالتأسي والاقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم - ، فقال : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }(الأحزاب: من الآية21) ، وقال : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(آل عمران:31) . فكيف يتحقق هذا الاقتداء وهذه المحبة دون معرفة حياته وسيرته ؟! . ومن ثم كانت حاجتنا لدراسة سيرته العطرة ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها دواعٍ كثيرة منها : تعميق محبته ـ صلى الله عليه وسلم - : إن تحقيق محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهم واجبات المسلم ، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )(البخاري) ، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه )(أحمد) . ودراسة السيرة النبوية من أهم وسائل تحقيق وتعميق هذه المحبة واستقرارها في القلوب ، ففيها معرفة قدْر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشرفه وعلو منزلته ، وتأييده وحفظ الله له ، وكيف نزلت الملائكة تقاتل معه يوم بدر ويوم الأحزاب وحنين ، ومعجزاته الكثيرة التي أكرمه الله بها ، إذ كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثر الرسل معجزة ، وأظهرهم آية ، فله من المعجزات التي وقعت وتكررت في أماكن مختلفة وأحداث متعددة ما لا يُحد ولا يُعد . بل إن سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأحداثها ومواقفها ـ ذاتها ـ معجزة من معجزاته ، وآية من آيات نبوته كما قال ابن حزم : " .. فإن سيرة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن تدبرها تقتضي تصديقه ضرورة ، وتشهد له بأنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حقاً ، فلو لم تكن له معجزة غير سيرته لكفى .." . فلم يكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مجرد عبقري سمت به عبقريته بين قومه ، ولكنه قبل ذلك رسول أيّده الله بوحي من عنده ، قال الله تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }(النجم 3 : 4) ، وقد أُوتِيَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحظ الأوفر والنصيب الأكبر من جمال الصُّورة ، وتمام الخِلقة ، وحُسن الهيئة ، وما جُبل عليه من حسن الخُلُق ، والرِّفق في المعاملة ، والعدل في الغضب والرِّضا . وكل هذا أثر أثرًا بالغًا في حبه والإقبال على دعوته ، ولا عجب فقد زكَّاه الله ـ تعالى ـ بقوله : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم:4) ، ومن ثم فدراسة سيرته ومعرفة شمائله وأخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يزيد ويعمق حبه في القلوب . السيرة والقرآن الكريم : لا غناء للمسلمين عن السيرة النبوية وهم يعايشون القرآن الكريم وتفسيره ، ففي دراسة سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يعين على فهم كتاب الله تعالى وتذوق روحه ومقاصده ، إذ إن كثيراً من آيات القرآن إنما تفسرها وتجلّيها الأحداث التي مرت برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومواقفه منها ، ولا شك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أول وأعظم من فهم القرآن الكريم وفسره ، فهو مبلغ الرسالة عن ربه ـ عز وجل ـ ، كما أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقدم تفسيره للقرآن في أقوال منطوقة فَحَسْب ، ولكنه قدم هذا التفسير من خلال حياته العملية والدعوية كلها ، فكانت حياته كلها ترجمة فعلية للقرآن الكريم ، وكان القرآن خلقه - كما قالت عنه أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها - (أحمد). الفهم الصحيح للنصوص : دراسة السيرة النبوية تعين على الفهم الصحيح للنصوص ، وعدم الانحراف في الفهم والتطبيق ، من غير غلو أو جفاء ، لأننا حين نجمع النصوص إلى طريقة تطبيق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها ، مع إيماننا المطلق بأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أعلم أهل الأرض بمراد الله تعالى من قوله ، وأنه أوتي القرآن ومثله معه ـ وهو الحكمة ـ ، كما قال الله تعالى : { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً }(الأحزاب:34) ، ندرك شدة حاجتنا لدراسة السيرة النبوية ، لأنه ليس في إمكاننا فهم النصوص بمعزل عن سيرته وطريقة تطبيقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها ، ونحن مأمورون في كتاب الله بطاعته واتباعه كما قال تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ }(النساء: من الآية80) ، وقال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(آل عمران:31) . السير على منهج القرآن الكريم : دراسة سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيرٌ على منهج القرآن الكريم الذي قصَّ علينا سير الأنبياء السابقين مثل : آدم ، نوح ، إبراهيم ، يوسف ، موسى ، عيسى وغيرهم ـ عليهم الصلاة والسلام ـ . وذلك لتحقيق الأهداف التي من أجلها بسط الله تعالى سير الأنبياء عموما من الاقتداء بهم ، والاعتبار من قصصهم وحياتهم . وقد كان سلفنا الصالح يفعلون ذلك مع السيرة النبوية المشرَّفة ، فكانوا يحفظون سيرة ومغازي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يحفظون السورة من القرآن ، ويتواصون بتعلمها وتعليمها لأبنائهم ، فكان علي بن الحسين ـ رضي الله عنه ـ يقول : " كنا نُعلَّم مغازي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نعلم السورة من القرآن ". وكان الزهري يقول : " علم المغازي والسرايا علم الدنيا والآخرة " . وكان إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ يقول : " كان أبي يعلمنا المغازي ويعدها علينا " ، ويقول : " يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوها ". القدوة : في سيرته ـ صلى الله عليه وسلم - القدوة العملية للأجيال المسلمة على مر العصور ، فهي تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه ، الأمين مع قومه وأصحابه ، كما تقدم النموذج الرائع للمسلم الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحكمة بالغة ، وللزوج المثالي في حسن معاملته لأهله ، وللأب في حنو عاطفته ، وللقائد الحربي الماهر ، والسياسي الصادق الحكيم ، وللمسلم الجامع بين واجباته وعبادته لربه ، والمعاملة والمعاشرة الحسنة مع أهله وأصحابه . فالسيرة النبوية هي النموذج العملي التطبيقي الذي وضعه الله ـ عز وجل ـ للناس لكي يقتدوا به ويتبعوه ، فكل من يبحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة فإنه سيجد ذلك نموذجاً ماثلاً في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته على أعظم ما تكون القدوة . ومن ثم فإن حاجتنا لدراسة السيرة النبوية شديدة ، إذ أنها تعمق حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القلوب ، وتحيي في الأمَّة روح العزَّة والسُّؤدد ، وتُصلح ما فسد من أخلاقها وآدابها ، وتساعد على عدم الغلو أو الخطأ في فهم النصوص ، وتقدم القدوة وتبرز الجوانب الإنسانية والأخلاقية في أرفع نموذج وأتم صورة للاقتداء به واتباعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كما قال الله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة }(الأحزاب: من الآية21) . موقع مقالات اسلام ويب المصدر: منتدى همسات الغلا ph[jkh g]vhsm sdvm hgkfd wgn hggi ugdi ,sgl hggi hgkfd ph[jkh sld a[vm ugdi |
07-08-2024, 03:44 PM | #3 |
| جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض بآرك الله فيك على الطَرح القيم في ميزآن حسناتك ان شاء الله ,, آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !! وجَعل مااقدمت في مَيزانْ حسَناتك وعَمر آلله قلبك بآآآلايمَآآنْ علىَ طرحَك آالمحمَل بنفحآتٍ إيمآنيهِ دمت بـِ طآعَة الله . |
|
10-08-2024, 04:59 PM | #4 |
| ناطق العبيدي أحسنتم الطرح الرائع والمميز وطرحتم في إبداع وتميز فاق النظر موضوع مهم جدا لنا كي نتعلم منهج السيرة وفهم معانيها الجليلة واحببت مشاركة في لب الموضوع من فوائد دراسة السيرة النبوية إنَّ دراسة السيرة النبوية العطرة تعد غذاء للقلوب ، وبهجة للنفوس ، وسعادة ولذة وقرة عين ، بل إنها جزء من دين الله سبحانه وتعالى وعبادة يتقرب بها إلى الله؛ لأن حياة نبينا الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - حياة بذل وعطاء وصبر ومصابرة وجد واجتهاد ودأب في تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى والدعوة إلى دينه عز وجل ، وفي دراسة السيرة فوائد عظيمة جداً ومنافع متعددة أذكِّر بشيء منها شحذًا للهمم للصبر والمواصلة والعناية بدراسة سيرة نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ؛ فمن هذه الفوائد: الامر الاول :- أن نبينا صل الله عليه وسلم أسوة للعالمين وقدوة لهم ؛ في العقيدة والعبادة والأخلاق كما قال الله سبحانه وتعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21] ، وتحقيق هذا الائتساء به وسلوك