العشق الطفولي الذي لا ينتهي، أمتلك منه الكثير، أراه في الطيور الصباحية، في الكلمات وضحكات الطفولية. أسير في زقاق شبه معتم، لا أحد، زقاق لا ينتهي، كنفق بلا مخرج. الطفل الذي في داخلي، صلب كسيلين، معاول الصغار لا تهدمه، سارتر الحاقد لا يشوهه. من ينظر لتلك الكتابات، يرى جذوره فيها ظاهرة، هكذا يؤكدون، لولاه لكانت نصوصه وهماً وجودياً، سارتر يسرق من سيلين. اليهودي الملحد، صاحب الجبهة، يطلق نيرانه على الرفيق، ويسرق فكره من العدو، إنه وجه بلا ذاكرة. أسن لك القرارات الميتة، أقرأ عليك المقالات الرخيصة عبر الصحيفة الصباحية، افتح كتباً بأغلفة بالية، مجلدات تتحدث عن نوم الجميلات. تلك السمراء تكتب شعراً، تبتسم جمالها الشعري المضيء، يفوق كلماتها الشغوفة، متي تنشر يا صديقي كتاباً؟. في تلك الصحيفة يولد العار. كل صباح، يخترق القلوب والبكارة، دون عقاب. في الجريدة تموت الوقائع تتمرد الكراهيات ضد الكراهيات. طلقات غير صديقة، موت غير صديق. أحتمل ما لا يحتمل، لأني أكتب عنه، الكتاب لا يستهويني، بلا غلاف، كتبي تهجع بلا أغلفة.
أنظري
حين كتبت قصتي الأولى، أشرقت الشمس وما عدت أنام، ما عدت أعرف الليل أو الكآبة، ما عدت أرسل الأحلام فقط. اتابع التلفاز، أكتب الأشعار. الحلم جامد كصخرة في يدي، ما عدت أفتح يدي لأحد. لا مصافحاً ولا مهاجماً. صخرتي ليست لفلسطين. حين اتطلع للأفق باحثاً، أتخيل تراقص الدانتيل المطرز. الأبيض النقي، العرق على كتفيها، بامتداد ظهرها، شعرها الرقيق المظفر كخيوط القدر. خصر يذيب أنهاري. أتطلع لزمن انتهى مسبقاً، أتذكر بأنني حين كنت أعيشه. فكرت بانتهائه، حين انتهى، غدا طائر الفينيق، يشتعل مجدداً، في سرابات الأفق. أتمعن نفسي وتاريخ الكتب، زوجة سيلين التي لم تتركه، يردد غاضباً:
" سارتر هذا قذارة ".
الغثيان، دروب الحرية والجدار. رجل ضد دولة، وآخر ضد ذلك الرجل. دفتر صغير يجمعهما في قصيدة. صديق موتور، طالب باعدام صديقه، اتهمه بالمرتزق، قابض الأموال من النازيين، لا بد بأنه غاضب. لا يمكن فهم الأمر إلا على نحو واحد. في بلادي، نعتبره محض حاسد، حاقد. مليء بالقذارة واليأس.
انتظري
قبل أن التقي بك، هنا. خلف ضلوعي، عشت مرهقاً لأبعد حد. فأنت لست مجرد امرأة، لا لست محض رفيقة. بل شيء آخر، تلمسته بين صفحات الكتب المقدسة، المجلدات القديمة، وعبر صحف الرخيصة، عبثاً.
نسيت أن أبحث بين أكداس الشعر.
لما؟.
أوووه.
قل؟.
لا أعرف.
لا؟.
لا.
كيف وجدتني؟.
أذكر بأني رأيت كلمة، تذوقتها بلساني، خامرتني ثم ابتعدت. لم أكن يومها شيئاً، مجرد كلمة ايقظتني، فصرت قصة، شعراً، رواية، مجنون يحلم بالشعر ولا يكتبه.
لا زلت تائهاً، بين المجلدات، الأسماء والتاريخ. لا زلت تتبع وجدانك الشغوف، تنير عتمة قلبك وتغضب، لماذا لا زلت تغضب؟.
كي لا أغدو كحيوان محتضر.
شــــــــــــاعرقلوب