هديه صل الله عليه وسلم متوقف على معرفة سيرته وهديه الكريم عليه الصلاة والسلام . الأمر الثاني : أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وهديه القويم يُعَدُّ ميزانا توزن في ضوءه الأعمال ؛ فما كان منها موافقاً لهديه وسلوكه عليه الصلاة والسلام فهو المقبول ، وما كان منها ليس موافقاً لهديه عليه الصلاة والسلام ولسلوكه فهو المردود . وفي هذا المعنى يقول سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى فيما روى الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه العظيم "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" : « إن رسول الله صل الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر ؛ فعليه تعرض الأشياء ، على خُلقه وسيرته وهديه ، فما وافقها فهو الحق ، وما خالفها فهو الباطل » . الأمر الثالث : في دراسة سيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عون على فهم كتاب الله عز وجل ، لأن حياته عليه الصلاة والسلام كلها تطبيق للقرآن وعمل به ، ولما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خُلقه عليه الصلاة والسلام قالت : (( كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ )) ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( [القلم:4] والمراد بالخُلق هنا : الدين ؛ أي على دين كامل وتام ، فهو عليه الصلاة والسلام قد قام أتم قيام بأوامر القرآن فعلاً لها ، ونواهي القرآن اجتناباً وتركا ، وآداب القرآن والأخلاق التي ذُكرت فيه عملاً وتطبيقا ؛ فحياته عليه الصلاة والسلام وسيرته عملٌ تام وتطبيق كامل لكتاب الله تبارك وتعالى ، فمن خلال دراسة السيرة يكون في ذلك عون للمسلم على فهم كتاب الله عز وجل ، وعندما تطالع كتب التفسير ولاسيما أسباب النزول تجد الارتباط بين نزول آيات القرآن الكريم والسيرة ووقائعها ؛ مما يتبين به الحاجة لدراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في فقه كتاب الله جل وعلا . الأمر الرابع : أن في دراسة سيرته عليه الصلاة والسلام تعميقا لمحبته ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) متفق عليه ، وجاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم : ((لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)) فقال له عمر: " فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي " فقال النبي صل الله عليه وسلم : ((الْآنَ يَا عُمَرُ)) . فتعميق هذه المحبة وتمكينها وتقويتها في القلب يحتاج من العبد إلى دراسة لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفة بأخباره العطرة وحياته المباركة صلوات الله وسلامه عليه ، ليزداد حباً للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، وقد كان في حياته عليه الصلاة والسلام يأتي إليه الرجل وليس على وجه الأرض أبغض إليه منه ؛ فما أن يراه ويرى سيرته وهديه وسلوكه إلا ويتحول من ساعته وليس على وجه الأرض أحب إليه منه، كما قال ثمامة ابن أثال سيد أهل اليمامة حين أسلم ((يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهٌ الْأَرْضِ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ)) رواه الإمام أحمد فهي سيرة عامرة بالرحمة ، والرفق ، وطيب المعاملة ، وحسن الأدب والخُلق ، ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) [آل عمران:159] ، وإذا أكرم الله سبحانه وتعالى عبده بمحبة نبيه عليه الصلاة والسلام محبة صادقة ساقته هذه المحبة إلى كل فضيلة ، وكانت عوناً له على تحقيق الاتباع لهذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ومنهاجه القويم ؛ كما كانت حال الصحابة رضي الله عنهم ومن اتبعهم بإحسان . الأمر الخامس : من فوائد دراسة سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام : أنها باب من أبواب زيادة الإيمان وتقويته ، وقد قال الله تعالى: ( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)[المؤمنون:69] ؛ فمعرفة الرسول عليه الصلاة والسلام ومعرفة هديه وآدابه وأخلاقه موجبةٌ لمن حصلت له هذه المعرفة للإيمان إذا كان لم يؤمن ، وموجبة لزيادة الإيمان في حق المؤمن . وكم من أقوام دخلوا في دين الله سبحانه وتعالى من خلال وقوفهم على سيرة النبي الكريم وآدابه الكاملة وأخلاقه الفاضلة ومعاملاته العظيمة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ : يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ رَجُلٍ لَا يَخَافُ الْفَاقَةَ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَجِيءُ إِلَيْهِ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا فَمَا يُمْسِي حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا. الأمر السادس : أنَّ في دراسة السيرة عونا لفهم الدين كله؛ عقيدةً وعبادةً وخُلقا ، لأنَّ حياته -كما أسلفت- حياة عمل لهذا الدين ؛ قياماً به ودعوة إليه وتضحية وجِدّا واجتهادا وجهادا لنصرة هذه العقيدة التي هي رأس الأمر وأساس دين الله تبارك وتعالى ، ومن يطالع سيرته عليه الصلاة والسلام يجد أنه أول ما بدأ في دعوته بدأ بالدعوة إلى العقيدة والتوحيد ، ومضى على ذلك سنوات عديدة من حياته لا يدعو إلا للعقيدة والتوحيد كما أمره الله سبحانه وتعالى بذلك ، ثم بعد ذلك جاءت الفرائض والأوامر شيئاً فشيئا ؛ ففي دراسة السيرة دراسة للعقيدة ، ودراسة لمراحل التشريع ، ودراسة لنزول الفرائض والعبادات ، ومعرفة بالتطبيق العملي لدين الله تبارك وتعالى عقيدةً وعبادةً وخُلقا . قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مختصر السيرة ص21 : " اعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة وما جرى له في المدينة ، واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم. لعلك أن تعرف الإسلام والكفر ؛ فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر ، وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح " الأمر السابع : أن السيرة فيها تعليم للنهج الصحيح في الدعوة إلى الله على بصيرة، والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى حقاً هم أهل الدراية بهديه ونهجه وسيرته صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)[يوسف:108] فالدعوة إلى الله جل وعلا على بصيرة لابد فيها من معرفة هديه ونهجه صلوات الله وسلامه عليه في الدعوة إلى الله عز وجل ، والسيرة النبوية مشتملة على بيان هديه عليه الصلاة والسلام في الدعوة من حيث بم بدأ عليه الصلاة والسلام ، ومن حيث طريقته وأسلوبه صل الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل ، ومن حيث أخلاقه وآدابه وتعاملاته ولين جانبه ورفقه صل الله عليه وسلم ، إلى غير ذلك من الأمور التي هي مقوِّمات للدعوة إلى الله تبارك وتعالى . الأمر الثامن : أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نفسها آية من آيات نبوته ، وعلَمٌ من أعلام صدق ما جاء به عليه الصلاة والسلام ، وهي أكبر عونٍ على تصديقه والإيمان به صل الله عليه وسلم ، فمن طرق معرفة صدق الرسول صل الله عليه وسلم وصدق ما جاء به معرفة سيرته ، وإلى ماذا يدعو ، وكيف تكون معاملته للناس ، وما هو هديه ، وما هي أخلاقه ، وما هي تعاملاته ؛ ومن يطالع السيرة يجد حياةً عطرة عامرة بالخير والعطاء والخُلق والأدب والكرم والسخاء ، إلى غير ذلك من الصفات الفاضلة والآداب الكاملة الشاهدة بصدقه، حتى شهد كثيرٌ من أعدائه صلى الله عليه وسلم بصدقه لكمال سيرته عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث وبعد بعثه صلى الله عليه وسلم . الأمر التاسع : أن دراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام باب عظيم مبارك من أبواب السعادة ؛ بل إن السعادة متوقفة على معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا سعادة إلا بسلوك نهجه ولزوم هديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه . يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد: "ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوقَ كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل - إلى أن قال - وإذا كانت سعادةُ العبد في الدارين معلقةً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيجِب على كلَ من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين به ويدخل به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه ، والناس في هذا بين مستقِل ، ومستكثِر ، ومحروم ، والفضلُ بيد اللّه يُؤتيه من يشاء ، واللّه ذو الفضل العظيم " . الأمر العاشر : أنَّ شمائله وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم تعدُّ منهج حياة لكلِّ مسلم يرجو لنفسه الخير والرفعة والحياة الكريمة في الدنيا والآخرة، يُربى عليها الأبناء وينشأ عليها الأجيال، وإذا حاد النشءُ عنها حصل لهم الضياع كما هو حال كثير من الشباب والشابات عندما يمموا في قراءاتهم للسير والأخبار نحو سير التافهين والتافهات، وأخبار الضائعين والضائعات من الهمل كيف ترتب على ذلك الانحراف في العقائد والعبادات! والانحلال في الآداب والأخلاق والاختلال في القِيَمِ والموازين، فما أَحوج هؤلاء إلى العودة الصادقة إلى هذه السيرة العطرة والشمائل المباركة؛ ليقِفوا على هذا المعين المبارك والمنهل العذب الذي مَن وقف عليه واهتدى بهداه تحقق له تمام الصَّلاح والفلاح والسَّعادة بإذن الله, «فالله سبحانه علَّق سعادة الدَّارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح والعزة والكفاية والنصرة والولاية والتأييد وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة»«زاد المعاد» لابن القيِّم (1/36). ثم من ينظر إلى واقع الناس من حيث العناية بسيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يجد أن حالهم كما ذكر ابن القيم رحمه الله بين مقل ومستكثر ومحروم ؛ بل إنهم في هذا الباب: إما رجل ابتُلي بالجفاء في حق إمام الخلق وقدوة الناس أجمعين ؛ فتجد أيامه تمضي وحياته وأوقاته تمر ولا يعطرها ولا يطيـّبها بدراسة هدي وسيرة خير العباد التي هي زاد يبلّغ إلى رضوان الله ، وإلى هذا يلمح ابن القيم رحمه الله في عنوان كتابه " زاد المعاد في معرفة هدي خير العباد " ، لأن هذه المعرفة المثمرة للعمل هي الزاد للمعاد . وقسم آخر أصيب في هذا الباب بغلو وتجاوز للحد ، وأصبحت السيرة والعناية بهدي النبي صلى الله عليه وسلم عنده نوع من المغالاة والإطراء المنهي عنه ، وإحداث البدع التي ما أنزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان ، وإحداث المواسم التي تخصص في أوقات من السنة لقراءة القصائد أو المدائح أو أحيانا لقراءة شيء من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ؛ مع تقصير بيّن وتفريط واضح في إتباع هديه ولزوم نهجه صلى الله عليه وسلم ، حتى إن بعضهم ليضيّع الفرائض المكتوبات وفي مقدمتها الصلوات الخمس ولا يضيّع ولا يفوّت تلك الاحتفالات . وقسم - وهم خيار الناس - وسط في هذا الباب : لا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط، وخير الأمور أوساطها لا تفريطها ولا أفراطها. وينبغي أن يُعلم أن دراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ليست متوقفة على قراءة الكتب المؤلَّفة بهذا العنوان "سيرة النبي صل الله عليه وسلم " ، لكن هذه الكتب رتبها أهل العلم وهذبوها واعتنوا بها تقريـباً وتيسيرًا ، فمن تأمل مثلاً في صحيح البخاري وصحيح مسلم والكتب الستة وغيرها من كتب الحديث ؛ فهذه في الحقيقة تعد دراسة لهديه وسيرته ودعوته صلوات الله وسلامه عليه . وهكذا كتب التفسير كلها مصادر لتلقي السيرة النبوية ؛ فكلما كان الإنسان ذا عناية بالقرآن والحديث علماً وعملاً وتطبيقاً فهو على خير عظيم في باب دراسة سيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، لكن هذه الكتب التي كتبها أهل العلم مختصرة ومطوّلة تقرّب الفائدة وترتب الموضوع بترتيب حياته عليه الصلاة والسلام بدءً من ولادته فنشأته فبعثه عليه الصلاة والسلام وهجرته إلى غير ذلك من أحداث السيرة العظيمة المباركة . والله الكريم أسأل التوفيق لفقه سيرته ودوام العمل بسنته ، اللهم إنا نسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد ومرافقة محمد صل الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد. |
التعديل الأخير تم بواسطة مبارك آل ضرمان ; 10-08-2024 الساعة 06:12 PM |
06-11-2024, 05:10 PM | #6 | |||||
|
| |||||
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
لدراسة , الله , النبي , حاجتنا , سمي , شجرة , عليه , وسلم |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حلاوة منطق النبي عليه الصلاة والسلام: | ذابت نجوم الليل | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 16-11-2022 07:14 PM |
... هذا الحبيب ... السيره النبويه الشريفه ... الحلقه مئتين واربعه وعشرين ... | نجم ضاوي | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 03-12-2021 11:44 PM |
... هذا الحبيب ... السيره النبويه الشريفه ... الحلقه مئه وإثنين وخمسين ... | نجم ضاوي | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 14-08-2021 03:07 AM |
زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم وحكمة تعددهن | البرنس مديح ال قطب | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 16 | 18-12-2019 03:52 PM |